المتن
أما بعدُ, فإن معاني الاستعارات وما يتعلق بها قد ذكرت في الكتب مفصّلة عسيرة الضبط، فأردت ذكرها مجملة مضبوطة على وجه نطق به كتب المتقدمين، ودل عليه زبر المتأخرين، فنظمت فرائد عوائد لتحقيق معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها في ثلاثة عقود
الشرح
(أما بعد) (أما) هذه لمجرد التأكيد، لا لتفصيل المجمل مع التأكيد، والأول أيضًا مما أثبته الرضي، وإن كان المشهور هو الثاني، ومن قصر نظرَه على الثاني؛ فقد صار عانيًا لتكلفات لا يجد لها عانيًا.
(فإن معاني الاستعارات) أراد الاستعارة المصرحة، والاستعارة بالكناية، والاستعارة التخييلية، وأراد بقوله: (وما يتعلق بها) أقسام تلك المعاني وقرائنها كما تفصح عنه عبارته فيما بعد، ولا يخفى أن المعاني للفظ الاستعارة لا للاستعارات؛ فلا وجه للجمع، وأنه ليس للاستعارة بالكناية أقسام، وأنه لم يحقق إلا قرينة الاستعارة بالكناية. فتأمل.
(قد ذكرت في الكتب مفصلة عسيرة الضبط) أراد بالكتب: ما يشمل ما عَبَّرَ عنه بالزُّبُرِ فيما بعدُ أيضًا، والأولى: غير مضبوطة لداعي (مضبوطة)، أو مجملة سهلة الضبط، فليُحملْ قولُهُ: (مضبوطة) على سهلة الضبط، ليظهر التعادل.
(فأردت ذكرها مجملة مضبوطة على وجه نطق به كتب المتقدمين) أي: على وجهٍ دلت عليه كتبهم دلالة صريحة على ما يفيده التعبير عن الدلالة بالنطق، (ودل عليه زبر المتأخرين) الزبر على وزن عَلَم: الكلامُ، وعلى وزن عُنُق جمعُ زبور بالفتح، بمعنى: الكتب، والثاني أنسب بالكتب لفظًا ومعنى، وإن كان الأول أعم.
(فنظمت فرائد) جمع فريدة، وهي: الدرة الثمينة التي تحفظ في ظرف على حدة، ولا تخلط باللآلئ لشرفها، وإضافتها إلى (عوائد) من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف، أي: عوائد كالفرائد، ولا يخفى حسن إضافة الفرائد في هذا الكتاب إلى العوائد، ولو قال: فرائد فوائد لكان أحسن.
(لتحقيق معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها) كأنه أدرج الترشيح في القرائن تغليبًا، أو لم يلتفت إليه؛ لأن الاهتمام به دون الاهتمام بما ذكره.
وجعْلُهُ داخلًا في تحقيق أقسام الاستعارة؛ لأنه إنما ذكر لتحقيق الاستعارة المرشحة: يأباه ذكر القرائن مع أن البحث عنها من جملة تحقيق الاستعارة وأقسامها.
(في ثلاثة عقود) لا يخفى حسن نظم الفرائد في العقود، وأن المستفاد منه: أن كل عقد لواحد من تلك الثلاثة، وأنه على الترتيب المذكور، والأول حق دون الثاني.
قوله (أما هذه) أي التي في كلام المصنف وحكم نظائرها الواقعة في ابتداء التأليف يعلم بطريق المقايسة على التي في كلام المصنف أو في الكلام حذف مضاف والتقدير نوع أما هذه أو الإشارة راجعة إلى (أما) لا بقيد كونها في ابتداء هذا التصنيف
قوله (لمجرد التأكيد) أي للتأكيد المجرد عن التفصيل بدليل المقابلة فلا ينافى أنها الفصل الخطاب أيضا، نقل التفتازاني في آخر علم البديع عن ابن الأثير إجماع المحققين من علماء البيان على أن فصل الخطاب هو (أما بعد) لأن المتكلم يفتتح كلامه في كل أمر ذي شأن بذكر الله فإذا أراد أن يخرج إلى غرضه فصل بينه وبين ذكره تعالى بقوله (أما بعد) اهـ
ثم المراد أنها للتأكيد الزائد على التأكيد الحاصل بكون الجملة اسمية فافهم
قوله (لا لتفصيل المجمل مع التأكيد) لم يقل معه مع تقدم المرجع لأن التأكيد المتقدم مقيد بكونه مجردا عن التفصيل فلا يحسن مرجعا لو أضمر هنا كما هو ظاهر ولو قال لا للتأكيد مع التفصيل لكان أنسب بالمقابلة
قوله (والأول أيضا) أي کالثاني أي كما أن الثاني مما أثبته الرضي هذا هو الظاهر
