وَالخُلْفُ فِـي جَـوَازِ الاِشْتِغَالِ
بِـــهِ عَـلــَى ثَـلَـاثَــةٍ أَقْــــوَالِ▶️
فَابْنُ الصَّلَاحِ وَالنَّوَاوِي حَرَّمَا
وَقَـالَ قَـوْمٌ يَنْبـَغِي أَنْ يُعْـلَمَـا
وَالقَوْلَـةُ المَشْهُـوْرَةُ الصَّحِيْـحَـهْ
جَـــوَازُهُ لِكَـامِـلِ القَـرِيْـحَـهْ
مُـمَـارِسِ السُّـنَّـةِ وَالكِتَـابِ
لِـيَـهـتَـدِي بِـهِ إِلَــى الصَّــوَابِ
أقول: ذكر في هذا الفصل حكم الاشتغال بعلم المنطق لكونه من المبادئ العشرة التي ينبغي لكل شارع في علم أن يقف عليها ليكون على بصيرة فيما يشرع فيه، وقد استوفى مبادئ هذا الفنّ شيخ مشايخ شيخنا سيدي سعيد قدّورة في شرحه لهذا الكتاب
فمنها الاسم، وقد تقدّم أن هذا العلم يسمّى المنطق، ويسمّى معيار العلوم، وعلم الميزان.
ومنها التعريف، وتقدّم تعريف هذا العلم في الشرح.
ومنها النسبة، وتقدّمت في قول المتن: «نسبته» إلخ.
ومنها الحكم، وذكرها المصنّف في هذا الفصل.
وبقيّة المبادئ في الشرح المذكور.
واختلفوا في الاشتغال به على ثلاثة أقوال:
الأوّل: المنع منه، وبذلك قال النووي وابن الصلاح.
والثاني: الجواز، وبذلك قال جماعة، منهم الغزالي قائلاً: من لم يعرفه لا ثقة بعلمه أي: لا يأمن الذهول عنه عند الاحتياج إليه؛ لعدم القواعد التي تضبطه.
الثالث: وهو المشهور الصحيح التفصيل، فإن كان المشتغل ذكيّ القريحة قويّ الفطنة ممارساً للكتاب والسنّة جاز الاشتغال به، وإلاّ فلا.
واعلم أنّ هذا الخلاف إنما هو بالنسبة للمنطق المَشُوبِ بكلام الفلاسفة كالذي في طوالع البيضاويّ، وأما الخالص منها كمختصر السنوسيّ والشمسيّة وهذا التأليفِ فلا خلاف في جواز الاشتغال به، بل لا يبعد أن يكون الاشتغال به فرض كفاية؛ لتوقف معرفة دفع الشّبه عليه، ومن المعلوم أن القيام به فرض كفاية.
والله أعلم