المتن
الفريدة الثانية
إن كان المستعار اسم جنس أي: اسما غير مشتق فالاستعارة أصلية.
وإلا فـتبعية لجريانها في اللفظ المذكور بعد جريانها في المصدر إن كان المستعار مشتقا وفي متعلق معنى الحرف إن كان حرفا، والمراد بمتعلق معنى الحرف: ما يعبر به عنه من المعاني المطلقة كالابتداء ونحوه.
وأنكر التبعية السكاكي وردها إلى المكنية كما ستعرفه.
الشرح
(الفريدة الثانية: إن كان المستعار اسم جنس، أي: اسمًا غير مشتق) اسم الجنس في عرف النحاة يساوق النكرة، فيتناول: المشتقات النكرة، ولا يتناول: أسامة والأسد ونظائره، فلا تصح إرادته في هذا المقام؛ لشمول الاستعارة الأصلية جميع العارف الغير مشتقة إلا العلم الشخصي، وعدم شمولها المشتقات، وقد جعل صاحب ‹رسالة الوضع› اسم الجنس مقابِلًا للمصدر والمشتق، فلا تصح إرادته هنا أيضًا، وإن كان أقرب من الأول.
فلعل اسم الجنس في عرف هذا الفن: كل ما يقابل المشتق، لكن قولهم: العَلَمُ لا يستعار لمنافاته الجنسية لاقتضائه الشخصية، يدل على أن اسم الجنس عندهم: ما يقابل الشخص، وإلا فالمشتق أيضًا ينافي الجنسية.
ولا يخفى أن قوله: (أي: اسمًا غير مشتق) يتناول العلم الشخصي، فكأنه أراد: اسمًا كليًا غير مشتق، وحينئذ يخرج عنه العلم المشتهر بصفة مع أنه يستعار، إلا أن يراد: اسمًا كليًا حقيقة أو حكمًا، وحينئذ يتناول العلم الجامد المشتهر بصفة، فإنه في حكم الكلي عندهم، وتخرج عنه الأعلام الشخصية الغير المشتهرة، ولا يخفى أنه تكلف جدًا سيما في مقام التفسير، ومع ذلك يخرج عنه نحو: حاتم عَلَمًا مع أن الاستعارة فيه أصلية، ويدخل في مفهوم التبعية.
(فالاستعارة أصلية) يُعرف وجه أصالتها بعد معرفة وجه تبعيتها، (وإلا فتبعية؛ لجريانها في اللفظ المذكور) أي: المستعارِ المشتقِ والحرفِ، فإنهما بَقِيَا لقوله: (وإلا)، (بعد جريانها في المصدر إن كان المستعار مشتقًا)؛ وذلك لأنه إذا أريد استعارة: (قَتَلَ) لمفهوم (ضَرَبَ) لتشبيه مفهوم ضرب بمفهوم قتل في شدة التأثير؛ يُشبَّه الضرب بالقتل، ويستعار له القتل، ويشتق منه: قَتَلَ، فيستعار قتلَ بتبعية استعارة القتل، وهكذا باقي المشتقات.
وعلل القوم ذلك بما فيه خفاء، ولا تفي تلك الرسالة بتحقيقه، لكن نحن نبين لك ما هو من مواهب الواهب الملك العلام، قريب إلى الأفهام، فإنه قريب المسلك، غير بعيد المرام، وهو: أن المشتقات موضوعة بوضعين: وضع المادة والهيئات.
فإذا كان في استعارتها لا تتغير معانيها للهيئات؛ فلا وجه لاستعارة الهيئة، فالاستعارة فيها إنما هي باعتبار موادها، فيستعار مصدرها لتستعار موادها بتبعية استعارة المصدر، وكذا إذا استعير الفعل باعتبار الزمان –كما يعبر عن المستقبل بالماضي- تكون تبعيةً لتشبيه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع، فيستعار له: ضَرَبَ، فالاستعارة فيها استعارة الهيئة، وليست بتبعية استعارة المصدر، بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء.
وإن أردت تحقيقًا تركناه لضيق المقام لا لضِنَّة بالكلام؛ فعليك برسالتنا الفارسية المعمولة في تحقيق المجازات.
قال في حواشي هذه الرسالة:
"اعلم أن الاستعارة في الفعل إنما تُتَصور بتبعية المصدر، ولا تجري في النسبة الداخلة في مفهومه الاستعارة تبعًا على قياس الحرف، فإن معناه: نسبة مخصوصة تجري فيها الاستعارة تبعًا؛ لأن مطلق النسبة لم يشتهر بمعنى يصلح لأن يجعل وجه شبه في الاستعارة في الفعل، بخلاف متعلقات معاني الحروف، فإنها أنواع مخصوصة لها أحوال مشهورة، ثم إن الاستعارة في الفعل على قسمين: أحدهما: أن يُشَبَّهَ الضربُ الشديد مثلًا بالقتل، ويستعار له اسمه، ثم يشتق منه: قَتَلَ بمعنى: ضَرَبَ ضربًا شديدًا، والثاني: أن يُشَبَّهَ الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي مثلًا في تحقق الوقوع، فيستعمل فيه: ضَرَبَ، فيكون المعنى المصدري –أعني: الضرب- موجودًا في كل واحد من المشبَّه والمشبَّه به، لكنه قُيِّدَ كل منهما بقيد مغاير لقيد الآخر، فصح التشبيه لذلك، كذا أفاده المحقق الشريف.
لكن ذكر العلامة المحقق عضد الملة والدين في ‹الفوائد الغياثية›: أن الفعل يدل على النسبة، ويستدعي حَدَثًا وزمانًا في الأكثر، والاستعارة متصورة في كل واحد من الثلاثة، ففي النسبة كهَزَمَ الأمير الجند، وفي الزمان كـ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: 44] وفي الحدث نحو: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ [آل عمران: 21].
هذا كلامه، تأمل؛ فإن فيه إشارة إلى أن النسبة الجارية فيها الاستعارة نوع من النسبة دون النسبة في التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي، فافهم".
أَمَرَ بالتأمل لخفاء القول بالاستعارة في النسبة في: هَزَمَ الأميرُ الجندَ، دون: ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ﴾ [الأعراف: 44] فإنه كما يصح تشبيه نسبة الهزم إلى الأمير بنسبة الهزم إلى الجند والاستعارة؛ يمكن تشبيه نسبة النداء في الزمان المستقبل بنسبة النداء في الزمان الماضي والاستعارة، وكون الاستعارة في إحدى الصورتين للنسبة دون الأخرى تفرقة من غير فارق.
ولم يلتفت إلى ما هو أهم من ذلك من أن الحق من القولين أيهما؟ ونحن نقول: الحق ما ذكره المحقق الشريف، لكن لا لما ذكره.
أما الأول: فلأن الفعل موضوع للنسبة إلى الفاعل، مجازيًا كان أو حقيقيًا، ولهذا ليس في: هَزَم الأميرُ الجندَ، مجاز لغوي.
وأما الثاني: فلأن لنسبة الفعل أنواعًا: نسبة إلى الفاعل، وهي نسبة مخصوصة كما أن الابتداء نسبة مخصوصة، ونسبة إلى المفعول، ونسبة إلى المكان... إلى غير ذلك، وكل منها نوع مخصوص، له لوازم مخصوصة، يصح أن يُشبَّه بها باعتبارها.
لكن هذه المناقشة مع العلامة المحقق ليست إلا في المثال، وهو قوله: هزم الأمير الجند للاستعارة في النسبة، أما لو قُطِع النظر عنه فالحق مع العلامة؛ لأن الفعل قد يوضع للنسبة الإنشائية، نحو: اضرب، وهي مشتهرة بصفات تصلح لأن يشبه بها كالوجوب، وقد يوضع للنسبة الإخبارية، وهي مشتهرة بالمطابقة واللامطابقة، ويستعار الفعل من إحداهما للأخرى، كاستعارة: رحمه الله لـ(ارْحَمْهُ)، واستعارة «فليتبوأ» في قوله : «من تعمد علي الكذب فليتبوأ مقعده من النار» للنسبة الاستقبالية الإخبارية، فإنه بمعنى: يتبوأ مقعده من النار، صُرِّحَ به في شرح الحديث.
ولما كان متعلَّق معنى الحرف ظاهرًا فيما هو معنى فيه –أي: المتعلَّق- ملحوظًا بتبعيته -حتى توهم صاحب ‹التلخيص› أنه في لام التعليل مجروره– فسره تحقيقًا للحق، وردًا للخطأ المطلق، فقال: (والمراد بمتعلَّق معنى الحرف: ما يُعبَّر به عنه من المعاني المطلقة كالابتداء ونحوه) من الانتهاء والتعليل، والموضوع له الحروف هذه المعاني المطلقة عند الجمهور، لكن الواضع شَرَطَ استعمالها في جزئي مخصوص من جزئياتها، حتى لزمهم كون الحروف مجازات لا حقائق لها، وبعض من وُفِّقَ لتحقيقه جعل الموضوع له الجزئيات المخصوصة، وجعل تلك المطلقات تعبيرات للجزئيات أُحضرَت بها عند الوضع لها، ولكونه الحق الحقيق بالاختيار اختاره المصنف، فجعلها معبَّرًا بها لمعنى الحرف، ولم يجعلها معاني الحروف.
وتحقيق الاستعارة في الحرف: أن معانيها لعدم استقلالها لا يمكن أن يشبه بها؛ لأن المشبَّه به هو المحكوم عليه بمشاركة المشبَّه له في أمر، فيجري التشبيه فيما يُعَبَّر به عنه، ويلزم بتبعية الاستعارة في التعبيرات الاستعارة في معاني الحروف.
ومن الحواشي التي أثبتَها في هذا المقام:
"هذا ولم يقسموا المجاز المرسل إلى الأصلي والتبعي على قياس الاستعارة، لكن ربما يشعر بذلك كلامهم، قال في المفتاح: ومن أمثلة المجاز المرسل: قوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ﴾ [النحل: 98]، استعملتْ (قرأت) مكان: أردت القراءة؛ لكون القراءة مسببة عن إرادتها استعمالًا مجازيًا، فبيَّن العلاقة في المصدر، فيشير إلى أن استعمال المشتق بمعنى مشتق آخر بتبعية المصدر.
وجوز في ‹شرح التلخيص› أن يكون (نطقت) في: نَطَقَتِ الحالُ بكذا مجازًا مرسلًا عن: (دلت) باعتبار أن الدلالة لازمة للنطق، فافهم"اهـ.
يريد: أنه بيَّن علاقة المجاز بين معنى المصدرين دون الفعلين، ويُشْعِرُ ذلك باعتبار العلاقة بين المصدرين أولًا، وفيه بحث؛ لأنه نبه على أن العلاقة باعتبار بعض أجزاء معنى الفعل دون كل جزء.
(وأنكر التبعيةَ) قدَّم المفعول؛ لأنه من وضْع الظاهر موضع المضمر لمكان الالتباس، فوضعه موضع الضمير؛ لأن الضمير إن كان متصلًا كان واجب التقديم على الفاعل لعدم تعذر الاتصال فاحفظه؛ فإنه نكتة جليلة قد وُفِّقنا لاستخراجها.
(السكاكيُّ، وردها إلى المكنية) لا يردُّ نفسها إلى المكنية، بل يجعل قرينتها مكنية، ويرد نفسها إلى التخييلية، ولما كان المقصود مبهمًا قال: (كما ستعرفه) لتنظر بيانه.
فإن قلت: لا وجه لإنكار التبعية، وغايته إخراجها عن كونها متعيِّنة؛ إذ احتمال كونها مكنية لا يدفع احتمالها.
قلت: يرجح المكنية عدم كونها تابعة لاعتبار استعارة أخرى، واحتمال المرجوح منكر عند ذوي العقول الراجحة.
ونبه فيما بعد على كون الإنكار إنكارًا مبنيًّا على الرجحان لا البطلان لو كنت ذا تنبه.
