المتن
((العقد الأول))
في أنواع المجاز
وفيه ست فرائد الفريدة الأولى
المجاز المفردة أعني الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له لعلاقة مع قرينة مع قرينة مانعة عن إرادته إن كانت علاقته غير المشابهة فـمجاز مرسل، وإلا فاستعارة مصرّحة.
الشرح
(العقد الأول: في أنواع المجاز)
الأَوْلى: في أنواع الاستعارة؛ لأن المقصود في الرسالة: تحقيق الاستعارة وأقسامها وقرائنها، فما هو سواها مذكور بالتبع، وأقسام المجاز أوضح من (أنواع المجاز)، إلا أن يقال: اختاره لئلا يتبادر الوهم إلى الأقسام الأولية.
(وفيه ست فرائد: الفريدة الأولى: المجاز المفرد) قيد المعرَّف بالمفرد؛ لداعي ذكر الكلمة في تعريفهم، مع أن تقسيم ذلك المعرَّف إلى التمثيل كما هو مقتضى ظاهر كلامهم دليل على أن المعرَّف مطلق المجاز، وداعٍ إلى صرف الكلمة إلى ما يعم الكلام لحفظ التعريف عن استعمال اللفظ الغير الظاهر الدلالة على المعنى فيه.
(أعني: الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له) أسقط من التعريف قيد: في اصطلاح به التخاطب، مع أنه ذكره غيره؛ لإدخال الصلاة المستعملة بحسب اللغة في العمل الشرعي؛ لأنها مجاز مع أنها لم تستعمل في غير ما وضعت له في عرف الشرع على ما ذكره غيرنا، وفيه نظر.
ولإخراج الصلاة المستعملة بحسبها في الدعاء؛ لأنها مستعملة في غير ما وضعت له في عرف الشرع، مع أنها ليست بمجاز، فلا بد من إخراجها بقيد: في اصطلاح به التخاطب؛ لأنها مستعملة حينئذ فيما وضعت له في اصطلاح به التخاطب، وهو عرف اللغة على ما نقول؛ لإغناء قيد الحيثية المشعور بها في التعريف عنه.
(لعَلاقة) هي بالفتح، وأما بالكسر ففي الأمور الحسية، قال في ‹الصحاح›: هي بالكسر: عِلاقة السوط ونحوها، وبالفتح: عَلاقة الحب.
واحترزوا به عن الغلط، فإنه ليس بحقيقة ولا مجاز، كأن يقال سهوًا في مقام استعمال الفرس: الكتاب. ولا يخفى أنه يغني عنه اشتراط القرينة؛ لأن القرينة: ما نصبه المتكلم للدلالة على قصده، وليس الغلط نصب دال على قصده.
(مع قرينة) صفة لـ(ـعلاقة)، أي: لعلاقة كائنة مع قرينة، والأولى: لعلاقة وقرينة، لأن القرينة ليست من توابع العلاقة، بل كل منهما مما يتوقف عليه المجاز.
ولك أن تجعل قوله: (مع قرينة) حالًا ن المستكن في (المستعلة)، والقرينة: ما يفصح عن المراد لا بالوضع.
(مانعة عن إرادته) أخرج به: الكناية؛ لأنها وإن كانت مع قرينة لكنها ليست بمانعة عن إرادة الموضوع له؛ لأن الفرق بينها وبين المجاز: صحة إرادة المعنى الحقيقي فيها دون المجاز، كذا قالوا برمتهم، وفيه بحث؛ لأن الكناية يصح فيها إرادة المعنى الحقيقي لا لذاته، بل ليتوسل به إلى الانتقال إلى المراد، ففيها القرينة المانعة عن إرادة المعنى الموضوع له لذاته، وهي إرادة المعنى الغير الموضوع له بقرينة معينة له؛ إذ لا يراد باللفظ الموضوع له لذاته وغير الموضوع له، لكن ليس فيها قرينة عدم إرادته مطلقًا؛ إذ يجوز إرادته للانتقال.
فما من لفظ يمكن أن يثبت أن معه قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له مطلقًا؛ إذ كل مجاز لا تمنع فيه القرينة إلا إرادة الموضوع له لذاته، مثلًا: جاءني أسد يرمي، ليس فيه مع الأسد إلا الرمي الذي يمنع أن يكون المقصود لذاته: السبع المخصوص، ولا تمنع عن أن تقصد للانتقال إلى الشجاع، فلا يثبت المجاز متميزًا عن الكناية في شيء من الاستعمالات.
ويمكن أن يجاب عنه: بأن صحة إرادة الموضوع له للانتقال معناها: أن يكون الموضوع له متحققًا، وتكون إرادته للانتقال، ففي جاءني أسد يرمي، ليس إتيان الأسد متحققًا، بخلاف: جبان الكلب، فإن جبن الكلب موجود، فيصح أن يراد للانتقال إلى المضيافية.
(إن كانت علاقته) المقصودة (غير المشابهة؛ فمجاز مرسل) سمي مرسلًا؛ لعدم تقييده بعلاقة واحدة، (وإلا فاستعارة مصرحة) المشهور: أن اللفظ المستعمل في غير ما وضع له للمشابهة استعارة، ولم نجد التقييد بالمصرحة في كلام غيره، مع أنه ينافيه ما سيأتي من أن الاستعارة المكنية عند صاحب الكشاف: المشبه، فإنه يصدق عليه الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له للمشابهة، مع أنها ليست استعارة مصرحة، بل مكنية.
الحاشية
العقد الأول
(العقد الأول في أنواع المجاز) أي اللغوي والعقد الأول ألفاظ على المختار والأنواع معان فالظرفية من ظرفية الدال في المدلول وهي مجازية كما تقدم والمجاز أصله مجوز نقلت حركة العين إلى الغاء فتحركت الواو بحسب الأصل وانفتح ما قبلها الآن فقلبت الغاء وهو في الأصل مصدر نقل إلى الكلمة الجائزة أي المتعدية مكانها الأصلي أو المجوز بها مكانها الأصلي فهو مصدر ميمي بمعنى الفاعل أو المفعول والأول أولى لعدم احتياجه إلى تقدير أو هو اسم مكان كهو في قولهم جعلت كذا مجاز. الحاجتي أي طريقا إليها من قولهم جاز المكان سلكه فإن المجاز طريق إلى تصور معناه والحقيقة في الأصل فعيلة بمعنى فاعل من حقى الشي أي ثبت أو مفعول من حققته أي أثبته نقلت إلى الكلمة الثابتة أو المثبتة في مكانها الأصلي وعلى الثاني فتاؤها للدلالة على النقل من الوصفية إلى الاسمية كما في ذبيحة ونطيحة أو التأنيث ولحقوها لها لعدم جريانها على موصوف لأن فعيلا بمعنى مفعول إنما يمتنع غالبا لحوق التاء به إذا جرى على موصوف فإذا لم يجر لم يمتنع وإنما قلنا غالبا لأنها قد تلحقه جلاله على فعيل بمعنى فاعل كقولهم صفة ذميمة وخصلة حميدة كما جعلوا في بعض الألفاظ فعيلا بمعنى فاعل على فعيل بمعنى مفعول وأما على الأول فتاؤها للتأنيث لأن فعلا في فاعل يذكر مع المذكر ويؤنث مع المؤنث سواء جرى على موصوف أولا.
