القصيدة المنفرجة

للإمام أبو الفضل ابن النحوي

المتوفى 1085هـ

رحمه الله رحمة واسعة

آمين

 -----------------------------------


إِشتَدَّي أزمَةُ تَنفَرِجي

قَد آذَنَ لَيلُكِ بِالبَلَجِ



وَظَلامُ اللَّيلِ لَهُ سُرُجٌ

حَتّي يَغشَاهُ أبُو السُرُجِ



وَسَحَابُ الخَيرِ لَهَا مَطَرٌ

فَإِذَا جَاءَ الإِبّانُ تَجي



وَفَوائِدُ مَولانا جُمَلٌ

لِسُرُوحِ الأَنفُسِ والمُهَجِ



وَلَها أَرَجٌ مُحي أَبَدا

فَاقصُد مَحيَا ذاكَ الأَرجِ



فَلَرُبَّتَّمَا فاضَ المحيَا

بِبِحَارِ المَوجِ مِنَ اللُّجَجِ



وَالخَلقُ جَميعاً في يَدِهِ

فَذَوُو سَعَةٍ وَذَوُو حَرَج



وَنَزُولُهُمُ وَطُلُوعُهُمُ

فَإلى دَرَكٍ وَعَلَى دَرَجِ



وَمَعائِشُهُم وَعَواقِبُهُم

لَيسَت في المَشيِ عَلى عِوَجِ



حِكَمٌ نُسِجَت بِيَدٍ حَكَمَت

ثُمَّ انتَسَجَتُ بِالمُنتَسجِ



فَإِذا اقتَصَدت ثُم انعَرَجَت

فَبِمقتَصِدٍ وبِمُنعَرِجِ



شَهِدتَ بِعَجائِبَها حُجَجٌ

قامَت بِالأَمرِ عَلى الحِجَجِ



وَرِضاً بِقَضَاءِ اللَهِ حِجَا

فَعَلَى مَركُوزَتِهَا فَعُجِ



فإِذا انفَتَحَت أَبوَابُ هُدِّى

فاعجِل لِخَزائِنِهَا وَلِجِ



وَإِذا حاوَلتَ نِهايَتَها

فاحذَر إِذ ذاكَ مِنَ العَرَجِ



لِتَكُونَ مِنَ السُبَاقِ إِذا

ما جِئتَ إِلى تِلكَ الفُرَجِ



فَهُنَاكَ العَيشُ وَبَهجَتُهُ

فَلِمُبتَهِجٍ وَلِمُنتَهِجِ



فَهِجِ الأَعمَالَ إِذا رَكَدَت

فَإِذا ما هِجتَ إِذاً تَهِجِ



وَمَعاصِي اللَهِ سَماجَتُها

تَزدَانُ لِذِي الخُلُقِ السَمِجِ



وَلِطَاعَتِهِ وَسَمَاحَتِها

أنوَارُ صَبَاحٍ مُبتَلِجِ



مَن يَخطِب حُورَ العِينِ بِها

يَحظَ بِالحُور وَبالغُنجِ



فَكُنِ المَرضِيَّ لَهَا بِتُقىً

تَرضَاهُ غَداً وَتَكُونُ نَجِى



واتلُ القُرآنَ بِقَلبٍ ذِي

حَزَنٍ وَبِصَوتٍ فيهِ شَجِي



وَصَلاةُ اللَّيلِ مَسافَتُها

فاذهَب فِيهَا بِالفَهمِ وَجِي



وَتَأَمَّلها وَمَعانِيهَا

تأتِ الفَردَوسَ وَتَنفَرجِ



وَاشرَب تَسنيمَ مَفُجَّرِها

لا مُمتزِجاً وَبممتزِجِ



مُدِحَ العَقلُ الآتِيهِ هُدىً

وهَوىً مُتَوَلٍّ عَنهُ هُجى



وَكِتَابُ اللَهِ رِياضَتُهُ

لِعُقُول الناسِ بِمُندَرِجِ



وَخِيارُ الخَلقِ هُداتُهُمُ

وَسِوَاهُم مِن هَمَجِ الهَمَجِ



واذا كُنتَ المِقدَامُ فَلا

تجزَع في الحَربِ مِنَ الرَّهَج



وَإِذا أَبصَرت مَنَا رَهُدىً

فاظهَر فَرداً فَوقَ الثَبَجِ



وَإِذا اشتاقَت نَفسٌ وَجَدَت

ألَماً بالشَّوقِ المُعتَلِجِ



وَثَنايا الحَسنا ضاحِكَةٌ

وَتَمامُ الضِّحكِ عَلى الفَلَجِ



وَعِيابُ الأَسرَارِ اجتَمَعَت

بأَمانَتِها تحَّتَ الشَّرَجِ



والرِّفقُ يَدُومُ لِصَاحِبِهِ

وَالخَرقُ يَصيرُ إِلى الهَرَجِ



صَلوَاتُ اللَهِ عَلى المَهدِيِّ

الهادِي الخلقَ إِلي النَّهَجِ



وَأَبي بكرٍ في سِيرَتِهِ

وَلِسَانِ مَقَالَتِهِ اللَهِجِ



وَأَبي حَفصٍ وَكَرَامَتِهِ

في قِصةِ سارِيَةِ الخَلَجِ



وَأَبي عَمرٍو ذِي النُّورَينِ

المسُتَهدي المستَحيَا البَهِجِ



وَأَبي حَسَنٍ في العِلمِ إذا

وافى بِسَحائِبِهِ الخُلُجِ


و على السِّبْطَيْنِ و أمِّهِما

 و جميعِ الآلِ بمُنْدَرِجِ


و صَحَابَتِهِم و قَرَابَتِهِمْ

 و قُفَاتُ الأثْرِ بلا عِوَجِ


و على تُبّاعِهُمُ العُلَمَا 

 بعَوارِفِ دينِهِم البَهِجِ


يا رَبِّ بهِم و بآلِهِم 

 عجِّل بالنَّصْرِ و بالفَرَجِ


و ارحَم يا أكْرَمَ مَنْ رحِمَا

 عَبْدًا عن بابِكَ لَمْ يَعُجِ


و اخْتِمْ عمَلِي بخَواتِمِها

 لِأكون غدًا في الحَشْرِ نَجِي


لَكِنِّي بجُودِكَ مُعْتَرِفٌ

 فاقْبَلْ بمَعَاذِرِي حِجَجِي


و إذَا بك ضَاقَ الأمْرُ فَقُلْ

إشْتَدِّي أزْمَةُ تَنْفَرِجِي