الحاشية
(الفريدة الثانية)
قوله (إن كان المستعار) الاستعارة والمستعار مترادفان وإنما اختار المستعار على الاستعارة لأنها قد تطلق على المعنى المصدرى وهو غير جائز الإرادة هنا فأتي بالمستعار ليكون نصا في المقصود
قوله (اسم جنس) قال السيد في شرح المفتاح أراد باسم الجنس اسما دالا على مفهوم كلي غير مشتمل على تعلق معنى بذات فيدخل فيه تحو رجل وأسد من الأعيان ونحو قيام وقعود من المعاني ويخرج عنه الصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة المشتقة من الأفعال اهـ وسبقه إلى مثل ذلك المحقق التفتازانى ولو تبعهما الشارح في تفسير اسم الجنس لاستراح من كلفة ما سيأتي له وقد قال في أطوله ما نصه اسم الجنس في عرف النحاة لا يشمل أسامة ويشمل الأسماء المشتقة فلا يصح أن يقصد هنا ما هو عرفهم لظهور أن أسامة يرمي استعارة أصلية والحال ناطقة استعارة تبعية فلهذا قال السيد السند والشارح المحقق يعنى التفتازاني في شرحى المفتاح يريد صاحب المفتاح باسم المجنس اسما لمفهوم غير مشخص ولا مشتمل على تعلق معنى بذات فيدخل فيه نحو رجل وأسد وقيام ويخرج عنه الأسماء المشتقة من الصفات وأسماء الزمان والمكان والألة اهـ قال الغنيمي بعد نقله عبارة السيد في شرح المفتاح وشمل التعريف المذكور المعرف والمذكر بل وشمل علم الجنس لأنه كلي وانظر في شموله للضمائر وأسماء الإشارة والموصول وحرره اهـ أقول أما على مذهب العضد والسيد ومن وافقهما من أنها جزئيات وضعا واستعمالا فعدم شموله لها ظاهر لأنها لم تدل على مفهوم كلي حتى تدخل في التعريف ولهذا ذكر المحقق المولوي في تعريبه للرسالة الفارسية أن الاستعارة في أسماء الإشارة وما معها تبيعة أي تابعة للتشبيه في كلي معناها كما في الحرف وقد بسطنا ذلك في رسالتنا البيانية وأما على مذهب السعد والجمهور من أنها كليات وضعا جزئيات استعمالا فيحتمل اعتبار الوضع فيشملها التعريف ويوافقه ذهاب بعضهم إلى أن استعارتها أصلية وتصريح الشارح بعد بأن استعارة جمع المعارف الغير المشتقة أصلية واعتبار الاستعمال فلا يشملها و يوافقه القول بأن استعارتها تبعية فتدبر هذا وقال بعضهم اسم الجنس يشمل المصدر الصريح والمؤول نحو أعجبنى إن قتلت زيدا ويوافقه إطلاق الشارح في موضع من رسالته الفارسية أن الاستعارة في المؤول أصلية وفصل في موضع آخر منها فقال إن كانت الاستعارة فيه بعد دخول أن فالاستعارة أصلية وإلا فتبعية ومنهم من جعل الاستعارة تبعية فيما بعد الحرف المصدرى دائما نظرا إلى أن التجوز إنما وقع في الفعل بعده ولا دخل لأن في ذلك بل في مجرد التأويل بالمصدر
قوله (أى اسما غير مشتق) إنما لم يقل من أول الأمر إن كان المستعار اسما غير مشتق ليوافق القوم في تعبيرهم ثم يفسره قال عبد الملك العصامي في شرحه على المتن المراد الاشتقاق الأصغر ولأن الاشتقاق إذا أطلق حمل عليه وهو أن تأخذ لفظا من لفظ معتبرا في المأخوذ جميع الحروف الأصول لمأخوذ منه مع الترتيب والموافقة في المعنى ولابد من تعميم المشتق المنفى هنا والمثبت فيما يأتي ليتناول المشتق حقيقة أو حكما كصه ومه وهيهات وأوه من أسماء الأفعال الجامدة لتخرج عن تعريف الأصلية وتدخل في تعريف التبعية فإن أسماء الأفعال كلها مشتقة كانت أو لا في حكم الأفعال في أن الاستعارة فيها تبعية اهـ أي تابعة لاستعارة مصدر الفعل الذي هو اسم له لا مصدره نفسه إذ لا مصدر له أو لمجرد تشبيه على الخلاف في مثل ذلك بين الجمهور والعصام الآتي بیانه مثلا في استعارة هيهات لمعنى عسر شبهنا العسر بالبعد واستعرنا البعد للعمر واشتققنا من البعد بمعنى العسر بعد بمعنى عسر وجعلنا هيهات بمعنى بعد المستعار لمعنى عسر هذا قياس مذهب الجمهور في مثل ذلك وعليه اقتصر معرب الرسالة الفارسية أو شبهنا مطلق العسر بمطلق البعد فسرى التشبيه إلى فرديهما اللذين في ضمنى بعد وعسر واستعرنا بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية بعد لمعنى عسر وجعلنا هيهات بمعنى بعد المستعار لمعنى عسر وهذا قياس مذهب العصام في مثل ذلك أقول ومما يدخل في المشتق بسبب ذلك التعميم المصغر والمنسوب فتكون استعارتهما تبعية أي تابعة لاستعارة مصدرى المشتقين اللذين هما بمعناهما أعني بهذين المشتقين لفظ صغير ولفظ منتسب إلى كذا مثلا قياسا على مذهب الجمهور في مثل ذلك أو لمجرد تشبيه قياسا على مذهب العصام في مثل ذلك مثلا في رجيل المستعار للكبير العظيم المتعاطى ما لا يليق به شبه تعاطى ما لا يليق بالصغر واستعير الصغر لتعاطي ما لا يليق واشتق من الصغر صغير بمعنی متعاطى ما لا يليق وجعل رجيل بمعنى صغير أي متعاطى ما لا يليق أو شبه مطلق تعاطى ما لا يليق بمطلق الصغير فسرى التشبيه إلى فرديهما اللذين في ضمنى متعاطى ما لا يليق ورجيل واستعير له بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظ رجيل للمتعاطى ما لا يليق وكذا يقال في قرشي المستعار المتخلق بأخلاق قريش والحاصل أن رجيلا وقريشا لما كانا بمعنى صغير ومنتسب إلى قريش كانا في حكمهما هذا هو الذي ينبغي التعويل عليه وأما قول بعضهم ينبغي أن يجربا على العلم المشتهر بصفة فعلى قياس بحث العصام في أطوله تكون استعارتهما تبعية وعلى قياس مذهب الجمهور تكون أصلية ففيه عندي نظر لفرق بينهما وبين العلم المشتهر بصفة لأن كونه في تأويل المشتق ليس بالوضع الأصلي بخلافهما فإن كونهما في تأويل المشتق بالوضع الأصلي فهما كاسم الفعل فاحفظه
قوله (اسم الجنس في عرف النحاة إلخ) أشار الشارح بذلك إلى نكتة تفسير المصنف اسم الجنس بما ذكره من أن التفسير من وظائف الشارح وحاصلها أنه لما كان فيه اختلاف اصطلاحات لا يصح هنا إلا واحد منها عين المصنف هذا الواحد دفعا لتوهم إرادة غيره مما لا تصح إرادته هذا
قوله (يساوق النكرة) أي يفيد معناها أعم من أن يكونا مترادفين كما عند القائل بأنهما اللفظ الموضوع لواحد من الأفراد لا بعينه وإن شئت قلت للفرد المنتشر أو متساويين كما عند القائل بأن اسم الجنس اللفظ الموضوع للماهية لا باعتبار حضورها ذهنا والنكرة اللفظ الموضوع لواحد من الأفراد لا يعينه وإن شئت قلت للفرد المنتشر فتعبيره بالمساوقة لتجرى عبارته على كل من المذهبين مذهب الترادف وهو الاتحاد مفهوما وماصدقا ومذهب التساوى وهو الاتحاد ما صدقا فقط أقول وجه كون المساوقة أعم أنها في اللغة متابعة شيء لشيء ومزاحمته له قال في القاموس تساوقت الابل تتابعت والغنم تزاحمت في السير اهـ فكان اللفظين تتابعا وتزاحما على معنى واحد وهذا أعم من الترادف والتساوى ثم رأيت بعضهم وجهة بأن المساوقة في الأصل كون الشيئين على ساق واحد وقال يس دعوى الشارح وإن أقرها المحشي وشيخنا يعنى الغنيمي محل نظر عندي لأن النكرة عند النحاة ما شاع في أفراد جنس موجود أو مقدر وخاصتها ما يقبل أل أو يقع موقع ما يقبلها لا فرق في ذلك بين اسم الجنس واسم الجمع والجمع فاسم الجنس ما قابل اسم الجمع والجمع وهو عندهم قسمان إفرادى وجمعى وكل منهما يكون معرفة ونكرة والحاصل أن بين النكرة واسم الجنس عند النحاة عموما وخصوصا وجهيا والكلام على ذلك مبسوط في باب جمع التكسير نعم مساوقة اسم الجنس للنكرة هو مقتضى كلام أهل المعاني في بحث تعريف المسند إليه وتنكيره كما لا يخفى على العارف بكلامهم في هذا المقام واعلم أنهم اختلفوا فيما وضع له اسم الجنس فالتحقيق أنه موضوع للماهية بلا قيد من وحدة وغيرها وهو المعبر عنه في الأصول بالمطلق وتقسيمه إلى إفرادي وجمعي باعتبار الاستعمال وقيل أنه موضوع للماهية بقيد وحدة ما وتسمى فردا منتشرا وعليه جرى الآمدى وابن الحاجب قال التاج السبكي توهماه النكرة وكلام السعد في بحث المعرف بأل في الفرق بين علم الجنس واسمه مبنى عليه كما قاله السيد اهـ أقول ما ذكره عن النحاة في معنى النكرة واسم الجنس هو معنى النكرة المقابلة للمعرفة واسم الجنس المقابل لاسم الجمع والجمع وللنحاة فيهما اصطلاح آخر نبهوا عليه في باب العلم في الفرق بين علم الجنس واسمه والنكرة هو ما أشار إليه الشارح وبيناه سابقا فمراد الشارح النكرة المقابلة لاسم الجنس على وجه الترادف أو التساوى على الخلاف واسم الجنس المقابل للنكرة كذلك فسقط النظر فتأمل
قوله (ولا يتناول أسامة) لم يذكر علم الشخص مع أنه ليس باسم جنس أيضا لأن مقصوده ذكر ما تجري فيه الاستعارة الأصلية مما ليس باسم جنس في عرف النحاة والعلم الشخصي لا تجري فيه الاستعارة أصلا فضلا عن الأصلية وفيه تفصيل سيأتي قاله الزيبارى
قوله (والأسد) أل فيه من المحكى لا من الحكاية شيرانسى
قوله (ونظائره) أي نظائر ما ذكر من بقية المعارف فأفراد الضمير مع أن المرجع مثنى لتأوله بالمذكور وفى بعض النسخ بالتثنية وهي ظاهرة وجعل الشيرانسي الضمير راجعا إلى الأسد والمراد بنظائر سائر المعرفات بأل والأول أفيد (قوله فلا تصح إرادته هنا) الفاء في جواب شرط مقدر أي وإذا كان متنا ولا لاشتقات النكرة وغير متناول لأسامة والأسد ونظائرهما فلا تصح إرادته في مقام بيان الاستعارة الأصلية والتبعية لأنه يلزم عليه أن يكون تعريف الأصلية المفهوم من التقسيم غير جامع لخروج نحو أسامة والأسد عنه وغير مانع لدخول المشتقات النكرة فيه وتعريف التبعية المفهوم من التقسيم غير مانع لدخول نحو أسامة والأسد فيه وغير جامع لخروج المشتقات النكرة عنه ويحتمل أن الفاء تفريعية على مقدر أي وذلك مفسد للتعريفين المفهومين من التقسيم فلا تصح إلخ
قوله (الشمول الاستعارة الأصلية) أي فى نفس الأمر
قوله (جميع المعارف) دخل فيه الضمير واسم الإشارة والموصول والمعرف بأل والمنادى المقصود فالاستعارة في الأول كما في التعبير عن المذكر بضمير المؤنث لشبهه بها والعكس وفى الثاني كما في الإشارة إلى المعقول بهذا مثلا وفي الثالث كما في التعبير عن المذكر بموصول المؤنث الشبهه بها والعكس وفي الرابع كما في قولك جاءني أسد فأكرمت الأسد وفي الخامس كما في قولك يا أسد إرم العدا و إذا رجع الضمير أو اسم الإشارة إلى ىشيء عبر عنه بغير لفظه مجازا لم يكن في الضمير ولا في اسم الإشارة تجوز باعتبار ذلك نحو جاء في هذا الأسد الرامى فأكرمته لأن وضعهما على أن يعودا إلى ما يراد منهما سواء عبر عنه بحقيقته أو مجـازه هـذا هو التحقيق
قوله (إلا العلم الشخصي) أي فلا تجري فيه الاستعارة أصلا على التفصيل الآتي ولا يعترض بالمفهوم إذا كان فيه تفصيل
قوله (وعدم شمولها) أي فى نفس الأمر
قوله (فلا تصح إرادته أيضا ) لأنه يلزم عليه أن يكون تعريف الأصلية المفهوم من التقسيم غير جامع لخروج استعارة المصدر وتعريف التبعية المفهوم من التقسيم غير مانع لدخول استعارة المصدر
قوله (وإن كان أقرب من الأول) وجهه ما علمت من أنه يلزم على الأول كون كل من تعريفى الأصلية والتبعية غير جامع وغير مانع وعلى الثاني عدم جامعية تعريف الأصلية فقط وعدم مانعية تعريف التبعية فقط فهو أخف ضررا من الأول واعترض قوله أقرب بأنه يقتضى إن في الأول قربا مع أنه لا قرب فيه * وأجيب بأن فيه قربا في الجملة من جهة أن الأفراد المعترض بها عليه قليلة بالنسبة لما لم يعترض به وأما الجواب بأن أفعل التفضيل على غير بابه فمردود ما صرحوا به من أن أفعل التفضيل مع من لا يكون على غير بابه
قوله (فلعل إلخ) الفاء فصيحة أي إذا علمت ما لزم على المعنيين المتقدمين فلعل إلخ وإنما عبر بلعل مع جزم المصنف به لاحتمال أن يكون قول المصنف أي اسما غير مشتق تفسيرا من عنده لمرادهم وليس لهم اصطلاح في ذلك لكن ما ترجاه في معنى ما نقلناه سابقا عن السعد والسيد فكان الأولى جزم الشارح به تبعا لهما فتأمل قال اسم الجنس بهذا المعنى اصطلاح لهم في هذا الباب لما عرفت أن كلامهم في أحوال المسند إليه يخالفه ولا يعد في ذلك إلا ترى أن المفرد عند النحاة مختلف في أبواب وكذا الاسم في باب الكلمة والكلام له إطلاق غير اطلاقه في باب العلم اهـ
قوله (كل ما) أي اسم كلي فاندفع بايقاع ما على الاسم الاعتراض بدخول الحرف وعلم من وصفه بالكلى أن اسم الجنس يقابل المشتق والشخص جميعا وإنما اقتصر الشارح على ذكر المشتق لعلم مقابلة اسم الجنس للشخص من إيقاع ما على الاسم الموصوف بالكلى وهذا ضابط لا تعريف حتى يعترض بأن التعريف لا يؤتى فيه بكل لأنها للإفراد والتعريف للماهية