قوله (الأولى في أنواع الاستعارة) هذا اعتراض على لفظ المضاف إليه أي الأولى إبدال المجاز بالاستعارة ولا تتخل الأنواع في الأولوية وقوله وأقسام إلخ اعتراض على لفظ المضاف أي إبدال الأنواع بالأقسام أوضح ولا دخل للمجاز في الأوضحية فليس بين قوله الأولى في أنواع الاستعارة وقوله وأقسام المجاز أوضح من أنواع المجاز تناف فإن قلت مقتضى الترتيب تقديم الاعتراض الثاني على الأول قلت المضاف من حيث هو مضاف تابع والمضاف إليه من حيث هو مضاف إليه متبوع فقدم الكلام على المتبوع وأيضا اللازم على صنيعه فصل واحد هو الفصل بين المضاف والاعتراض عليه بالمضاف إليه والاعتراض عليه ولو عكس للزم فصلان الفصل بين المضاف والاعتراض عليه بالمضاف إليه والفصل بين المضاف إليه والاعتراض عليه بالاعتراض على المضاف ويمكن الجواب عن المصنف بأن أل في المجاز للعهد والمعهود الاستعارة المفهومة من قوله فإن معانى الاستعارات
قوله (فما سواها كتعريف مطلق المجاز وتقسيمه إلى مرسل واستعارة
قوله (وأقسام المجاز أوضح) أي لأنه عبر أولاً بالأقسام في قوله لتحقيق معانى الاستعارات وأقسامها فالتعبير عنها هنا بالأنواع ربما يوهم المغايرة ولأن التعبير بالأنواع يوهم مصطلح أهل الميزان مع أنه ليس مرادا هنا لأن الأنواع عندهم ما اندرجت تحت جنس وتمايزت بالذاتيات لا بالعرضيات وإثبات ذلك هنا متعسر بل متعذر لأن لا برهان لنا على أن الترشيح والتجريد من ذاتيات الاستعارة حتى يحكم بأن المرشحة والمجردة نوعان حقيقيان للاستعارة بخلاف الإنسان والفرس فإن مميز الأول من الثاني علم بالبرهان عندهم أنه من الذاتيات وبخلاف التركي والبربري فإن تميز الأول من الثاني علم بالبرهان أنه من العرضيات فالأولان نوعان والأخيران صنفان قال الشيخ يس صعوبة التمييز بين الذاتيات والعرضيات إنما هي في الماهيات الحقيقية لا الاعتبارية التي اصطلح على جعل بعض أجزائها ذاتيا والآخر عرضا كما بينوه في بحث الكليات الخمس اهـ أي وما نحن فيه من الاعتبارية، أقول هذا البحث إنما يضر إذا علم اصطلاح علماء الفن على جعل ما تمايزت به أقسام المجاز ذاتيا أما اذا لم يعلم ذلك أو علم أصطلاحهم على جعله عرضيا فلا كما لا يخفى، ووجه البهوتي الأوضحية بأن المميزان كان ذاتيا سمي المميز نوعا وإن كان عرضها سمى صنفا والقسم أعم منهما فالتعبير به أولى لأن أقسام المجاز تارة تميز بالذاتيات وتارة تميز بالعرضيات
قوله (إلا أن يقال) استثناء من محذوف أي فلا وجه لاختياره الأنواع إلا أن يقال إلخ
قوله (لئلا يتبادر الوهم إلى الأقسام الاولية) يعنى الحاصلة من تقسيم المجاز إلى لغوى وعقلي والثانوية هي الحاصلة من تقسيم اللغوي إلى مرسل واستعارة ويحتمل أن المراد بالأولية الحاصلة من تقسيم المجاز إلى مرسل واستعارة وبالثانوية الحاصلة من تقسيم الاستعارة إلى أصلية وتبعية ومرشحة ومجردة ومطلقة وعلى هذا فقوله إلى الأقسام الأولية أي فقط واعترض على الشارح بأن المتبادر من الأنواع الحقيقية وهي مالا يكون تحتها أنواع أخص منها كالانسان دون الاضافية وهي ما فوقها جنس وتحتها أنواع كالحيوان فإن فوقه الجسم فيسمی باعتباره نوعا وتحته الإنسان فيسمى باعتباره جنسا وليست الحقيقية مرادة لأن ما هنا ليس منها ولأنها لا تتأتى إلا فى الماهيات الحقيقية فالمصنف لم يخلص من أي إيهام عبارته خلاف المراد ويمكن أن يجاب بأن تبادر الوهم إلى الأقسام الأولية أشد من تبادره إلى الأنواع الحقيقية لأن تقسيم النوع إلى حقيقى وإضافي مصطلح أهل الميزان دون أهل هذا الفن بخلاف الأقسام الأولية فإن أهل الفن يستعملونها فإنهم يقسمون الشيء إلى أقسام ثم يقسمون أحدها إلى أقسام ويسمون الأقسام الأولى أولية والثانية ثانوية
قوله (وفیه ست فرائد) من ظرفية الأجزاء في الكل
الفريدة الأولى
قوله (الفريدة الأولى) هذه ترجمة فهى خبر لمبتدأ محذوف أو مبتدأ خبره محذوف أو بالنصب مفعولا لمحذوف فما قيل من أن الفريدة مبتدأ وجملة قوله المجاز إلخ خبر لا يخفى ما فيه
قوله (قيد المعرف إلخ) هذا بيان من الشارح لنكتة مخالفة المصنف القوم كصاحب المفتاح وذلك أنهم أطلقوا المعرف وأتوا بتعريف لا يشمل بحسب ظاهره إلا المفرد منه ثم قسموه إلى التمثيل وغيره فلزمهم منافاة ظاهر التعريف لظاهر الاطلاق والتقسيم فاحتاج كلامهم في تصحيحه إلى التأويل الآتي والمصنف قيد المعرف بالمفرد ولم يقسم المعرف إلى التمثيل وغيره بل عقد للمركب فريدة تخصه وأفرده بتعريف فلم تلزمه تلك المنافاة فلم يحتج كلامه إلى التأويل
قوله (لداعى ذكر الكلمة) إضافة داعى إلى ذكر للبيان وإضافة ذكر إلى الكلمة اما للبيان أو من إضافة الصفة إلى الموصوف وذكر على كل بمعنى مذكور او حقيقية لامية فالذكر باق على معناه المصدرى
قوله (مع ان) متعلق بقيد أي قيد المعرف بالمفرد لداعى ذكر الكلمة مع منافاة تقسيمهم التقييد واقتضائه الاطلاق لحفظ التعريف إلخ
قوله (إلى التمثيل) أي و غيره ففيه حذف الواو مع ماعطفت اتكالا على ظهور المراد واقتصارا على ما يمنع التقييد ويقتضى الاطلاق
قوله (كما هو ظاهر كلامهم) أي المتقدمين متعلق بتقسيم ذلك المعرف والكاف للتشبيه أو بمعنى على أي بناء على ما هو إلخ وفيه اتحاد المشبه والمشبه به أو المبنى والمبنى عليه وقد يقال هـما متغايران اعتبارا وهذا يكفى فتقسيمهم باعتبار حكم الشارح بوقوعه منهم مشبه أو مبنى وباعتبار كونه ظاهر کلامهم مشبه به ومبنى عليه وإنما قال كما هو ظاهر كلامهم لأن التقسيم باعتبار تاويل كلامهم ليس لذلك المعرف بل لمطلق المجاز فكون في كلامهم استخدام وعليه فالمراد بالمجاز المعرف المفرد بدليل التصدير بالكلمة والضمير في قولهم ينقسم لمطلق المجاز
قوله (دليل) خبر ان وقوله وداع معطوف على دليل وقوله إلى ما أي معنى يعم الكلام بأن يراد بالكلمة مطلق القول مفردا كان أو مركبا وقوله لحفظ التعريف متعلق بقوله قيد بعد تقييده بقوله لداعى إلخ فاللام في لداعى تعلقت بقيد وهو مطلق عن التقييد بعلة واللام في لحفظ تعلقت به وهو مقيد بالعلة السابقة فكان العامل في الحرفين المتحدين لفظا ومعنى مختلف فلا اعتراض هذا ما أشار إليه المحشي وقال الشيرانسى قوله لحفظ التعريف علة لعلية قوله لداعى ذكر الكلمة في تعريفهم للتقييد المذكور اهـ أي علة لكون ذكر الكلمة في التعريف علة للتقييد المذكور وكانه يشير إلى أن اللام متعلقة بمحذوف أي وكان ذكر الكلمة علة للتقييد لحفظ التعريف وبعضهم جعله علة لداعى وحاصل ما ذكره الشارح أنه تعارض أمران فظاهر تقسيمهم يقتضي عدم التقييد وذكر الكلمة في التعريف يقتضى التقييد فروعى جانب التعريف لأنه أولى بالمراعاة وأول التقسيم . بقى أن الشارح في الفريدة السادسة بعد جوابه عن المركبات التي أوردها المحقق التفتازاني قال نعم يتجه أن التجوز في الهيئة التركيبية لم يدخل في شيء من الأقسام فاما أن يتجوز في الكلمة المستعملة في التعريف واما ان يترك بيانها للمقايسة اهـ فعلى الأول يرد انه لم يحفظ التعريف عن التجوز فتأمل