قوله (مما) أي الأمر الذي (أثبته الرضي) وذلك أنه ذكر أنها موضوعة المعنيين لتفصيل المجمل ولاستلزام شيء لشيء وأن هذا المعنى لازم لها في جميع مواقع استعمالها بخلاف معنى التفصيل وأن معنى أما زيد فقائم مهما يقع شيء في الدنيا يقع قيام زيد ففي هـذا تحقيق وقوعه لا محالة لربطه بمقطوع به فهذا المعنى مستلزم للتأكيد كما هو ظاهر فالرضي وإن لم يصرح بالتأكيد هولازم من كلامه هذا أحسن ما وجه به نقل الشارح، واعلم أن معنى قول الرضي موضوعة المعنيين أي لمجموع أمرين أحدهما على الدوام والآخر في بعض المواضع وليس المراد أنها موضوعة لكل واحد منهما على حدة من قبيل الاشتراك اللفظي لأنه يرده ما ذكره من كون أحدهما لازما على الدوام، فإن قلت لأي شيء خص التأكيد ولم يقل أنها لمجرد فصل الخطاب أو لمجرد إفادة معنى الشرط، قلت هو من باب التنبيه على الأمر الخفي لعدم تصريحهم به وإن كان لازما لكلامهم وأما إفادتها فصل الخطاب والشرط من الأمور المشتهرة
قوله (وإن كان) الواو للمحال و(إن) وصلية لاجواب لها على التحقيق لزيادتها
قوله (على الثاني) أي تفصيل المجمل مع التأكيد
قوله (فقد صار عانيا إلخ) مانيا الأول بمعنى أسيرا والثاني بمعنى قاصدا كما بخط الشارح والقصد من المغايرة بينهما تحصيل الجناس وإلا فلوجعل كل بمعنى قاصدا أو أسيرا لصح، ولا يخفي تقرير الاستعارة المصرحة في (عانيا) بمعنى أسيرا بناء على مذهب السعد التفتازاني في نحو زيد أسدا أو المكنية في (التكلفات) وبيان التكلفات أنه يحتاج في كثير من المواضع كأوائل الكتب إلى تكلف تقدير مجمل وإلى تكلف تقدير مقابل لـ(أما) فإن قلت هذان تكلفان لا تكلفات، قلت لعله أراد بالجمع ما فوق الواحد أو الجمع باعتبار كثرة المواد أو التكلف الثالث ارتكاب مخالفة أكثر النحاة أو اعتبار قرينة على المقدرين أو أن تقدير المقابل تكلفان تكلف تقدير العاطف وتكلف تقدير المعطوف
قوله (فإن معاني) الفاء في جواب الشرط لكن جوابه في الحقيقة حذف وأبقى معموله أي فأقول إن إلخ وإنما قدرنا ذلك لأن جواب الشرط لا يكون إلا مستقبلا وذكر معاني الاستعارات وما يتعلق بها في الكتب ماض ولأن ذكرها في الكتب أمر ثابت حمد أو لم يحمد فلا معنى لتقييده بكونه بعد الحمد في هذا المتن بناء على المختار من تعليق الظرف بالجزاء لكن يعكر على التقدير تصريح الأشموني في قول ابن مالك:
وحذف ذي الفا قَلَّ في نثر إلخ
بوجوب حذف الفاء مع حذف القول
أقول في حواشي الفاضل الروداني على التصريح أنه إنما يحتاج إلى ما ذكر لو كان الشرط هنا للتعليق لكن قد مر أنه لمجرد الاستلزام والربط ولو سلم فالتعليق قد يكون في الاستقبال وقد يكون في المضي كما في شرط (لو) فليكن هذا منه اهـ
وبهذا يندفع الاعتراض بعدم استقبال الجزاء إذا لم يقدر القول دون الاعتراض بأنه لا معنى لتقييد الجزاء كونه بعد الحمد في هذا المتن بناء على المختار من تعليق الظرف بالجزاء وحينئذ يحتاج لأجل دفع هذا إلى التقدير على ما فيه أما على تعليقه فعل الشرط فلا يرد هذا أصلا فافهم وأما الفاء الآتية في قوله (فأردت فهي سيدة أي مشعرة بتسبب ما بعدها عما قبلها ومنهم من جعل (أن) هذا بفتح الهمزة وقدر لام التعليل قبلها وجعل الفاء في (فأردت) زائدة والجواب أردت والكلام من تقديم العلة على المعلول
أقول هذا وإن كان فيه من التكلف ما لا يخفى إلا أن له فائدة وهي دفع الاعتراضين السابقين بضميمة جعل (أردت) بمعنى أريد لكن هذا إنما يتم إن كانت الخطبة متقدمة على التأليف والمتبادر من عبارة المصنف خلافه
لا يقال يكفي في دفع الاعتراضين جعل الفاء في (فإن) تعليلية وفي (فأردت) فاء جواب الشرط كما ذكره بعضهم مع جعل أردت بمعنى أريد فتكون العلة متقدمة على المعلول ولا حاجة إلى فتح همزة (إن) ولا تقدير اللام قبلها ولا جعل الفاء في (فأردت) زائدة لأنا نقول يرد (على) هذا أنه يلزم عليه عدم اقتران تلوتلو (أما) بفاء الجواب مع أنه واجب كما قال ابن مالك:
وفا*** لتلوتلوها وجوبا ألفا، فتدبر
قوله (أراد) أي بمعاني الاستعارات كما يدل عليه كلامه في الاعتراض الآتي لا بالاستعارات العدم ملايمته لما يأتي