قوله (لكن قولهم إلخ ) استدراك على ما ترجاه قصد به إبعاده والاعتراض على المصنف في ذكره له بقوله أي اسما غير مشتق وحاصله أن تعليلهم عدم استعارة العلم بمنافاته الجنسية أي الكون اسم جنس ينافي ما ترجاه من أن اسم الجنس ما يقابل المشتق والشخص لأنه يدل على أنه ما يقابل الشخص فقط لا ما يقابله والمشتق جميعا لأنا لو قلنا اسم الجنس ما يقابلهما لم يصح تعليلهم المذكور لاقتضائه أن المشتق لا يستعار لمنافاته أيضا الجنسية أى الكون اسما جنس على ما ترجاه مع أنه يستعار اتفاقا ففى كلام الشارح حذف جواب إن وإقامة علته مقامه ودفعت المنافاة بوجهين الأول أن قولهم هذا إنما ذكروه في بحث مطلق الاستعارة والمنفى في ذلك القول ليس الاستعارة الأصلية بل مطلق الاستعارة لاشتراط الجنسية أي الكلية في المشبه به في مطلق الاستعارة ليمكن ادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به وجعله من أفراده الغير المتعارفة فيكون الجنس هناك في مقابلة الشخص وهو لا ينافي حمل اسم الجنس في خصوص بحث الاستعارة الأصلية على الكلي المقابل للمشتق والشخص جميعا وحاصل هذا الوجه إن المراد بالجنسية في تعليلهم المذكور الكلية لا الكون اسم جنس بالمعنى المصطلح عليه في خصوص هذا الباب والمشتق إنما ينافي الجنسية بهذا المعنى لا بمعنى الكلي المقابل للشخص المراد في بحث مطلق الاستعارة الثاني أن يكون اسم الجنس هناك أيضا ما يقابل الشخص والمشتق جميعا ويصح مع تعليلهم وذلك لأن اسم الجنس اعتبر فيه الكلية وعدم الاشتقاق منافاة الشخص له من جهة اعتبار الكلية فيه ومنافاة المشتق له من جهة اعتبار عدم الاشتقاق فيه ولاشك أن المنافاة للجنس من الجهة الأولى تمنع مطلق الاستعارة لوجوب اعتبار الكلية في مطلق المستعار منه وهذه المنافاة مرادهم في التعليل بدليل قولهم لاقتضائه الشخصية فكأنهم قالوا المانع من الاستعارة منافاة الجنسية التي تسبب اقتضاء الشخصية لا مطلقا والمنافاة له من الجهة الثانية لا تمنع مطلق الاستعارة بل الأصلية فقط فلا يلزم من منافاة المشتق للجنس من الجهة الثانية عدم جريان الاستعارة فيه * وحاصل هذا الوجه تسليم أن المراد بالجنسية في تعليلهم الكون اسم جنس بالمعنى المصطلح عليه هنا وأن الاصطلاح هنا وهناك واحد لكن لمنافاة جهتان المانع منهما لمطلق الاستعارة واحدة فقط هي التي اعتبروها هناك فافهم
قوله (يتناول العلم الشخصي) أي مع أنه لا يستعار أصلا عند الجمهور على تفصيل يأتي واعتراض المحشي على الشارح بأن العلم خارج عن المقسم الذي هو المستعار في قوله إن كان المستعار إلخ أي فهو خارج عن تعريف اسم الجنس مدفوع بأن المقسم بمنزلة المعرف والتقسم بمنزلة التعريف والمعرف لا ينظر إليه في الإدخال و الإخراج وإلا لزم أن كل تعريف صحيح قاله يس
قوله (مع أنه يستعار) أي استعارة أصلية عند الجمهور لأنه كاسم الجنس في خروج الصفة المنفهمة منه عن مدلوله بخلاف المشتق وصرح البهاء السبكي في عروس الافراح بأنها تبعية لتأوله بمشتق وكذا بحث الشارح في أطوله ومن فهم من كلام الشارح في أطوله أنه فرق بين المشهور بصفة المشتق والمشهور بصفة الجامد فجعل الاستعارة في الأول تبعية دون الثاني فليس فهمه بسديد وقد بسطنا الكلام على المذهبين في رسالتنا البيانية
قوله (الجامد) إنما قيد بالمجامد لخروج العلم المشتهر المشتق بقيد غير مشتق على ما سيذكره بعد في قوله ويخرج عنه نحو حاتم إلخ وفي بعض النسخ زيادة إذا لم يكن مشتقا وهي زيادة لا يحتاج إليها أبدا
قوله (في حكم الكلى) أي غير المشتق عند القائلين بأن استعارة العلم المشتهر أصلية لمامر
قوله (وتخرج عنه الإعلام إلخ) أي جامدة كانت أو مشتقة لأنها ليست كلية لا حقيقة ولا حكم فلا تصح استعارتها أصلا لاشتراط كلية المستعار منه لابتناء الاستعارة على ادعاء دخول المشبه في المشبه به وجعله فردا من أفراده نقل اتفاق القوم على ذلك المولوي في تعريب الرسالة الفارسية ثم ذكر مخالفة العصام لهم وأنه منع الاشتراط المذكور ومنع ابتناء الاستعارة على الادعاء السابق وأنه يصبح إبتناؤها على دعوى الاتحاد بين دالى المشبه والمشبه به إذا كان المشبه به جزئيا بل هذا أتم وأبلغ أقول سبقه إلى ذلك العلامة التفتازاني في تلويحه والسيد في شرح المفتاح وغيرهما كما علم بالوقوف على رسالتنا البيانية
قوله (ولا يخفى أنه تكلف) يعنى تقدير قيد لم يذكر في العبارة وهو كليا وتعميم هذا القيد للحقيقي والحكمي وقوله جدا أي تكلف جدا فهو مفعول مطلق
قوله (سيما في مقام التفسير) مرتبط بمحذوف أي والتكلف يحترز عنه سيما في مقام التفسير يعنى التعريف لأن القصد فيه الإيضاح وفي كلامه استعمال سيما بدون لا وهو ممنوع
قوله (ومع ذلك) أي التكلف المذكور يخرج عنه أي عن هذا التفسير نحو حاتم علما أي فإنه مشتق من الحتم بمعنى الحكم مع أن استعارته أصلية عند الجمهور الذين منهم المصنف فيكون تعريف الأصلية غير جامع والمراد بنحوه كل علم مشتق في الأصل مشتهر بصفة وقوله ويدخل في مفهوم التبعية أي فيكون تعريفها غير مانع وأورد عليه أن نحو حاتم غير مشتق حال العلمية لعدم دلالته حالها على غير الذات وإن كان مشتقا قبلها هذا ما قاله المحشي وقرر الوسطاني عبارة الشارح بوجه لا يرد عليه ماذكر فقال ما حاصله يعني أنه يخرج عنه بقيد غير مشتق بحسب ظاهره نحو حاتم فلابد من تأويل آخر في هذا القيد أيضا بأن يراد بغير المشتق ما لم يكن في حكم الجامد وليس المراد عدم إمكان ادخاله في ذلك التفسير بل مراده أن ذلك التفسير غير لائق بمقام التفسير لاحتياج كل من القيدين فيه إلى تأويل غير لائق بما يورد لإيضاح اهـ أقول هذا يقتضى أن نحو حاتم حال العملية مشتقا إلا أنه في حكم الجامد وهو وجيه ويمكن أن يرجع إليه قول المحشي أنه غير مشتق حال العلمية بأن يراد أنه غير باق على معناه الإشتقاقي حالها فتأمل
قوله (يعرف وجه أصالتها بعد معرفة وجه تبعيتها) أقول المتبادر أن الضمير الأول يرجع إلى الأصلية ولا يهم ارجاع الثاني إليها فيكون راجعا إلى الاستعارة من حيث هي أي لا بقيد كونها أصلية أو يكون راجعا إلى التبعية المفهومة من قوله تبعيتها أو يكون الضميران راجعين إلى الاستعارة من حيث هي وإنما قال يعرف إلخ لأن المصنف نبه على وجه تسمية التبعية فيعرف منه توجه تسمية ما يقابلها بما يقابل اسمها ولأن وجه تسمية التبعية وجودى ووجه تسمية الأصلية عدمى وتعقل العدمي فرع تعقل الوجودى ووجه شيخنا الملوى في شرحه تسميتها أصلية بثلاثة أوجه أحدها أنها ليست مفرعة عن شيء بل مستقلة برأسها بخلاف التبعية كما يأتي ثانيها أنها أصل في الجملة للتبعية لأن بعض أفرادها وهو استعارة المصدر والمتعلق أصل لاستعارة المشتق والحرف وبهذين الوجهين يشعر قول المصنف مجريانها إلخ ثالثها أنها الكثير من قولهم هذا أصل أي كثير قال والنسبة على كل من الأوجه البالغة كأحمرى اهـ أي ولأجل المبالغة اغتفر نسبة الشيء إلى نفسه وأقول بل النسبة على الثاني من نسبة العام إلى الخاص وعلى الثالث من نسبة الخاص إلى العام
قوله (وإلا فتبعية) قال الفنارى في حواشي المطول إنما تعرضوا للاستعارة المصرحة والظاهر تحقق الاستعارة التبعية المكنية كما في قولك أعجبنى إراقة الضارب دم زيد ولعلهم لم يتعرضوا لها لعدم وجدانهم إياها في كلام البلغاء اهـ وحاصل تقريرها أنه شبه في النفس الضرب بالقتل واشتق منه قاتل فهو استعارة مكنية وإراقة الدم تخييل لأن أكثر استعمالها في القتل
قوله (لجريانها في اللفظ المذكور) المتبادر أن الضمير راجع إلى الاستعارة المتقدمة التي بمعنى لفظ المشبه به المستعمل في المشبه لعلاقة المشابهة فالظرفية من ظرفية الكلي في الجزئي ويسمح رجوعه إلى الاستعارة بمعناها المصدرى أعني استعمال لفظ المشبه به في المشبه لعلاقة المشابهة على طريق الاستخدام فالظرفية من ظرفية الصفة في الموصوف كما في المحشي، واعترض بأن الاستعمال صفة المتكلم لا للكلمة وأجيب بأن المراد من كونه صفة للكلمة أنه متعلق بها من حيث وقوعه عليها وقوله المذكور يحتمل أن المراد به المذكور في عبارة المصنف أي المذكور بالقوة في قوله وإلا وبه يشعر قول الشارح فإنهما بقيا لقوله وإلا ويحتمل أن المراد به المذكور في عبارة المستعير سواء كان بالفعل كما في قولك قتلت زيدا أي ضربته أو بالقوة كما في الجملة المقدرة المستغنى عن ظهورها بينهم المجاب بها سؤال من قال أقتلت زيداً أي أضربته فقتل في الجملة المقدرة استعارة مصرحة تبعية كما في تعريب الرسالة الفارسية وبسطناه في رسالتنا البيانية
قوله (فإنهما بقيا) أي فضلا لقوله وإلا قال المحشي وغيره أي على زعم الماتن وإلا فقد تقدم من الشارح أنه يبقى مثل حاتم علما أيضا اهـ وأقول فيه نظر لأن حكم الشارح فيما تقدم على نحو حاتم علما بالدخول في التبعية إنما هو باعتبار كونه مشتقا فليس هو بخارج عن المشتق حتى يجعل أمرا ثالثا غير المشتق والحرف فتنبه
قوله (بعد جريانها) أي بالقوة وفى الاعتبار لا بالفعل وفى اللفظ ونظير ذلك الاستعارة بالكناية على مذهب السلف إذ لم يتكلم بها أصلا ولم تقدر في نظم العبارة بل مضمرة في النفس فقط وبهذا يندفع استشكال الشارح في أطوله كلام القوم حيث قال هذا مشكل جدًا إذ لا يخفى على مستعمر لمشتق أو حرف أنه لايتكلم أولا بالمصدر أو متعلق الحرف ولا يستعير شيئا منهما وهذا هو الذي يليق بالسکاکی أن يجعله وجها لرد التبعية إلى المكنية اهـ
قوله (في المصدر) أي ولو مقدرا فإن بعض المشتقات لم يسمع له مصدر كما لم يسمع لبعض المصادر كويل وريح أفعال يس
قوله (إن كان المستعار مشتقا) أي حقيقة أو حكما كما مر بيانه
قوله (وذلك) أي الجريان في المشتق بعد الجريان في المصدر حاصل لأنه إلخ والضمير للشأن وهذا التعليل لاثبات ما ادعاه المصنف من الجريان بعد الجريان وأما التعليل المشار إليه بقوله وعلل القوم إلى آخره فلبيان السبب الداعى إليه وأورد الزيبارى على التعليل أنه لا يدل على المدعى لأنه إنما يدل على تبعية استعارة المشتقات باعتبار موادها لاستعارة المصدر دون استعارتها باعتبار هيأتها أقول يمكن دفعه بأن قوله لمفهوم ضرب تمثيل لا تقييد فكأنه قال أو لمفهوم يقتل ويرشحه أن قوله استعارة قتل تمثيل أيضا لكن على هذا يكون ذكره بالقوة أن استعارة الفعل باعتبار هيئته تابعة لاستعارة المصدر مجاراة لمذهب القوم فلا ينافي أن مرتضاه أنها تابعة لمجرد تشبيه المصدر المقيد بأحد الأزمنة بالمصدر الآخر المقيد بزمن آخر کما سیأتی
قوله (إذا أريد استعارة قتل ) أي لفظ قتل فهو المستعار ومعناه المستعار منه ومفهوم ضرب مستعار له وقوله لتشبيه إلخ علة لإرادة الاستعارة وقوله في شدة التأثير متعلق بتشبيه فشدة التأثير هي الجامع وقوله يشبه جواب إذا وقوله الضرب بالقتل أى الحدث المسمى ضربا بالحدث المسمى قتلا وقوله ويستعار له القتل أي لفظ القتل ولكون المراد من القتل الثاني لفظه ومن الأول معناه لم يكتف في الثاني بضمير مستتر يعود إلى القتل الأول قال المحشي الأولى أن يقول إذا أريد استعمال قتل في مفهوم ضرب التشبيه إلخ اهـ قيل وجه الأولوية أن عبارته تفهم أن الاستعارة تقع تارة للتشبيه وتارة لغير التشبيه مع أنها معتمدة على التشبيه دائما ووجه إفهامها ذلك أنه لما ذكر إرادة استعارة قتل وقيدها بالتشبيه وكان القيد يؤتى به مع ما يحوز وجود هذا القيد معه وعدمه كان مفهما لما ذكر وقيل وجه الأولوية أن الاستعارة أخذ في مفهومها التشبيه فيكون في الكلام تکرار ويدفع الوجه الأول بأن قوله لتشبيه على تسليم أنه قيد لبيان الواقع والثاني بأن في العبارة تجريدا ثم قال المحشي ولعله إنما عدل لما فيه من سوء التقرير اهـ أي لأنه بصدد تقرير الاستعارة فلا يقررها بالاستعمال الذي هو أعم ثم قال والإشعار بالاعتراض على حصرهم المجاز الواقع في الفعل في الاستعارة اهـ يعنى أنه لو عدل إلى التعبير بالاستعمال الذي هو أعم لاشعر بالاعتراض على حصر القوم المجاز إلخ أي مع أنه ليس قصده ذلك ثم قال واختار التعبير بالتشبيه على المشابهة للاشعار بأن العلاقة ينبغي أن تكون ملحوظة المستعمل ولا يكفي مجرد وجودها اهـ أي لأن التشبيه من الأفعال الاختيارية أي المسوقة بالقصد والاختيار
قوله (لتشبيه مفهوم ضرب ) اعترضه البهوتى بأنه لو أمكن تشبيه أحد مفهومى الفعلين بالآخر لم يحتج إلى التشبيه بين المصدرين ثم الاشتقاق وأجاب بجوابين الأول إن اللام للمعاقبة أي ليؤول الأمر إلي تشبيه مفهوم ضرب, الثاني أن المراد المفهوم التضمنى وهو الحدث بدليل قوله يشبه الضرب بالقتل إذ لو أراد المفهوم المطابقى لقال يشبه الضرب وزمانه ونسبته وأقول مقتضى صنيعه حمل المفهوم في الجواب الأول على المفهوم المطابقي وفي كونه يشبه ما لا نظر إذ الظاهر إن المفهوم المطابقي بتمامه لا تشبيه فيه في مثالنا أبدا لا حالا ولا مآلا إذ الزمان والنسبة لم يتغيرا في مثالنا لا في المشبه ولا في المشبه به وأما حمله على المفهوم التضمني فيوجب التكرار في قوله بعد يشبه الضرب بالقتل فعليه كان المناسب يستعار القتل للضرب إلخ والجواب دفع التكرار بأن المفهوم التضمنى هو الحدث الذي هو جزء مفهوم الفعل وأما الحدث في قوله يشبه الضرب إلخ فمطلق من كونه جزء مفهومه فتأمل
قوله (ويستعار له القتل ويشتق منه قتل) وافق الشارح هذا الجمهور في قولهم باستعارة المصدر والاشتقاق منه إذا استعير قتل مثلا لمعنى ضرب وذهب في رسالته الفارسية إلى أنه ليس ثم استعارة للمصدر ولا اشتقاق منه للمستعار بل تبعية استعارة الفعل مثلا للتشبيه بين معنى المصدرين المطلقين المشبه والمشبه به بسراية هذا التشبيه منهما إلى فرديهما اللذين في ضمنى الفعلين المستعار والمستعار له إلى لمعناه مثلا في استعارة قتل لمعنى ضرب ضربا شديدا شبهنا مطلق الضرب الشديد بمطلق القتل فسرى التشبيه منهما إلى الضرب الشديد والقتل اللذين في ضمنى ضرب وقتل فاستعرنا بناه على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظ قتل المعنى ضرب ضر با شديدا قال المولوي والحق أن مختاره أقل تكلفا وأزيد اطرادا
