المتن
((الفريدة السادسة))
المجاز المركب هو المركب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة كالمفرد
إن كانت علاقته غير المشابهة فلا يسمى استعارة وإلا سمي استعارة تمثيلية، نحو إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى أى: تتردّد في الإقدام والإحجام لا تدري أيهما أحرى.
الشرح
(الفريدة السادسة: المجاز المركب -وهو المركب المستعمل في غير ما وضع له لعلاقة مع قرينة كالمفرد-) أي كقرينة المفرد في كونها مانعة عن إرادة الموضوع له، فيصدق التعريف على مجموع قوله: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: 103] على الاحتمالين؛ لأنه اذا استعمل جزء من أجزاء المركب في غير ما وضع له؛ فقد استعمل مجموعه في غير ما وضع له؛ لأن الموضوع له المجموع: مجموع أمور وُضِع له الأجزاءُ.
وفي تسمية مجموع المركب استعارة مركبة نظر، بل في تسميتها استعارة، كما لا يخفى على من ليس في معرفة الفن كالمستعير من القن، وكذا يصدق على مجموع قولنا: في رحمة الله، أي: في الجنة، مع أن في جعله مجازًا مركبًا نظر.
والحاصل أن المجاز المركب يختص بالتمثيلية، والخبر المستعمل في الإنشاء، والإنشاء المستعمل في الخبر، ولا يشمل ما تُجُوِّز في أحد الألفاظ فيه.
(إن كانت علاقته غير المشابهة فلا يسمى استعارة) في حواشيه:
"ولم نقُلْ: يسمى مجازًا مرسلًا لعدم تصريحهم بذلك".
هذا والشرطية خبر لقوله: (المجاز المركب)، وما بينهما اعتراض بالواو، ويوهم نفي التسمية بالاستعارة: أنه يسمى باسم آخر، بل يكاد يوهِم أنه يسمى تمثيلًا بغير ضَميمَة الاستعارة، مع أنه لا يسمى باسم، بل مما فات القوم.
واعترض عليهم الشارح المحقق للتلخيص بأن المجازات المركبة كثيرة كالأخبار المستعملة في الإنشاءات، فلا وجه لحصر المجاز المركب في الاستعارة التمثيلية.
ونحن نقول: لا تجوز في شيء من أجزاء التمثيلية من حيث الاستعارة التمثيلية، بل هي على ما كانت عليه قبل الاستعارة من كونها حقائق أو مجازات أو مختلفات، بل التجوز في المجموع من حيث هو المجموع، بخلاف غيرها من المركبات، فإن التجوز فيها سار إليها من التجوز في أحد أجزائها، فلم يلتفتوا إلى ذلك التجوز، واكتفوا عن بيانه ببيان التجوز في مفرده، وهيئة المركب الخبري أو الإنشائي موضوعة لنوع من النسبة، فيُتَجَوَّز فيها بنقلها إلى النوع الآخر، فيصير المركب مجازًا بتبعية ذلك التجوز، بخلاف التمثيل.
نعم يتجه: أن التجوز في الهيئة التركيبية لم يدخل في شيء من الأقسام، فإما أن يتجوز في الكلمة المستعملة في التعريف، وتُجعل شاملة لها، وإما أن يترك بيانها للمقايسة.
فإن قلت: إنما يندفع بهذا ما ذُكِر من المركبات في مقام الإشكال، لكن هناك ما لم يذكروه من المركبات المقصود بها إفادة لازم الخبر، فإن قولك: حَفِظْتَ التوراة، تقصد به إفادة معنى علمتُ أنك تحفظ التوراة، ولا تجوُّزَ في شيء من أجزائه، فهو كقولك: إني أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى بعينه.
قلت: لعله عندهم من قبيل: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» فيمن يؤذي المسلمين، فإنه يفاد منه: أن هذا الشخص ليس بمسلم، لكن من عُرْضِ الكلام، ولا يصير اللفظ به مجازًا.
وللمصنف رحمه الله في هذا المقام حاشية يُغني عنها ما ذكرناه، لكن ننقلها ليكون شرحُنا جامعةً لحواشيه رعاية لحق مكتوبه، وهي هذه:
"أجزاء هذا المركب -المسمى استعارة تمثيلية- وإن كان لها مدخل في انتزاع وجه الشبه إلا أنه ليس في شيء منها على انفراده تجوُّز باعتبار هذا المجاز المتعلق بمجموعها، بل هي باقية على حالها في كونها حقيقة أو مجازًا، أما الأول فكما في المثال المذكور، وأما الثاني فكما لو عُبِّر عن التقديم أو التأخير والرِّجل بلفظ مجازي، وكما في قوله تعالى: ﴿خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [البقرة: 7] إذا جُعل الختم استعارة لإحداث هيئة مانعة عن حلول الحق فيها، وجعل الكلام استعارة تمثيلية بناء على تشبيه حال قلوبهم بحال قلوبٍ ختم اﷲ عليها محقَّقة أو مقدَّرة".
هذا كلامه.
(وإلا يسمى استعارة تمثيلية) لاشتماله على التمثيل بمعنى التشبيه، وخُصَّ التمثيل بها مع أنه لا استعارة بدون تمثيل؛ لأن فَضْلَ التشبيه لتشبيه المركب بالمركب، حتى كأن ما عداه من التشبيه في نظر البلغاء كلا.
وهذه الاستعارة مَثَارُ فرسان البلاغة، حتى لا يكاد يرتضي من ذاق حلاوة البيان ولو بطَرَف اللسان أن يحمل الاستعارة في المركب على الاستعارات المتعددة إن أمكن، ويَحمل عليه حتى الإمكان، فيكون المنظور للبليغ هذا التشبيه النبيه العظيم الشأن.
وحقيقته: أن تؤخذ أمور متعددة من المشبَّه، وتُجمع في الخاطر، وكذا من المشبه به ويُجمعَ المجموعان متشاركين في مجموع منتزَع يشملهما، وإن أردت مزيد التفصيل فلا تطلبه من هذا المختصر القليل، وارجع إلى مقام أُعد لمثله، لا إلى كلام عُد لإيجاز من فضله.
وفي حواشيه:
"كما أن الاستعارة المصرحة قد تكون مركبة يجوز أن تكون الاستعارة المكنية أيضا مركبة، ولا مانع من ذلك عقلا، لكنهم لم يذكروه، وفي وقوعه في الكلام تردد".
ثم كتب على حاشية هذه الحاشية:
"قد ظَفِرْتُ بعد حين من الدهر بوقوعه في كلام اﷲ تعالى على ما ذكره العلامة التفتازاني في قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ﴾ [الزمر: 19] في سورة التنريل".
ومن حواشيه في هذا المقام:
"إذا قيل: أنْبَتَ الربيع البقل، وقُصِد تشبيه التلبس الغير الفاعلي بالتلبس الفاعلي، فاستعمل المركب الموضوع بالوضع النوعي للثاني في الأول، فلا شك أنه مجاز مركب، والعلاقة فيه المشابهة، وصرح العلامة التفتازاني في ‹شرح شرح الأصول› بأنها استعارة تمثيلية، نحو: إني أراك تقدم رِجْلا وتؤخر أخرى.
ولي فيه بحثٌ فإن الاستعارة المركبة التمثيلية -على ما صرحوا به- يجب أن يكون وجهُ الشبه هيئةً منتزعة من عدة أمور، وكذا الطرفان يجب أن يكونا هيئتين منتزعتين من مجموع أشياءَ قد تضامت وتلاصقت حتى عادت شيئًا واحدًا، فيقع في كل من الطرفين عدة أمور ربما يكون وجه الشبه فيما بينهما ظاهرًا، لكن لا يلتفت إليه، وفي كون المثال المذكور كذلك بحث، ولا يشتبه عليك: أن نحو: إني أراك تقدم... إلخ غير مستعمل في التلبس الغير الفاعلي.
ثم القول بمثل هذا النوع من المجاز في مثل هذا التركيب نسبه العلامة عضد الملة والدين في ‹الفوائد الغياثية› و‹شرح المختصر› إلى الإمام عبد القاهر، وذكر الفاضل التفتازاني أنه ليس قولًا لعبد القاهر ولا لغيره من علماء البيان، لكنه ليس ببعيد".
هذا كلامه.
وما ذكره من البحث مندفع: بأنه لو قصد تشبيه غير الفاعل بالفاعل لمضاهاته إياه في التلبس، وأسند الفعل إليه مجازًا كما هو المشهور لم يكن تجوزًا في اللغة، فضلًا عن أن يكون مجازًا مركبًا.
أما لو قُصد تشبيه التلبس في المجاز العقلي الذي هو عبارة عن مفهوم مركب من غير قصد إلى جزء من الأجزاء بالتلبس الذي هو عبارة عن مفهوم مركب آخر كذلك، فاستُعمل اللفظ الموضوع بالوضع النوعي للثاني في الأول؛ فلا خفاء في أنها تشبيه أشياءَ بأشياءَ قد تضامت وتلاصقت حتى عادت شيئًا وحدًا، وحينئذ يكون مثل قولنا: إني أراك تقدم رِجْلًا وتؤخر أخرى، ولا يلزم من تشبيهه بهذا الاعتبار بالقول المذكور كون القول المذكور مستعملًا في التلبس الغير الفاعلي، فلا يتجه أيضًا ما ذكره بقوله: ولا يشتبه عليك أن نجو: إني أراك تقدم رِجْلًا... إلخ غير مستعمل في التلبس الغير فاعلي.
ومما يؤيد ما ذكرنا: ما نقله أن ذلك المحقق قال: إنه لم يقل به أحد، لكنه ليس ببعيد، فإنه يشير إلى أنه توجيه للمركب المذكور غير ما هو المشهور.