قوله (المستعملة) الاستعمال إطلاق اللفظ وارادة المعنى ففى عبارة المتن تجريد دفعا للتكرار وأما الوضع فتعيين اللفظ بازاء المعنى وأما الحمل ففهم السامع المعنى هذا هو الفرق بين الثلاثة وأخذ الاستعمال في تعريفي الحقيقة والمجاز دليل على أن الكلمة قبل الاستعمال لا توصف بحقيقة ولا مجاز وهو كذلك
قوله (في غير ما وضعت له) اعتبر بعضهم كون ما عامة والمعنى في غير كل ما وضعت له لإخراج المشترك المستعمل في أحد معنيه من حيث انه موضوع له واستغنى بعضهم عن ذلك بقيد لعلاقة وبعضهم بقيد الحيثية - أقول إذا استعمل المشترك في أحد معنييه لا من حيث انه موضوع له بل من حيث مناسبته المعنى الثاني ووجود علاقة بينهما فهو مجاز كما قاله حفيد السعد في حواشي شرح التلخيص واعتبار العموم يخرجه عن تعريف المجاز فيكون غير جامع بخلاف عدم اعتباره فاعرفه وأورد الغنيمي انه إن أريد الوضع الشخصى وهو ما تشخص فيه اللفظ الموضوع ورد عليه نحو المثنى والمجموع والمصغر والمنسوب والمشتق فإن الوضع فيها نوعى لا شخصى فيكون التعريف غير مانع لدخول ماذكر فيه وان أريد النوعى وهو ما لم يتشخص فيه الموضوع بل كان عاما ورد أن المجاز موضوع بالنوع فلا يصح نفيه وان أريد الاعم كان اكثر فسادا * أقول يدفع بأن المراد الوضع التحقيقي لا التأويلي والوضع التحقيقي يعم الشخصي والنوعى الأولى فقط فيخرج عن التعريف المثنى وما معه لأن الوضع فيه تحقيقي لأنه نوعى أولى ويدخل فيه المجاز لأن الوضع فيه تأويلي لأنه نوعى غير أولى بل ثانوى كما صرحوا به * وفى حواشي الغنيمي أيضا ما ملخصه اعلم ان الكمال بن الهمام قد صرح في تحريره بأن نحو الانسان والرجل إذا استعمل في الفرد فهو حقيقة لا فرق في ذلك بين أن يراد خصوصه أولا وذكر أن ذلك مذهب الاقدمين لا يعرفون خلافه وأن من فصل غلط وعلى هذا فاللام في قولهم في تعريف الحقيقة اللفظ المستعمل فيما وضع له ليست صلة لوضع بل لام التعليل أي المستعمل فيما وضع لاجله والكلى وضع لاجل ان يستعمل في فرده لكن فيه انه لا يشمل حينئذ نحو زيد وعمرو لانه لم يصدق عليه انه مستعمل في معنى وضع اللفظ لاجله إذ هو مستعمل في الموضوع له اللهم إلا أن تستعمل اللام في معني يعم كونها صلة الوضع وكونها للتعليل فيدخل القسمان اهـ وأقول الظاهر انه لاحاجة إلى هذا التكلف وان جعلها للتعليل ملايم لاستعمال نحو زيد وعمرو فى معناه وانه يصدق عليه انه لفظ وضع لاجل ذلك المعنى فافهم وممن فصل السعد في مطوله فذكر أن الكلي إذا استعمل في فرده من حيث خصوصه كان مجازا أو من حيث صدق الكلي عليه وانه فرد من أفراد الكلي فحقيقة وفى الفاكهى ان مثل اسم الجنس في هذا التفصيل علم الجنس
قوله (أسقط إلخ) أى لم يأت به لا أنه ذكره ثم حذفه كما هو المتبادر من الاسقاط لأنه خلاف الظاهر
قوله (قيد في اصطلاح إلخ) الاضافة للبيان والمزاد باصطلاح التخاطب الاصطلاح الذي وقع به تخاطب المستعمل
قوله (مع أنه ذكره غيره) كصاحب التلخيص
قوله (لإدخال إلخ) علة لقوله ذكره
قوله (بحسب اللغة) قال في الصحاح تقول هذا بحسب كذا بفتح السين أي على قدره وعدده اهـ قيل ولا يظهر هذا المعنى هنا وقد يوجه بأن المراد تعدد اللغة وعددها الأمر المقدر فيها الذي قدره أهلها وعدوه لمحاوراتهم ومخاطباتهم
قوله (في العمل) متعلق بالمستعملة وقوله لأنها مجاز علة للإدخال وقوله في عرف الشرع متعلق بوضعت
قوله (على ماذكره غيرنا) راجع إلى قوله لادخال أي بناء على ماذكره غيرنا يعنى ان كون ذكر هذا القيد للإدخال مبني على إلخ وأشار بالغير إلى السعد والسيد فإنهما ذكرا أن هذا القيد للإدخال لكن السعد في المطول لم يقتصر على إدخال الصورة المذكورة كما صنع الشارح اكتفاء بعلم عكسها بطريق المقايسة بل أدخل بهذا القيد عكسها أيضا أعنى لفظ الصلاة المستعمل بحسب الشرع في الدعاء وكذا السيد إلا أنه قدم الصورة المذكورة على عكسها والسعد قدم عكسها عليها ولكل وجهة كما ستعرفه واقتصر في المختصر على إدخال عكسها المذكور اكتفاء بعلمها بطريق المقايسة لكن زاد على ما في المطوّل انه لإخراج الصلاة المستعملة بحسب الشرع في الاركان المخصوصة ووجه تخصيصه بالذكر في المختصر في بيان كونه لادخال عكس الصورة المذكورة ان المدار على المعنى المستعمل فيه وهو فيها المعنى اللغوى وهو أصل بالقياس إلى الشرعى ووجه تخصيص الشارح بالذكر الصورة المذكورة ان تمام التعريف يقيد في اصطلاح التخاطب واصطلاح التخاطب فيها اللغة وهي أصل لغيرها
قوله (وفيه نظر) أي لأنه كما يصدق عليها أنها مستعملة فيما وضعت له يصدق عليها انها مستعملة في غير ما وضعت له كذا ذكر الشارح في أطوله يعنى وحيث صدق عليها ذلك فهي داخلة في تعريف المجاز فلا تكون فائدة القيد الإدخال وإلا لزم تحصيل الحاصل ومحصل هذا التنظير منع قوله مع أنها لم تستعمل إلخ ورد بان إضافة غير المفيد للنفى إلى ما تقتضى عموم ما فالمعنى المستعملة في غير كل معنى وضعت له أي المستعملة في معنى لم يوضع له اللفظ أصلا وتلك الصورة ليست كذلك فتكون خارجة عن التعريف فيحتاج في إدخالهما إلى قيد في اصطلاح التخاطب لأنه مخصص للعموم لكن قد علمت ما في اعتبار العموم في ما فتأمل
قوله (ولإخراج إلخ) أي فقط فصح قوله فيما ياتي على ما نقول فلا يعترض على الشارح بأن المحقق التفتازانى ذكر من فوائد هذا القيد الاخراج المذكور والحاصل ان الذي تفرد به الشارح كونه للإخراج فقط أقول قد يناقش الشارح بأن الصورة التي أخرجها بهذا القيد وان كانت بدونه داخلة باعتباره ى خارجة أيضا باعتبار آخر إذ كما يصدق عليها أنها مستعملة في غير ما وضعت له أي في الشرع يصدق عليها انها مستعملة فيما وضعت له أى في اللغة فهى داخلة وخارجة باعتبارين كما أن الصورة التي أدخلها غير داخلة وخارجة باعتبارين فما أورده الشارح على غيره يرد له عليه فالتحقيق أن هذا القيد لتنصيص على إدخال الصورة التي أدخلها غيره وللتنصيص على إخراج الصورة التي أخرجها هو ويمكن توجيه صنيع الشارح بأن التعريف إذا صدق على فرد من أفراد المعرف اكتفى بذلك من غير احتياج إلى ما ينص على دخوله وإذا صدق على فرد من غير أفراد المعرف فلا بد مما ينص على خروجه لأن الاهتمام بإخراج ما ليس من الأفراد اكثر من الاهتمام بإدخال ماهو منها فتدبر ثم أقول هذا كله مبنى على عدم اعتبار العموم في ما فإن اعتبر وجعل المعنى في غير كل ما وضعت له لم يكن قد في اصطلاح التخاطب للتنصيص على الإدخال والإخراج السابقين بل يكون لأصل الإدخال لا للتنصيص عليه فقط فلابد منه حينئذ للإدخال وإلا كان التعريف غير جامع ولا يغنى عنه في ذلك قيد الحيثية ولا قيد لعلاقة مع قرينة كما هو ظاهر للمتامل ويكون قيد في غير ما وضعت له نصا فى الاخراج فلا يكون على هذا قيد في اصطلاح التخاطب للتنصيص على الاخراج فاعرف ذلك
