العقد الثمين

في الصلاة على الرسول الأمين

للعلامة الشيخ

 أبي بكر بن الشيخ محمد بن عمر الملا

 الحنفي الأحسائي

المتوفي ١٢٧٠ هـ رحمه الله تعالى

===========================


الحمدُ للهِ في الآصالِ والبُكرِ

حمداً كثيراً دواماً غير مُنْحصرِ


مُوَافياً للَّذي أَسْداهُ مِنْ نِعَمٍ 

جَلَّتْ عَنِ العَدَّ والإِحْصَا مدى العُمُرِ


سُبحَانَهُ مِنْ إلهٍ واحِدٍ صَمَدٍ

مُنَزَّهٍ عَنْ مِثَالِ الفِكْرِ وَالصُّوَرِ


حيٍّ قديرٍ مُريدٍ في تَصَرُّفِهِ

مُدَبِّرِ الخلقِ في الإِنْشَاءِ والقَدَرِ


أَحَاطَ علماً بما قَدْ كَانَ أَوْجَدَهُ

وما يكونُ وما في هاجِسِ الفِكَرِ 


وَكُلُّ شَيءٍ لَهُ شُكراً يُسَبِّحُهُ

فالحوتُ في بَحْرِهِ والطَّيْرُ في الوَكَرِ


لا يُشْبِهُ الخلقَ في ذاتٍ ولا صِفَةٍ

ولا شَرِيكَ لَهُ في النَّفْعِ والضَّرَرِ


أَعلامُ توحيدِهِ في الخلقِ قَدْ نُشِرَتْ

بِبِعثَةِ المُصْطَفى مِنْ خِيرةِ البَشَرِ


محمَّدٍ خيرِ خلقِ اللهِ أَجْمَعِهِمْ

وَخَيْرِ مَنْ بُعِثُوا بالعُذْرِ وَالنُذُرِ


صَلَّى عليهِ مَعَ الآلِ الإلهُ كَمَا

صَلَّى عَلى آل إِبْراهيمَ ذِيْ الفِطَرِ


مَعَ السَّلامِ بِتَشْرِيفٍ وتَكْرمَةٍ

كَمَا يَلِيقُ وفَضْلٍ غَيْرِ مُنْحَصِرِ


وَزَادَهُ وَجَزَاهُ اللهُ أَفْضَلَ مَا

جَزَى نَبِيًّا عَنِ التَّبْلِيْغِ فيِ العُصُرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى المختارِ سَيِّدِنَا

فَرْعِ المَيامِينِ نَجْلِ السَّادَةِ الغُرَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى المَبْعُوثِ أَشْرَفِنَا

مُحَمَّدِ المُجْتَبَى في سَابِقِ القدَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى خَيْرِ الأَنَامِ وَمَنْ

سَادَ الخَلائِقَ مِنْ بَدْوٍ ومِنْ حَضَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى خَيْرِ الهُدَاةِ الّذِيْ

قَدْ أَرْشَدَ الخَلقَ للدِّينِ الرِّضَا اليُسُرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ قَدْ دَعَى وَهَدَى

لِشَرْعِكَ الأَقْوَمِ العَارِي عَنِ الإِصَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى الهَادِيْ بِسِيْرَتِهِ

لأَسْهلِ الطُّرْقِ بِالخَيْراتِ وَالسِّيَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ عَمَّ دَعْوَتُهُ

كُلَّ الخَلائقِ مِنْ جِنٍّ وَمِنْ بَشَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى المأَمُونِ سَيِّدِنَا

ذِيْ المُعْجِزَاتِ الَّتِي كَالأَنْجُمِ الزُّهُرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ مِنْ أَصَابِعِهِ

جَرَى الزُّلالُ فَأَرْوَى الجيْشَ في السَّفَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ كَانَ ظَلَّلَهُ الــ

ــغَمَامُ وانْشَقَّ حَقًّا جَوْهَرُ القَمَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ كَانَ حَنَّ لَهُ

جِذْعٌ ومَنْ خُصَّ بِالتَّسْلِيمِ مِنْ حَجَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ جَاءَهُ جَمَلٌ

يَشْكُو إِليهِ فَنَجَّاهُ مِنَ الضَّرَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ كَانَ كَلَّمَهُ

ضَبٌّ وَمَنْ قَدْ أَتَاهُ نَابِتُ الشَّجَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى بَرٍّ إِليْهِ شَكَتْ

غَزَالَةٌ ثُمَّ فَازَتْ مِنْهُ بِالوَطَرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى مَنْ جَاءَنَا بِهُدَى