(نحو: إني أراك تقدم رِجْلًا وتؤخر أخرى) ظاهره: وتؤخر رجلًا أخرى، ولا محصَّل له، بل (أخرى) صفة تارة، أي: إني أراك تقدم رجلًا تارة وتؤخر تلك الرجل تارة أخرى.
(أي: تتردد في الإقدام) أي: الشجاعة والجرأة على الأمر (والإحجام) -بجيم وحاء- أي: كف النفس عنه، (لا تدري أيهما أحرى) هكذا حقق المثال، فإنه التحقيق الوفي الأجلى.
ولا يذهب عليك: أنه لا يمكن الحكم على مفهوم الجملة، كما لا يصح على الفعل والحرف، فلا يصح فيه التشبيه الذي هو مبنى الاستعارة، بل لابد من التشبيه فيما يسري التشبيه منه إلى التشبيه في مفهوم ذلك المركب، كأن يعتبر التشبيه في مضمون الجملة، أو الهيئة المنتزعة منها، فتكون الاستعارة أيضًا تبعية، وقد خلا عن الإيماء إليه كلام القوم، ومما يختلج في الصدر، ولا تجده في صدر بعد الصدر أن قوله: (إني أراك تقدم رجلًا وتؤخر أخرى) مسبَّب عن التردد، فيحتمل أن يكون التجوُّز باعتباره، فيتحقق المجاز مرسلًا في المجموع من غير تصرف في الأجزاء كالاستعارة.
الحاشية
(الفريدة السادسة)
ظاهر صنيع المصنف حيث أخر مبحث المجاز المركب عن مبحث الترشيح وأخويه أن المجاز المركب لا ينقسم إلى مرشح ومطلق ومجرد وليس كذلك فكان الأنسب تقديم هذا المبحث على التعرض للإنقسام المذكور ليعطى أن هذا مما يدخل في كل من المجاز المفرد و المركب
قوله (وهو المركب إلخ) المركب صفة المحذوف أي اللفظ المركب وهو جنس يشمل المركب من المجاز وغيره خرج عنه المفرد وقوله المستعمل أخرج المركب قبل استعماله في معناه التركبي وبعد وضعه له وقوله في غير ما وضع له أخرج الحقيقة المركبة وقوله لعلاقة أخرج الغلط نحو جاء زيد مكان ذهب عمرو وقوله مع قرينة أخرج الكناية المركبة والكلام على مع في تعريف المجاز المركب كالكلام عليها في تعريف المجاز المفرد وترك الشارح شرح هذا التعريف إحالة على ما أسلفه في شرح تعريف المجاز المفرد
قوله (أي كقرينة المفرد) قال المحشي الأظهر أن المراد به تشبه المجاز المركب بالمجاز المفرد ووجه الشبه ما أشار إليه بقوله إن كانت علاقته إلخ فكأنه قال المجاز المركب كالمفرد في الانقسام المذكور اهـ ولعل وجه الأظهرية احتياج ما سلكه الشارح إلى تقدير دون ما سلكه المحشي واشتمال ما سلكه المحشي على نكتة الاجمال ثم التفصيل * وأقول ماسلكه الشارح أولى لاعادته اشتراط منع قرينة المجاز المركب عن إرادة الموضوع له دون ما سلكه المحشي مجمله وجه شبه المركب بالمفرد الانقسام المذكور فلا يستفاد منه هذا الشرط لا يقال هذا التقدير من الشارح يفيد أن قوله كالمفرد ليس خيرا لقوله المجازا المركب فما فائدة التصريح بعد بأن خبره الشرطية مع أنه ليس في المقام ما يصلح للخبرية إلا هذان لأنا نقول لا يلزم مما ذكره هنا ففي ما سيأتي لاحتمال أن يكون قوله كالمفرد خبر مبتدأ محذوف والجملة خبر من المجاز المركب والتقدير قرينته كقرينة المفرد
قوله (في كونها مانعة عن إرادة الموضوع له) خرجت الحكاية المركبة كالمركب المقصود به إفادة لازم الخبر على ما قاله بعضهم وسيأتي للشارح أنه تعريض نحو حفظت التوراة تريد إعادة المخاطب أنك تعلم أنه يحفظ التوراة
قوله (فيصدق التعريف على مجموع اعتصموا بحبل الله) أي ونحوه من كل مركب سرى التجوز فيه باعتبار الاستعارة في بعض أجزائه وقصد الشارح الاعتراض على المصنف بأن تعريفه غير مانع لصدقه على ما ليس من أفراد المعرف وسيأتي الجواب عنه ولو قال واعتصموا بإثبات الواو لكان أولى لموافقته التلاوة إلا أن يقال لم يقصد الشارح لفظ التلاوة، أقول أو أشار باسقاط الواو إلى أنها ليست من المركب المذكور وقد ثبتت الواو في بعض النسخ
قوله (على الاحتمالين) يعنى احتمال كون الترشيح باقيا على حقيقته واحتمال كونه غير باق عليها
قوله (لأنه إلخ) هذا تعليل لصدق التعريف على احتمال كونه باقيا على حقيقته لما في صدقه على المجموع حينئذ من الخفاء لأن الكلام المشتمل على الحقيقة والمجاز قد يدعى أنه لا يوصف بشيئ منهما حذرا من الترجيح بلا مرجح وأما صدقه على احتمال كونه غير باق على حقيقته فظاهر غنى عن التعليل ويحتمل أنه تعليل لصدقه على كلا الاحتمالين إذ على الاحتمال الثاني أيضا بعض ألفاظ المجموع حقيقة كالواو ولفظ الجلالة
قوله (لأن الموضوع له المجموع إلخ) المجموع نائب فاصل الموضوع وقوله مجموع أمور خبرات أي لأن المعنى الموضوع له مجموع المركب وضعا نوعيا كما سيأتي إيضاحه مجموع أمور أي معان وضع له أي ما ذكر من الأمور وليس الضمير راجعا إلى مجموع الأمور لئلا يلزم التكرار مع قوله لأن الموضوع له المجموع مجموع أمور ولأنه ينافسه ظاهر قوله الأجزاء إذ المتبادر منه أن المراد كل جزء في الكلام مقابلة الجمع بالجمع فتقتضى القسمة آحادا
قوله (وفي تسمية مجموع المركب) أي المتقدم وهو اعتصموا إلخ أي ونحو، وقوله استعارة مركبة أقول عبر بالاستعارة مع أن اللازم من صدق تعريف المجاز المركب على مجموع اعتصموا بحبل الله تسميته مجازا مركبا الاستعارة مركبة إشارة إلى أنه على تسليم كونه مجازا مركبا يكون من أحد قسميه وهو الاستعارة لأن التجوز في جزئه إنما هو بطريق الاستعارة فاحفظ.
قوله (نظر) أما النظر في كونه استعارة مركبة فلأن الاستعارة المركبة هي المركب الذي تجوز مجموعه أولا وبالذات لا ما سرى التجوز إلى مجموعه من جزئه وأما النظر في كونه استعارة فلأن الاستعارة اللفظ المستعار بخصوصه المشبه مما وضع هو له وهو المشبه به ومجموع المركب ليس كذلك بل الذي كذلك إنما هو جزؤه، والتحقيق باسم الاستعارة
قوله (بل في تسميتها استعارة) أي من غير التقييد مركبة فالإضراب انتقالى من التنظير في التسمية بمجموع الموصوف والصفة إلى التنظير في التسمية بمجرد الموصوف وأنث الشارح الضمير مراعاة للمفعول الثاني الذي كالخبر
قوله (في معرفة الفن) بالفاء كالمستعير من الفن بالقاف أي العبد والمراد كما لا يخفى على من لم يأخذ الفن من غير أهله المشابه للمستعير من العبد بجامع ضعف التصرف في كل
قوله (وكذا صدق على مجموع قولنا في رحمة الله) أي الجنة التي هي محل الرحمة أي أثرها ما أنعم به أي ونحوه من كل مركب سرى التجوز فيه باعتبار المجاز المرسل في جزئه فلهذا عدد الأمثلة وفصل بكذا أي وفي تسمية مجموع المركب مجازا مركبا نظر بل في تسميته مجازا, أقول لو قال ففى رحمة الله المكان أولى لموافقته التلاوة إلا لمن يجاب بما مر
قوله (والحاصل) أي حاصل الاعتراض على المصنف وقد دفعه المحشي باعتبار قيد المحبة في التعريف أي المركب المستعمل في غير ما وضع له من حيث هو مركب والمركب الذي سرى إليه التجوز من جزئه لم يستعمل في غير ما وضع له من حيث أنه مركب بل من حيث أن جزاء مستعمل في غير ما وضع له وتنظر فيه بأن استعمال المركب في غير ما وضع له ليس من هذه الحيثية بل من حيث أن بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي علاقة ومناسبة فالجواب الصحيح أن هناك قيد محذوفا لشهرته والعلم به فيما بينهم أي المركب المستعمل قصدا وبالذات ومواد النقض الاستعمال في مركباتها بالتبع والعرض لبعض الأجزاء هذا ولك أن تمنع صدق التعريف على المركب الذي سرى إلى مجموعه التجوز من جزئه إذ ليس ثم علاقة ملحوظة بين المعنى الحقيقي لمجموع المركب والمعنى المجازي له وكان الشارح غفل عن قول المصنف العلاقة فتأمل
قوله (يختص بالتمثيلية) الباء داخلة على المقصور عليه وقوله والخبر المستعمل في الإنشاء نحو ((قالت رب إني وضعتها أنثى)) فإنه خبر مستعمل في إنشاء التخمر كما بينه في المطول وقوله والإنشاء المستعمل في الخبر نحو فليتبوأ مقعده من النار
قوله (في أحد الألفاظ فيه) الظرف الثاني صفة للألفاظ
قوله (لعدم تصريحهم بذلك) أي لعدم تصريح علماء البيان بذلك المقول أعني تسمية هذا القسم مجازا مرسلا فإن قلت اقتصاره على نفي التصريح بالتسمية يشعر بأنهم ذكروا المسمى مجردا من تلك التنمية فينافيه ما سيأتي من قوله بل مسافات القوم قلت الذي فاتهم ذكر المسمى بالكلية هم من تقدم السعد والضمير في قوله لعدم تصريحهم يرجع إلى ما يهم السعد ومن تبعه كما أشرنا إليه والسعد ومن تبعه ذكروه فلا تنافي فإن قلت اقتصاره على ما ذكر يشعر أيضا بإشعار كلامهم بالتسمية. قلت لا يبعد أن يقال تؤخذ التسمية بطريق المقايسة من تقسيمهم المفرد إلى ما علاقته المشابهة وما علاقته غيرها وتسمية كل منهما باسمه وتقسيم المركب إليهما فافهم.