قوله (كما تفصح إلخ) الكاف تعليلية و(ما) مصدرية وضمير (عنه) يرجع إلى المراد المفهوم من (أراد) أي لإفصاح عبارته عنه إلخ هذا هو المتجه وأما جعل (ما) غير مصدرية وضمير (عنه) يرجع إليها فيحوج إلى تكلف يخلص من تعليل الشيء بنفسه، وأراد بعبارته فيما بعد قوله لتحقيق إلخ
قوله (للفظ الاستعارة) أي لكونه مشتركا لفظيا فله معان متعددة بأوضاع متعددة ولوقال بلفظ استعارة بدون (أل) لكان أحسن
قوله (وأنه ليس للاستعارة بالكناية أقسام) اعترض بأنها تنقسم كالمصرحة إلى مرشحة ومجردة ومطلقة كما أشار إليه المصنف فيما سيأتي وأجيب بأن مراد الشارح أنه لا أقسام لها مذكورة في كتب القوم فإن كلام المصنف الآن في بيان ماذكر في كتب القوم، واعترض أيضا بأنه كما لا أقسام للمكنية على ما قاله لا أقسام للتخييلية فلم ترك التنبيه على ذلك وأجيب بأن في كلامه حذف العاطف والمعطوف والأصل وأنه ليس للاستعارة بالكناية والتخيلية أقسام وإنما لم يصرح بذلك لأنها قرينة للمكنية وتابعة لها واعترض أيضا بأن اعتراضه الثاني واعتراضه الثالث إنما يردان على قول المصنف (لتحقيق معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها) فالشارح ذكرهما في غير محلهما أقول لا يرد هذا الاعتراض مع تفسير الشارح ما يتعلق بمعاني الاستعارات بأقسامها وقرائنها ومع جعل اعتراضه الثاني بعدم ذكر أقسام المكنية في كتب القوم واعتراضه الثالث بعدم تحقيق غير قرينة المكنية في كتبهم لأن ذكرهما هنا حينئذ في محلهما قطعا لأن كلام المصنف الآن في بيان ما في كتب القوم كما مر لكن هذا إنما يتم بالنسبة إلى اعتراضه الثالث إذا قرئ (يحقق) في قوله (وأنه لم يحقق إلخ) بالبناء للمفعول على أن المعنى لم يذكر في كتب القوم إلا تحقيق قرينة المكنية كما عليه الزيباري، أما إذا قرئ بالبناء للفاعل على معنى أن المصنف لم يحقق إلا قرينة المكنية كما عليه غيره فالاعتراض بالذكر في غير المحل باق بالنسبة إلى اعتراضه الثالث فتفطن
قوله (فتأمل) أمر بالتأمل لإمكان الجواب عن كل من الاعتراضات الثلاثة أما توجيه جميع الاستعارات فيمنع أحد الأمور التي بني عليها اعتراضه وهي كون الاستعارة مشتركا لفظا بين المعاني الثلاثة وكون الإضافة حقيقية لامية وكونها من إضافة المدلول إلى الدال إما بمنع أن تكون الاستعارة مشتركا لفظياً بين المعاني الثلاثة بل لكل منها اسم خاص هو استعارة مصرحة واستعارة مكنية واستعارة تخييلية فيكون أراد بالاستعارات الأسماء الثلاثة إلا أنه اقتصر على جمع الجزء الأول عملا بالممكن وتعويلا على العهد المدلول عليه بـ(أل) وأما بمنع أن الإضافة حقيقية لامية من إضافة المدلول إلى الدال على ما أشار إليه بقوله (ولا يخفى أن المعاني للفظ الاستعارة) بل هي للبيان من إضافة المدلول إلى الدال والتقدير فإن المعاني التي هي الاستعارات وإما بمنع أنها من إضافة المدلول إلى الدال بل من إضافة الدال إلى المدلول بأن يراد بمعانيها تعاريفها فتكون من إضافة التعريف إلى المعرف وهذه الأجوبة الثلاثة أحسن ما قيل هنا وأما الجواب عن الثاني والثالث فإما بمنع اقتضاء الكلام أن يكون لكل من المعاني أقسام وقرائن كما هو مبنى الاعتراضين بل إنما يقتضي أن يكون ثم أقسام وقرائن لها تعلق بتلك المعاني ويكفي كونها للبعض منها إذ الإضافة تأتي لأدنى ملابسة وأما جمع القرائن فباعتبار أفراد قرينة المكنية أو باعتبار الأقوال فيها أو في المكنية أو باعتبار إدراج ترشيح المكنية في القرائن تغليبا وإما بتسليم الاقتضاء المذكور واعتبار تقدير مضاف يدل عليه تتبع ما يأتي يدفع ذلك الاقتضاء والتقدير وما يتعلق بعضها ويوجه جميع القرائن بأحد الاعتبارات المذكورة، وقال الشيراني إن أراد بقوله (لم يحقق إلا قرينة الاستعارة بالكناية) أنه لم يبين إلا قرينتها فهو ممنوع بل بين قرينة المصرحة أيضا بيانا