قوله (بحسبها) أي اللغة وقوله لأنها المستعملة علة لإخراج ولو قال هنا وفيما بعد مستعملة بدون أل لكان أظهر اذ لا وجه للحصر المستفاد من تعريف الطرفين وقوله في عرف الشرع متعلق بوضعت وقوله مع أنها متعلق بالمستعملة
قوله (فلا بد من إخراجها بقيد في اصطلاح التخاطب) أي أو ما يؤدى مؤداه كقيد الحيثية المشعور بها في التعاريف فاندفع ما تراءى من التنافي بين قوله (فلابد إلخ) وقوله (لا غناء قيد الحيثية إلخ) وما قيل من أن المتبادر من اصطلاح التخاطب العرف الخاص المقابل للشرع واللغة والعرف العام وألفاظ التعريف يجب حملها على المتبادر فيختل التعريف فمنوع بل المتبادر منه العموم لجمع الاصطلاحات بقرينة الاضافة إلى التخاطب إذ المعنى في اصطلاح يقع به التخاطب أي تخاطب كان
قوله (على ما نقول) راجع لقوله لإخراج أي بناء على ما نرتضيه ونراه فالقول بمعنى الرأى
قوله (لاغناء قيد الحيثية) علة لقوله سابقا أسقط واعترض بأن اعتبار قيد الحيثية في تعريف المجاز غير صحيح كما ذكره السعد والسيد إذ يصير المعنى عليه الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له من حيث انه غير ما وضعت له وهذا فاسد لان استعمال الكلمة في غير ما وضعت له ليس من حيث مغايرته لما وضعت له إذ المغايرة لا تصلح علة للاستعمال بل من حيث ان بينها وبين ما وضعت له علاقة وارتباطا وما تحمل به المحشى من أن المفهوم من اعتبار قيد الحيثية إنما هو ملاحظة المغامرة عند الاستعمال وانه لا شك في صحة ذلك ممنوع إذا المفهوم منه ليس مجرد ملاحظتها بل جعلها علة الاستعمال لأن الظاهر ان الحيثية للتعليل بقرينة انها في تعريف الحقيقة كذلك ولئن سلم ذلك فملاحظة المغايرة غير شرط في استعمال المجاز إنما الشرط ملاحظة كون الغير مشابها أو سببا أو مسببا مثلا وان كانت المغايرة حاصلة ولا بد اذ فرق بين حصول التي غير ملحوظ وحصوله ملحوظا ولئن سلم صحة اعتبار قيد الحيثية نقول لا حاجة إليه مع وجود القيد الصريح المغنى عنه في التعريف أعنى قوله لعلاقة مع قرينة وكيف ينسب الاخراج إلى قيد مشعور به دون القيد الصريح اللهم إلا أن ملاحظ قيد الحيثية مقدما على قوله لعلاقة مع قرينة فلهذا نسب الاخراج إلى المقدم أقول إنما يعنى قيد الحيثية أو قيد لعلاقة مع قرينة عن قيد في اصطلاح التخاطب في الاخراج لا في الإدخال لا في أصله إذا اعتبر العموم في ما ولا في التنصيص عليه إذا لم يعتبر فتنبه
قوله (عنه) متعلق باغناء
قوله (لعلاقة) متعلق بالمستعملة أي لعلاقة من العلاقات المسموع اعتبارها من البلغاء والشرط سماع النوع كمطلق السبب في مطلق المسبب لا سماع الشخص كهذا السبب في هذا المسبب ويشترط ملاحظتها كما يدل عليه لام التعليل فلو استعمل اللفظ بدون ملاحظتها كان غلطا كما في المحشى وباعتبار الملاحظة في العلاقة خرج العلم المنقول لأنه وان كان فيه علاقة إلا أنها غير ملاحظة والعلاقة في الأصل ما يعلق الشيء بغير كعلاقة السوط سمي بذلك علاقة المجاز التي هي مناسبة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازى ينتقل بسببها الذهن من المعنى الأول إلى الثاني لأنها تعلق المجاز بحمل الحقيقة أي تربطه به وهي شرط للمجاز وكذا القرينة وكما تعتبر العلاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي تعتبر بين معنىيين مجازيين كما في المجاز عن المجاز كما في قوله تعالى ولكن لا تواعدوهن سرا فإنه تجوز عن الوطء بالسر لكونه لا يقع غالبا إلا في السر وتجوز بالوطء عن العقد لأنه مسبب عنه فعلاقة التجوز الأول اللازمية والثاني المسببية والمعنى لا تواعدوهن عقد نكاح وقد حققنا في رسالتنا البيانية العلاقات المعتبرة وشروطها وأمثلتها بما لا مزيد عليه فراجعها تظفر بما فوق المراد. واعلم ان المجاز بالحذف والزيادة ليس من المجاز بمعنى اللفظ المستعمل إلخ بل هو بمعنى مطلق التوسع والتسمح فاللفظ فيه ما حقيقة أما في الحذف فظاهر وأما في الزيادة فلان الزائد موضوع لمعنى التأكيد في التركيب الخاص وان كان لغيره في غيره مثلا من إذا وقعت قبل نكرة عامة كانت لتاكيد عمومها وضعا وقس على ذلك نقله الغنيمي عن الكمال بن الهمام
قوله (هي بالفتح اتخ) وفى الاساس عكس ما في الصحاح فيؤخذ بالتصيد من القولين جواز الوجهين في كل من الحسية والمعنوية وبه صرح ابن قاسم وغيره
قوله (قال في الصحاح) ساقه دليلا على ما قاله وهو بفتح الصاد بمعنى الصحيح وأما قراءته بالكسر فمنازع فيها من جهة الرواية
قوله (ونحوها) بالجر عطفا على السوط والتأنيث باعتبار انه آلة وبالرفع عطفا على علاقة السوط فالتانيث ظاهر
قوله (علاقة الحب) أي ونحوه من الأمور المعنوية كما في كلام غيره ففي العبارة اكتفاء فتم استدلال الشارح وإلاضافة في علاقة الحب للبيان بدليل قول صاحب القاموس العلاقة الحب اللازم للقاب الخ
قوله (فانه) تعليل للاحترار عنه وقد اعترض هنا بما لا ينبغى أن يسطر