قوله (خبر لقوله المجاز المركب) والجملة من المبتدأ والخبر استئنافية لاخبر للفريدة السادسة لأنها ترجمة فيجرى فيها ما يجرى في التراجم خلافا للمعنى
قوله (ويوهم نفي التسمية إلخ) منشأ هذا الإيهام أن الغالب توجه النفي إلى القيد فقط وقوله بل يكاد إلخ اضراب انتقالي ومنشأ هذا الإيهام الثاني تسمية المقابل استعارة تمثيلية مع نفي الاستعارة فقط هنا وقوله ضميمة الاستعارة الإضافة للبيان
قوله (مع أنه لا يسمى باسم) أي فكان الأولى أن يقول إن كانت علاقته غير المشابهة فلا يسمى باسم
قوله (بل منافات القوم) أي مما يأتهم ذكره من أصله فيه وإضراب انتقالي من فوات الاسم إلى فوات المسمى ومن هنا يعلم أن المصنف تابع في ذكره للسعد وأتباعه لا للقوم المتقدمين عليه
قوله (واعترض عليهم) أي فى تركهم هذا القسم فهو مرتبط بقوله بل مما فات القوم
قوله (للتلخيص) متعلق بالشارح لا بالمحقق لأنه مع كونه يحوج إلى تقدير أي لشرح التلخيص يخصص الوصف بالتحقيق بكونه للتلخيص وهو لا يليق
قوله (كالإخبار المستعملة في الإنشاءات) أي والعكس وكالمركب الذي تحوز ببعض أجزائه على ما يقتضيه كلام الشارح في الجواب وسيأتي ما فيه وأما الخبر المستعمل في لازم فائدته فكناية مركبة على ما قاله بعضهم وتعريض مركب على ما قاله الشارح بعد لا مجاز مرکب
قوله (ونحن نقول) أی في الجواب وحاصله تسليم كثرة أقسام المجاز المركب في نفس الأمر ومنع عدم وجه الحصر في التمثيلية بإبداء وجهه وحاصل الوجه أنهم إنما اعتبروا التجوز الحاصل في مجموع مادة المركب أولا وبالذات وذلك لا يكون إلا في التمثيلية وأما غيرها فالتجوز فيه أما بتبعية التجوز في مفرده كما في المركب المتجوز ببعض أجزائه وأما بتبعية التجوز في هيئته التركيبية كما في الخبر المستعمل في الإنشاء وعكسه فحصول المجوز في مجموع مادة المركب غير التمثيلية ثانيا وبالعرض أفاده المحشي ومن هذا الجواب يستنبط ما ارتضيناه من الجواب عن اعتراض الشارح السابق على المصنف بصدق تعريفه على مجموع اعتصموا بحبل الله ومجموع في رحمة الله واعترض على الشارح بأن جوابه يقتضى أن المركب المتجوز ببعض أجزائه من المجازات المركبة التي اعترض بها السعد على القوم ويقتضى أن الشارح يسلم كونه من المجاز المركب والأول ممنوع لأن السعد إنما اعترض بالخبر المستعمل في الإنشاء وعكسه ولم يدع أن المركب المتجوز ببعض أجزائه مجاز مركب وارد على القوم والثانى ينافيه ما أسلفه الشارح في الحاصل المتقدم من اختصاص المجاز المركب بالتمثيلية والخبر المستعمل في الإنشاء وعكسه * والجواب عن هذا بأن ما هنا تنزل مع السعد وما أسلفه مرتضاه أن لا يتم مع ما علمت من أن السعد لا يقول بكونه من المجاز المركب واعترض عليه أيضا بأن ما وجه به الحصر يرد عليه ما ذكره في آخر العقد الأول من أن أتى أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى يحتمل المجاز المرسل في المجموع من غير تصرف في الأجزاء لأنه مسبب عن التردد فأطلق لفظ المسبب وأراد السبب
قوله (من حيث الاستعارة التمثيلية) وأما من غير هذه الحيثية فقد تكون الأجزاء حقيقة وقد تكون مجازا وقد تكون مختلفات كما يأتي
قوله (بل هی) أي الأجزاء من حيث الاستعارة التمثيلية
قوله (بل في المجموع) أي مجموع مادة المركب وهو عطف على قوله في شيء من أجزاء التمثيلية وقوله بخلاف غيرها من المركبات أي المجازية
قوله (فإن التجوز فيها) أي في بعضها أو هو ما سرى إلى مجموعه التجوز من جزئه بقرينة قوله بعد بيان التجوز في مفرده وقوله في أحد أجزائها يعنى المادية بقرينة ما ذكر وقوله فلم يلتفتوا إلى ذلك التجوز أي الذي فيها لأنه ليس أولا وبالذات بل ثانيا وبالعرض أي لم يلتفتوا إلى بيانه صراحة فلا ينافي أنهم بينوه ضمنا كما يشعر به قوله واكتفوا أي استغنوا عن بيانه أي صراحة ببيان التجوز في مفرده وقد فهم أن ما ادعاه المحشي من تضمين اكتفوا معنى أعرضوا غير محتاج إليه وقوله وهيئة المركب بالنصب عطفا على اسم أن في قوله فإن التجوز إلخ فالشارح علل أولا مخالفة ما تجوز فيه بتبعية التجوز في مفرده للاستعارة التمثيلية ثم علل ثانيا مخالفة ما تجوز فيه بتبعية التجوز في هيئته لها هذا أحسن ما عندي في فهم هذه العبارة التي اختلفت فيها الآراء
قوله (بخلاف التمثيل) فإن الاستعارة التمثيلية ليست تبعية بهذا الوجه وإن كانت تبعية بوجه آخر سيذكره الشارح
قوله (نعم يتجه إن التجوز في الهيئة التركيبية لم يدخل في شيء من الأقسام) يعنى المجاز المفرد والمجاز المركب فمراده بالجمع ما فوق الواحد وهـذا يراد على قوله وهيئة المركب إلخ وإنما لم يدخل في شيء من الأقسام لاعتبار الكلمة في تعريف المفرد واللفظ المركب في تعريف المركب والهيئة ليست كلمة ولا لفظا مركبا بل ليست لفظا أصلا كما قاله شيخنا، أقول وجهه أنها الحالة العارضة لحروف الكلمة من الترتيب والحركات والممكنات المخصوصة وهذه الحالة ليست لفظا وإن قلنا بما قاله القرافي من أن الحركات والسكنات لفظا لأنها مسموعة والمسموع لفظ وتعقبه يس بأنا لا نسلم أن كل مسموع لفظ إن الأصوات الخلف ليست ألفاظ مع أنها مسموعة وذلك لأن الترتيب ليس لفظا قطعا والمركب من اللفظ وغير مغير لفظ فتفطن ولا يخفى اتجاه هذا الإيراد على ما ذهب إليه الشارح سابقا أيضا من جعل تبعية استعارة الفعل باعتبار الزمان لاستعارة الهيئة إذ لا فرق بين هيئة المركب وهيئة المفرد في الإيراد ودفعه بل مثل الهيئة مادة المفرد إذ فمادته وحدها لا تسمى كلمة فكان على الشارح أن يذكر الإيراد ودفعه في مادة الفعل وهيئته أيضا أما هنا وأما في كلامه على استعارة لفعل وأقول بقى أن هذا الإيراد ودفعه إنما يتجه إن إذا كان المستعار ابتداء الهيئة فقط أو المادة فقط كما هو ظاهر صنيع الشارح والمتجه أن المستعار ابتداء مجموع اللفظ لكن تارة يكون المحفوظ والمعتبر في استعارته المادة وتارة تكون الهيئة كما أشرنا إلى ذلك فيما مر وعلى هذا لا أي راد ولا دفع لا في المركب ولا في الفعل فافهم
قوله (فأما أن يتجوز في الكلمة المستعملة في التعريف) يعنى تعريف المجاز المفرد بأن يجعل أعم من الكلمة الحقيقية والمحكية والهيئة في حكم الكلمة الواحدة لتوحدها في ذاتها وإن تعدد أجزاء ما هي هيئة له ويلزم على هذا الجواب استعمال اللفظ الغير الظاهر الدلالة على معناه في التعريف
قوله (للمقايسة) أي لعلم حكمها بطريق المقايسة على المجاز المفرد وإن لم تكن داخلة في تعريفه مجامع أن كلا من المفرد والهيئة جزء المركب وإن كان المفرد جزأ ماديا والهيئة جزأ صوريا
قوله (فإن قلت إلخ) حاصل السؤال أن ماذكر وجها لتخصيص التمثيل بالبحث وعدم الالتفات إلى غيره وإن دفع ورود المركبات التي ذكرت في مقام النقض لا يدفع ورود المركب المقصود به إفادة لازمه بجريان ذلك الوجه فيه بجريانه في التمثيل وحاصل الجواب أنه يجوز أن يكون المركب المذكور من باب التعريض مثل (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فلا يكون مجازا و بحث فيه الزيبارى بأن ظاهر كلام القوم أنها مستعملة في اللازم على سبيل المجاز وقال الشيرانى لو سلم كون استعمال ذلك المركب مجازيا فلا نسلم عدم التجوز في شيء من أجزائه بل يكون حينئذ مجازا مرسلا تبعيا بتبعية المجاز المرسل في المصدر فإن قولك للسامع حفظت التوراة مجاز مرسل من علمت حفظك التوراة بتبعية جعل الحفظ مجاز مرسلا عن العلم به من قبيل إطلاق اسم اللازم على الملزوم فإن العلم اليقيني بالحفظ يستلزم تحققه اهـ