إجماليا في ضمن قوله (فلا تعد قرينة المصرحة تجريد النحور أيت أسدا يرمي) فإنه يفهم من ذلك القول أن قرينة المصرحة من ملايمات المستعار له وذلك بيان لقرينتها غاية الأمر أنه بيان إجمالي لا تفصيلى وإن أراد أنه لم يبين بيانا تفصيلا إلا قرينتها فهومسلم لكن تحقيق التي لا يتوقف على البيان التفصيلي له بل قد يحصل بالبيان الإجمالي أيضا نعم التحقيق بالبيان التفصيلي أكمل وإن أراد أنه لم يصدر بعنوان التحقيق إلا قرينتها فهو مسلم لكن قوله (لتحقيق معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها) لا يقتضي تصدير الأمور الثلاثة بعنوان التحقيق ألا ترى أن المصنف لم يصدر عقد الأقسام بالتحقيق على أن هذا الوورد إنما يرد لوكان قول المصنف وأقسامها وقرائنها عطفا على (معاني الاستعارات) كما هو المتبادر من السوق لكن يجوز أن يكون عطفا على (تحقيق معاني الاستعارات) فافهم اهـ وفيه دلالة على أن (يحقق) في قول الشارح (وأنه لم يحقق إلخ) بالبناء للفاعل الذي هو ضمير يعود على المصنف وتقدم أنه أحد وجهين وأنه عليه يرد على الشارح أن المناسب أن يؤخر الاعتراض على المصنف بأنه لم يحقق إلا قرينة المكنية بعد قوله (لتحقيق إلخ) فتنبه
أقول بقى لي ههذا بحث وهو أن قرينة المكنية إما أن تكون مصرحة أو تخيلية كما يتضح في الكلام عليها وعلى كل حال هي داخلة في معاني الاستعارات فيكون ذكرها هنا في قوله (وما يتعلق بها) تكرارا وكذا ذكرها بعد في قوله وقرائنها وقد يجاب بأنه ذكرها أولا باعتبار أنها استعارة وثانيا باعتبار أنها قرينة تنبيها على أن لها اعتبارين واختلاف الاعتبارات قد يجعل كاختلاف الذوات فاحفظه
قوله (قد ذكرت في الكتب) اعترض بأن الذكر التلفظ وهولا يكون في الكتب لأن الكتاب مجموع الورق والنقش كما يفيده كلام الجوهري أو النقوش كما قاله بعضهم والذي في الكتب إنما هو النقش وأجيب بأن الذكر مجاز مرسل عن النقش من إطلاق المتعلق بالمدلول على المتعلق بالدال لأن النقوش التي يتعلق بها النقش بالمعنى المصدري تدل على الألفاظ التي يتعلق بها الذكر بالمعنى المصدري
قوله (مفصلة) أي مشتتة وقوله (عسيرة الضبط) صفة مقيدة لـ(مفصلة) فإن المفصل قد لا يكون عسير الضبط إذ لتفصيل مراتب متفاوتة بحسب عسر الضبط وعدم العسر انتهى والأقرب أنه حال ثانية
قوله (أراد بالكتب ما) أي معنى كليا هومطلق الشيئ الدال (يشمل ما عبر عنه بالزبر فيما بعد) من شمول الكلى لبعض جزئياته فيكون من ذكر المقيد وإرادة المطلق ويحتمل أن (ما) واقعة على مجموع وأن الشمول من شمول الكل لبعض أجزائه فيكون من ذكر الجزء وإرادة الكل والأول أقرب وقصد الشارح بذلك دفع ما عسى أن يقال بناء على أن مراده هنا بالكتب كتب المتقدمين للتعبير بها بعد في جانبهم ومقابلتها بزبر المتأخرين هي وإن ذكرت في كتب المتقدمين مفصلة عسيرة الضبط فهي في زبر المتأخرين مجملة مضبوطة فلا يتم له الداعى التأليف هذه الرسالة
قوله (أيضا) أي كما يشمل ما عبر عنه فيما بعد بالكتب مقابلة للزبر
قوله (والأولى غير مضبوطة إلخ) خبر (الأولى) في المعنى أحد المتعاطفين لأن العطف بـ(أو) وفينحل الكلام إلى أن الأولى المطابقة وقول المحشي خبر الأولى مجموع المتعاطفين غير ظاهر مع (أو) واعترض بأن الأولى جعل الثاني مطابقا للأول لا العكس لوقوع الأول في مركزه وأجيب بأنه ليس مراده الأولى على الإطلاق للاتفاق على أن الأولى على الإطلاق جعل الثاني مطابقا بل مراده الأولى من صنيع المصنف ولكون الأولى على الإطلاق جعل الثاني مطابقا سلكه الشارح في التطبيق فقال (فليحمل إلخ) ففيه إشارة إلى أن هذا هو الأولى على الإطلاق وإنما قدم في الأولوية تغيير الأول لأجل الثاني لتقدم المغير في عبارة المصنف واعترض أيضا بأن في كلامه مراعاة جانب اللفظ وترك جانب المعنى فإنه لو قال غير مضبوطة لا تحتمل أنها متعذرة الضبط وأنها متعسرته مع أن الثاني هو الواقع ولو قال سهلة الضبط لربما توهم أن المعنى أن كيفية ضبطها من كتابه سهلة وأنها ليست مضبوطة فيه بالفعل بخلاف قوله (مضبوطة) فإنه يفهم ضبطها بالفعل ويفهم أن ضبطها على وجه سهل من مقابلته بعسيرة الضبط وقد يقال مقام مدح المصنف تأليفه يدفع ذلك التوهم