قوله (ويشتق منه قتل) أقول هذا ظاهر على مذهب البصريين من أن الأصل الذي يشتق منه غيره هو المصدر لا مذهب الكوفيين من أنه الفعل ومذهب العصام في رسالته الفارسية الذي أسلفناه قريبا ظاهر على مذهب الكوفيين أيضا ومن هـذا يعلم وجه قول المولوي أن مذهب العصام أز ید اطرادا فتدبر
قوله (فيستعار قتل بتبعية استعارة القتل) عبارة الشارح هذه توهم أنه بعد استعارة المصدر واشتقاق الفعل منه يستعار الفعل مع أن الأمر ليس كذلك لأن قتل المشتق من القتل بمعنى الضرب لا يكون إلا بمعنى ضرب فلو قلنا إنه يستعار بعد ذلك لمعنى ضرب للزم تحصيل الحاصل فيجب حمل قوله فيستعار إلخ على أنه بيان للحاصل من استعارة المصدر واشتقاق الفعل منه لا على أنه بيان لعمل آخر
قوله (وعلل القوم ذلك ) أي جريان الاستعارة في المشتق بعد جريانها في المصدر وقوله بما فيه خفاء أي بتعليل فيه خفاء قال في المطول وإنما كانت تبعية لأن الاستعارة تعتمد التشبيه والتشبيه يقتضي كون المشبه موصوفا بوجه الشبه أو بكونه مشاركا للمشبه به في وجه الشبه وإنما يصلح للموصوفية الحقائق أي الأمور المقررة الثابتة كقولك جسم أبيض وبياض صاف دون معاني الأفعال والصفات المشتقة منها لكونها متجددة غير متقررة بواسطة دخول الزمان في مفهومها أو عروضه لها ودون معاني الحروف وهو ظاهر وأما الموصوف في نحو شجاع باسل وجواد فیاض وعالم تحرير فمحذوف أي رجل شجاع باسل كذا ذكر القوم اهـ ثم اعترض على هذا التوجيه من وجوه بعضها مصرح به في الشرح وبعضها مرموز إليه فيه بينه حواشيه أحدها إنا لا نسلم أنه إنما يصلح للموصوفية الأمور المتقررة الثابتة وسند المنع أن الزمان والحركة مثلا يقعان موصوفين مع أنهما ليسا من الأمور المتقررة الثابتة كقولنا زمان طويل وحركة سريعة فقولهم لكونها متجددة غير متقررة بواسطة دخول الزمان إلخ ممنوع أيضا, ثانيها أن المدعى هو أن الحروف والأفعال والصفات لا تقع مشبها بها والذي ينتجه الدليل هو أنه يمتنع وقوعها مشبها فلا ينطبق الدليل على المدعى ثالثها أنه إن كان مرادهم بالصفات المشتقة من الأفعال ماعدا أسماء الزمان والمكان والآلة لكون ما عداها هي الصفات وهي ليست بصفات إتفاقا ورد أن هذا الدليل لا يتناول هذه الثلاثة فهو أخص من المدعى وإن كان مرادهم بها ما يعم الثلاثة على سبيل التجوز لشمول التطيل أعني قولهم لكونها متجددة إلخ لها وردان كلامهم حينئذ مخالف للإجماع على صلاحيتها للموصوفية نحو مقام واسع ومجلس فصيح ومنبت طيب وغير ذلك ولا تقع أوصافا ألبتة واعترض غيره أيضا على ذلك التوجيه كالعصام في أطوله والفنري في حواشيه وقد بينا جميع ذلك مع الجواب عن بعضه في رسالتنا البيانية ولما في التعليل المذكور من كثرة المناقشات قال الشارح بما فيه خفاء والتعليل المرضى في كون استعارة الفعل تبعية إن جزء معناه أعني النسبية غير مستقل بالمفهومية بل يتوقف فهمها على ذكر ظرفيها المنسوب والمنسوب إليه اللذين جعل الواضع النسبة مرآة لملاحظتهما وآلة لتعرف حالهما مرتبطا أحدهما بالآخر واحد الطرفين أعني الحدث المنسوب وإن كان مذكورا في ضمن الفعل فالطرف الآخر غير مذكور وهو أمر خارج عن معنى الفعل لا يدل عليه الفعل إلا التزاما فتوقف تمام النسبة بل تمام معنى الفعل على ذكر أمر خارج فصار غير مستقل بالمفهومية فلا تجري فيه الاستعارة أصالة بل تبعا لأصل يرجع إليه معنى الفعل بنوع استلزام كالمصدر وإنما لم تجر أصالة في غير المستقل بالمفهومية لأن الاستعارة معتمدة على التشبيه والتشبيه يستلزم ملاحظة اتصاف كل من المشبه والمشبه به بوجه الشبه فلا تجري أصالة إلا في شيء يصلح لأن يلاحظ موصوفا ومحكوما عليه ولا يصلح لذلك إلا المعنى المستقل بالمفهومية وقد علم من هذا دخول النسبة في مفهوم الفعل وبه صرح غير واحد من المحققين كالعضد والسيد والعصام والفنري والهروي فقول شيخنا الملوي إن الحق عدم دخولها في مفهومه غير ظاهر وأما في المشتق فلأن معناه وإن كان مستقلا بالمفهومية وصالحا لأن يقع محكوما عليه كما قاله السيد لانفهام طرفي نسبته منه وهما الذات والحدث فالمقصود الأهم فيه هو المعنى القائم بالذات أعني الحدث لا نفس الذات وإلا وجب ذكر اللفظ الدال على نفس الذات فإذا كان المستعار صفة أو اسم مكان مثلا ينبغي أن يعتبر التشبيه فيما هو المقصود الأهم وأما في الحرف فلعدم استقلال معناه بالمفهومية فإن معناه نسبة جزئية يتوقف فهمها على ذكر طرفيها كالسير والبصرة في من الابتدائية في نحو قولنا سرت من البصرة وكل معنى هو كذلك لا تجري فيه الاستعارة أصالة على مامر فتدبر
قوله (ولا تفى تلك الرسالة بتحقيقه) أي ولا يليق التكلم على هذه الرسالة المختصرة الاشتغال بإيراد ذلك التحليل وما يرد عليه مع الاستدلال على ذلك ويحتمل أنه أراد بالرسالة شرحه والآتيان بتلك موضع هذه للإشارة إلى نبوها عن أغيارها من المصنفات في الحسن والعظم
قوله (لكن نحن نبين لك ما) أي تفصيلاً أو تحقيق هو إلخ لا تعليلا وإن أوهمت عبارته ذلك لأنه لم يذكر تعليلا فيما سيأتي وقال بعضهم أي تعليلا لأن كلامه فيما يأتي يتضمن التعليل وإن لم يصرح به یعني إن قول الشارح فيما يأتي بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء يتضمن أنها إنما كانت تبعية لأن استعارة اللفظ بتمامه إنما هي بالتبع لبعض أجزائه إما المادة وإما الهيئة كما سيأتي أقول فيه إن الذي تضمنه إنما هو تعليل التسمية بالتبعية لا تعليل جريان الاستعارة في المشتق بعد جريانها في المصدر والكلام فيه فافهم
قوله (قريب إلى الإفهام ) خبر بعد خبر وقوله فإنه علة لقربه إلى الإفهام وقوله قريب المسلك فيه استعارة مصرحة حيث شبه الألفاظ الآتية بالمسلك الذي هو الطريق واستعار لها اسمه والقرب بمعنى قصر المسافة حسا ترشيح وبمعنى القلة تجريد أو قرينة وقوله غير بعيد المرام أي غير بعيد المطلوب الذي هو المعنى وهو تأسيس لا تأكيد لقوله قريب المسلك لأنه لا يلزم من قلة الألفاظ سهولة المعنى بل الأغلب عند قلة اللفظ خفاء المعنى وجعل المحشي إياه تأكيدا له إنما هو باعتبار المعنى الحقيقي لمسلك لا المجازي المراد هنا, أقول في عبارة الشارح حزازة لأن قوله غير بعيد المرام في حيز تعليل قرب الإفهام وعدم بعد المرام أي المعنى هو قرب ما هو من مواهب الواهب إلى الإفهام لأن ما واقعة على ما هو معنى وحينئذ يكون في عبارته تعليل الشيء بنفسه ولو جعل قوله غير بعيد المرام خبرا ثالثا عن هو مؤكدا لقوله قريب إلى الإفهام لم يلزم ما ذكر فافهم
قوله (موضوعة بوضعين) قال بعضهم فيه مساهلة وكأنه أراد أنها موضوعة بملاحظة وضعين وضع المادة ووضع الهيئة وليس المراد أن مادة المشتق موضوعة لمعنى بالاستقلال وهيئته كذلك كما لا يخفى, أقول المراد كما قاله الشبراملسي المادة المأخوذة جزء للمشتق وهي المادة حين كونها معروضة لهيئة المشتق كما أن المراد الهيئة المأخوذة جزء له وهي الهيئة حين كونها عارضة المادة المشتق وما اقتضاه كلام بعض أرباب الحواشي من أن المراد المادة حين كونها معروضة لهيئة المصدرية فخروج عن الموضوع ثم أقول لا نزاع في أن وضع المادة حين كونها معروضة للهيئة المصدرية شخصي وأما وضع المادة المأخوذة جزأ للمشتق مقتضى كلام كثير أنه أيضا الشخصي ومدلول كلام المحشي في توجيه أفراد الشارح المادة وجمعه الهيأت أنه نوعي حيث قال ما ملخصه أفرد المادة وجمع الهيأت مع تعدد المواد أيضا لعدم ملاحظة الواضع عند الوضع تعددها بل قال وضعت مادة المشتق للدلالة على مبدأ اشتقاقه يعني على معنى مبدأ اشتقاقه بخلاف الهيئة فإن تعددها ملحوظ البتة لأن هيئة الماضي بوضع على حدة والمضارع بوضع على حدة وهكذا اهـ وعندي أن ما ذهب إليه وإن رده جمع عليه هو الظاهر لكفاية الوضع النوعي في دلالة المشتق على الحدث فدعوى التشخص دعوى قدر زائد على الحاجة فلابد لها من دليل وأما هيئة المشتق فليس في كلام المحشي ما يدل على أن وضعها شخصي حتى يكون مخالفا للمعروف من أنه نوعي خلافا لزاعمه وكون الواضع لاحظ تعدّدها ووضع كل نوع منها بوضع على حدة لا ينافي إن وضع كل منها نوعي لشمول كل منها كهيئة الفعل الماضي أفرادا كثيرة مختلفة باختلاف المواد كأكل وشرب وذهب وضرب وهكذا بل كون الواضع لاحظ تهدد الهيأت ووضع كل منها بوضع على حدة مما لابد في أن ينبغي فيه أن ينازع لأن تلك الأنواع مختلفة المعاني فكيف لا يلاحظ الواضع تعددها وكيف يضعها بوضع واحد ولو سلم أن المحشي جعل وضع كل هيئة شخصيا لكان له وجه وهو عدم الالتفات إلى تعدد أفراد كل هيئة بتعدد المواد لكونه اعتباريا بخلاف تعدد أفراد مادة المشتق فإنه حقيقي هذا ما ظهر لي ولا يخفى على متصف أنه حقيق بالقبول ثم أقول يندفع بتقييد المادة بحين كونها معروضة للهيئة المصدرية أو لهيئة المشتق ما نقله البهوتي عن حفيد السعد ما نصه قد يقال لا وجه لأن يقال المادة دالة على الحدث والإلزم أن يكون الضرب بكسر الضاد أو ضمها دلا عليه فمجموع المادة والهيئة في المصدر دال على الحدث ومجموعهما في المشتقات أيضا دال على تمام معانيها اهـ وفي شرح شيخنا ما ملخصه لا خلاف في أن الوضع الشخصي لمواد المشتقات كلها عام والموضوع له أيضا عام وهو الحدث الكلي فمادة الضرب حين كونها معروضة للهيئة المصدرية موضوعة بشخصها للحدث الكلي المعروف فحيث وجدت في مشتق دلت عليه على حالة مخصوصة اقتضتها هيئة ذلك المشتق وأما الوضع النوعي لهيآتها فمختلف فيه فذهب المتقدمون وبعض المتأخرين إلى أن هذا الوضع والموضوع له بهذا الوضع عامان كالوضع الشخصي فهيئة الفعل الماضي المبنى للفاعل موضوعة لزمن ماض يقع فيه الحدث ونسبة إلى فاعل وهيئة اسم الفاعل موضوعة لذات ونسبة قيام الحدث بها أو صدوره عنها وهيئة اسم الزمان موضوعة لزمان ونسبة وقوع الحدث في هذا الزمن وهيئة اسم الآلة موضوعة لذات ونسبة توسط تلك الذات بين العامل والحدث وذهب أكثر المتأخرين إلى أن هذا الوضع النوعي عام والموضوع له المهيئة خاص وهو الجزئيات المستحضرة بالأمر الكلي فعلى الأول تكون حالة استعمالها مجازات لا حقائق لها وعلى الثاني تكون مستعملة في حقيقتها فعلم مما سلف أن الفرق بين الفعل وسائر المشتقات ليس إلا بحسب الوضع النوعي الذي هو باعتبار الصيغة والهيئة دون الشخصي لأن الفعل موضوع باعتبار الهيئة للنسبة والزمان وما عداه من المشتقات موضوع باعتبارها للنسبة والذات اهـ أقول إنما تكون الهيئات حالة استعمالها مجازات لا حقائق لها على الأول إذا استعملت في الجزئيات من حيث خصوصها أما إذا استعملت من حيث أنها من أفراد الهيئة الكلية فلا وقوله وما عداه من المشتقات موضوع باعتبارها النسبة والذات يريد بالذات ما يعم الزمان في اسم الزمان فتلخص أن المشتق يدل بمادته على الحدث وبهيئته على الزمان والنسبة إن كان فعلا واسم زمان وعلى الذات والنسبة إن كان غير ذلك وفهم من كلام شيخنا أن المادة حال كونها معروضة للهيئة المصدرية دالة على الحدث لا بقيد وجه مخصوص وحال كونها معروضة للهيئة المشتق دالة على الحدث على وجه مخصوص اقتضته هيئة ذلك المشتق وعلم مما حققناه إن وضعها بالحالة الأولى شخصي وبالثانية قيل نوعی كوضع الهيئة وهو ما عليه الحفيد وأيدناه سابقا وقيل شخصی وهو مقتضی کلام کثیر وإليه ميل كلام شيخنا فتأمل
قوله (فإذا كان إلخ) اسم كان ضمير الشأن محذوفا والجملة بعده مفسرة له خبر كان وقوله في استعارتها متعلق بتتغير في قوله لا تتغير معانيها وقوله للهيآت إلا ظهر أنه ظرف مستقر صفة للمعاني أي الكائنة للهيآت بطريق المطابقة وإن كانت معاني للمشتقات أيضا لكن بطريق التضمن وحاصل كلام الشارح بإيضاح إن للمشتقات دلالة على معانيها بجهتين المادة والهيئة وإن احدى الجهتين قد تختلف دون الآخر وإن الاستعارة إنما تكون في المشتقات باعتبار ما اختلف وإن المختلف إن كان المادة كانت الاستعارة ليست إلا باعتبار المادة التي هي كناية عن حروف المصدر فيدعى أن الاستعارة بحسب الأصالة فيه وأنها في المشتق بطريق التبع وإن كان المختلف الهيئة كانت الاستعارة ليس إلا باعتبارها فلا تنهض دعوى الاستعارة في المصدر بحسب الأصالة لتعذر استعارة المصدر حينئذ لعدم اختلافه باختلاف الهيئة إذ هو حقيقة في كل من الحدثين الكائنين مع الهيئتين صرح به الشارح في أطوله ورسالته الفارسية فالاستعارة باعتبارها تبعية تشبيه المصدر المقيد بزمان معین بمصدر مقید بزمان معین آخر فعلم أن الشارح إنما خالف القوم في استعارة الهيئة دون استعارة المادة لعدم صحة ما قالوه في استعارة الهيئة وصحته في استعارة المادة وإن كان غير محتاج إليه فيها لكفاية استعارة المادة تبعية التشبيه بين المصدرين من غير استعارة أحدهم للآخر كما ذهب إلى ذلك في رسالته الفارسية فاندفع توقف المحشي في الفرق وأجاب بعضهم عن القوم بأن اللفظ الموضوع للضرب في الماضي بخصوصه لفظ الضرب في الماضي والموضوع للضرب في المستقبل بخصوصه لفظ الضرب في المستقبل فيستعار اللفظ الأول لمعنى الثاني ويشتق من الأول ضرب بمعنى يضرب فليس المستعار لفظ الضرب مطلقا حتى يكون حقيقة في كل من الحدثين بل المقيد بكونه في الماضي وليس هو حقيقة في الضرب في المستقبل وفيه مجال للمناقشة هذا وتقرير استعارة الفعل باعتبار المادة بناء على أنها تابعة المجرد التشبيه بين المصدرين أن يقال شبهنا مطلق الضرب الشديد مثلا بمطلق القتل فسرى التشبية منهما إلى فرديهما اللذين في ضمنى ضرب وقتل فاستعرنا بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظ قتل المعنى ضرب ضربا شديدا و تقرير استعارته باعتبار الهيئة من حيث دلالتها على الزمان بناء على مامر أن يقال شبهنا مطلق القتل المحقق الوقوع في المستقبل بمطلق القتل في الماضي فسرى التشبيه إلى فرديهما اللذين في ضمن قتل ويقتل فاستعرنا بناء على هذا التشبيه الحاصل بالسراية لفظ قتل معنى يقتل