قوله (ليس بحقيقة) ذكره انتفاء كون الغلط حقيقة زيادة فائدة وإلا فهو ليس بمحتاج إليه هنا إذ القصد إخراجه من المجاز وإنما لم يكن حقيقة لعدم استعماله فيما وضع له ولا مجازا لعدم العلاقة وإنما لم يخرج الغلط بقوله المستعملة إذ الاستعمال إطلاق اللفظ وارادة المعنى ولا إرادة في الغلط لذلك المعنى من اللفظ لأن المراد بالغلط ما يشمل ما يكون خطأ لسانيا عن سهو كمثال الشارح وما يكون خطأ لسانيا عن قصد وعلم بأنه مخطى بأن يقصد استعمال لفظة في غير ما وضعت له لا لعلاقة مع علمه بأنه مخطئ وما يكون خطأ اعتقاديا أي مبنيا على اعتقاد فاسد كان اعتقد أن الفرس جمل فعبر عنها بالجمل من غير أن يكون هناك اصطلاح ولا قرينة وهذان القسمان لا يخرجان بقوله المستعملة بل بقوله لعلاقة كما لا يخفى فهما أيضا ليسا من الحقيقة ولا المجاز كما ذكرهم غير واحد لكن نقل ابن قاسم عن بعضهم كما في المجدولى أنه ينبغي أن لا يخرج لغلط الناشئ عن فساد الاعتقاد عن الحقيقة والمجاز لأنه إنما استعمله في الموضوع له او في غير الموضوع له على وجه صحيح في اعتقاده فمن أشار إلى كتاب بهذا الفرس لاعتقاده أن اسمه فرس إنما استعمله في معناه الموضوع له في اعتقاده وان كان مخطئا في اعتقاده ومن أشار إلى كتاب بهذا الأسد لاعتقاده أنه رجل شجاع إنما استعمله في معناه المجازي في اعتقاده وان كان مخطئا في اعتقاده اهـ ويؤخذ منه حقيقية الصورة التي توقف الغنيمي في كونها حقيقة أو لا حيث قال بقى من صور الغلط مالو قال خذ هذا الفرس مشيرا إلى فرس أخرى غير الفرس التي أراد الأمر باخذها لظنه أنها هي فهل هو حقيقة أو مجاز حرره اه وبقى أيضا من صور الغلط اللساني ما إذا أراد استعمال الأسد في الرجل الشجاع فقال الرجل الشجاع سهوا قال المحشى فهو ليس بحقيقة ولا مجاز مع أن التعريف المتعارف بينهم للحقيقة صادق عليه اذ هو كملة مستعملة فيما وضعت له في اصطلاح التخاطب إلا أن يعتبر في التعريف الحيثية مع اعتبار قيد في اصطلاح التخاطب اهـ أقول يصح إخراجه التعريف بقيد المستعملة لأن المتبادر منه المستعملة قصدا قال الشارح في الاطول لا يخفى أن اللغط المستعمل فيما وضع له غلطا أيضا ينبغي أن يخرج عن التعريف أي تعريف الحقيقة كان يتلفظ بالإنسان موضع البشر غلطا فإنه ليس حقيقة إذ لا اعتداد بالاستعمال من غير شعور فينبغي أن يراد بالمستعملة المستعملة قصدا كما هو المتبادر من الافعال الاختيارية اه لكن على هذا يكون خروج الغلط اللساني الصادر عن سهو بقيد المستعملة فافهم
قوله (سهوا) إنما قال سهوا مع خروج القول المذكور عن التعريف ودخوله في الغلط ولو عمدا كما علم مما أسلفناه لأنه لم يتحقق صدور مثله عمدا عن عاقل ومادة النقض التي يحترز عنها في التعاريف ينبغي أن تكون محققة
قوله (ولا يخفى أنه يغنى عنه إلخ) بحث فيه من ثلاثة أوجه الأول أن مرضيه اعتبار قيد الحيثية في التعريف قبل قوله لعلاقة وحيث اعتبر قبله فهو المغنى عن قيد العلاقة لا قوله مع قرينة
وأجيب بأن هذا كلام مع القوم الذين ذكروا قيد في اصطلاح التخاطب واستغنوا به عن اعتبار قيد الحيثية كما يدل على ذلك قوله واحترزوا الثاني أن العادة الاعتراض باغناء المتقدم عن المتاخر لا العكس وأجيب بأن مراد الشارح أنه قبل وقوع ذكره مقدما مما يمكن الاستغناء عنه وليس بضرورى في التعريف لاجل الاحتراز عن الغلط ونظر في هذا الجواب بأن فيه دفع اعتراض الشارح لتسليمه عدم الاستغناء عنه بعد ذكره مقدما الثالث أن فائدة هذا القيد لا تنحصر في إخراج الغلط حتى يكون حصوله بغيره مغنيا عنه بالكلية بل من فوائد الدلالة على اشتراط العلاقة في المجاز وأجيب بأن المراد أنه مستغنى عنه في الاخراج المذكور لامطلقا وبهذا يندفع ما يتراءى من التنافي بين كلامه هنا وقوله فيما سياتي بل كل منهما مما يتوقف عليه المجاز فتامل
قوله (ما نصبه إلخ) أي شيء نصبه لفظا أو غيره وتعريفه للقرينة بذلك يقتضى اشتراط ملاحظتها لان النصب فعل اختيارى مسبوق بالقصد والإرادة قال المحشى ولم أر من صرح به اهـ بل في المطول ما قد يقتضى عدم الاشتراط وفي حواشي المجدولي تقوية الاشتراط وقال سبط الناصر الطبلاوي وكونه مرادهم غير بعيد اه وفي رسالة الشنواني على البسملة الجزم بالاشتراط وحيث علمت أن ميل الشارح إلى الاشتراط كما يفصح عنه تعريفه هنا علمت أنه لا يتجه ما أورد عليه من أن بعض صور الغلط معه قرينة تدل على المراد نحو خذ هذا الكتاب مشيرا إلى فرس إذا الإشارة قرينة على المراد وبيان عدم اتجاهه أن القرينة وان وجدت في هذه الصورة هي غير ملحوظة والقرينة المعتبرة ما كانت ملحوظة كما تفيده عبارة الشارح ولهذا قال وليس مع الغلط نصب دال دون أن يقول وليس مع الغلط دال نعم يتجه ما أورده الشيرانيسي وغيره من أن القرينة التي نصبها المتكلم على مقصوده هي القرينة المعينة والماخوذة في تعريف المجاز هي المانعة على ما صرح به المصنف والقرينة المانعة أعم مطلقا ولا يلزم من خروج شيء بالأخص خروجه بالأعم على أن الخروج بالأخص إنما ينفع لو كان الأخص ماخوذا في التعريف مع أن القرينة المعينة ليست ماخوذة في التعريف ويمكن أن يتخلص منه بأن المراد بالقصد في تعريفه عدم إرادة الموضوع له
قوله (نصب دال) بالتركيب الإضافي هذا هو الظاهر كما في يس وغيره وأما احتمال كونه توصيفيا ونصب بمعنى منصوب خلاف الظاهر
قوله (صفة لعلاقة) أي لان الظرف بعد النكرة صفة
قوله (لان القرية ليست من توابع العلاقة) اعترض بأنه يقتضى ان مدخول مع تابع وهو خلاف ما قرروه من أن مدخولها متبوع ولهذا يقال جاء فلان مع الامير ولا يقال جاء الامير مع فلان وفي بعض حواشي المطول أن دخولها على المتبوع غالب ودخولها على التابع نادر ودفع بامور الأول أن انفهام تبعية القرينة واصالة العلاقة من خصوص المقام حيث جعل علة استعمال اللفظ في غير ما وضع له العلاقة كما تفيده اللام ووصفها بمقارنة القرينة تدل على متبوعية العلاقة وتبعية القرينة ورد بان اللام تدل على علية العلاقة ومع تدل على متبوعية القرينة في العلية فلم يثمر هذا التوجيه إلا تبعية العلاقة للقرينة في العلية والثاني أنه رتب انفهام تبعية القرينة على كون قوله مع قرينة صفة العلاقة والصفة مادل على معنى في متبوعه ففهم منه متبوعية العلاقة وتبعية القرينة ورد بان الدال على معنى في متبوعه مع لا قرينة لأن الواقع صفة مع فالمعية هي التابعة لا القرينة، الثالث وهو أحسنها أن في كلام الشارح في نفيا محذوفا لعلمه من قوله بل كل منهما إلخ ولعلمه بالأولى من النفي الذي ذكره والتقدير لأن القرينة ليست من توابع العلاقة ولا العلاقة من توابع القرينة بل كل منهما إلخ ويكون الشارح في تبعية القرينة للعلاقة وان كانت لا تفهم من مع باعتبار الغالب فيها لأن مع قد تدخل على التابع فربما يتوهم حمل كلام المصنف على القليل فيها وكان الشارح قال انه لا تبعية ولا متبوعية بين العلاقة والقرينة حتى يؤتى بمع المقتضية التبعية أحد مصحوبيها ومتبوعية الاخر فان قلت مقتضى ماذكر فساد التعبير بمع هنا وقول الشارح الأولى يشعر بثبوت صحة التعبير مع قلت قد يراد مع مجرها المصاحبة كما في الغنيمي نقلا عن السيد فتعبيره بالأولى لامكان الجواب بذاك
قوله (حالا من المستكن في المستعملة) أي فلا تدل إلا على تبعية الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له للقرينة وهي صحيحة ولا تدل على تبعية العلاقة للقرينة ولا العكس وللمحشى هنا كلام مبنى على أن مدخول مع تابع وقد علت ما فيه ولك أيضا أن تجعله حالا من غير