قولة (لداعي مضبوطة) الإضافة للبيان
قوله (أو مجملة سهلة الضبط) إنما أتى بلفظ (مجملة) مع أنه لا دخل له في التغيير دفعا لما يتوهم عند الاقتصار على (سهلة الضبط) من أن مراده وضع سهلة الضبط موضع مجموع (مجملة عسيرة الضبط) وكان عليه أن يزيد لداعى عسيرة الضبط لكنه حذفه اكتفاء بدلالة ما قبله عليه
قوله (فيحمل قوله مضبوطة على سهلة الضبط) الفاء فصيحة والقصد من هذا الحمل تخفيف الاعتراض لا دفعه بالكلية لأنه إنما يفيد المطابقة المعنوية دون اللفظية واعترض الحمل بأن فيه ما ذكرناه أنها من الإيهام ويجاب بأن مقام مدح المصنف تأليفه يدفعه
فوله (ليظهر التعادل) أي التقابل أقول فيه أن التعادل نفسه لم يكن قبل التأويل خفيا بل هونفسه ظاهر قطعا وإنما الخفى حسنه والجواب أن في عبارته تقدير مضاف أي ليظهر حسن التعادل أو أن يظهر بمعنى يقوى من قولهم ظهر فلان على عدوه أي قوى
قوله (على وجه) متعلق بـ(ذكر) بقطع النظر عن تقييده بحالي معموله أعني مجملة مضبوطة وإلا اقتضى الكلام اشتمال كتب القوم على الإجمال والضبط فينافي قوله سابقا قد ذكرت إلخ (وقوله نطق إلخ) فيه إما مجاز مرسل من إطلاق الملزوم على اللازم أو استعارة مصرحة تبعية أو مكنية في (كتب) و(نطق) تخييل أو مجاز في الاسناد وكلام الشارح محتمل للوجهين الأولين
قوله (على ما يفيده) (على) تعليلية متعلقة بـ(صريحة) و(ما) مصدرية والضمير يرجع للتصريح المفهوم من صريحة وجعل (ما) غير مصدرية والضمير يرجع إليها يحوج إلى تكلف الاختلاف الاعتباري لتخلص به من تعليل الشيء بنفسة ووجه الإفادة أن العرف إن التعبير عن الدلالة بالنطق مجازا إنما سيكون حيث كانت صريحة وأما توجيه المحشي تلك الإفادة بأن النطق الواقع مقابل للكتابة تارة يكون صريحا وتارة يكون كناية بخلاف الكتابة فإنها لا تكون إلا كناية كما تقرر في الفقه فيكون أقوى منها فمردود بأن النطق هنا لم يقع مقابلا للكتابة بل للدلالة وبأنه لا يصلح التوجيه إلا بما هوبين أهل اللغة لا الفقهاء فتأمل
قوله (ودل عليه زبر المتأخرين) اختار في جانب المتقدمين النطق وفي جانب المتأخرين الدلالة لأن عادة المتقدمين التعبير بالعبارة الواضحة وعادة المتأخرين الاختصار المؤدي إلى نوع خفاء وعذر المتأخرين أن التطويل بزيادة الإيضاح قد يؤدي إلى الملل
قوله (الزبر) أي هذه المادة بقطع النظر عن شكلها فلا يعترض بأنه إن قرئ في عبارة الشارح بوزن علم لم يتأت قوله (وعلى وزن عنق) وإن قرئ بورن كتب لم يتأت (قوله على وزن علم)
قوله (وعلى وزن عنق إلخ) وأما على وزن غرف فجمع زبرة كغرفة وهي القطعة من الحديد ونحوه، قوله (والثاني أنسب بالكتب لفظا) أي لأنه بوزنه ومعنى لأنه بمعناه لا يقال إنما يقال هذا الشيء أنسب بذاك إذا كانا متغايرين مع أن الزبر بالوزن الثاني عين الكتب معنى فكيف يكون أنسب بالكتب معنى لأنا نقول أراد بالكتب في قوله (أنسب بالكتب) الكتب المضافة إلى المتقدمين على أن (أل) في الكتب للعهد فيتم أمر الأنسبية، شيرانسي
قوله (وإن كان الأول أعم) أي مطلقا وهذا مبني على أن الكتاب اسم للألفاظ المكتوبة أي المكتوب دوالها أما على أنه اسم المجموع الورق والنقوش كما يفيده كلام الجوهري أو النقوش كما قاله بعضهم فالنسبة التباين نعم الأول أعم من مدلول النقوش