قوله (لازم الخبر) من وضع الظاهر موضع المضمر غير اللفظ المتقدم والمراد لازم قول الخبر إذ قولك خبرا يستلزم العلم بمدلوله وليس المراد لازم مدلول الخبر إذ علم المتكلم بحفظ المخاطب غير لازم تحفظ المخاطب ونعم إن أريد باللازم الملزوم صح هذا كما يعلم ما قدمناه عن الشيراني فتنبه
قوله (فهو كقولك تقدم رجلا وتوخر أخرى) أي فى إن كلا منهما وقع التجوز أولا وبالذات في مجموع مادته
قوله (بعينه) تأكيد لقولك تقدم إلخ قصد به تقوية المشابهة
قوله (من قبيل المسلم إلخ) أي من باب التعريض قاله الغنيمي يعنى فالتنظير في مجرد إن كلا من باب التعريض وإن كان حفظت التوراة حقيقة والمسلم إلخ كناية كما سيأتي إيضاحه
قوله (إن هذا الشخص) أي المعين
قوله (من عرض الكلام) بالضم أي جانبه وسياقه من غير أن يستعمل فيه اللفظ
قوله (ولا يصير اللفظ به مجازا) لأنه لم يقع تجوز في المركب لا من حيث أنه مركب ولا من حيث جزؤه المادى ولا الصورى بل هو باق على حاله قبل جعله تعريضا من كونه كناية ولكون هذه الكناية مصحوبة بتعريض تسمى كناية عرضية وبيان كون هذا المثال أعني المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده كناية عرضية أن معناه الأصلي انحصار الاسلام فيمن سلموا من لسانه ويده ويلزمه انتفاء الاسلام عن المؤذى مطلقا وهذا هو المعنى المكنى عنه المقصود من اللفظ استعمالا وأما المعنى المعرض به المقصود من الكلام سياقا فهو نفى الاسلام عن المؤذى المعين وتارة يكون المركب التعريضى حقيقة وتارة يكون مجازا أقول مثال الحقيقة قولك حفظت التوراة تعريضا بأنك تعلم أن المخاطب حفظ التوراة ومثال المجاز قولك الأسد يأكلك تعريضا بأن المخاطب جبان يقتله الرجل الشجاع فالتعريض بجامع الحقيقة والمجاز والكناية واللفظ على كل مستعمل في معناه الحقيقي أو المجازي أو المكنى عنه وأما المعنى المعرض به المقصود بالذات من اللفظ مستفاد منه بطريق التلويح وإشارة السياق لا بطريق استعمال اللفظ فيه هذا هو التحقيق الذي ارتضاه السيد تبعا لصاحب الكشف
قوله (في هذا المقام) أي مقام أنه لا تجوز في شيء من أجزاء الاستعارة التمثيلية إلخ
قوله (جامعة) التاء للمبالغة أو يقدر الموصوف مؤنثا أي فرائد أو فوائد جامعة وفي بعض النسخ جامع وهي ظاهرة
قوله (أجزاء هذا المركب إلخ) أجزاء مبتدأ والخبر محذوف لدلالة الإضراب الآتي عليه تقديره مستمرة على ما كانت عليه قبل التجوز في مجموعها والواو في قوله وإن كان إلخ حالية وإن زائدة لاجواب لها وقوله في انتزاع وجه الشبه أي والطرفين وقوله إلا أنه أي الشأن وهو معنى لكنه فهو استدراك على قوله لها مدخل إلخ وقوله باعتبار هذا المجاز إلخ وأما بغير هذا الاعتبار فقد تكون الأجزاء حقيقة وقد تكون مجازا
قوله (من كونها حقيقة أو مجازا) الذي يعطيه تمثيله للثاني بالمثالين الآتين إن المراد بكونها حقيقة كون جميعها حقيقة وبكونها مجازا أهم من أن يكون جميعها مجازا أو بعضها مجازا فلم تبق واسطة ولم يخالف في المعنى كلام المصنف هنا كلام الشارح سابقا
قوله (أما الاول) أي كونها حقيقة وقوله وأما الثاني أي كونها مجازا الصادق بمجازية جميع الاجراء أو بعضها ولصدق الثاني بقسمين مثل له بمثالين أولهما لأول القسمين وثانيهما لثانيهما ولا ينافي ذلك عطف الرجل بأو في بعض النسخ لأن اللائق كونها بمعنى الواو بقرينة عطفها بالواو في بعض النسخ الآخر
قوله (فكما في المثال المذكور) أي في المتن وهو أنى أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى قال الفنرى وقد يناقش بأن هذا الكلام أي إني أراك إلخ مستعمل في التردد بين الاقدام والاحجام ولا يوجد فيه تقديم الرجل وتأخيرها حقيقة فالحق أن التجوز كما هو حاصل في نفس الكلام كذلك حاصل في مفرداته فإنه شبه انزعاج الخاطر نحو العقل تارة بالتقديم ونفس الخاطر بالرجل وانقباض الخاطر عنه تارة أخرى بالتأخير وهذه المناقشة على تقدير صحتها مخصوصة بهذا المثال وإلا فمن المسلمات إن اعتبار التشبيه في مفردات التمثيل غير ملتزم اهـ وأقول لا وجه لهذه المناقشة أصلا فإن عدم وجود تقديم الرجل وتأخيرها لا يضر بعد جعل مجموع الكلام مستعار للتردد بين الاقدام والاحجام ولو اعتبرنا في مفرداته ما ذكر لم يكن لنا حاجة إلى اعتبار التمثيلية للاستغناء عنها حينئذ بتلك المجازات الأفرادية ولعل هذا وجه ما أشار إليه من ضعف هذه المناقشة بقوله على تقدير صحتها وفى الشيرانسى الإشارة إلى بعض ما قلنا
قوله (إذا جعل الختم استعارة لأحداث هيئة إلخ) وذلك أنه شبه إحداث الله في قلوبهم هيئة مانعة من وصول الحق إليها بالختم المستوثق به على الأواني في أنهم أما زمان من التوصل إلى ما وراء هما فإن إحداث الهيئة المذكورة مانع من وصول الحق إلى قلوبهم كما أن الختم مانع من تطرق الأيدى إلى مافى الإناء المختوم عليه واستعير الختم لأحداث الهيئة المذكورة واشتق منه الفعل فتكون استعارة تبعية ثم شبه حال قلوبهم التي لا ينفذ فيها الحق بحال قلوب ختم الله عليها محققة كقلوب البهائم أو بحال قلوب مقدرة أي مفروضة على ذلك الوجه واستعير الكلام الدال على المشبه به للمشبه فتكون استعارة تمثيلية وهذا إنما يضطر إليه المعتزلة لاعتقادهم عدم خلق الله تعالى للقبيح الذي منه إحداث الهيئة المذكورة فإذا جعل الكلام استعارة تمثيلية لم يكن هناك من الله ختم بمعنى الإحداث المذکور کما أنه ليس من المخاطب بقولك أنى أراك إلخ تقديم الرجل وتأخيرها وإن فرض أنه عبر عنهما أو عن أحدهما بلفظ مجازي كالختم في الآية وحينئذ لاترد عليهم الآية وأما نحن فى غنية عن الاستعارة الثانية لاعتقادنا أنه لا يقبح منه تعالى ىشيء أقول في تقرير الآية هكذا على مذهبهم إشكال من وجوه الأول إن فيه اعترافا بأحداث الله ذلك الهيئة في قلوب الكفار حيث قلنا شبه إحداث الله تعالى إلخ مع أنهم لا يقولون به اللهم إلا أن يجعل هذا الإحداث فرضا الثاني إن الختم في قولنا بمجال قلوب ختم الله عليها محققة أو مقدرة إن أريد به إالأحداث المذكور ورد أن قلوب البهائم مخلوقة خالية من الفطنة لا حادث فيها تلك الهيئة وإن أريد به خلق الله قلوبهم على فطرة خالية عن الفطنة كما قيل ورد أن اللائق حينئذ أن يكون المعنى المجازي المراد هنا من الختم خلق الله قلوبهم كذلك كما عليه بعضهم ليكون المركب المستعار للمشبه على سبيل التمثيل لفظ المشبه به كما هو القاعدة اللهم إلا أن يراد الثاني ويحول المراد بإحداث الله في قلوبهم تلك الهيئة خلقه قلوبهم على فطرة خالية من الفطنة ولو قال المصنف إذا جعل الختم استعارة لخلق قلوبهم على فطرة خالية عن الفطنة لكان أحسن لا يقال إذا جعل الختم استعارة لخلق قلوبهم كذلك لم يحتج للاستعارة التمثيلية لأن خلق قلوبهم كذلك غير قبيح لأنا نقول الظاهر أن المعتزلة يستقبحون خلق قلوب الكفار كذلك مع تكلفهم الثالث أنه يكفي في تقرير الآية على مذهبهم جعلها استعارة تمثيلية بناء على تشبيه حال قلوبهم بحال قلوب ختم الله عليها من غير حاجة إلى استعارة الختم للأحداث السابق وبهذا قال السيد لما ورد على المعتزلة إن في الآية إسناد ختم قلوب الكفار وهو قبيح الله تعالى