قوله (والقرينة ما) أي منصوب للمتكلم مقالا او حالا ليوافق ما قدمه وقوله عن المراد أي من لفظ آخر وهو اللفظ المجازى وقوله لا بالوضع أي المراد أي من غير أن يوضع هذا المفصح لذلك المراد من اللفظ الآخر كيرمى في قولنا رأيت أسدا يرمى فإنه قرينة دالة على أن المراد من الأسد الرجل الشجاع من غير أن يوضع برمى للرجل الشجاع وبهذا البيان اندفع الاعتراض بصدق التعريف على المجاز ووجـه اندفاعه أنه يفصح عن المراد منه نفسه لا المراد من غيره
قوله (مانعة عن إرادته) أي إرادة ما وضعت له اما القرينة المعينة المراد فليست بشرط في صحة المجاز بل في حسنه وقبوله عند البلغاء حتى إذا فقدت كان غير حسن الا أن يتعلق بعدم ذكرها غرض كاذهاب نفس السامع كل مذهب ممكن في المقام
قوله (أخرج به) أي قيد مانعة إلخ وقوله وان كانت الواو للمحال وان زائدة وقوله لكنها ليست إلخ خبر ان في قوله لانها وهو على حذف مضاف أي لكن قرينتها ليست إلخ أو لكنها ليست قرينتها بمانعة إلخ ولا وقع للسكن على هذا وقيل خبر ان محذوف أي لانها في حال كونها مع قرينة تشبه المجاز لكن قرينتها ليست بمانعة ولكن على هذا في محلها
قوله (لان الفرق بينها إلخ) قال البهوتى قال شيخنا تعليل لمحذوف أي وإنما كانت قرينة الكناية ليست بمانعة وقرينة المجاز مانعة لأن الفرق أي لفرقهم
قوله (صحة إرادة المعنى الحقيقي) انما عبر بالصحة ولم يقتصر على إرادة المعنى الحقيقي لأن الحقيقي قد لا يراد بل هو الغالب فإن قلت قد لا يصح إرادة الحقيقي لاستحالته كما في قوله تعالى ليس كمثله شي فإنه كناية عن نفي المثل مع أنه لا يصح إرادة نقي مثل المثل لاقتضائه وجود المثل وهو محال قلت المانع هنا أمر خارج والمقصود أن الكناية يصح فيها إرادة المعنى الحقيقي بالنظر إلى كونها كناية مع قطع النظر عن المانع الخارجي وقد بسطنا الكلام على ذلك في رسالتنا البيانية
قوله (كذا قالوا برمتهم) الضمير يرجع إلى الشارحين لهذا التعريف لا إلى جميع علماء البيان لما ستعرفه من أن اخراج الكناية بهذا التعريف مبنى على مذهب من يجمالها واسطة بين الحقيقة والمجاز وقوله برمتهم أي بجملتهم والرمة بالضم وتكسر فى الأصل قطعة حبل والأصل في استعمالها بمعنى الجملة أن رجلا دفع إلى آخر بعيرا بحبل في عنقه فقيل له أعطى البعير برمته ثم قيل لكل من دفع شيأ الي اخر اعطاه برمته كذا فى الصحاح وأورد على الشارح ان الأمثال لا تغير وهو قد غير المثل فإن المثل أعطاه برمته لا قالوا برمتهم وأقول لم يرد الشارح المثل وإنما أراد اتباع المثل في استعمال الرمة بمعنى الجملة
قوله (وفيه بحث) قال الشيخ يس اعلم ان جعل هذا القيد لإخراج الكناية مبنى على أن الكناية لا حقيقة ولا مجاز اذ من يقول انها حقيقة وان اللفظ فيها مستعمل فيما وضع له لكن لينتقل منه إلى لازمه بحيث يكون هذا اللازم مناط الصدق والكذب يخرجها بقوله المستعملة في غير ما وضعت له كما لا يخفى ومن يقول أنها مجاز لا يصح ان يخرجها من تعريف المجاز وإلا لم يكن تعريفه جامع او تسميتها كناية لا بعد فيه إذ لا مانع من شيوع بعض أقسام الشيء باسم خاص كالتغليب والمشاكلة فإنهما من المجاز المرسل كما حققنا كلا في رسالة خاصة وغلبت عليهما التسمية بهذين الاسمين الخاصين ولا فرق على هذا بينها وبين بقية أقسام المجاز في عدم جواز إرادة المعنى الحقيقي فيها عند القائل بذلك في المجاز كاهل البيان وإنما ذلك عند من يقول بالواسطة وإلى هذا يشير قول الاتقان بعد أن حكى فيها قولى الحقيقة والمجاز الثالث انها لا حقيقة ولا مجاز وإليه ذهب صاحب التلخيص لمنعه في المجاز ان يراد المعنى الحقيقي مع المجازى وتجويزه ذلك فيها اه وإذا علمت ذلك ظهر لك بحث الشارح لانه مع القائل بالواسطة المخرج للكنابة بهذا القيد وحاصل البحث انه إن أريد مانعة عن إرادة الموضوع له بالذات بحيث يكون مناط الصدق والكذب فتلك موجودة في الكناية أيضا وان أريد مانعة عن إرادته مطلقا فهذه غير موجودة في شيء من أفراد المجاز فاللازم اما كون التعريف غير مانع أو غير جامع لشيء من أفراد المحدود اهـ ببعض ايضاح والجواب ان يقال ان أراد الشارح بارادة المعنى الحقيقي مع المجازى للانتقال حضوره في الذهن وتصوره فلا بدع في ذلك لكن ليس هذا معنى إرادته مع الكنائى بل الإخبار بوجوده مع الكنائى وإن لم يكن الحقيقي مقصود بالذات وان أراد ان الحقيقي يكون مخبرا به لا لذاته مع المجازى حتى يكون معنى قول القائل رأيت أسدا یرمی انه رأى الأسد والرجل فهو باطل فإن يرمي يمنع ذلك فاصل الجواب ان المراد بارادة الحقيقي المنوعة في لمجاز إرادته من اللفظ بحيث يكون مخبرا بوجوده مع المجازى وهذه الإرادة غير ممنوعة في الكناية فثبت الفرق
قوله (لا لذاته بل ليتوسل إلخ) استفيد من كلام الشارح دفع الاعتراض بلزوم الجمع بين الحقيقة والمجاز في الكناية والجمهور على منع الجمع بينهما وحاصل الدفع ان الذي منعه الجمهور الجمع بينهما على أن يكونا مقصودين بالذات أما على أن يكون أحدهما مقصودا بالذات والآخر وسيلة إليه كما في الكناية فلا ولو قال الشارح بل لينتقل منه إلى المراد لكان أخصر وأظهر
قوله (إلى الانتقال إلى المراد) قال الغنيمي هذا إنما يظهر بناء على أن الكناية من أقسام الحقيقة وانها مستعملة في الملزوم الذي هو المعنى الحقيقي لينتقل منه إلى لازمه مثل طويل النجاد مستعمل في معناه لكن لا ليتعلق به الاثبات والنفي ويرجع إليه الصدق والكذب بل لينتقل منه إلى لازمه فيصح الكلام وإن لم يكن له نجاد بل وان استحال المعنى الحقيقي ولا يلزم الكذب لأن استعمال اللفظ في معناه الحقيقي وطلب دلالته عليه إنما هو لقصد الانتقال منه إلى لازمه كذا في التلويح وعلى هذا فالفرق بينها وبين المجاز في غاية الظهور اهـ وقد علمت أن بحث الشارح انها هو على القول بأنها واسطة وفي كلام الشارح تخليط
قوله (لذاته) متعلق بارادة
قوله (وهي) أي القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له لذاته وقوله إرادة أي مسبب إرادة أو دال إرادة إذ لا يصح كون القرينة هذه الإرادة لأنها أمر خفى لا يصلح للدلالة على المراد وقوله بقرينة معينة الباء اما لملابسة من ملابسة الاعم للاخص أو للتصوير من تصوير الكلي بالجزئى كذا قيل قال بعضهم وهو مبنى على ما عهد في قرينة المجاز من استلزام المعينة اللازمة مع ان قرينة الكناية المعينة لا تمنع من إرادة الغير تبعا عند من يجعل الكناية واسطة وأقول المراد بالقرينة المانعة في الكناية القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له لذاته كما صرح به الشارح وهذه لازمة للمعينة وقد اعترض على الشارح بأن كلامه يقتضى أنه لا بد في الكناية من قرينة معينة فلا تكون كالمجاز في عدم اشتراط المعينة ولم يفرقوا بينهما في ذلك واجيب بأن الكلام مفروض فيها على الوجه المقبول عند البلغاء لا مطلقا وهذا يتوقف على وجود المعينة وأقول يمكن أن يجاب أيضا بأن مراده التعيين ولو بحسب النوع أعنى نوع المعنى المراد