قوله (فنظمت) عطف على (أردت) من عطف المسبب على السبب والنظم في اللغة جمع اللؤلؤ في السلك وفي الاصطلاح تأليف الكلمات والجمل مترتبة المعاني متناسقة الدلالة على حسب ما يقتضيه العقل ويطلق على الألفاظ المترتبة المنسوقة المعتبر دلالتها على ما يقتضيه العقل وقد يطلق على مطلق التركيب المفيد لأصل المعنى وقد يطلق على جمع الحروف نقله الغنيمي من الفنري والمناسب هذا المعنى المصدري لكن الكلام محتاج إلى التجريد فتأمل
قوله (الثمينة) أي كثيرة الثمن
قوله (على حدة) يحتمل أنه حال من الضمير في (تحفظ) الراجع إلى الدرة ويحتمل أنه صفة الظرف وعلى هذا لا ينافي أنها تخلط مع غيرها في ذلك الظرف ولهذا احتاج إلى قوله (ولا تخلط باللآلي) ولوقدم قوله (على حدة) على قوله (في ظرف) لتعين الاحتمال الأول ولم ينتج إلى قوله (ولا تخلط باللآلي)
قوله (باللآلي) مفهومه مفهوم لقب فلا يقال كلامه يقتضى أنها تخلط بغیر اللہ اللآلي على أنها إذا لم تخلط باللآلي فأولى أن لا تخلط بغيرها واللؤلؤة الدرة كبيرة كانت أو صغيرة قال الزيباري إلا أن المراد هنا الدرر الصغار بقرينة عدم خلط الفريدة بها
قوله (لشرفها) أي الشرف الكامل فلا ينافي إن جميع اللآلي شريفة
قوله (وإضافتها إلى عوائد) صريح في أن هذا التركيب إضافي ويحتمل أنه توصيفي أي مسائل عائدة إلي من القوم فيكون في كلامه استعارة مصرحة حيث شبه طوائف المسائل المترجم لكل طائفة منها الفريدة بالفرائد في الحسن والشرف والنظم ترشيح هذا إن كان الفرائد جمع فريدة بمعنى الدرة الثمينة ويحتمل أنه جمع فريدة بمعنى منفردة في الحسن والشرف فيكون صفة الموصوف محذوف أي مسائل منفردة عائدة إلي وعليه فلا استعارة في (فرائد) إلا إذا حمل النظم على معناه اللغوى وجعل فرائد بمعى منفردة استعارة مكنية عن الجواهر وجعل النظم تخييلا وهذا الاحتمال أعني احتمال كون فرائد بمعنى منفردة متأت على أن التركيب إضافي أيضا بل لوعول عليه الشارح فيما ادعاه من أن الإضافة من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف وقال أي عوائد فرائد السلم من الاعتراض والجواب الآتيين واعلم أن (عوائد) يحتمل أن يكون جميع عائدة اسم فاعل من العود وهذا متعين على جعل التركيب توصيفيا وأن يكون جمع عائدة اسم جنس جامدا معناه المعروف والصلة والمنفعة وهذا والأول بإتيان على جعل التركيب إضافيا فافهم
قوله (أي عوائد كالفرائد) اعترض هذا بأنه إنما يناسب جعل الإضافة من إضافة المشبه به إلى المشبه لا جعلها من إضافة الصفة إلى الموصوف كما أسلفه الشارح
وأجيب بأنه أراد إن الصفة مجموع الجار والمجرور الذي هوظرف مستقر لكنه تسامح، وجعل الجزء الأعظم من الصفة صفة ولأجل ذلك قال (من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف) ولم يقل من إضافة الصفة إلى الموصوف أي لكون الإضافة هنا على غير المعهود في إضافة الصفة إلى الموصوف لأن المعهود فيها أن يجعل المضاف نفسه صفة للمضاف إليه وهنا قدر الجار وجعل مع المجرور ظرفا مستقرا صفة
وهذا الجواب يفضى إلى أن إضافة المشبه به إلى المشبه ترجع إلى إضافة الصفة إلى الموصوف ولا مانع من ذلك وإن نازع فيه الشيخ يس
ووجه البهوتي صنيع الشارح بشيء آخر هوأنه أشار بقوله (من قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف) إلى ما فيه من المبالغة حيث يجعل المشبه به صفة للمشبة المبنى على تناسى التشبيه وأشار بالتفسير إلى ما هو الأصل وإلى أن الوصفية لا تتم بدون ملاحظة التشبيه فتأمل
قوله (ولا يخفى حسن إلخ) أي لعود الفرائد وتكررها فيه أو لكونها عائدة إليه من القوم فيطابق قوله فيما تقدم (على وجه إلخ)
قوله (ولوقال فرائد فوائد لكان أحسن) أي لفظا محصول الجناس المضارع وعدم الجناس بالكلية على عبارة المصنف ومعنى لما قاله الشارح في الحاشية من أن الفائدة ما اكتسبته من علم أو مال وهذه الفوائد مما اكتسبه من المتقدمين والمتأخرين أي ففي التعبير بالفوائد لتضمنها معنى الاكتساب إشارة إلى أن تلك الفرائد مكتسبة من القوم سواء جعلت (من) بيانية أو ابتدائية خلافا لمن خصص ذلك بالثاني