أجاب صاحب الكشاف بخمسة أوجه إلى أن قال ثانيها أن لا يجعل الختم استعارة للأحداث السابق بل تحمل الآية على أنه شبه حال قلو بهم في التجافى عن الحق بحال قلوب ختم الله عليها واستعيرت الجملة المشتملة على اسنادها من المشبه به للمشبه على طريق التمثيل فيكون المسند إليه تعالى استنادا حقيقيا ختم تلك القلوب حتى لا تعى شيأ ولا قبح فيه أصلا لا ختم قلوب الكفار لأن الاسناد إليه تعالى داخل في المشبه به فلا مدخل له تعالى في تجافي قلوبهم كما لا مدخل للمتردد الذي خاطبته بقولك أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى في تقدم الرجل وتأخرها إذ كل منهما داخل في المشبه به اهـ يسير تصرف وبالجملة فتقرير الآية على مذهب المعتزلة بما مر لا يخلو عن شيء وقد حققنا لك المقام بعون الملك العلام وتقرير الاستعارة في الآية على مذهبنا ما قاله السيد في شرح المفتاح ونصه إن قصد إلى تشبيه قلوبهم بأشياء مختومة في امتناع نفوذ شيء فيها وجعل إثبات الختم تنبيها على ذلك كان من قبيل الاستعارة بالكناية وإن حمل على أن المشبه به هو المعنى المصدرى الحقيقي للختم والمشبه أحداث هيئة في قلوبهم مانعة عن نفوذ الحق فيها كان طرفا التشبيه مفردين والاستعارة تبعية وإن جعل المشبه به صورة منتزعة من الشيء والختم الوارد عليه ومنعه صاحبه عن الانتفاع والمشبه صورة منتزعة من القلب والهيئة الحادثة فيه ومنعها صاحبه أن ينتفع به في الأمور الدينية كان طرفا التشبيه حينئذ مركبين منتزعين من أمور عدة وكانت الاستعارة تمثيلية والمستعار مجموع الألفاظ الدالة على الصورة المشبه بها إلا أنه اقتصر منها على لفظ الختم الدال على ما هو العمدة في هذه الصورة وباقيها ملحوظ في القصد والإرادة لا مقدر في نظم الكلام لأن تقديره في نظمه قد يخل بنظمه فلا يكون إذا في ختم الاستعارة تبعية ومن فوائد الاقتصار جواز الحمل تارة على التبعية وأخرى على التمثيلية وقد ذكر في الكشاف هذان الوجهان اهـ مع بعض زيادة من حاشيته على الكشاف وما ذكره في تقرير التمثيلية بنى على ما ذهب إليه من أنها لا تكون في المفرد الدال على هيئة منتزعة من عدة أمور وفرع على ذلك عدم جواز أن تكون تبعية وهو خلاف مذهب السعد التفتازاني وإلا كثر على ترجيح مذهب التفتازاني كما بيناه في رسالتنا البيانية
قوله (وإلا سمى استعارة تمثيلية) وتمثيلا على سبيل الاستعارة وأما كونه يسمى تمثيلا من غير تقييد كونه على سبيل الاستعارة كما في متن التلخيص فرده شارحه التفتازانى بأن المسمى بالتمثيلية مطلقا إنما هو تشبيه المركب بالمركب لا الاستعارة التمثيلية
قوله (لاشتماله) أي المجاز المركب الذي علاقته المشابهة أي لتوقفه وابتنائه على التمثيل فشبه توقف الموقوف على الموقوف عليه باشتمال الظرف على المظروف واستعار الاشتمال للتوقف استعارة مصرحة أو شبه في النفس الموقوف والموقوف عليه بالظرف والمظروف ورمز إلى ذلك بالاشتمال على سبيل الاستعارة المكنية
قوله (بمعنى التشبيه) اعترضه الشيرانسي بما حاصله أنه إن أراد مطلق التشبيه ممنوع لأن التمثيل ليس مطلق التشبيه بل تشبيه المركب بالمركب كما في التلخيص وإن أراد تشبيه المركب بالمركب فسلم لكن ينافيه قوله مع أنه لا استعارة بدون تمثيل وأقول لنا أن فمختار الأول ونجعله تفسيرا للتمثيل اللغوي لا الاصطلاحي
قوله (وخص التمثيل بها) أي خص النسبة إلى التمثيل بالاستعارة التمثيلية فالباء داخلة على المقصور عليه كما هو أصل وضعها بعد الاختصاص وما تصرف منه ويصبح أن يراد بالتمثيل مدلوله أعني المجاز المركب الذي علاقته المشابهة فيكون في الكلام إشارة إلى أنه يسمى تمثيلا ويجعل ضمير بها الكلمة التمثيلية وحينئذ فالباء داخلة على المتصور كما هو العرف الشائع إما لتضمن الاختصاص معنى الانفراد أو لأنه مجاز مشهور كما حققه السيد في حواشي الكشاف والمطول إيضاحا لما قال السعد فهما متفقان على هذا الحكم ومن اعتقد تخالفهما فقد تقول عليهما يس
قوله (لأن فضل التشبيه) أي شرفه ومزيته وقوله لتشبيه أي حاصل لتشبيه واللام للاختصاص أقول المراد كمال فضل التشبيه فلا ينافي ثبوت أصل الفضل لتشبيه المفرد بالمفرد والمركب بالمفرد وعكسه ولهذا أتى كان في قوله حتى كان إلخ وحتى تفريعية والمراد بما عداه هذه الأقسام الثلاثة
قوله (كلا) أي كلا تشبيه لابتذاله ففي كلامها اكتفاء للعلم بالمحذوف ويحتمل أن كلا كلمة واحدة اسم للمرعى الطرى والمعنى حتى كان ما عداه في نظر البلغاء مرعى تأكله الأنعام فيكون فيه إيماء إلى أن من يستعمل تلك الأنواع الثلاثة في نظر البلغاء كالانعام بالنسبة لمن يستعمل تشبيه المركب بالمركب
قوله (وهذه الاستعارة) ينبغي كما في الوسطاني أن تكون بالنصب عطفا على اسم أن فيكون حاصل بيانه أن تخصص الاستعارة التمثيلية بالنسبة إلى التمثيل الكمال شرف التشبيه فيها على كل تشبيه وكمال شرفها على كل استعارة فقد حازت شرف الذات وشرف الأصل
قوله (مثار فرسان البلاغة) المثار اسم مكان من أثار الشيء يثيره إثارة إذا رفعه يعنى هذا الاستعارة محل إثارة فرسان البلاغة الغبار عند عدو أفراسهم كذا في الشيرانسي
وهو يقتضى أن المُثار بضم الميم ولا يتعين بل يجوز الفتح على أنه من ثار الغبار إذا ارتفع أي محل ثوران غبار فرسان البلاغة
وفي الكلام استعارة مكنية حيث شبه البلاغة بميدان السبق لتسابق أفهام البلغاء فيها وأثبت لها الفرسان تخييلا والمثار ترشيحا
ويجوز أن تكون فيه استعارة تمثيلية حيث شبه هيئة أصحاب البلاغة في تسابق أفهامهم بهيئة فرسان الميدان في تسابقهم واستعير الهيئة الأولى مركب الثانية والقرينة إضافة فرسان للبلاغة، ولا يضرنا ذكر البلاغة وهي من أجزاء المشبه لأن النظر ليس إليها في التشبيه
قوله (حتى لا يكاد إلخ) حتى تفريعية، وخبر يكاد قوله يرتضي ومَنْ تَنَازَعَهُ يكاد على أنه اسمها ويرتضي على أنه فاعله
وقوله أن يحمل مفعول يرتضي
وفى قوله من ذاق حلاوة البيان استعارة مكنية سواء أريد بالبيان علم البيان أو المنطق الفصيح المعرب عما في الضمير حيث شبه البيان بمطعوم حلو وأثبت له الحلاوة تخييلا والذوق وطرف اللسان ترشيحا
وقوله الاستعارة في المركب أي الكائنة في المركب الصالحة لأن تكون واحدة في مجموعه أو متعددة في أجزائه
وقوله إن أمكن أي الحمل على الاستعارات المتعددة في أجزاء المركب أي وأمكن الحمل على المجاز المركب
وقوله ويحمل بالرفع معطوف على لا يكاد
وقوله عليه أي على المجاز المركب أو على مثار فرسان البلاغة أو على التمثيل المتقدم
وقوله حتى الإمكان غاية للحمل على المجاز المركب أي يحمل عليه منتهيا ذلك الحمل إلى غاية إمكانه, ومحصل كلامه أن البليغ لا يرضى بالحمل على الاستعارة المفردة بمجرد إمكانها بل إذا وجد مقتضى لها أكيد ويرضى بالحمل على المجاز المركب بمجرد إمكانه لشرفه عليها، فالمركب الذي تجوز فيه وأمكن جعله من باب الاستعارات المتعددة في أجزائه وجعله من باب الاستعارة في التمثيلية في مجموعه لا يرضى البليغ إلا بحمله على التمثيلية، هذا أقرب ما تُقرر به عبارة الشارح
قوله (فيكون إلخ) تفريع على لا يكاد وقوله المنظور بالنصب خبر يكون لأنه المجهول وقوله هذا التشبيه اسمها وقوله النبيه من نبه مثلث الباء أي شرف فهو نابه ونبيه قاله في القاموس
قوله (وحقيقته) أي حقيقة التشبيه المذكور الذي هو تشبيه المركب بالمركب