قوله (فلا وجه لاستعارة الهيئة) أي لاستعارة المشتقات باعتبار الهيئة وتبعيتها بقرينة قوله فالاستعارة فيها باعتبار موادها شیرانسى ومثله يقال في قوله لتستعار موادها
قوله (وكذا إذا استعير إلخ) اسم الإشارة يرجع إلى ماذكر من استعارة المشتقات باعتبار موادها ووجه الشبه اشتمال كل من القسمين على اعتبار واحد من المادة والهيئة وطرح الآخر وكان المناسب في المقابلة وإذا كان في استعارتها لا تتغير معانيها للمادة فلا وجه لاستعارة المادة والاستعارة فيها إنما هي باعتبار هيآتها لأن هذا قسيم ما سبق فكان عليه التعبير بما ينا سبه في العموم والنسق
قوله (كما يعبر) أي كالتعبير فما مصدرية
قوله (لتشبيه الضرب) أی مثلا واللام صلة لتبعية وقوله بالضرب أي مثلا ولو عبر بالحدث في المحلين لكان أولى قال المحشي وكان الظاهر اعتبار التشبيه في الزمان بأن يشبه الزمان المستقبل بالزمان الماضي لأن الاستعارة في الفعل باعتباره لكنهم قد اتفقوا على اعتبار تشبيه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي ولعل المانع من اعتبار التشبيه في الزمان المعتبر في الفعل أنه قد اعتبر فيه على وجه يكون ظرفا للحدث فلا يصلح لأن يعتبر فيه التشبيه المقتضى الاعتبار كونه محكوما عليه بالمشاركة لكن لا يخفى أن هذا إنما يمنع من اعتبار التشبيه في الزمان المعتبر في مفهوم الفعل ولا يقتضى اعتباره في الحدث بل كان ينبغي اعتباره في الزمان لا من حيث انفهامه من الفعل بل من حيث أنه مدلول لفظ الزمان المستقبل كما اعتبر التشبيه في الحدث لا من حيث انفهامه من الفعل بل من حيث انفهامه من المصدر اهـ أي من المصدر المقيد بقولنا في المستقبل * وأجيب بأن حدث الفعل هو المقصود منه لأن جعله مسندا إنما هو باعتباره وأما زمانه فهو قيد له وما هو المقصود أحق أن يعتبر التشبيه في كليه أعني الضرب في المستقبل المفهوم من قولنا الضرب في المستقبل لا من يضرب من أن يعتبر في كلي القيد أعني الزمان المستقبل المفهوم من قولنا الزمان المستقبل لا من يضرب وبأن اعتبار التشبيه في الضرب في المستقبل دون الزمان المستقبل ليتأتى الاشتقاق إذ لو شبه الزمان المستقبل بالزمان الماضي لما تأتى اشتقاق الفعل منه لفقد الاشتراك في الحروف بين المشتق والمشتق منه حينئذ * أقول أو يقال إنما صنعوا ذلك ليكون المشبه به في استعارة الهيئة من نوع المشبه به في استعارة المادة فيكون بينهما تناسب فاعرفه واعترض على الشارح بأنه يلزم على مذهبه تبعية القوى وهو الاستعارة للضعيف وهو مجرد التشبيه والجواب أنه لا مانع إذا كان في الضعيف مزية ومزية التشبيه كونه أصل الاستعارة ومبناها
قوله (فالاستعارة إلخ) تفريع على قوله إذا استعير الفعل باعتبار الزمان فإن الدال عليه هو الهيئة وقوله استعارة الهيئة أي استعارة الفعل باعتبار الهيئة ويكون المراد من استعارته المادة استعارة المشتق باعتبارها ومن استعارة الهيئة استعارته باعتبارها يندفع توقف المحشي في كون استعارتهما استعارة اصطلاحية وصدق تعريف المجاز عليهما لما علمت من أنا لا نعنى أنهما استعيرا حقيقة حتى يتجه هذا التوقف بل المراد إننا استعرنا المشتق باعتبارهما وملاحظتهما لكن هذا وإن كان جيدا في حد ذاته لا يتأتي في قوله الآتي بل اللفظ بتمامه مستعار بتبعية استعارة الجزء أي جزء المشتق المادة أو الهيئة مع أنه قدينا فيه ما سيذكره الشارح في الفريدة السادسة في الجواب من اعتراض المحقق التفتازاني على حصر القوم المجاز المركب في الاستعارة التمثيلية وسنتكلم هنالك على ما فيه
قوله (وليست بديعية) أي لاستعارة المصدر بل مجرد تشبيهه
قوله (بل اللفظ بتمامه) المنتجه أن هذا الإضراب يرجع لكل من استعارة المادة واستعارة الهيئة وحاصله أنه أضرب عن الحكم يكون المتبوع هو استعارة المصدر أو تشبيه مدلوله إلى الحكم بأنه أحد جزأي المشتق المادة والهيئة وإن اللفظ بتمامه مستعار بتبعية أحد جزئيه فالضرب عنه في استعارة المادة قوله بتبعية استعارة المصدر والمضرب عنه في استعارة الهيئة قوله تبعية تشبيه إلخ ويدل على هذا ما الشارح في رسالته الفارسية حيث قال فائدة جليلة جديدة اعلم أن الأولى أن يقال إن استعارة المشتقات تبعية لأن المستعار فيها دائما إنما هو المادة أو الهيئة ولفظ المشتق مستعار بتبعيته اهـ فاقتصار المحشي على ارجاعه لاستعارة الهيئة فقط غير متجه وقد زيف المولوي في تعريبه الرسالة ما قاله الشارح بأن المتبوع وهو ما تقع فيه الاستعارة أصالة ليس بجزء المشتق إذ هو أما المصدر مطلقا في المادة أو مقيدا بالزمان في الهيئة وشئ منهما ليس بجزء المشتق وما هو جزء له لم يقع فيه الاستعارة لا أصالة ولا تبعا وإنما هو رابطة وواسطة في مناسبة المشتق للأصل المتبوع إذا المناسبة بين المشتق والمصدر مطلقا بسبب جزئه المادى وبينه وبين المصدر قيدا بالزمان بسبب جزئه الصورى انتهى. أقول هذا التزييف هو الحقيق بالتزييف لأنه إنما يتجه على الشارح لو كان المتبوع على توجيهها المصدر المطلق أو المقيد وليس كذلك بل مادة المشتق أو هيئته اللتان هما جزآن له كما تصرح به عبارته نعم يرد عليه ما إذا استعير الفعل باعتبار مادته وهيئته معا كاستعارة قتل المعني يضرب فإن استعارة اللفظ بتمامه أي ليست بتبعية أحد جزئيه فتأمل
قوله (وإن أردت تحقيقا ) أي كالكلام على اسم الفعل واسم الزمان والمكان والآلة ونحو ذلك من المباحث
قوله (لضيق المقام ) أي مقام هذه الرسالة المختصرة فإن المناسب لمقامها أن لا يطول في شرحها تطويلا يؤدى إلى السآمة
قوله (لا لضنة) الضنة بالكسر الهيئة من الضن وهو البخل وبالفتح المرة منه ويحتمل أنه أراد بالضنة أصل الفعل بقطع النظر عن الهيئة والمرة كأنه قال لا لبخل
قوله (فعليك) اسم فعل بمعنى الزم يتعدى بنفسه قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم وإنما عداه الشارح بالياء لأنه ضمنه معنى تمسك
قوله (قال) أي المصنف فالضمير عائدا إلى ما دل عليه المقام وهذا شروع من الشارح في ذكر الخلاف في استعارة الفعل باعتبار النسبية وبيان الحق من ذلك ونقل عبارة المصنف وفاء بحق مكتوبة
قوله (بتبعية المصدر ) أي بتبعية استعارة المصدر مطلقا في اعتبار المادة ومقيدا في اعتبار الهيئة فإن هذا مذهب القوم الموافق لهم فيه المصنف والسيد الذي نقل المصنف عنه هذا الكلام وأما تنزيل المحشي هذا الكلام على مذهب الشارح بجعل المعنى بتبعية التشبيه في المصدر وإن كان مع الاستعارة في الصورة الأولى فغير متجه لما علمت
قوله (ولا تجري إلخ) فاعل تجري قوله الاستعارة وهو من وضع الظاهر موضع المضمر لتقدم المرجع في قوله اعلم أن الاستعارة وليس الإظهار لأجل التقييد بقوله تبعا كما قيل لأن التقييد ممكن مع الإضمار وعبارة السيد في حاشية المطول هكذا وكذا عرفت أن معاني الأفعال من حيث أنها معانيها لا تصلح أن تقع محكوما عليها فلا تجري الاستعارة فيها أصالة بل تبعا لمعاني مصادرها، فإن قلت هل تجري في نسبتها الاستعارة تبعا على قياس الحرف قلت لا لأن مطلق النسبة لم تشتهر بمعنى يصلح أن يجعل وجه شبه في الاستعارة بخلاف متعلقات الحروف فإنها أنواع مخصوصة لها أحوال مشهورة اهـ
قوله (تبعا ) أي لمطلق النسبة التي هي بمنزلة متعلق معنى الحرف فكما أن معاني الحروف ترجع إلى متعلقاتها كذلك نسب الأفعال ترجع إلى مطلق النسبة
قوله (على قياس الحرف) متعلق بالمنفى أعني قوله تجري
قوله (فإن معناه) أي الحرف دليل لما فهم من قوله على قياس الحرف من صحة جريان الاستعارة فيه بتبعية استعارة المتعلق
قوله (تجري فيها الاستعارة تبعا) أي لاستعارة متعلقها هذا مذهب المصنف أما عند الشارح بالتبعية إنما هى لتشبيه متعلق النسبة التي هي معنى الحرف من غير استعارة له وهو التحقيق
قوله (لأن مطلق النسبة) علة للنفى يعنى أن عدم جريان الاستعارة في النسبة الداخلة في مفهوم الفعل لأن متعلق هذه النسبة الذي ترجع هي إليه لكونها فردا من أفراده مطلق النسبة ومطلق النسبة لم يشتهر بمعنى يصلح أن يجعل وجه شبه وليس مراد السيد أن النسبة المعتبرة في الفعل هي مطلق النسبة وإن جعله المحشي ظاهر عبارته كيف وقصده الفرق بين ما ترجع إليه معاني الحروف وما ترجع إليه نسب الأفعال واعلم أن الفنرى بعد أن نقل كلام السيد هذا قال وفيه بحث لأن المعنى الذي ترجع إليه معاني الأفعال ليس مطلق النسبة بل النسبية على جهة القيام ولها أوصاف وخواص يصح بها الاستعارة فإذا نسب الضرب إلى المحرض دلالة على قوة نسبته إليه وشبهت نسبته إليه باعتبار التحريض بنسبته إلى من ينسب إليه على جهة القيام وقلت ضرب فلان لم يبعد عن الصواب.
قوله (لها ) أي لهذه الأنواع أحوال مشهورة كالاحتواء بالنسبة إلى الظرفية فإنه حال لها تستلزمه
قوله (ثم إن الاستعارة إلخ) عبارة السيد في حاشية المطول واعلم أن التعبير عن الماضي بالمضارع وعكسه يعد من باب الاستعارة بأن يشبه غير الحاصل بالحاصل في تحقق الوقوع ويشبه الماضي بالحاضر في كونه نصب العين واجب المشاهدة ثم يستعار لفظ أحدهما للآخر فعلى هذا تكون الاستعارة في الفعل على قسمين إلى آخر ما نقله المصنف ونقل الغنيمي أن مقتضى كلام بعض أهل الأصول أن القسمين من المجاز المرسل والعلاقة أما الإطلاق والتقييد أو المجاورة وفي حواشي حفيد السعد على المختصر والمطول إن ذلك من الاستعارة الأصلية وأنه لا تظهر فيهما التبعية لأن مصدر الفعلين واحد واختلافه بالتقييد كما أشار إليه السيد لا يكفى لأن المصدر حقيقة في الزمنين والمستعار لا يكون حقيقة في المستعار له فتدبر اهـ أقول الذي يستفاد من كلام السيد صورتان التعبير بالماضي بدلا عن المضارع الاستقبالى بناء على تشبيه المستقبل بالماضي والتعبير بالمضارع الحالى بدلا عن الماضي بناء على تشبيه الماضي بالحاضر وبقى صورتان التعبير بالماضي بدلا عن المضارع الحالى بناء على تشبيه المحاضر بالماضي في التناسى والتعبير بالمضارع الاستقبالي بدلا عن الماضي بناء على تشبيه الماضي بالمستقبل في تشوف النفس إليه ولم أر من تعرض للأولى لايقال بقى صورتان أيضا تشبيه الحال بالمستقبل وعكسه وهما تتم القسمة العقلية لتشبيه الشيء في أحد الأزمنة الثلاثة بآخر في زمان آخر لأنا نقول الكلام في التعبير بالماضي بدلا عن المضارع وعكسه وهاتان الصورتان ليستا منه ثم كون صوره أربعا مبنى على القول باشتراك المضارع بين الحال والمستقبل وهو الأشهر وأما على أنه حقيقة في الحال فقط وهو ما اختاره السيوطى في الهمع أو المستقبل فقط فإنما له صورتان فقط تشبيه الماضي بالحال وعكسه على الأول وتشبيه الماضي بالمستقبل وعكسه على الثاني فاعرف ذلك
قوله (فيستعمل فيه ضرب) لو قال فيستعار له ضرب لكان أحسن
قوله (فيكون المعنى المصدرى إلخ) أقول يعنى أن المشبه والمشبه به وإن اتحدا نوعا فهم المختلفان ذاتا بسبب تقييد كل منهما بقيد مغاير لقيد الآخر فالضرب في المستقبل غير الضرب في الماضي ذاتا وان اتحدا نوعا وهذا القدر كاف في التشبيه المبنى عليه استعارة أحد المصدرين لمعنى الآخر كما هو مذهب السيد من أن استعارة الفعل في هذا القسم أيضا بتبعية استعارة المصدر هذا هو الذي ينبغي أن يقال وأما ما قاله المحشي وتبعه فيه غير واحد من أن اختلاف المشبه والمشبه به في هذا القسم إنما هو بالاعتبار أما الذات فمتحدان فغير صحيح فيما يظهر لي إذ لاشك في أن ذات الضرب الواقع في الماضي غير ذات الضرب الواقع في المستقبل فتفطن واعترض الشارح في أطوله على السيد بأن الضرب مثلا حقيقة في كل من الضرب في الماضي والضرب في المستقبل فكيف تتحقق استعارة لفظ أحدهما للآخر حتى تتحقق بتبعيتها الاستعارة في الفعل اهـ وهو اعتراض قوى لا يقاومه ما تقدم عن بعضهم من الجواب عنه أما على مذهب الشارح فلا اشكال لأن التبعية في القسمين عنده مجرد التشبيه من غير استعارة للمصدر كما مر
قوله (لذلك) أي لتقييد كل منهما بقيد مغاير
قوله (كذا أفاده المحقق الشريف) لم يقل قاله المحقق الشريف لأنه تصرف في عبارته ونقلها بالمعنى كما علم من نقلنا عبارته فيما مر
قوله (لكن إلخ) استدراك على قول السيد ولا تجرى في النسبة إلخ دفع به توهم أن ما قاله السيد متفق عليه