فإن قلت في العوائد أيضا هذه الإشارة بل هي أدلّ عليها من الفوائد
قلت لا لاحتمال أن تسميتها عوائد باعتبار عودها من المصنف على من بعده وكونها معروفا وصلة ومنفعة منه لمن بعده بخلاف الفائدة فإنها دالة على الاكتساب من الغير نعم قد يقال الاكتساب شامل لما هوبطريق النقل ولما هو بطريق الاستنباط من كلامهم فلا تتم مطابقة هذا التعبير لقوله (على وجه نطق إلخ) تأمل
قوله (التحقيق إلخ) اللام تعليلية متعلقة بـ(نظمت) والتحقيق يطلق على ذكر الشيء بدليله ويطلق على ذكره على الوجه الحق وهذا هوالمراد هنا
واعترض كلامه بأن معنى المصرحة لا يحتاج إلى التحقيق لظهوره وعدم الاختلاف فيه
وأجيب بأن تسليط التحقيق على المعاني باعتبار أكثرها إذ المحتاج إلى التحقيق معنيا المكنية والتخييلية ففي الكلام تغليب على أنه قد يقال تحقيق الشيء لا يتوقف على خفائه والاختلاف فيه
ولم يقل التحقيق معانيها مع تقدم المرجع في قوله فإن معاني الاستعارات الطول الفصل
قوله (وأقسامها) قال الزيباري لم يحقق صراحة إلا أقسام المصرحة في العقد الأول وأوما في آخر العقد الثالث إلى انقسام المكنية والتخييلية إلى المطلقة والمرشحة والمجردةاهـ
وقد يدفع بعطف قوله (وأقسامها وقرائنها) على (تحقيق) وتقدير عطفها على (معاني) فالتحقيق أعم من أن يكون بطريق الصراحة أو الإيماء وبتقدير أنه إنما يكون بطريق الصراحة فالمراد أقسام بعضها على نسق ما مر
قوله (وقرائنها) قال الزيباري أي المحتاجة إلى التحقيق وتلك ليست إلا قرينة المكنية وتحقيقها في العقد الثالثاهـ أي فاندفع الاعتراض بأن المصنف لم يحقق إلا قرينة المكنية وقد تقدم زيادة على ذلك مع توجيه جمع القرائن فتفطن
قوله (كأنه أدرج الترشيح في القرائن تغليبا) جواب عما يقال إن تقرير المصنف قاصر فإن الفرائد المذكورة مشتملة على الترشيح أيضا مع أن الترشيح ليس من معاني الاستعارات ولا أقسامها ولا قرائنها ووجه الإدراج أن كلا من الترشيح وقرينة المكنية المرادة من قوله (وقرائنها) على ما مر من ملايمات المشبه به وإنما قال (تغليبا) لأن الترشيح لا يكون قرينة لما سيأتي من أن كلا من الترشيح والتجريد إنما يكون بعد اعتبار القرينة
ولا يخفى أن السؤال والجواب بالإدراج أو بعدم الالتفات يجريان في التجريد أيضا فكان الأولى ذكرهما فيه إلا أن يقال إن الاهتمام بالتجريد دون الاهتمام بالترشيح لأنه أبلغ منه بمرتبتين لأن الترشيح أبلغ من الإطلاق والإطلاق أبلغ من التجريد كذا في المحشي وغيره
أقول الظاهران الجواب بالإدراج لا يتم في التجريد لأن التجريد من ملايمات المشبه وقرينة المكنية من ملايات المشبه به، فكيف يصح إدراج ملايم المشيه في ملايم المشبه به نعم يتم ذلك إذا أريد من القرائن ما يشمل قرينة المصرحة كما مر عن الشيرانسى فتنبه
ثم أقول المراد بالترشيح في كلام الشارح ترشيح المصرحة وترشيح المكنية لأن كلا منهما من ملايمات المشبه به كقرينة المكنية فلا وجه لتخصيص بعضهم الترشيح في كلام الشارح بترشيح المكنية على أنه يلزم عليه قصور الاعتراض
قوله (وجعله) مبتدأ خبره قوله (يأباه) وهودفع لما قد يجاب به عن المصنف في تركه الترشيح وحاصل الجواب إن المصنف لم يتركه لدخوله في تحقيق الأقسام لأنه إنما ذكر لأجل تحقيق بعض الأقسام وهو الاستعارة المرشحة وحاصل الدفع إن جعله داخلا في تحقيق الأقسام لما ذكر يأباه ذكر القرائن لأنها مساوية للترشيح فيما ذكر لأنها إنما ذكرت لتحقيق معنى الاستعارة وأقسامها فكان يستغنى عن قوله (وقرائنها)
وقد علم من هذا التقرير أن قول الشارح (مع أن) تعليل لقوله يأباه فهوبمعنى لأن ولو عبر به لكان أوضح