قوله (أن تؤخذ أمور متعددة) في عبارته مسامحة لأنها تقتضى أن التشبيه المذكور هو هذا الأخذ وليس كذلك فلو قال وحقيقته أن تشبه إحدى الصورتين المنتزعتين من متعدد بالأخرى بجامع صورة منتزعة من متعدد تشملهما لكان أحسن ويمكن الجواب بتقدير مضاف أي ذو أن تؤخذ إلخ وقال متعددة بعد أمور للاشارة إلى أن المراد بالجمع ما فوق الواحد لا ثلاثة فأكثر وقوله من المشبه أقول أي من جانب المشبه إذ المشبه الهيئة وهي نفسها واحدة لا تعدّد فيها بل في مأخذها ثم أقول المراد بالمشبه ما يراد تشبيهه فلا يرد أن مقتضى عبارته تقدم التشبيه على الأخذ و كذا يقال في قوله وكذا من المشبه به أي وكذا تؤخذ أمور متعدّدة من جانب ما يراد التشبيه به والأمور التي من جانب المشبه كإلاقدام وإلاحجام والتي من جانب المشبه به كتقديم الرجل وتأخيرها
قوله (وتجمع في المخاطر) يعنى محل الخاطر ففيه مجاز بالحذف أو سمى المحل باسم الحال مجازا مرسلا ومحل الخاطر الذهن وهو القوة الحافظة التي هي خزانة الواهمة المدركة للجزئيات إن نظر لمذهب الحكماء المثبتين للقوى الباطنة والعقل إن نظر المذهب أهل السنة الذين لا يثبتون تلك القوى ويقولون بادراك العقل للكليات والجزئيات
قوله (أعد لمثله) أي المزيد التفصيل وقوله لا إلى كلام إلخ أي كهذه الرسالة وشرحها هذا وقوله من فضله أي من أسباب فضله وشرفه على غيره
قوله (يجوز أن تكون الاستعارة المكنية أيضا مركبة) أي على مذهب السلف والسكاكي لا على مذهب الخطيب لأنها عنده ليست من قبيل اللفظ أصلا وأقول كونها عنده ليست من قبيل اللفظ أصلا لا يمنع جعله ما أضمر في النفس من تشبيه المركب بالمركب استعارة مكنية مركبة ألا ترى أنه يجعل ما أضمر في النفس من تشبيه المفرد بالمفرد استعارة مكنية مفردة مع أنها عنده ليست من قبيل اللفظ أصلا فتدبر ثم على أن المكنية تكون مركبة هل تسمى حين هذا استعارة تمثيلية أولا تردد في ذلك المحشي
قوله (ولا مانع إلخ) جعله بعضهم عطف عالية على معلول ثم اعترض بأنه إن حمل الجواز في قوله يجوز أن تكون إلخ على الجواز العقلى ورد أنه ليس الغرض مجرد إثبات الجواز العقلي بل إثبات الجواز الصناعي وإن حمل على الجواز الصناعي ورد أن التعليل لا يفيده إذا انتفاء المانع العقلي لا يستلزم الجواز الصناعي أقول لا داعى لذا إلى جعل العطف عطف علة على معلول وحينئذ نختار الشق الثاني ويكون الشارح ذكر الجواز الصناعى ثم ذكر الجواز العقلي غير قاصد تعليل الأول بالثاني إذ ليس في كلامه داع إلى الحمل على تصد التعليل
قوله (وفى قوعه في الكلام) يحتمل أن إیراد كلام الله ويحتمل وهو المتبادر أن يراد الكلام البليغ مطلقا
قوله (أفمن حق عليه كلمة العذاب) تتمة الآية أفأنت تنقذ من في النار قال المحقق التفتازاني في حاشيته على الكشاف في الكلام على هذه الآية أصل الكلام أمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه فهى جملة شرطية دخل عليها همزة الإنكار والفاء فاء الجزاء ثم دخلت الفاء في أولهما للعطف على محذوف دل عليه الكلام تقديره أأنت مالك أمرهم فمن حق عليه كلمة العذاب فأنت تنقذه وكررت الهمزة في الجزاء لتأكيد الإنكار ووضع من في النار موضع الضمير لذلك وللدلالة على أن من حكم عليه بالعذاب فيهو كالواقع فيه لامتناع الخلف فيه وأن اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم في دعائهم إلى الإيمان سعي في انقاذهم من النار نزل ما دل عليه قوله تعالى أمن حق عليه كلمة العذاب من استحقاقهم للعذاب وهم في الدنيا منزلة دخولهم في النار في الآخرة على طريق الاستعارة بالكناية في المركب حتى ترتب عليه تنزيل بذل النبي صلى الله عليه وسلم جهد في دعائهم إلى الايمان منزلة انقاذهم من النيران الذي هو من ملايمات دخولهم النار فصار قرينة على الأول أي التنزيل الأول فقرينة الاستعارة بالكناية هنا استعارة تحقيقية كما في نقض العهد على ما هو مذهب الكشاف وأما ما يذهب إليه من أن النار مجاز عن الكفر المفضى إليها والانقاذ ترشيح لهذا المجاز أو الانقاذ مجاز عن الدعاء إلى الايمان والطاعة فهو نازل الدرجة بالنسبة إلى ما قلنا اهـ وما ذكره من تقدير جملة بين الهمزة والفاء مبنى على مذهب الزمخشري في مثل ذلك وتابعه جماعات والذي رجحه في المغنى إن الفاء مؤخرة من تقديم لاستحقاق الهمزة الصدارة فقال إذا كانت الهمزة في جملة معطوفة بالواو أو بالفاء أو بثم قدمت على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير ثم قال وخالف في ذلك جماعة أولهم الزمخشري فزعموا أن الهمزة في تلك المواضع في محلها الأصلي وأن العطف على جملة مقدرة بينها وبين العاطف ثم قال ويضعف قولهم ما فيه من التكلف وأنه غير مطرد إلى آخر ما فصله هذا وقد بحث في كون الاستعارة المكنية في الآية مركبة بأن كلا من طرف التشبيه فيها مفرد لأن أحدهما وهو المشبه استحقاقهم العذاب حال كونهم في الدنيا و الآخر وهو المشبه به دخولهم النار في الآخر ة وكل منهما مفرد، وأجيب بأن الطرفين ليس نفس الاستحقاق والدخول بل هيئة كل منهما لكن المحقق حذف لفظ الهيئة من عبارته لعلمها من المقام
قوله (وقصد تشبيه التلبس الغير الفاعلى إلخ) ليس المراد أنه قصد إفادته من ذلك القول كيف والاستعارة لابد فيها من تناسى التشبيه بل المراد قصد بناء التجوز في هذا القول على تشبيه إلخ ولو قال إذا قصد تشبه التلبس الغير الفاعلى بالتلبس الفاعلى فاستعمل إلخ المكان أظهر وأخصر
قوله (الموضوع بالوضع النوعي للثاني) وهو التلبس الفاعلى في الأول وهو التلبس الغير الفاعلى وحاصله إن وضع نحو هذا المركب وهو أنبت الربيع البقل للتلبس الفاعلى لأن الفعل فيه مبنى للفاعل فحقه أن يسند إلى من صدر منه الإنبات كما إذا صدر من الدهرى فإذا صدر من الموحد كان مستعملا في التلبس الغير الفاعلى بناء على قصد تشبيهه بالتلبس الفاعلى واعلم أن ما صرح به الشارح نقلا عن المصنف من أن المركبات موضوعة بالنوع لمعانيها التركيبية صرح به السعد أيضا في حواشي العضد وفى التلويح وصرح به الرضى وغيره، أو بيان ذلك أنها إذا كانت مجازات فلا اشكال في كون وضعها نوعيا لأن المجاز المفرد موضوع بالنوع فما الظن بالمركب وأما إذا كانت حقائق فلأن الواضع لم يضع أن مع أشخاصها وإنما أشار إليها بقواعد كلية وكأنه قال وضعت كل فعل وفاعل للدلالة على تلبس الفاصل بذلك الفعل وكل مضاف ومضاف إليه للدلالة على نسبة المضاف إلى المضاف إليه وأما وضع أجزاء المركب معانيها الأفرادية فقد يكون بالشخص كالإعلام وأسماء الأجناس غير المشتقات وقد يكون بالنوع كالأفعال وسائر المشتقات وبما قررنا يعلم ما في كلام المحشي فتأمل
قوله (فلا شك أنه) أي أنبت الربيع البقل
قوله (في شرح شرح الأصول) المراد بشرح الأصول شرح مختصر ابن الحاجب للعضد ويشرحه ما كتبه السعد عليه من الحواشى
قوله (بأنها استعارة تمثيلية) الضمير يرجع إلى القول المتقدم أعني أنبت الربيع البقل وأنت مراعاة للخبر أو لتأويل ذلك القول بالجملة
قوله (ولى فيه) ضمير المتكلم يرجع إلى المصنف وضمير الغائب يرجع إلى ما صرح به العلامة التفتازانى وقوله بحث أي من ثلاثة أوجه أشار إلى أولها بقوله فإن الاستعارة المركبة إلخ أقول هذا البحث الأول كما يرد على السعد يرد على قول المصنف إذا قيل أنبت الربيع البقل وقصد إلخ فكان قوله إذا قيل إلخ مجاراة لكلام السعد فتأمل وأشار إلى أولها بقوله ولا يشبه إلخ وأشار إلى ثالثها بقوله ثم القول إلخ