قوله (ويستدعى حدثا و زمانا) أسقط المصنف من عبارة الفوائد الغياثية للعضد ما هو متأكد الذكر وقد يؤخذ منه نكتة التعمير في جانب النسبة ببدل وفي جانب الحدث والزمان يستدعى ونصها أما الفعل فيدل على النسبة ويستدعى حدثا و زمانا في الأكثر وإن كان قد يعرى عن الحدث ككان أو عن الزمان كنعم وبأس وبعت إذا استحدث به الحكم والاستعارة متصورة إلى آخر ما ذكره المصنف وقال يس الظاهران تعبيره أولا بيدل وثانيا بيستدعى تفتن وإلا فقد صرحوا بأن الفعل يدل على الحدث والزمان والنسبة إلى الفاعل اهـ وفي كون الأفعال الناقصة لا تدل على الحدث كلام يطلب من رسالتنا البيانية
قوله (متصورة في كل واحد) أي متصورة في الفعل باعتبار كل واحد من الثلاثة ففي سببية
قوله (ففي النسبة كهزم الأمير الجند) فإن لفظ هزم باق على زمانه الماضي وحدثه وإنما التصرف في نسبة حدثه إلى الأمير لأن الهازم حقيقة جيش الأمير لا الأمير نفسه بل هو سبب له بالتقوية فشبه الهزم باعتبار نسبته إلى السبب بالهزم باعتبار نسبتة إلى الفاعل واستعير لفظ الثاني للأول واشتق الفعل من اللفظ المستعار وقيل هزم الأمير الجند هذا قياس مذهب القوم في استعارة الفعل من حيث الزمان وقياس مذهب الشارح فيها أن يقال شبه الهزم الأول بالثاني فسرى التشبيه إلى فرديهما اللذين في ضمني هزم المسند إلى الأمير وهزم المسند إلى الجيش واستعير بناء على هذا التشبية الحاصل بالسراية هزم المسند إلي الأمير كذا في تعريب الرسالة وأورد على العضد أن المجاز في نحو هذا المثال عقلي لا لغوي لأن التجوز في النسبة التي هي الإسناد والتجوز في الإسناد مجاز عقلي وسيأتى تمام الكلام في ذلك
(قوله كنادى أصحاب الجنة ) حيث استعير نادى باعتبار زمانه للنداء في المستقبل بجامع التحقق لأن النداء لم يمض بل هو في يوم القيامة ولا تجوز فيه باعتبار حدثه ونسبته
قوله (نحو فبشرهم بعذاب أليم ) حيث استعيرت فيه البشارة للنذارة تهكما بجامع التأثير في كل ولا تجوز فيه باعتبار زمانه ونسبته
قوله (هذا كلامه) أي العضد
قوله (تأمل إلخ) هذا من كلام المصنف بعد فراغه من نقل كلام العضد وقوله فإن فيه أي في كلام العضد وقوله الجارية فيها أي في الفعل باعتبارها
قوله (نوع من النسبة) يعنى وهو نسبة الحدث إلى الفاعل أى لا النسبة مطلقاً أعم من أن تكون نسبة الحدث إلى الفاعل أو الزمان أو غيره ما كما يعطيه كلام الشريف
قوله (دون النسبة ) أي غير النسبة في التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي وهي نسبة الحدث إلى زمانه وإنما كان في كلامه إشارة إلى ذلك لمقابلته التجوز في الزمان بالتجوز في النسبة وتمثيله للنسبة بهزم الأمير الجند دون نادى أصحاب الجنة
قوله (أمر بالتأمل) هذا من كلام الشارح بعد فراغه من نقل حاشية المصنف أي أمر المصنف بالتأمل أي في قوله فافهم. أقول وإنما قال بالتأمل ولم يقل بالفهم إشارة إلى أن المراد بالفهم المأمور به التأمل لأنه هو المكتسب بخلاف الفهم فإنه اضطراری فلا يؤمر به فاحفظه
قوله (لخفاء القول إلخ) حمل الشارح قول المصنف فافهم على أنه إشارة إلى مناقشته مع العضد ويحتمل أنه إشارة إلى تقوية كلام العضد وأنه الذي ينبغي أن يفهم ويحفظ
قوله (تشبيه نسبة الهزم إلى الأمير) يعنى النسبة السببية الجزئية إذ الأمير سبب وقوله بنسبة الهزم إلى الجند يعنى النسبة الفاعلية الجزئية إذ الجند فاعلون فالأولى هي المشبهة والثانية هي المشبه بها واللفظ المستعار للأولى من الثانية لوضعه لها أعني هزم هو المصرح به كما هو شأن الاستعارة المصرحة فاندفع ما قيل إن ما ذكره الشارح عكس قاعدة الاستعارة المصرحة التي منها الأمثلة المذكورة لأنه على ما ذكره يكون المصرح به لفظ المشبه وهو نسبة الهزم إلى الأمير والمصرح به في المصرحة لفظ المشبه به فالقياس أن يقال كما يصح مع تشبيه نسبة الهزم إلى الجند بنسبة الهزم إلى الأمير واستعارة لفظ الثانية وهو هزم الأمير الجيش للأولى ومبناه جعل المستعار في مثال الشارح مجموع الفعل والفاعل وليس كذلك بل الفعل وحده بدليل أن الكلام في المجاز المفرد ولا شك أن الفعل موضوع للنسبة إلى الفاعل كالجيش فإذا شبه بها النسبة إلى السبب كالأمير واستعير الفعل لهذه النسبة كان المستعار والمصرح به لفظ المشبه به فاعرفه
والمراد بالتشبيه في كلام الشارح التشبيه الساري لهاتين النسبة من التشبيه بين متعلقهما أعني مطلق النسبة السببية ومطلق النسبة الفاعلية أو فى كلامه حذف مضاف أي تشبيه متعلق نسبة إلخ فلا اعتراض بأن النسبة بين الجزئيتين لا يصح التشبيه بينهما لأنهما لم يلحظا إلا تبعا ولا تشبيه أصالة إلا بين الملحوظات استقلالا على أنه يمكن أن يكون الشارح أراد بنسبة الهزم إلى الأمير ونسبة الهزم إلى الجند مطلق النسبة السببية ومطلق النسبة الفاعلية على طريق ذكر الخاص وإرادة العام * أقول كان الموافق للقياس على مذهب الشارح في استعارة الفعل من حيث الزمان أن يقول شبه الهزم المنسوب إلى الأمير بالهزم المنسوب إلى الجيش ويمكن ارجاع عبارته إلى هذا يجعل نسبة الهزم من إضافة الصفة إلى الموصوف
قوله (إلى الجند) أي جند الأمير وجيشه لا الجند المهزومين فالجند هنا غير الجند في قوله هزم الأمير الجند ولو قال إلى الجيش لكان أوضح
قوله (نسبة النداء) أي لفاعله
قوله (فى إحدى الصورتين) هي هزم الأمير الجند وقوله دون الأخرى هي ونادى أصحاب الجنة
قوله (تفرقة من غير فارق ) يمنع بأن بينهما فرقا من وجوه:
الأول أن النسبة إلى الفاعل لما كانت جزأ من مدلول الفعل المطابق أضاف الاستعارة إليها ولما لم تكن النسبة إلى الزمان جزأ من مدلوله المطابقي وإن دل عليها لزوما بواسطة دلالته على الزمان لم يضف الاستعارة إليها بل إلى الزمان لكونه أيضا جزء مدلوله المطابقي الثاني أن نسبة النداء إلى الزمان حقيقة على كل حال وإنما التجوز في الزمان خاصة فلذلك جعلت الاستعارة فيه بخلاف نسبة الهزم إلى الأمير فهي مجازية قطعا فلذلك جعلت الاستعارة فيها الثالث أن التجوز باعتبار النسبة إلى الفاعل لا يستلزمه شيء من الاستعارات الجارية في أجزاء معنى الفعل ولا يستغنى بشيئ منها عنه بخلاف التجوز باعتبار النسبة إلى الزمن فإن الاستعارة باعتبار الزمان تستلزمه وتغنى عنه
قوله (ولم يلتفت ) عطف على أمر أي ولم يلتفت إلى ما هو أهم وهو المحاكمة بين العضد والسيد وبيان الحق من قولهما والمراد أنه لم يصرح بذلك وإلا ففى تقدمه كلام السيد وعدم تعقبه في شيء دليل على أنه مرضيه قاله البهوتى أقول الاستدراك عليه بكلام العضد في معنى تعقبه والمتجه ما قاله الشيرانسى ونصه لا يخفى أن قول المصنف في آخر الحاشية فافهم بناء على ما وجه به الشارح ترجع قول العلامة وإن شنع فيه على العلامة بوجه آخر وهو أن التفرقة بين المثالين تفرقة من غير فارق إلا أن يقال مراد الشارح عدم الالتفات إلى الترجيح عدم الالتفات بعبارة صريحة في الترجيح وأما قوله فافهم فانما فيه بناء على توجيه الشارح له إشارة إلى ترجيح قول العلامة اهـ
قوله (الحق ما ذكره المحقق الشريف) أي فيما عدا استعارة النسبة الإنشائية للأخبارية وعكسه فلا تنافي بين ما هنا وقوله فيما يأتي أما لو قطع النظر عن المثال فالحق مع العلامة كذا في الشيراني
قوله (لكن لا لما ذكره) أي من أن مطلق النسبة لم يشتهر بمعنى يصلح أن يجعل وجه شبه فالشارح سلم المدلول وبحث في الدليل
قوله (أما الأول ) هو أن الحق ما ادعاه الشريف
قوله (للنسبة إلى الفاعل مجازيا كان أو حقيقيا) أقول الذي أفهمه في هذه العبارة أن معناها أن النسبة الداخلة في مفهوم الفعل معتبرة فيه لا يقيد كون المنسوب إليه فاعلا حقيقيا وإن وضع الفعل على أن يدل على نسبة حدثه إلى فاعل ما فإذا أسند الفعل إلى الفاعل المجازي لم يكن في هذا الفعل تجوز أصلا لاستعماله فيما وضع له فليس في التركيب مجاز لغوي باعتبار هذه النسبة وهذا لا ينافي أن تكون تلك النسبة التي هي نفس الإسناد مجازا عقليا من حيث كون المنسوب إليه ليس فاعلا حقيقيا للنسبة جهتان جهة كونها جزء معنى الفعل ولا تجوز فيها من هذه الجهة وجهة كون أحد طرفيها وهو المنسوب إليه ليس فاعلا حقيقيا وهي مجاز عقلي من هذه الجهة وعلى هذا الفهم يندفع الاعتراض على الشارح بأنه يلزم إنكار المجاز العقلي ويرتبط قوله وليس في هزم الأمير الجند مجاز لغوي بما قبله ولا يرد عليه أن مقتضى ما قبله أن يقول وليس في هزم الأمير الجند مجاز لغوي ولا عقلي فاحفظه فإنه نفيس جدا ونعم للعلامة منع ما قاله الشارح والقول بأن الفعل موضوع للنسبة إلى الفاعل الحقيقي فقط كما أشار إليه المحشي وعلل الشارح في أطوله حقية كلام السيد بتعليل آخر نقله عنه المحشي لا يخفي رده على من تأمله أدنى تأمل ثم أقول كل من العضد والسيد قائل بدخول النسبة في مفهوم الفعل كما تصرح به عبارتهما وحينئذ يلزم العضد أن لا يقول بالمجاز العقلي بالمعنى المشهور وهو إسناد الشيء إلى غير من هو له لملابسة بينهما من غير أن يتجوز باعتباره في شيء من الطرفين لأنه يجعل التجوز في مثل هزم الأمير الجند وأنبت الربيع البقل في المسند اعتبار جزء معناه أعني النسبة ويلزم السيد أن يلتزم ما ذكره الشارح من أن النسبة الداخلة في مفهوم الفصل النسبة إلى الفاعل حقيقيا كان أو مجازيا وإلا لم يصح قوله بأن الفعل في نحو هزم الأمير الجند لا تجوز فيه لغوي وأن المجاز في مثل هذا التركيب مجاز عقلي بالمعنى المشهور لأنه إذا قال بدخول النسبة في مفهوم الفعل وأنها النسبة إلى الفاعل الحقيقي لزمه عند النسبة إلى غير الفاعل الحقيقي أن يقول بالتجوز في الفعل باعتبار نسبته فتدبر
قوله (وليس في هزم الأمير الجند مجاز لغوي) أي بالاعتبار المذكور أعني التجوز في الفعل باعتبار النسبة فلا ينافي أنه يصح فيه المجاز اللغوي بأحد الأوجه الآتية والحاصل أن في مثل هذا التركيب أعني هزم الأمير الجند ستة أوجه الأول مامر عن العضد وهو كما علمت مبنى على القول بدخول النسبة في مفهوم الفعل الثاني ما أشار إليه الشارح من أنه مجاز عقلي وأنه نسب الهزم الذي هو فعل الجيش إلى الأمير لأنه سبب آمر فالطرفان حقيقيان والتجوز في الإسناد فقط وقد علمت مما حققناه قريباً أن هذا إنما يتم على القول بالدخول إذا التزم ما ذكره الشارح وأما على القول بخروج النسبة عن مفهوم الفعل فتمامه لا خفاء فيه الثالث أن التصرف في المسند إليه الذي هو الأمير بجعله استعارة بالكناية عن الجيش وهو مذهب السكاكي المنكر لمجاز العقلي الرابع إن التصرف في المسند الذي هو هزم بجعله استعارة مصرحة تبعية عن الأمر بالهزم الخامس أنه من مجاز الحذف والأصل هزم جيش الأمير السادس أن التجوز في هيئة التركيب فهو من الاستعارة التمثيلية
قوله (وأما الثاني) أي عدم تمام تعليل الشريف
قوله (فلأن نسبة الفصل إلخ) منع الصغرى دليل الشريف المطوية التي هي متعلق النسبة الداخلة في مفهوم الفعل مطلق النسبة وحامله أنا لا نسلم أن متعلق النسبة الداخلة في مفهوم الفعل ومتبوعها مطلق النسبة بل متعلق النسب الفاعلية مطلق النسبة إلى الفاعل ومتعلق النسب المفعولية مطلق النسبة إلى المفعول وهكذا ولا يخفى أن كلا من هذه المطلقات نوع مخصوص له لوازم مخصوصة يصح أن يشبه بها باعتبار تلك اللوازم بأن تجعل تلك اللوازم وجوها للتشبيه كذا في الشيرانسي وأورد على الشارح أن ما رد به على السيد لا يلاقي كلامه لأن كلامه في النسبة الداخلة في مفهوم الفعل وليست هي إلا النسبة إلى الفاعل وما عداها من النسب ليست داخلة في مفهومه فليس كلامه فيها فكيف قال نسبة الفعل أنواع مخصوصة * وأجيب بأنه وإن لم يلاقه متضمن لخدشه ومنعه لأنه ذكر في جملة ذلك الأنواع النسبة الداخلة في مفهومه وأثبت لها لوازم مخصوصة مشهورة تصلح أن تجعل وجه شبه
قوله (ونسبة إلى المفعول) أي وهي نسبة مخصوصة وكذا يقال فيما بعد أيضا ففي كلامه حذف من الاواخر لدلالة الأول
قوله (إلى غير ذلك) أي وتعد إلى غير ذلك المذكور من النسب كالنسبة إلى الزمان والنسبة إلى السبب والنسبة إلى الآلة والنسبة إلى المصدر
قوله (وكل منها نوع مخصوص إلخ) قال يس هذا يثبت جريان الاستعارة التبعية فيها على قياس ما في الحرف من جريان الاستعارة فيه تبعية لمتعلقه وهذا يقتضى أن الحق ما قاله العلامة العضد لا السيد السند اهـ وقوله له لوازم أي كالتأثير في الفاعل والتأثير في المفعول والاستقرار في المكان وقوله يصح أن يشبه بها أي بتلك الأنواع أي يشبه بكل منها ما عداه منها أو الباء بمعنى في أي يشبه فيها أي يوقع التشبيه بينها أقول ولو قال يصح أن يشبه به أي بكل نوع منها على نسق قوله له لوازم مخصوصة لكان أوضح ثم لا يخفى أن مفاد عبارته صحة وقوع كل نوع منها مشبها به غيره منها أما تشبيه غير النسبة الفاعلية بها فكثير شهير نحو عيشة راضية ونهر جار ونهاره صائم وهزم الأمير الجند وقتلني السيف وجد جده بالكسر أي اجتهاده وأما تشبهها بغيرها فنادر وقد سمع سیل مفهم به فتح العین أی مملوء مع أنه مفهم بكسرها أي مالئ إذ السيل مالئ لا عملوه فهو من تشبيه النسبة الفاعلية بالنسبة المفعولية وكذا تشبيه غيرها بغيرها وقد سمع طريق مخوف أي مخوف فيه إذا الخوف ما فيه فهو من تشيه النسبة المكانية بالنسبة المفعولية