وَبَيِّنَاتٍ وَتَذْكِيرٍ لِمُدَّكِرِ


يا رَبِّ صَلِّ عَلى المنْعُوتِ بِالخُلُقِ الــ

ـــعَظِيمِ في مُحْكَمِ الآياتِ وَالسُّوَرِ


يا رَبِّ صَلِّ بِتَشْرِيفٍ وَتَكْرِمَةٍ

عَلَيْهِ مَا هَلَّ مُزْنُ الوَبْلِ بِالمَطَرِ


وَصَـلِّ رَبِّ عَـلَيْهِ مَعْ سَلامِكَ مَا

غَنَّى الهَزَارُ عَلَى الأَفْـنَانِ في السَّحَرِ


وَصَلِّ رَبِّ عَلَيْهِ كُلَّمَا طَلَعَتْ

شَمْسٌ وَمَا أَفَلَتْ مَعْ أَنْجُمٍ زُهُـرِ


وَصَلِّ رَبِّ عَلَيْهِ مَا تَعَاقَبَتِ الـ

ـــبُرُوجُ فيِ سَيْرِهَا للشَّمْسِ وَالقَمَرِ


وَصَلِّ رَبِّ عَلَيْهِ دَائِماً أَبَداً

وَسَرْمَداً زِنَةَ الأَحْجَارِ وَالمَدَرِ


وَمِثْلَ وَزْنِ مَثَاقِيلِ الجِبَالِ كَذَا

كَ مِثْلَ عَـدِّ نَبَاتِ الزَّرْعِ وَالزَّهَرِ


وَمِثْلَ عَدِّ رِمَالِ القَفْرِ أَجْمَعِهَا

وَعَدِّ أَوْرَاقِ نَبْتِ الأَرْضِ وَالشَّجَرِ


وَعَدِّ أَنْفَاسِ مَخْلُوقَاتِ فَاطِرِنَا

وَعَدِّ قَطْرِ مِيَاهِ البَحْرِ وَالنَّهَرِ


يا رَبِّ صَلِّ بِتَسْلِيمٍ عَلَيهِ مَعاً

وَآتِهِ الفَضْلَ يَومَ الفَوْزِ وَالخَطَرِ


وَأَعْطِهِ السُّؤْلَ وَارْزُقْنَا شَفَاعَتَهُ

وَالْطُفْ بِنَا في مَجَارِي مُبْرَمِ القَدَرِ


وَامْنُنْ عَلَيْنَا بِتَوْفِيقٍ يَؤُولُ بِنَا

إلى سُلُوكِ بُلُوغِ الخَيْرِ وَالـظَّفَرِ


وَعَافِنَا واعْفُ عَنَّا واسْتَجِبْ كَرَمًا

دُعَاءَنَا وَقِنَا الأَسْوَا مَعَ الضَّرَرِ


وَهَبْ لَنَا يا إلهِي مِنْكَ مَغْفِرَةً

لِكُلِّ ذَنْبٍ جَرَى في مُدَّةِ العُمُرِ


واخْتِمْ بِخَيْرٍ وَبِالحُسْنَى لَنَا وَقِنَا

عَذَابَ نَارِكَ ذَاتِ اللَّهْبِ وَالشَّرَرِ


وَهَوْلَ قَبْرٍ وَفَتَّانٍ وَوَحْشَتِهِ

وَهَبْ لَنَا الأَمْنَ يَوْمَ الخَوْفِ وَالضَّجَرِ


وهَبْ لَنَا مِنْكَ جَنَّاتِ النَّعِيمِ بِلا

سُوءِ العَذَابِ وَلا تَوْبِيْخِكَ العَسِرِ


وامْنُنْ إلهي عَلَيْنَا بِالرِّضَا كَرَمًا

وَبِالحُلُولِ بِقُرْبٍ مِنْكَ وَالنَّظَرِ


واغْفِرْ لِنَاظِمِ هَذَا العِقْدِ عَبْدِكَ مَنْ

قَدْ بَاءَ بِالذَّنْبِ وَالتَّقْصِيرِ وَالنُّكُرِ


وَوَالِدَيْهِ وَذُرِّيَاتِهِ وَقِهِمْ

مَوارِدَ الهُلْكِ وَالخُذْلانِ وَالغِيَرِ


والحمدُ للهِ كَالبَدْءِ الخِتَامُ بِهِ

وَبِالصَّلاةِ عَلى المُخْتَارِ مِنْ مُضَرِ


صَلَّى الإلهُ عَليهِ مَعْ صَحَابَتِهِ

وَآلهِ الطُّهْرِ مَعْ أَزْوَاجِهِ الغُرَرِ


والتَّابِعِينَ بِإحْسَانٍ لَهُمْ أَبَداً

وَتَابِعِيهِمْ إلى أَقْصَى مَدَى العُصُرِ