قوله (وكذا الطرفان) أي طرفا التشبيه
قوله (من مجموع أشياء) أقول ليس المراد بالمجموع في هذه العبارة الهيئة الاجتماعية التي هي طرف التشبيه إلا يتحد المنتزع والمنتزع منه بل الإضافة في قوله مجموع أشياء من إضافة الصفة إلى الموصوف ولو حذف لفظ مجموع لكان أظهر وأخصر
قوله (حتى عادت) أي صارت
قوله (فيقع في كل من الطرفين) أى في جانب كل من طرف التشبيه الأمر وليس في كلامه تعرض لوجوب تركب اللفظ المستعار من الهيئة المشبه بها للهيئة المشبهة لأنه لم يتكلم إلا على طرفي التشبيه ووجهه فكلامه على مذهب السعد ومذهب السيد وبهذا يعلم ما في كلام المحشي فتدبر
قوله (ربما يكون الشبه) في نسخة التشبيه والمراد به الشبه وقوله فيها زائدة وقوله بينها أي إلى الأمور أي بين كل أمرين منها وفى بعض النسخ بين ما بالتثنية أي بين الأمورين أي بين كل أمرين منهما فالمعنى واحد وقوله لكن لا يلتفت إليه أي لأن التشبيه بين المفردات لا يعدل إليه متى أمكن التشبيه بين المركبات
قوله (وفي كون المثال المذكور كذلك بحث) أي لأنه لا يظهر كون كل من طرفي التشيه ووجهه هيئة منتزعة من عدة أمور والظاهر فيه كونه مجازا عقليا وغيره من الأوجه المتقدمة في هزم الأمير الجند ولظهور أن هذا مراد لم يتعرض لبيان البحث
قوله (ولا يشتبه عليك إلخ) هذا الاعتراض مبنى على أن السعد قصد تشبيه أنبت الربيع البقل بأني أراك إلخ من كل وجه وليس كذلك بل التشبيه من حيث إن كلا استعارة تمثيلية كما سيذكره الشارح
قوله (ثم القول إلخ) حاصل هذا الاعتراض إن هذا القول لم يذهب إليه أحد وذلك يدل على عدم ظهوره وإن كان السعد لم يستبعده وقوله بمثل هذا النوع متعلق بالقول وكذا قوله في مثل هذا التركيب وكان الأولى حذف مثل الأولى ولعلها زائدة وقوله من المجاز صفة للنوع أي الكائن من جنس المجاز
قوله (هذا كلامه) أي المصنف في حواشيه
قوله (من البحث) أي البحث الأول الذي ذكره المصنف بقوله فإن الاستعارة المركبة إلخ
قوله (بأنه لو قصد تشبيه غير الفاعل إلخ) اعترض بأن هذا القصد وإن احتمله المركب في ذاته بعيد جدا من صنيع المصنف لأنه صرح بأنه إذا قصد تشبيه التلبس الغير الفاعلى بالتلبس الفاعلى وقيل أنبت الربيع البقل كان مجازا مركبا وأيد ذلك بتصريح العلامة بأنه استعارة تمثيلية وهذا من المصنف يعين أن ما صرح به العلامة مبنى على قصد تشبيه التلبس بالتلبس فلا حاجة في دفع بحث المصنف إلى ذكر القصد الأول بل كان يكفى الشارح في دفع بحثه أن يقول لا خفاء في أن تشبيه التلبس الغير الفاعلي بالتلبس الفاعلى تشبيه هيئة أشياء بهيئة أشياء إلخ أقول لعله إنما ذكره إشارة إلى أن المصنف لم يفرق بين القصدين وأنه بحث في كلام السعد على القصد الثاني الغير المشهور بما لا يسلم إلا على القصد الأول المشهور فافهم
قوله (لم يكن تجوز في اللغة) أي بل في الاستناد ويكن تامة أو ناقصة خبرها في اللغة وفي بعض النسخ بنصب تجوز وهي ظاهرة واعترض هذا النفي بأنه ينافيه قوله لو قصد تشبيه غير الفاعل بالفاعل لأنه يفيد أنه مجاز لغوى لأن علاقته المشابهة « وأجيب بما بينه الشيخ عبد القاهر إن هذا التشبيه ليس هو الذي يفاد بالكاف وكأن ونحوهم بل هو عبارة عن جهة راعوها في إعطاء الربيع حكم القادر المختار كما قالوا شبهت ما بليس فرفع بها الاسم ونصب الخبر أفاده الغنيمي وغيره
قوله (أما لو قصد تشبيه إلخ) أي وهذا محمل جعل السعد المركب المذكور استعارة تمثيلية كما يفيده ذكر المصنف كلام السعد عقب قوله إذا قيل أنبت الربيع البقل وقصد تشبيه التلبس الغير الفاعلى بالتلبس الفاعلى إلخ
قوله (التلبس) أي الهيئة وقوله الذي هو إلج صفة للتلبس بين بها أن المراد به غير التلبس المراد حين كونه مجازا في الإسناد قاله الغنيمي وعبارة المجدولي قوله الذي هو عبارة إلخ تفسير التلبس والتلبس في الأصل معناه التعلق لكنه استعمل هنا في الهيئة التي دل عليها المركب فالتلبس والمفهوم كل منهما عبارة عن الهيئة
قوله (في المجاز العقلي) أي الكائن في المركب المشهور جعله مجازا عقليا
قوله (في أنها) أي تشبيه التلبس وأنثه باعتبار أنه صورة من الصور
قوله (تشبيه أشياء بأشياء) أی تشبيه هيئة أشياء بهيئة أشياء
قوله (وحينئذ يكون مثل أنى أراك إلى آخره) أتى في کونه تشبيه أشياء بأشياء
قوله (ولا يلزم إلخ) رد للاعتراض الثاني وقوله بهذا الاعتبار أي كونه تشبيه أشياء بأشياء وقوله بالقول المذكور أي أنى أراك إلخ والبا آن متعلقان بتشبيه الأولى سببية والثانية للتعدية
قوله (كون القول المذكوران إلخ) أي لأنه لا يلزم أن يكون التشبيه به من كل وجه قوله (ومما يؤيد ما ذكرنا أي من أن جعل أنبت الربيع البقل استعارة تمثيلية وجه فيه مبنى على قصد تشبيه التلبس الغير الفاعلى بالتلبس الفاعلى غير جعله مجازا عقليا المبنى على قصد تشبيه غير الفاعل بالفاعل
قوله (ما نقله أنه قال قال ذلك المحقق إلخ) أقول حق العبارة أن يقول ما نقله من ذلك المحقق أنه لم يقل به إلخ أو ما نقله إن ذلك المحقق قال أنه لم يقل به إلخ إذ ليس منقول المصنف عن المحقق أنه نفسه بل قال قال ذلك المحقق إلخ كما لا يخفى
قوله (فإنه يشير إلى أنه توجيه المركب المذكور) أي أنبت الربيع البقل غير ما هو الشهور من أنه مجاز عقلي
قوله (أنى أراك إلخ) قال في الأطول المشهور أراك على صيغة المعروف والمجهول أيضا مساغ وحينئذ يكون بمعنى الظن ولكل منهما مقام يعنى أن المعلوم يستعمل في محقق التردّد والمجهول في مظنونه
قوله (ولا محصل له) أي مطابقة للغرض المطلوب وإن كان له محصل في نفسه غيره طابق المراد وقد أوله السعد تأويلا غير ما ذكره الشارح فقال في شرحه للمفتاح ينبغي أن يكون المراد بالرجل الخطوة لأن المتردد لا يقدم رجلا ويؤخر أخرى بل يؤخرة لك الرجل الأولى يعني يخطو خطوة إلى قدام وخطوة إلى خلف وبحث فيه من ثلاثة أوجه الأول أن المراد بالقدام قدام الشخص فيكون الخلف الواقع في مقابلته خلفه أيضا ومن البين أن تأخير الخطوة إلى موضع ابتدأ منه الخطوة الأولى لا إلى خلف الشخص وأجيب بأن المراد بالخلف الخلف الذي حصل له بالنسبة إلى وضع الخطوة الأولى لا الخلف الذي كان له قبل الخطوة الأولي الثاني أن اعتبار التقديم والتأخير في الخطوة لا يخلو عن تكلف وتجوز لأن الخطوة إنما تحصل بتقديم الرجل أو تأخيره إلا أنها حاصلة متقررة تقدم تارة و تؤخر أخرى الثالث أن المتبادر من المثل اتحاد متعلق التقديم والتأخير كما لا يخفى على ذى انصاف وعلى ما ذكره السعد لا يكونان واقعين على شيء واحد وأضعف من هذا التأويل ما ذكره السيد أن المراد بالرجل الآخرى الرجل التي قدمها جعلها رجلا أخرى لأنها من حيث قدمت مغايرة لها من حيث أخرت ولما كان ما ذكره الشارح أظهر من هذين التأويلين قال هكذا حقق المثال إلخ بصيغة الأمر أي لا كما حققه السعد والسيد