قوله (لكن هذه المناقشة) أي المذكورة في قوله أما الأول فلأن الفعل موضوع إلخ فإن ذلك يتضمن مناقشة العلامة في تمثيله للاستعارة في نسبة الفعل بهزم الأمير الجند هذا هو المتجه والظاهر من التعبير بإشارة القريب وأما ما قاله المحشي من أن المراد بالمناقشة مناقشة المصنف في حاشيته السابقة العلامة في التمثيل للاستعارة في النسبة بهزم الأمير الجند دون نادى أصحاب الجنة على ما فهمه الشارح من كلام المصنف فهو غير متجه معنى لأن مناقشة المصنف ليست في المثال نفسه بل في التفرقة بين المثالين بعيد لفظا لتعبيره بإشارة القريب
قوله (ليس) ذكر الضمير مع رجوعه إلى المناقشة لنا ولها بالخدش
قوله (للاستعارة في النسبة) صفة للمثال أي فى المثال الكائن للاستعارة في النسبة فقوله وهو قوله إلخ جملة معترضة بين الصفة والموصوف
قوله (لأن الفعل إلخ) اعترضه يس بأن الكلام في النسبة الداخلة في مفهوم الفعل وهي النسبة إلى فاعله أعم من كونها على وجه الإخبار أو الإنشاء ولا مدخل لكونها خبرية أو إنشائية في مفهومه وبأن مثل رحمه الله إذا أريد به الطلب فإنما هو من المجاز المركب لا من المجاز المفرد الذي الكلام فيه صرح به السعد وغيره واعترض أيضا بأن للسيد أن يجعل الأمثلة المذكورة من تشبيه أحد المصدرين بالآخر بأن يشبه الرحمة الغير الحاصلة بالفعل التي يدل عليها فعل الدعاء بالرحمة الحاصلة بالفعل التي يدل عليها الفعل الماضي ثم يستعار للأولى لفظ الماضي بطريق التبعية ويشبه التبوء الغير المأمور به المتحقق حصوله في المستقبل بالتبوء المأمور به بجامع اللزوم ثم يستعار للأول ما يدل على الثاني بطريق التبعية
قوله (قد يوضع للنسبة الإنشائية ) أي فى ضمن وضعه للمعنى المطابقى الذي هو مجموع الحدث والزمان والنسبة
قوله (لأن يشبه بها ) أي بسبها أي بسبب تلك الصفات بأن تجعل وجه الشبه
قوله (كالوجوب) أقول النسبة الإنشائية في فصل الأمر طلب الحدث وليس الوجوب صفة نفس الطلب بل صفة متعلقة وهو الحدث المطلوب فلعل المراد من وجوب النسبة وجوب متعلقها فتأمل
قوله (بالمطابقة) أي إذا كانت النسبة الإخبارية صادقة وقوله واللامطابقة أي إذا كانت كاذبة * أقول المراد هنا بالمطابقة حصول النسبة أي حصول متعلقها وبعدمها عدم حصول النسبة كذلك وإنما قلة المراد ذلك لأن الذي يصلح لأن يتصف به النسبتان كما هو شأن وجه الشبه إنما هو المطابقة وعدمها بالمعنى المذكور لا بمعنى موافقة النسبة الكلامية للنسبة الخارجية إثباتا ونفيا فتأمل
قوله (من إحداهما) أي النسبتين
قوله (كاستعارة رحمه الله لا رحمه) فإنه استعير رحمه الله الموضوع للنسبة الإخبارية المشتهرة بالمطابقة للنسبة الإنشائية لمشابهة الثانية الأولى في المطابقة أي الحصول الذي يناسب ادعاؤه في مثل هذا المقام تفاؤلا فالحصول في المشبه به تحقیق وفي المشبه ادعائى
قوله (واستعارة فليتبوا إلخ) فإنه استعير فليتبوا موضوع النسبة الإنشائية المشتهرة بالوجوب النسبة الخبرية الاستقبالية لمشابهة الثانية الأولى في الوجوب أي اللزوم لكن اللزوم في المشبه به من حيث الصيغة وفى المشبه من حيث أنه خبر الصادق قاله غير واحد أقول فيه إن النسبة الخيرية هنا وعيد والوعيد يجوز تخلفه فلا لزوم إلا أن يقال المراد اللزوم في الجملة
قوله (من تعمد على إلخ) الذي في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار قال المنذرى وغيره من أئمة الحديث أنه بلغ مبلغ التواتر غنيمى أي فالشارح رواه بالمعنى والرواية بالمعنى جائزة على الصحيح
قوله (فليتبوأ) أي يحل وينزل
قوله (وفى متعلق معنى الحرف) عطف على قوله في المصدر وقوله سابقا إن كان المستعار مشتقا وقوله هنا إن كان حرفا جملتان شرطیتان حذف جوابهما لتقدم دليله مستأنفتان للتقييد لا محل لهما فليس في كلامه على هذا العطف على معمولى عاملين مختلفين بل على معمول واحد بخلافه إذا أعربت جملة إن كان المستعار مشتقا حالا من المصدر ولم يقدر لأن جواب فإنه حينئذ يكون في كلامه العطف المذكور الذي في جواز خلاف لأن قوله في المصدر معمول بجريان وقوله إن كان المستعار مشتقا معمول لفي لأن العامل في الحال هو العامل في صاحبها وقد عطف على قوله في المصدر قوله في متعلق معنى الحرف وعلى قوله إن كان المستعار مشتقات قوله إن كان حرفا كذا قيل * وأقول فيه نظر لأن مرادهم بالعامل في صاحب الحال المجرور بالحرف العامل في محله والعامل في محل المصدر جريان وحينئذ يكون العامل في المعمولين هنا واحد إلا متعدد فلم يتحقق العطف المذكور الذي في جوازه خلاف ومما يدل على أن مرادهم ما ذكرنا ما فی همع الهوامع وغيره عن جمهور النحاة من تعليلهم منع تقديم الحال على صاحبها المجرور بحرف غير زائد بأن تعلق العامل بالحال ثان لتعلقه بصاحبه فحقه إذا تعدى لصاحبه بواسطة أن يتعدى له بتلك الواسطة السكن منع من ذلك خوف التباس الحال بالبدل وإن فعلا واحدا لا يتعدى بحرف واحد إلى شيئين فجعلوا عوضا من الاشتراك في الواسطة التزام التأخير هذا وكلام المصنف صريح في أن استعارة الحرف تابعة لاستعارة متعلقه وهو تابع في ذلك لصدر الشريعة كما في تعريب الرسالة الفارسية وقد شنع عليهما فيه وذكر أن الحق أنها تابعة لمجرد تشبيه المتعلق من غير استعارة له وقد بحث في تدعية استعارة الحروف بأنه يمكن أن تلاحظ معانيها الجزئية الغير المستقلة إن بمتعلقاتها وتحمل آلة لملاحظتها استقلالا ويحكم عليه المشابهة بعضها بعضاً كما تجعل تلك المتعلقات آلة لملاحظتها واحضارها لوضع تلك الحروف لها والحكم عليها بأنها معان وضعت لها تلك الحروف فكما صح الحكم الثاني يصح الأول بلا فرق وكما كفي في الثاني التصور بالوجه يكفى في الأول فعلى هذا يمكن أن تستعار كلمة من مثلا من بعض معانيها الجزئية لمعنى آخر بسبب مشابهة الثاني للأول ويحكم على الأول بأنه مشبه وعلى الثاني بأنه مشبه به بواسطة ملاحظتهما بالمتعلقات من غير حاجة إلى تشبيه بعض المتعلقات ببعض فضلا عن استعارة بعض أسمائها لبعض وهو بحث قوى وإن اعتذرنا عنه في رسالتنا البيانية
قوله (ولما كان إلخ) بيان لارتباط لاحق المتن بسابقه وجواب عما يقال إن بيان المراد ليس من وظيفة المتن فلماذا ارتكبه المصنف
قوله (متعلق معنى الحرف) أي هـذه العبارة
(قوله ظاهرا فيما) أي لفظ كالمجرور هو أي معنى الحرف معنى فيه أي في هذا اللفظ الواقع عليه ما الذي هو المتعلق ولهذا فسر الشارح الضمير المجرور بقى بالمتعلق والجار والمجرور صفة المعنى وهو على تقدير مضاف أي فى مدلوله وقوله ملحوظ بتبعيته أي المتعلق من إضافة المصدر لمفعوله صفة ثانية لمعنى وهو تفسير لكون معنى الحرف في المتعلق وحاصله إن المراد يكون معنى الحرف في المتعلق أنه حالة المتعلق وآلة لملاحظته على الوجه المقصود فتحصله في الذهن يتوقف على ذكر المتعلق ولا يمكن ادراكه إلا بادراك متعلقه فعدم استقلال الحرف بالمفهومية إنما هو لقصور ونقصان في معناه وإنما كان متعلق معنى الحرف ظاهرا فيما ذكر لأن معنى الحرف نسبة جزئية وكل نسبة جزئية لابد لها من طرفين تتعلق بهما فإذا ذكر المتعلق تبادر الذهن إلى ماهي متعلقة به
قوله (حتى توهم) غاية لقوله ظاهر أو إنما كان هذا توهم لأنه خلاف التحقيق الذي معنى عليه المصنف لا لاقتصاره على أحد المتعلقين وهو المجرور كما توهمه المحشي وتوهم صاحب التلخيص سرى له من ظاهر عبارة الكشاف كما بسطه في المطول
قوله (تحقيقا للحق) أي إثباتا للحق وهو ما طابقه الواقع وأما الصدق فما طابق الواقع
قوله (ورد الخطأ لمطلق) أي الذي لا تمكن صحته بوجه أو الذي لا يتقيد بلام التعليل التي مثل بها بل وخطأ عام في لام التعليل وغيرها قال المحشي والوجه في كونه خطا مطلقا أنه لا تكون الاستعارة في الحرف تبعا للاستعارة في المجرور إذا لوجدان يكذبه فإنه إذا قيل خفت من الأسد أي الرجل الشجاع فقد استعير المجرور ولم يلزم منه الاستعارة في من الحرفية اهـ وفيه نظر لأن هذا إنما يكون هو ادعى أنه يلزم من استعارة المجرور استعارة الحرف ولم يدعه أحد والحق في رد كلام صاحب التلخيص ما قاله السعد إن طريقته في الاستعارة المصرحة أن المتروك يجب أن يكون هو المشبه سواء كانت الاستعارة أصلية أو تبعية وعلى كون المتعلق المجرور المشبه أعني العداوة والحزن مذكور لا متروك أي فلو كانت استعارة الحرف تابعة لاستعارة المجرور لكان المجرور استعارة بالكناية واللام استعارة تخييلية كما يقول السكاكي مع أن هذا خلاف مذهب صاحب التلخيص وقد أيد عبد الحكيم في حواشيه على المطول كلام صاحب التلخيص فقال أقول مفاد كلام المصنف هنا وفي الإيضاح أن الاستعارة في اللام تابعة لتشبيه العداوة والحزن بالعلة الغائية وليس في كلامه أن الاستعارة في اللام تابعة للاستعارة في المجرور وإنما هي زيادة من الشارح وحاصل كلامه أنه يقدر التشبيه أولا للعداوة والحزن بالعلة الغائية ثم يسرى ذلك التشبيه إلى تشبيه ترتبهما يترتب العلة الغائية فتستعار اللام الموضوعة لترتب العلة الغائية لترتب العداوة والحزن من غير استعارة في المجرور وهذا التشبيه كتشبيه الربيع بالقادر المختار تم اسناد الإنبات إليه هذا هو المستفاد من الكشاف وهو الحق عندي لأن اللام لما كان معناها محتاجا إلى ذكر المجرور كان اللائق أن تكون الاستعارة والتشيه فيها تابعا لتشبيه المجرور لا تابعا لتشبيه معنى كلي بمعنى كلي معنى الحرف من جزئياته كما ذهب إليه السكاكي وتبعه الشارح
قوله (ما يعبر به عنه) ما أما أن تكون واقعة على معنى فيكون قوله يعبر به على تقدير مضاف أي بدا له نعم إن كان المراد تعبير الواضع أي ملاحظته لم يحتج لتقدير دال لكن يكون المضارع بمعنى الماضي وأما أن تكون واقعة على لفظ فلا تقدير في قوله يعبر به بل في قوله من المعاني المطلقة أي من دوال المعاني المطلقة وعلى كل فضمير به يرجع إلى ما وضمير عنه يرجع إلى معنى الحرف ومن بيانية
قوله (من الانتهاء والتعليل) لا يصح أن تكون من تبعيضية لعدم صحة حلول بعض محله أو يلزم على جعلها بيانية قصور عبارته إلا أن تجعل على حذف الواو وما عطفت
قوله (والموضوع له الحرف) في بعض النسخ والموضوع له للعرف أي الثابت الحرف وهذا شروع في بيان معنى الحرف والخلاف فيه
قوله (عند الجمهور) ووافقهم السعد
قوله (في جزئى مخصوص من جزئياتها) أي المعاني المطلقة فالموضوع له كلي والمستعمل فيه جزئى وإنما قال الجمهور بوضعه للكلى لتقليل المؤنة لاشتراكه بين جزئياته الكثيرة ولأنه الذي يمكن استحضاره أولا وبالذات حالة الوضع
قوله (حتى لزمهم) حتى تفريعية أو ابتدائية وقوله كون الحروف مجازات لا حقائق لها أي مع أنهم اختلفوا في أن المجاز تلزمه الحقيقة أولا وإن كان الراجح أنه لا تلزمه ووجه اللزوم أنه لم تستعمل الحروف في تلك المعاني المطلقة بل لا يصح استعمالها فيها وإلا لم تكن حينئذ حروفا بل أسماء ودفع هذا الاعتراض عبد الحكيم في حواشيه على المطول بأنها إنما تكون مجازات لو كان استعمالها فيها من حيث خصوصياتها أما إذا كان من حيث أنها أفراد المعاني الكلية فلا اهـ
قوله (وبعض من وفق ) هو العضد ووافقه السيد
قوله (لتحقيقه) أي تحقيق الموضوع له الحرف أو تحقيق وضع الحرف أو تحقيق المقام وعلى الأول يكون قوله جعل الموضوع له من الإظهار في مقام الإضمار
قوله (جعل الموضوع له الجزئيات المخصوصة) قال المحشي فيه أنه كثيرا ما تستعمل في نسب كلية كما إذا قيل السير إلى المسجد خير من السير إلى السوق فإن النسبة التي هي مدلول إلى في المثال متناولة النسبة السير إلى المسجد سواء كان السير من زيد أو عمرو أو غيرهما وكذا يتناول النسب المتفاوتة بحسب الأوضاع والزمان كنسبة السير السريع والسير البطئ والسير الواقع نهارا والسير الواقع ليلا فظهر أنها كلية صادقة على كثيرين قال الشيخ يس بعد نقله كلام السيد في حواشي المطول فظهر إن جزئية النسبة عبارة عن كونها آلة الملاحظة الغير وكليتها عبارة عن كونها ملحوظة لذاتها وبه يندفع ما ذكره المحشي من أن النسبة في السير إلى المسجد خير من السير إلى السوق كلية على أن اختلاف النسبة بالأوضاع والأزمان يتصور في قولك سرت من البصرة إلى الكوفة وهو موافق على جزئية النسبة فيه فتدبر وأجيب أيضا بأن معنی كونها جزئيات مخصوصة أنها مخصوصة بطرفيها ولو كانت في نفسها شاملة لكثير فإلى في المثال المذكور دالة على نسبة مخصوصة بالسير والمسجد وإن دخل تحتها كثير وأجاب الشارح عن الإيراد في شرحه للرسالة الوضعية بمنع صدق النسبة التي طرفها مطلق السير التي هي مدلول إلى في قولنا السير إلى المسجد خير منه إلى السوق على كثيرين مستدلا بأن النسبة تتغير بتغير الطرف فالنسبة التي طرفها مطلق السير لا تصدق على النسبة التي طرفها سير زيد وإن كان مطلق السير صادقا على سير زيد فإن نسبة المطلق إلى ىشيء مباين النسبة فرد منه إليه
قوله (تعبيرات للجزئيات) جمع تعبير بمعنى م في معبر أو معبر به فالمصدر بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول ولهذا جمع المصدر والمعنى على الأول محضرات للجزئيات في الذهن فيكون قوله أحضرت إلخ تفسير لقوله تعبيرات للجزئيات وعلى الثاني معبرا بدالها لأجل تحصيل الجزئيات في الذهن أو من الجزئيات فاللام تعليلية أو بمعنى عن