قوله (اذ لا يراد إلخ) تعليل لقوله ففيها القرينة المانعة وقوله الموضوع له نائب فاعل يراد وقوله وغير الموضوع له أي لذاته ففي كلامه اكتفاء والمراد لا يرادان معا في آن واحد وما قاله مبنى على أن اللفظ لا يستعمل في حقيقته ومجازه وهو قول الاكثر وذهب كثير منهم امامنا الشافعي رضى الله تعالى عنه إلى جواز استعماله فيهما والتحقيق ان اللفظ حينئذ حقيقة باعتبار ومجاز باعتبار فإن قلت يشكل على هذا المذهب اشتراط القرينة المانعة من إرادة الموضوع له في المجاز قلت أجيب بوجهين الأول أن اشتراط القرينة المانعة في المجاز مذهب البيانيين لا الاصوليين كالشافعي وموافقيه الثاني ان المراد بمنع القرينة عن إرادة الموضوع له منعها عن إرادته فقط فلا ينافي عدم منعها عن إرادته مع المعنى المجازى أقول الفرق على هذا بين المجاز والكناية صحة إرادة المعنيين لذاتهما في المجاز دون الكناية لأن أحدهما فيها مراد لذاته والآخر مراد لا لذاته فتــدبر
قوله (ولكن ليس إلخ) قال المحشى استدراك على قوله ففيها القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له لذاته دفع توهم أن يكون فيها عدم إرادته مطلقا اهـ قال يس وهو المتبادر من دخول هذا الكلام تحت قوله وفيه بحث وفهم بعض الأفاضل انه استدراك على قول المصنف مانعة عن إرادته اهـ أقول أما ما فهمه بعض الأفاضل فلا يخفى بعده وأما ما قاله المحشى من أنه لدفع توهم أن يكون فيها عدم إرادته مطلقا فيرد عليه أنه لا مجال لهذا التوهم مع تقييد الشارح منع قرينة الكناية عن إرادة الموضوع له بقوله لذاته فالأولى جعل لكن للتاكيد أو للاستدراك الصورى وذكر ضمير ليس مع عوده إلى القرينة لتاولها بالمذكور أو الدليل مثلا وقوله عدم إرادته أي الموضوع له وقوله مطلقا أي لذاته واللانتقال وقوله إذ يجوز إرادته علة للنفى قبله
قوله (فما من إلخ) ما نافية ومن زائدة ويمكن إلخ صفة للفظ والخبر محذوف أي فما هناك لفظ أو الخبر قوله يمكن وهذا تعليل لمحذوف تقديره وعدم القرينة المانعة عن إرادته مطلقا في الكناية لايصلح للفرق بين المجاز والكناية اذ ما من لفظ يمكن أن يثبت معه قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له مطلقاً حقيقة أو مجازاً أو كناية أما الحقيقة فظاهر وأما الكناية فلما علمت وأما المجاز فلان كل مجاز الخ فقوله إذ كل مجاز إلخ علة للنفى المذكور بالنسبة إلى المجاز
قوله (ليس فيه) أي من القرائن اللفظية فلا ينافي ان الحال أيضا قرينة مانعة عن إرادة الموضوع له لذاته أو يقال الحصر إضافي أي بالإضافة والنسبة إلى ما يمنع عن إرادته مطلقا
قوله (فلا يثبت المجاز إلخ) أي لاستوائهما حينئذ في ان القرينة فيهما إنما منعت من إرادة الموضوع له لذاته ولم تمنع عن إرادته للانتقال واعلم انه يوجد في بعض النسخ بعد قوله في شيء من الاستعملات مانصه ويمكن أن يجاب عنه بأن صحة إرادة الموضوع له للانتقال معناها أن يكون الموضوع له متحققا وتكون إرادته للانتقال ففي جاءني أسد يرمى ليس اتيان الأسد متحققا بخلاف جبان الكاب فإن جبن الكلب موجود فيصح أن يراد للانتقال إلى المضيافية اهـ قال يس وقضيته ان معنى المنع عن إرادة الموضوع له في المجاز أن لا يكون الموضوع له متحققا وفيه نظر أما أولا فلانه يلزم صرف اللفظ عن المعنى المتبادر وهو غير جائز في التعريفات وأما ثانيا فلانه يلزم انحصار القرينة المانعة عن إرادة الموضوع له في الحالية وهو في غاية البعد مخالف للاجماع وأما ثالثا فلانه يلزم عليه أن الاتيان لو كان متحققا في جاءني أسد يرمى لم يكن مجازا وليس كذلك اهـ مع بعض تغيير وقال الوسطانى في هذا الفرق نظر ظاهر اذ صرحوا بجواز الكناية عند فقدان المعنى الموضوع له كما ذكر المحقق التفتازانى صحة قولنا فلان طويل النجاد وإن لم يكن له نجاد قط وقولنا فلان جبان الكلب ومهزول الفصيل وإن لم يكن له كلب ولا فصيل بل مع امتناعه كما في قوله تعالى بل يداه مبسوطتان والرحمن على العرش استوى كنايتان عن الجود والملك وأيضا وجود المعنى الموضوع له لا ينافي المجاز لا سيما عند استعمال الجزء في الكل واللازم في الملزوم كما تقول وحياة رأس زيد وتريد نفسه ورأيت الشمس تتلألأ وتريد ضوءها ودعوى كون أمثال هذه الأمثلة مصنوعة لم توجد في اللغة أو انها كناية باطلة غير مسموعة ويمكن أن يقال المراد بالوجود والإرادة أي وجود الموضوع له وإرادته للانتقال في الكناية هما بالفعل في أصل الاستعمال وبالجملة لا في كل مواد الاستعمال وليس شيء من ذلك بمعتبر في المجاز اهـ هذا وقال في التلويح ميل صاحب الكشاف إلى أنه يشترط في الكناية امكان المعنى الحقيقي لأنه ذكر في قوله تعالى ولا ينظر إليهم يوم القيامة أنه مجاز عن الاستهانة والسخط فإن النظر إلى فلان بمعنى الاعتداد به وإلاحسان إليه كناية إذا أسند الي من يجوز عليه النظر ومجاز إذا أسند إلى من لا يجوز عليه اهـ وقال السيد في حواشي المطول اعلم ان استعمال بسط اليد في الجود بالنظر الي من يجوز أن يكون له يد سواء وجدت وصحت او شلت أو قطعت أو فقدت لنقصان في أصل الخلقة كناية محضة بجواز إرادة المعنى الأصلى في الجملة وبالنظر إلى من تنزه عن اليد كقوله تعالى بل يداه مبسوطتان مجاز متفرع عن الكناية لامتناع تلك الإرادة فقد استعمل بطريق الكناية هناك كثيرا حتى صار بحيث يفهم منه الجود من غير أن يتصور يد أو بسط ثم استعمل هنا مجازا في معنى الجود وقس على ذلك نظائره كما في قوله تعالى على العرش استوى وقوله تعالى لا ينظر إليهم فإن الاستواء على العرش أي الجلوس عليه فيمن يجوز منه ذلك كناية محضة عن الملك وفيمن لا يجوز عليه مجاز متفرع من الكناية وكذا عدم النظر فيمن يجوز منه النظر كناية محضة عن عدم إلاعتداد وفيمن لا يجوز منه مجاز متفرع عن الكناية هكذا حقق الكلام في الكشاف ولا يخفى أن ظاهر جواب الشارح مخالف لهذا أيضا على أنه لا يلايم بحثه لأنه مع من يجعل الكناية واسطة وجوابه إنما يناسب القول بأنها حقيقة وان الموضوع له مراد للانتقال فتنبه