قوله (أي أنى أراك تقدم رجلا إلخ) هذا بيان للمعنى الحقيقي وما في المتن بيان للمعنى المجازي قوله (أي الشجاعة والجرأة على الأمر) أقول فسر في القاموس الشجاعة بشدة القلب عند البأس وفسر الجرأة بالشجاعة حيث قال الجرأة كالجرعة والثبة والكراهة والجرائية كالكراهية والجراية بالياء نادر الشجاعة انتهى ولا يخفى أن الشجاعة والجرأة بالمعنى المذكور لا يليق تفسير الاقدام هنا بهما إذ المراد هنا بالاقدام على الفعل التصميم عليه بدليل مقابلته بالإحجام الذي هو كف النفس عن الفعل فكان الأولى تفسير الإقدام هنا بالتصميم على الفعل ويمكن أن مراده بالجرأة على الأمر التعميم عليه بقرينة إطلاق الأمر وعدم تقييده بالمخوف فيكون العطف لتفسير المراد من الشجاعة فتفطن
قوله (بجيم وحاء) الواو لا تقتضى الترتيب فالعبارة صالحة لتقديم الجيم على الحاء والعكس وكلاهما بمعنى واحد كما في المحشي لكن لم يذكر في القاموس إلا أحجم بتقديم الحاء وحجم بتقديم الجيم مجرد أما أحجم بتقديم الجيم مزيدا فلم يذكر فيه
قوله (لا تدرى أيهما أحرى) أي أولى وجملة أيهما أحرى مركبة من مبتدأ وخبر في محل نصب تدرى لأنها من أفعال القلوب علقها اسم الاستفهام عن أن تعمل في لفظه لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله لصدارته والمراد لا تدرى جواب هذا الاستفهام أو أيهما اسم موصول بمعنى الذي وأحرى خبر مبتدأ محذوف وهو وخبره صلة في وبنيت أي لوجود إضافتها لفظا وحذف صدر صلتها وأي يحذف صدر صلتها قياسا ولو لم تقل الصلة بخلاف غيرها كما هو مقرر في العربية
قوله (فإنه) أي تحقيق المثال هكذا وقوله الوفى أي بالمقصود وقوله الأجلى أي الأظهر من جلا الشيء يحلو جلاه بالفتح والمدأي وضح وانكشف فهو جلى وجلوته أوضحته يتعدى ويلزم وفي بعض النسخ بالحاء المهملة والأولى أحسن وفي بعضها فإنه في التحقيق بزيادة في وعليها فالوفي إلا جلى أما بالرفع على الخبرية لأن والجار والمجرور في موضع نصب على الحال من اسم إن أو الجر على النعتية للتحقيق
قوله (ولا يذهب عليك) ضمن يذهب معنى يخفى فعداه بعلى
قوله (على مفهوم الجملة) مفهومها ومدلولها وقوع النسبة أو لا وقوعها وقيل إيقاعها وانتزاعها ومضمونها المصدر المأخوذ من مسندها مضافا إلى المسند إليه فيها كذا فى يس والمراد بالنسبة ما يعم النسبة الإخبارية وهي تعلق المسند بالمسند إليه إيجابا أو سلبا أو الإنشائية وهي طلب الفعل أو الكف أو نحوهما وإنما لم يمكن الحكم على مفهوم الجملة لاشتماله على النسبة الغير المستقلة والمركب من المستقل وغيره غير مستقل مفهوم الجملة غيره مستقل كذا في المحشي
قوله (كما لا يصح) تعبيره هنا بيصح وفيما قبله يمكن تفنن
قوله (فلا يصح فيه التشبيه) أي فى مفهوم الجملة لأن التشبيه يقتضى الحكم على كل من المشبه والمشبه به بالمشاركة في وجه الشبه وإنما يصلح للحكم عليه المعاني المستقلة بالمفهومية كما مر إيضاحه
قوله (إلى التشبيه في مفهوم ذلك المركب) أقول كان ينبغي أن يقول إلى مفهوم ذلك المركب لأن الذي يسرى التشبيه إليه نفس المفهوم لا التشبيه فيه كما لا يخفى وتعبيره هنا بالمركب وفيما قبله بالجملة تفنن
قوله (كان يعتبر التشبية إلخ) أي يعتبر التشبيه أولا بين مضمون جملة تتردد وبين الإقدام والإحجام ومضمون جملة تقدم رجلا وتؤخر أخرى أو بين المهيئتين المنتزعتين من الجملتين فيسرى هذا التشبيه إلى مفهومى الجملتين قول الظاهر أن قول الشارح كان يعبر إلخ تمثيل لمضاف محذوف من قوله بل لابد من التشبيه إلخ تقديره بل لابد من اعتبار التشبيه إلخ ولو جعل التمثيل لما يسرى التشبيه منه وقال كمضمون الجملة والهيئة المنتزعة منها لكان أظهر وأخصر فاعرفه
قوله (في مضمون الجملة أو في الهيئة المنتزعة منها) الظاهر أن المقصود التخيير وقول الغنيمي لعل قوله في مضمون الجملة في غير الاستعارة التمثيلية من المجازات المركبة وقوله أو فى الهيئة المنتزعة في الاستعارة التمثيلية ينافيه قول الشارح كان يعتبر التشبيه إذ هو صريح في أن الكلام في الاستعارة التمثيلية وأيضا المقام إنما هو قام الاعتراض على القوم في جعلهم تلك المركبات علمية أصالة مع أن قياس ما قالوه في استعارة المشتقات والحروف أن تكون تبعية نعم لذى قرره الشارح فيما تقدم نقلا عن المصنف وقرره القوم في الاستعارة التمثيلية أن الطرفين هيئتان منتزعتان من مجموع أشياء فكان ينبغي للشارح البناء على كون التشبيه في الهيئة لا في المفهوم حتى يحتاج لجعلها تبعية أفاده يس أقول مقتضى قول الشارح سابقا أما وقصد تشبيه التلبس الغير الفاعلى الذي هو مفهوم المركب إلخ مع حمل الغنيمي والمجدولى التلبس في عبارته على الهيئة أن المفهوم والهيئة المنتزعة متحدان ومقتضى كلام الشارح هنا أنهما مختلفان وانظر ما الفرق على اختلافهما وما وجه اشتمال المفهوم على النسبة وعدم اشتمال الهيئة عليها وحرر
قوله (فتكون الاستعارة) تفريح على قوله بل لابد من التشبيه إلخ وقوله فيها أيضا أي كالفعل والحرف وقوله بالتبعية أي للتشبيه في المضمون أو الهيئة بناء على مذهب الشارح من عدم اعتبار الاستعارة في المتبوع كامر
قوله (وقد خلا عن الإيماء إليه كلام القوم) أي فضلا عن التصريح والإشارة وأنت خبير بأن القوم في غنى عن ذلك في لجعلهم طرفي التشبيه الهيئتين المنتزعتين وقد علمت سابقا أن المركب موضوع وضعا نوعيا للهيئة المنتزعة الحاصلة من اجتماع معاني مفرداته في الذهن ونسبة بعضها إلى بعض بالتقدم والتأخر كما أنه موضوع بالنوع باعتبار هيئته الإخبارية للإخبار وهيئته الإنشائية للإنشاء وحينئذ فيستعار المركب من هيئته المنتزعة الموضوع لها لهيئة أخرى بالأصالة لا بالتبع أفاده معرب الرسالة الفارسية وعلى تسليم أن التشبيه في المفهوم نقول كما في المجدولى لا ضرورة إلى ماسلكه الشارح لأن المفهوم صار الآن منظورا إليه من غير قصد إلى جزء من الأجزاء وم معتبرا على وجه الاستقلال فيجرى فيه التشبيه أصالة مع أن المحشي ناقشه أيضا بأن كلا من الهيئة ومضمون الجملة فرع الجملة والاستعارة التبعية في اصطلاح القوم إنما تكون تابعة لشيئ يكون أصلا على ما هو المعهود من تحية الفرع للأصل اهـ ومعنى كون الهيئة والمضمون فرعين الجملة أنهما مأخوذان منها ومدلولان لها
قوله (ومما يختلج في الصدر) أي يتحرك فيه وأل في الصدر للعهد أو عوض عن المضاف إليه أي صدري كذا في قوله بعد الصدر نعم نقل الشيخ يس عن ابن هشام أن تعويضها عن ضمير المتكلم غير معهود وإنما المعهود تعويضها عن ضمير الغائب نحو الحسن الوجه أي وجهه لكن أجازه بعضهم وأراد بالصدر القلب تسمية للحال باسم المحل وجوز المحشى أن يكون المراد منه في قوله ولا تجده إلخ العصر ولا يخفى أن كونه هنا أيضا بمعنى القلب أبلغ وبعد أما على حقيقتها أو بمعنى غير وهو أبلغ وحكمه بعدم الوجدان في غير صدره باعتبار ماظنه فلا ينافي أن من الجائز وجدانه في صدر غير صدره
قوله (إن قوله) أي معنى قوله أنى أراك تقدم إلخ
قوله (مسبب عن التردد) أي فإطلق اللفظ الدال على المسبب وهو تقديم الرجل وتأخيره أو أراد السبب وهو التردد
قوله (فيحتمل أن يكون العجوز باعتباره) أي اعتبار أن تقديم الرجل وتأخيرها سبب عن التردد
قوله (فيتحقق المجاز المرسل إلخ) هذا يشكل على ما قدمه الشارح من أن المجاز المركب يختص بالتمثيلية والخبر المستعمل في الإنشاء وعكسه وعلى ما قدمه أيضا في توجيه حصر القوم المجاز المركب في الاستعارة التمثيلية كما أسلفناه وعلى ما قدمه أيضا من أن الاستعارة التمثيلية متى أمكنت لم يعدل عنها لغيرها
قوله (من غير تصرف في الأجزاء) أى باعتبار هذا المجاز الحاصل في مجموع المركب.