قوله(حضرت) أي الجزئيات بها أي بالمطلقات أي بتعقلها والباء للآلة وقوله عند الوضع أي وضع الحروف لها أتى للجزئيات وقوله فجعلها أي المطلقات معبرا بها أي بدوالها وقوله أعني الحرف أفرد هنا وجمع في سابقه ولا حقه تفننا وفى بعض النسخ بالجمع هنا أيضا قال الغنيمي والظاهر إن اللام للتعليل أي معبرا بها لأجل تحصيل معنى الحرف اهـ ويحتمل أنها بمعنى عن
قوله (لعدم استقلالها) أي بالمفهومية علة تقدمت على المعلول أعني قوله لا يمكن وقوله لأن المشبه به علة لعلية عدم الاستقلال أي ليكون عدم الاستقلال علة لعدم الإمكان إن قلت كل من المشبه والمشبه به محكوم عليه بهذه المشاركة فما وجه تخصيص أحد الطرفين بالذكر وإن كان الحكم على أحدهما بها يستلزم الحكم على الآخر بها قلت لأن الكلام في الاستعارة المصرحة وهي تستدعى ذكر المشبه به فالكلام في إثبات كون معاني الحروف يصح أن تكون مشبها بها ولا غرض له في تحقيق كونها مشبهة كذا في البهوتى, وإنما قال الشارح بمشاركة الشبه له ولم يقل بمشاركته للمشبه لأن الجاري على الطبع وإن كانت المشاركة مفاصلة من الجانبين إن الفرع يشارك الأصل والمشبه فرع فهو مشارك بكسر الراء والمشبه به أصل فهو مشارك بفتحها
قوله (فيجرى) الفاء في جواب شرط مقدر أي وإذا لم يمكن أن يشبه بها فيجرى إلخ قوله (فيما) أي معنى يعبر به أي بهذا المعنى أي بداله عنه أي عن معنى الحرف المعلوم من المقام فلا حاجة إلى تكلف المحشي
قوله (ويلزم إلخ) هذا جرى من الشارح على طريقة المصنف من أن الاستعارة في الحروف بتبعية الاستعارة في متعلقاتها وإلا فطريقة الشارح على ما صرح به في رسالته الفارسية أن الاستعارة في الحروف ليست إلا بتبعية التشبيه الواقع في المتعلق من غير أن يستعار المتعلق
قوله (هذا) الأقرب أن هذا من كلام المصنف في الحاشية وأنه اقتضاب عما قرره في المتن قريب من حسن التخلص نحو هذا وإن للطاغين أشر مآب فهو فاعل فعل محذوف أي مضى هذا أو مفعول فعل محذوف أي إفهم هذا أو مبتدأ خبره محذوف أي هذا قد علم ويحتمل أنه من كلام الشارح وأنه مبتدأ مؤخر خبره قوله من الحواشى فيكون قوله ولم يقسموا بدلا من هذا أو عطف بيان قال يس ويشهد له ما سيأتي في الفريدة السادسة
قوله (ولم يقسموا المجاز المرسل إلخ) قال الغنيمي لعل مراده أهل البيان وأما أهل أصول الفقه فقد تعرضوا لذلك فقد ذكر الفخر الرازي أن الفعل والمشتق كاسم الفاعل واسم المفعول لا يدخلها المجاز بالذات وإنما يدخلها بالتبع للمصدر الذي هو مشتق منه فإن تجوز في المصدر تجوز فيهما وإن كان المصدر حقيقة فهما كذلك وخالف في ذلك الشيخ عز الدين بن عبد السلام والنقشواني فقالا أنه قد يقع في الفعل وغيره من المشتق بدون وقوعه في المصدر واختاره صاحب جمع الجوامع ومثل ابن عبد السلام لذلك بقوله تعالى ونادى أصحاب الجنة ونادى أصحاب الأعراف ونادى أصحاب النار أي ينادي واتبعوا ما تتلو الشياطين أي تلت اهـ ببعض تصرف وفى حواشى حفيد السعد في الكلام على توجيه القوم كون الاستعارة في الأفعال والمشتقات والحروف تبعية ما نصه قوله وإنما يصلح للموصوفية إلخ فيه أن المجاز المرسل لا يتحقق إلا إذا اتصف المعنى الحقيقي بالملزومية فلا يجرى ذلك أيضا في الأفعال والمشتقات إلا تبعا لاعتبار الملزومية في المصادر ولم ينقل ذلك عن القوم اهـ وقوله بالملزومية أي أو اللازمية أو الكلية أو الجزئية أو الحالية أو المحلية إلى غير ذلك وقوله في الأفعال والمشتقات أي والحروف وقوله في المصادر أي والمتعلق وقال الغنيمي أيضا هل يجرى التقسيم إلى الأصلي والتبعى في الترشيح والتجريد اهـ قال تلميذه يس إذا كانا باقيين على حالهما لا يجرى ذلك فيهما إذ لا تجوز حينئذ وإن كانا غير باقيين على حقيقتهما وكانا مشتقين جرى ذلك فيهما وقد أشار إلى ذلك المصنف في الترشيح فيما يأتي في قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا حيث قال ذكر الاعتصام ترشيحا فجعل الترشيح بالمصدر فتدبر اهـ يبقى إن المصنف والشارح لم يذكرا كون المجاز المرسل في الحروف تبعيا لأنهما لم يتعرض الدخول المجاز المرسل فيها وفي دخول فيها خلافه في الأصول مذكور في جمع الجوامع وغيره والمختار وجوده فيها كما في استعمال أدوات الإنشاء في غيره نحو فهل ترى لهم من باقية أي ماترى
قوله (إلى الأصلي والتبعى) كان الظاهر إلى أصلى وتدعى ولعل اللام لتزيين اللفظ كما في البهوتى
قوله (على قياس) صلة للمنفى لا للنفي
قوله (لكن ربما إلخ) أقول إنما قال ربما إشارة إلى أن هذا الإشعار قد يمنع كما سيفعل الشارح في قوله الآتي وفيه بحث إلخ فعلم من هذا أن بحث الشارح الآتي لا ينهض معارضا لقول المصنف لكن ربما إلخ لأن فيه إشارة إليه بل لقوله يعنى إلخ فافهم
قوله (استعملت قرأت) استعملت بصيغة البناء للمفعول مستندا إلى قرأت بتأويل اللفظة أو الجملة كذا في شرح المفتاح للسيد
قوله (لكون القراءة مسببة عن إرادتها) أي فهو من استعمال اسم المسبب في السبب والقرينة على ذلك قوله فاستعذلان الاستعاذة مقدمة على القراءة بالفعل كما بينته السنة
قوله (يعنى استعمال المشتق) هذا من كلام المصنف يبین به وجه إشعار كلام صاحب المفتاح بما ذكره
قوله (وجوز في شرح التلخيص) أي كما جوز أن يكون استعارة للدلالة بجامع الإيضاح
قوله (باعتبار أن الدلالة لازمة للنطق) أي فيكون من استعمال الملزوم في اللازم وبحث في هذا اللزوم بأن النطق قد يوجد ولا توجد الدلالة كما لو نطقت بمهمل * وأجيب بأن المهمل ساقط عن الاعتبار فلا يرد أو المراد الدلالة ولو عقلا والنطق بالمهمل يدل على الناطق دلالة عقلية
قوله (فافهم) أي إفهم وجه إشعار ما في شرح التلخيص بما ذكرنا أخذا من تبيينا وجه إشعار كلام المفتاح وقد بين ذلك الشارح بقوله يريد إلخ أي يريد المصنف بقوله فافهم فقول المصنف فافهم إحالة على ما بين به مافي كلام المفتاح وقيل أن قول المصنف فافهم إشارة إلى البحث الآتي وهذا مخالف لما فهمه الشارح
قوله (أنه) أي شارح التلخيص وإرجاع بعضهم الضمير إلى كل من صاحب المفتاح وشارح التلخيص مع كونه تكلفا يؤدى إلى لغو تقرير الشارح بالنسبة إلى كلام المفتاح لأن المصنف أوضح الأمر في عبارة المفتاح بقوله يعنى استعمال إلى آخره
قوله (بين معنى المصدرين) لفظ معنى في النسخ بصيغة الأفراد لكن المراد منه التثنية
قوله (ويشعر ذلك) أي التبيين
قوله (وفيه) أي فى الإشعار المفهوم من قول المصنف في الحاشية لكن ربما يشعر بذلك كلامهم وما اعترض به المحشي على المصنف من أنه بعد تسليم الإشعار المذكور لا يستلزم كون المجاز تبعيا لأن المصنف يلتزم في التبعي أن يكون بتبعية استعمال المصدر إن كان مشتقا ولم يفهم مما تقدم استعماله مدفوع بأن الاستعمال الذي يلتزمه المصنف تقديرى لا بالفعل كما مر بسطه
قوله (وفيه بحث) حاصله أن لا نسلم أن تبيين صاحب المفتاح وشارح التلخيص العلاقة بين المصدرين لاعتبارها أولا بين المصدرين وثانيا بين الفعلين حتى يؤخذ منه كون المجاز تبعيا بل لأن العلاقة بين الفعلين باعتبار أحد جزأيهما الذي هو المادة وناقش في ذلك الشيرانسي بأن سیاق کلام شارح التلخيص في هذا المقام يدل على ما فهمه المصنف
قوله (لأنه) أي الحال والشأن وقوله نبه بصيغة المبني للمجهول أي نبه في كلام من تقدم ذكره و هذا الحل أولى من جعل الضمير راجعا إلى من ذكر من صاحب المفتاح وشارح التلخيص وجعل نبه مبنيا للفاعل الذي هو ضمير يعود إلى من ذكر
قوله (على أن العلاقة) أقول يعنى علاقة المجاز في قرأت ونطقت فأل للعهد الذكرى صريحا بالنسبة لنطقت لذكر علاقته بهذا العنوان صريحا في قوله سابقا بين علاقة المجاز والذكرى ضمنا بالنسبة لقرأت لأن علاقته وإن لم تذكر سابقا بهذا العنوان صريحا لكن قوله ليكون القراءة مسببة عن إرادتها يتضمن أن علاقة قرأت المسببة فتأمل
قوله (باعتبار بعض أجزاء معنى الفعل) الحدث والزمان والنسبة ومراده ببعضها الحدث وأورد على الشارح أن مختاره كما قدمه أن هی الاستعارة التبعية في الفعل إنما كانت تبعية لأن اللفظ بتمامه مستعار بتبعية جزئه فعلى قياسه يقال هذا الفعل بتمامه مجاز مرسل تبعى لتبعية جزئه وهو المادة الدالة على الحدث وأجيب بأن بحث الشارح إنما هو مع المصنف الذي لا يقول بذلك بل بتبعية المجاز المرسل في الفعل للتجوز في المصدر فيه وبحث الزامي لا تحقيقي
قوله (وأذكر التبعية السکاکی إلخ) اعترض الزيبارى على المصنف بأن المناسب لاختصار هذه الرسالة أن لا يذكر هذا هنا اكتفاء بذكره فيما يأتي أو يستوفى الكلام عليه هنا حتى لا يحتاج إلى الإحالة على ما يأتي ولا إلى إعادته فيما يأتي والجواب أنه ذكر ذلك هذا استطراد المناسبة مقام التبعية وأخر بسط ذلك إلى محله ومثل هذا لا يعاب
قوله (لأنه) أي المفعول هنا من وضع الظاهر موضع المضمر أي من الظاهر الموضوع موضع المضمر أي المأتى به بدلا عن المضمر فالإضافة في وضع الظاهر من إضافة الصفة إلى الموصوف وقوله المكان إلخ علة لوضع ومكان مصدر ميمي لكان التامة أي لوجود التباس المرجع بغيره على تقدير الإتيان بالضمير لتقدم ذكر الاستعارة المطلقة والأصلية والتبعية الجارية في المشتقات والجارية في الحروف وكل منها صالح لأن يرجع إليه الضمير في بادئ النظر وقوله فوضعه موضع الضمير أي أتى به في محل الضمير فالوضع هنا ليس هو الوضع السابق ولا لازما له إذ لا يلزم من كون شيء بدل شيء أن يحل محله فلا تكرار في كلام الشارح واللائق بكونه من تتمة تعليل قدم أنه عطف على وضع الظاهرية بتأويله باسم كالمعطوف عليه وقوله لأن الضمير إلخ علة لمحذوف يفهمه قوله موضع الضمير أي وإنما كان هذا موضع لأن الضمير إلخ
قوله (واجب التقديم) لا يلزم من كون الضمير واجب التقديم إن بدله الظاهر كذلك إذ تقديم بدله مستحسن لا واجب وإن أوهم كلام الشارح خلافه
قوله (لعدم تعذر الاتصال) يظهر أنه علة لكل من قوله متصلا وقوله واجب التقديم لأن الضمير متى أمكن اتصاله بتقديمه على الفاعل وجب اتصاله وتقديمه كما هو مقرر في العربية
قوله (لا يرد نفسها إلخ) وإنما ارتكب المصنف هذا التسامح اعتبار للأصلين وهي التبعية والمكنية واعراضا عن القرينتين
قوله (بل يجعل قرينتها إلخ) أشار الشارح بذلك إلى اصلاح كلام المصنف بتقدير مضاف أما قبل الضمير في ردها أي رد قرينتها وأما قبل المكنية أي إلى قرينة المكنية وأما بتقدير عاطفين ومعطوفين أي ردها وقرينتها إلى المكنية وقرينتها على التوزيع الذي علمته واتكل المصنف في هذا التساهل على ما سيأتي ولهذا قال كما ستعرفه ولا يخفى أن هذين الوجهين أوفق بالسياق من الأول إذ الكلام في رد التبعية نفسها لا في رد قرينتها فقط وقال الغنيمي معنى قول المصنف وردها إلى المكنية أنه جعلها تابعة للمكنية وقرينة لها خلافا للقوم في جعلها قسما مستقلا غير تابع فلا حاجة لما تكلفه الشارح وقد تبعه المحشي في حل هذه العبارة اهـ قال يس المحوج لشارح كلام المصنف في الفريدة الثانية من العقد الثاني اهـ
قوله (لتنظر بيانه) اللام للتعليل متعلقة بقال ويحتمل أنها للأمر أي أنظر أيها الطالب بیانه
قوله (فإن قلت إلخ) شروع في دفع الاعتراض على المصنف في نسبته الإنكار إلى السكاكي مع أن السکاکي إنما يختار رد التبعية إليها لا أنه بطلها من أصلها فقوله لإنكار التبعية أي لنسبته إنكارا وقوله غايته أي السكاكي أي غاية أمره وقوله إخراجها أي التبعية
قوله (إذ احتمال كونها مكنية) فيه التسامح الذي ارتكبه المصنف في قوله وردها إلى المكنية
قوله (لا يرفع احتمالها) أي التبعية
قوله (يرجع المكنية إلخ) هذا تمهيد للجواب ومحط الجواب قوله والاعتبار المرجوح إلخ
قوله (لاعتبار استعارة أخرى) هي استعارة المصدر ومتعلق معنى الحرف على ما سبق
قوله (ونبه) أي المصنف فيما بعد أي حيث قال في العقد الثاني واختار رد التبعية إليها وهذا جواب عما يقال إن المتبادر من الإنكار الإبطال لا التضعيف فإرادة التضعيف من الإنكار تحتاج إلى دليل وناقش الشيرانسي في دلالة قوله اختار على ما ذكر بأنه كثيرا ما يستعمل أمثال هذه العبارة في الوجوب ألا ترى أنه لو قيل اختار السكاكي من القولين المشهورين في التخييل كون التخييل عبارة عن ملائم المشبه به المستعمل في الأمر الوهمي للمشبه لم يقدح أحد في هذا القول مع أن ما ذكر واجب عنده قال وبالجملة لا دليل على أن رد التبعية إلى المكنية راجح عنده لا وإجب إلا أن يقال يمكن أن يؤخذ ذلك مما ذكره نفسه من أن هذا الرد لتقليل الأقسام ولا يخفي أن تقليل الأقسام ليس من الواجب غايته أن يكون سنة مؤكدة اهـ
قوله (على الرجحان) أي رجحان المكنية لا البطلان أي بطلات التبعية «أقول ولو قال على المرجوحية لا البطلان أو قال على الرجحان لا الوجوب لكان أنسب ليكون كل من المثبت والمنفى في جانب واحد فاعرفه
قوله (لو كنت ذا تنبه) لوشرطة والجواب محذوف أي لأغنيتني عن هذا الجواب مثلا وجعلها للتمنى يرده أنها لا تكون للتمنى إلا بعد ما يفهم التمنى كود واحب فتأمل