قوله (ان كانت علاقته إلخ) تقسيم المجاز المفرد الي مرسل واستعارة باعتبار أحد إطلاقي الاستعارة وهو اطلاقها على لفظ المشبه به المستعمل في المشبه أما على الإطلاق الثاني وهو اطلاقها على استعمال لفظ المشبه به في المشبه فالاستعارة ليست من أقسام المجاز بل هى فعل من الافعال ومن هذا يظهر ان الاستعارة المكنية والاستعارة التخييلية لا تندرجان عند الخطيب في المجاز لانهما أيضا عنده فعلان وان التخييلية لا تندرج عند السلف فيه لأنها عندهم فعل فيكون إطلاق الاستعارة على ماذكر من قبيل الاشتراك اللفظى فاعرفه
قوله (المقصودة) انفهام قيد المقصودة من جهة ان الاضافة في قوله علاقه عهدية مشار بها إلى العلاقة المعتبرة في التعريف وقد فهم من التعريف انها مقصودة ملحوظة لأن استعمال الكلمة في غير ما وضعت له لاجلها ومن هنا يفهم ان مادة المجاز المرسل قد تتحقق فيها علاقة المشابهة إلا انها غير مقصودة فلهذا جعلت مجازا مرسلا وان مادة الاستعارة قد تتحقق فيها علاقة غير المشابهة إلا انها غير مقصودة فلهذا جعلت استعارة فمدار الفرق حينئذ بين المجاز المرسل والاستعارة على العلاقة المقصودة فاذا لم يعلم مقصود المتكلم حمل الكلام على الاقوى فتقدم الاستعارة على المجاز المرسل لأنها ابلاغ منه وتقدم المجاز المرسل لعلاقة السببية مثلا على المجاز المرسل لعلاقة المسبية لأن دلالة السبب على المسبب أقوى من العكس لاستلزام السبب المعين مسببا معينا بخلاف المسبب المعين فإنه لا يستلزم إلا سببا ما وعلى هذا فقس مثال اجتماع علاقة المشابهة وغيرها قولك نطقت الحال وتقريره واضح
قوله (غير المشابهة) قيل الأولى أن يقول ان كانت علاقته المشابهة فاستمارة وإلا فمجاز مرسل بتقديم الاستعارة التي هي مقصود الكتاب وأيضا الإثبات مقدم على النفى وأيضا المناسب تقديم الأقل على الأكثر ليتفرغ إلى الأكثر ولاشك ان علاقة الاستعارة واحدة وهي المشابهة في المعنى حقيقة كانت أو تنزيلية أو في الشكل كما سيأتي وعلاقات المجاز المرسل كثيرة وبجاب بأنه إنما قدم المجاز المرسل في العبارة لأنه ليس قصده الكلام عليه وإنما ذكره لضرورة التقسيم فقصد أن يذكره إجمالا أولا ليطرحه ثم يتفرغ بعد طرحه لما هو بصدده وصنف الكتاب لاجله وبانه إنما قدمه ليكون ما يتعلق بالاستعارة متصلا بعضه بعض غير مفصول بينه باجنبي وهو المجاز المرسل
قوله (سمي مرسلا) أي مجازا مرسلا لكن لما كان المطلوب تعليل الجزء الثاني من جزأى الاسم اقتصر عليه فحيصل الجواب عن الاعتراض بأن الاسم مجاز مرسل لا مرسل فقط على أنه قد يمنع عدم تسميته بالمرسل فقط فتامل
قوله (لعدم تقييده بعلاقة واحدة) فهو من الإرسال بمعنى الإطلاق وقيل إنما سمی مرسلا لأنه أرسل عن المبالغة بالنسبة إلى الاستعارة ورجح هذا عن تعليل الشارح بأن تعليل الشارح إنما يجرى في الأمر الكلي لا في كل فرد منه لتقييد كل فرد منه بعلاقة واحدة
قوله (وإلا) أي وان لم تكن علاقته غير المشابهة بأن كانت المشابهة أعم من أن تكون في المعنى حقيقية أو تنزيلية أو في الشكل فالمشابهة الحقيقية في المعنى نحو رایت أسدا يرمى أي رجلا شجاعا والمشابهة التنزيلية فيه نحو رايت أسدا أي رجلا جبانا ورأيت كافورا أي رجلا زنجيا نزل التضاد منزلة التناسب تهكما واستهزاء كما في المثال الأول أو مطايبة واستملاها أي اتيانا بما فيه ملاحة وظرافة كما في الثاني وشبه أحد الضدين بالآخر بناء على ذلك التضاد المنزل منزلة التناسب واستعير لفظ المشبه به للمشبة والمشابهة في الشكل نحو رأيت فرسا أي مثالا على شكل الفرس وصورته كذا في البحر المحيط للزركشى وفي تعريب الرسالة
قوله (المشهور إلخ) حاصله مناقشة مع المصنف من وجهين الأول انه ذكر قيدا لم يذكره القوم والأولى متابعتهم وما قيل من أنه موجود في كلام العضد مردود بأن الذي في كلام العضد التقييد به في تقسيم الاستعارة إلى المصرحة وغيرها لا في تقسيم المجاز إلى مرسل وغيره الثاني أن هذا القيد مناف لما سياتي من أن الاستعارة المكنية على مذهب صاحب الكشاف والسلف الذي اختاره المصنف المشبه به إلى آخره أي لفظ المشبه به وأجيب عن الثاني بأمور الأول منع المنافاة لأنها مبنية على أمرين كون المصنف قائلا بما قال به صاحب الكشاف والسلف ولا قاطع عليه وأما قوله فيما ياتي وهو المختار فيحتمل ان معناه وهو المختار عند المتاخرين وكون الاستعارة بالكناية عندهم لفظ المشبه به المضمر في النفس لا نفس المعنى المشبه به ولا قاطع عليه أيضا إذ يحتمل أنها عندهم نفس المعنى المشبه به كما هو المتبادر من أنها المشبه به المضمر في النفس لأن الأول يحوج إلى تقدير مضاف في العبارة كماعات ولا ينافي ذلك قوله المستعمل في المشبه لأنه يجوز أن يكون المستعمل صفة جرت على غير من هى له أي المستعمل داله في المشبه أو صفة المشبه به باعتبار اطلاقه على اللفظ بعد اطلاقه أولا على المعنى على طريق الاستخدام كذا قال الغنيمي أقول يرده تصريح المصنف فيما ياتي عند نقله مذهب صاحب الكشاف والسلف بذلك المضاف حيث قال ذهب السلف إلى أن الاستعارة بالكناية لفظ المشبه به إلخ ثم قال وإليه ذهب صاحب الكشاف وهو المختار الثاني إنما قيد بالمصرحة لأنها المتفق على كونها مجازا بالمعنى المذكور في المتن بخلاف غيرها من المكنية والتخييلية كما عرفت سابقا الثالث إنما قيد بالمصرحة لأن المقسم الكلمة وقد صرحوا بأن الألفاظ المنوية كلمات حكمية لا حقيقية والاستعارة المكنية على مذهب الجمهور لفظ منوی فتكون كلمة حكمية لا حقيقية فراعى المصنف ذلك وقيد بالمصرحة الرابع إنما قيد بالمصرحة لأن قرينة المكنية اعتبر فيها الدلالة على المشبه به لا مطلق المنع عن إرادة المعنى الحقيقي كما سياتي في قول المتن ودل عليه إلخ وقرينة المصرحة إنما اعتبر فيها المنع فهي المناسبة للتقسيم في هذا المقام لأن المنع هو المعتبر في المقسم وأما الجواب بمنع كون المصنف قيد بالمصرحة لأن في كلامه حذفا والتقدير فمنه استعارة مصرحة فلا ينافي أن يكون ثم غيرها بل يدل حينئذ على أن ثم غيرها فلا يخفى ما فيه
قوله (ان اللفظ) الانسب بكون التقسيم للمجاز المفرد المعرف بالكلمة إلخ أن يقول الكلمة فإن اللفظ يعم المفرد والمركب والمستعمل والمهمل بخلاف الكلمة
قوله (مع أنه إلخ) حال من التقييد
قوله (عند صاحب الكشاف) أي والسلف كما سياتى وإنما خص صاحب الكشاف بالذكر للتنويه بشأن هذا المذهب حيث ذهب إليه صاحب الكشاف ووافق عليه السلف
قوله (المشبة به) أي لفظ المشبة به كما سياتي التصريح به في المتن وقوله المشار إليه أي إلى معناه وقوله المستعمل أي لفظه أي المستعمل في النية والتقدير