وقد بحث في هذا الدفع بالفرق بين القرينة والترشيح وذلك أن الترشيح إنما ذكر بالتبع لتحقيق بعض الأقسام وإما قرينة المكنية فهي وإن كانت من حيث كونها قرينة المكنية مذكورة بالتبع لكنها من حيث كونها استعارة تخيلية مقصودة بالذكر، فيكون ذكرها من حيث كونها استعارة تخيلية وأيضا القرينة لا تتحقق الاستعارة بدونها بخلاف الترشيح فيكون ذكرها لمزيتها على أن الجواب الذي دفعه الشارح مصحح لترك الترشيح لا موجب فلا ينتقض بذكر القرائن
هذا وأجيب أيضا عن المصنف بأن الترجمة لشيئ مع الزيادة عليه غير معيبة
قوله (من جملة تحقيق الاستعارة) أي معنى الاستعارة الكلية وقوله (وأقسامها) أي لأنه إذا توقف تحقيق الاستعارة على القرينة فتحقيق أقسامها وأفرادها يتوقف عليها بالطريق الأولى
قوله (في ثلاثة عقود) متعلق بـ(نظمت) والعقد القلادة فهومجموع المتنظم والمتنظم فيه والخيط الذي ينظم فيه يسمى قبل النظم سلكا وبعده سمطا ففي قوله (عقود) مجاز مرسل علاقته الكلية والجزئية لا الأول كما زعمه المحشي لما تبين لك من أن الخيوط وحدها لا يؤول أمرها إلى كونها عقودا اللهم إلا ان يقال مراده أن الخيوط تؤول مع ما نظم فيها إلى كونها عقودا
ونظم الفرائد في العقود من باب نظم الجزء في الكل إن أريد من كل من الفرائد والعقود ألفاظ ومعان ومن باب نظم المدلول في الدال إن أريد من الفرائد معان ومن العقود ألفاظ ومن باب العكس إن أريد العكس والظرفية على كل مجازية
هذا وقد تقدم إن قوله سابقا (فرائد) أما استعارة مصرحة أو من باب التشبيه كما صنع الشارح أولا ولا بناء على أن المراد بالفرائد المنفردات في الحسن والشرف فيكون (نظمت) و(عقود) ترشيحين للاستعارة المصرحة أو للتشبيه على الوجهين الأولين ويصح أن تكون الاستعارة قوله (عقود) بأن شبه مباحث كتابه بالعقود في اشتمال كل على النفائس واستعار اسم المشبه به المشبه فالفرائد والنظم ترشيحان وبهذا يعلم ما في كلام المحشي في تقرير الاستعارة فراجعه
قوله (لا يخفى حسن إلخ) أي لاشتماله على الاستعارة المؤكدة بترشيحين
قوله (نظم الفرائد) اعترض بأنه ينافي قوله السابق أي (عوائد كالفرائد) لأن مفاده أنه نظم العوائد الشبيهة بالفرائد في العقود
وأجيب بمنع المنافاة لأن العوائد لما كانت شبيهة بالفرائد سماها الشارح هنا فرائد متكلا على بيان التشبيه السابق أو أن كلامه هنا مجاراة للفظ المصنف أو يقال أشار الشارح هنا إلى جواز وجه آخر وهوان يكون قوله (فرائد) استعارة لا تشبيها
قوله (وأن المستفاد منه) عطف على حسن وكذا قوله (وأنه إلخ) أما استفادة الأول فلأن مقابلة الثلاثة بالثلاثة ظاهرة في التوزيع وأما استفادة الثاني من الترتيب الذكري
قوله (والأول حق دون الثاني) المتبادر أن المراد بالأول كون كل عقد من العقود الثلاثة لواحد من الأمور الثلاثة التي هي معاني الاستعارات وأقسامها وقرائنها وبالثاني وقوع العقود على ترتيب ذكر الأمور الثلاثة فهذا الثاني ليس بحق لأنه ذكر عقد الأقسام التي هي متوسطة أو لا
واعترض كلامه بأن الأول أيضا ليس بحق فانه أورد المصرحة إجمالا في عقد الأقسام حيث قال (فلا تعد قرينة المصرحة تجريدا نحورأيت أسدا يرمي) فإنه يؤخذ منه أن المصرحة هي التي يذكر فيها المشبه به وأن قرينتها من ملايمات المشبه وأما تصريحا فلم يوجد في شيء من العقود وأورد التخيلية فيه وفى الثالث وعقد المكنية عقدا مستقلا
والجواب من الشارح بحمل الأول في كلامه على حسن نظم الفرائد في العقود والثاني على مجموع المتعاطفين لا يخلو من بعد لاستغناء هذا عن شهادة الشارح بأنه حق لأن مثله لا يحتاج إلى الشهادة وأيضا حقيقة تفهم من قوله (ولا يخفى حسن إلخ) لأن الحسن جامع للحقية وزيادة
وحاصل الجواب عن المصنف أن مثل هذا الكلام لا يستلزم أن كل عقد لواحد من الأمور الثلاثة وإن تبادر منه ذلك بل المراد إن الأمور الثلاثة لا تخرج عن العقود الثلاثة كما يدل على ذلك تتبع الكتاب ولا يستلزم الترتيب لأن الواو لا ترتب والترتيب الذكري لا تعويل عليه لمخالفته الواقع كثيرا جدا كما هنا بدليل تتبع الكتاب