دعاء يوم عرفة

قال صلى الله عليه وآله وسلم :

(أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ، وأفضل ما قلت أنا و النبيون من قبلي ، لا اله إلا الله وحده لا شريك له  له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

--------------------------

دعاء يوم عرفة

للداعية الحبيب عمر بن محمد بن سالم بن حفيظ

----------

بسم الله الرحمن الرحيم

يا تواب يا ذا الجلال يا وهاب ، وقف الخلائق بأبواب الخلائق ، ونحن ببابك قد وقفنا ، وبأعتابك قد لذنا، فلا تردنا عن بابك يا رب، ولا تحول بيننا وبينك يا رب، اللهم أقبل بوجهك علينا، وأحسن عرضنا على خير النبيين، وارزقنا متابعته في قوله وفعله، اللهم اجعل روحه معنا حاضرة، وأمطار جوده علينا هاطلة.

اللهم وفر حظنا من الأنظار، ولا تخلفنا عن الحبيب المختار،  اللهم أدخلنا في دائرته، اللهم أعد علينا بعائدته، وشرف أعـيـننا بالنظر إلى طلعته، اللهم اجمعنا في حضرته، اللهم أسعدنا بمرافقته، معه يا ربنا، معه يا خالقنا، معه يا من أرسلته إلينا في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك، وإذا ورد الواردون على الحوض فلا يتخلف منا متخلف يا الله، ولا يتأخر منا متأخر، مع أول الواردين نرد، مع أول المسعودين نسعد، نشرب من اليد الشريفة ومن باب مدينة العلم علي بن أبي طالب شربة هنيئة مريئة لا نظمأ بعدها أبداً، يا رب يا أكرم الأكرمين وجهنا إليك وجاهته، قدمنا إليك منزلته، قدمنا إليك محبته لك، محبتك له، أن تحسن عرضنا عليك ساعة العرض إذا وقفنا بين يديك، إذا خاطبتنا إذا سألتنا، إذا نظرت إلى أحوالنا إذا أريتنا معايبنا، إذا ذكَّـرتنا ذنوبنا، قدمنا عليك بجاهه، كن لنا في ذلك الموقف يا الله ..

 يا الله لا تفرق بيننا وبين الحبيب، قربنا مع أهل التقريب، اجعل لنا ولهؤلاء ولأهل الجمع نصيب، أسلك بنا على منهاجه، ضع في قلوبنا  أنوار سراجه، لا ينصرفون من عرفة إلا بمعرفة، لا ينصرفون من عرفة  إلا بإقبال، إلا بتوجه صادق، احفظ يا رب ما بقي من أعمارنا على كمال الولاء، على كمال الصفاء، على كمال النقاء، على كمال الهدى على كمال التقوى، على كمال الإنابة، على كمال الخشية، على كمال التوفيق، حتى يكون كل يوم من أيام أعمارنا خير من اليوم الذي قبله، وأحسن من اليوم الذي قبله، وأشرف من اليوم الذي قبله، حتى يأتينا يوم لقاك على أحسن حال، حتى تأتينا ساعة الوفاة على أطيب انتقال، لنـنتـقل مملوئين بالإيمان، مملوئين بالإيقان، مملوئين ينطق لسان الحال منا (غدا نلقى الأحبة محمدا وحزبه) .

اللهم أدخلنا في حماه، اللهم أسقنا من حُمَـيّـاه، اللهم ارحم تضرعنا وابتهالنا، أمـَا وعزتك وجلالك ما أصغت الأسماع حتى صدقت، ولا أسبلت العيون واكب العبرات حتى أشفقت، ولا عجت الأصوات إليك بالدعاء حتى خشعت، ولا تحركت الألسن ناطقة باستغفارها حتى ندمت على ما كان من زللها وعثارها، فيا رب اكفنا شر  ما كان وما يكون، هذه صحائف سطرت فيها من مخازينا الكثير، فيها من معايبنا الكثير، فيها الكثير من التقصير، بارزناك بالمخالفة، اختفينا عن أعين الخلق، ولم نستح ِ  منك، سـُطـِّرت علينا في الكتب، ودونت علينا في الصحف، ويا سوءتاه إن بقيت حتى نلقاك، وا فضيحتاه إن بقيت إلى يوم لقاك، لا تدع سيئة ً إلا محوتها، يا رب انظر إلى جميع صحائفنا، انظر إلى جميع دواويننا، في هذه  العشية، وأهل هذه العشية لاتدع زلةً إلا محوتها، لا تدع سيئةً إلا محوتها، لا تدع خطيئةً إلا محوتها، لا تدع تبعة إلا تحملتها، وبدّلت الجميع حسنات، تامات موصولات، حتى لا يتعلق في رقبتنا قريب أو بعيد يطالبنا حقه في يوم الوعيد، فليس عندنا ما نرضيهم به، أرضهم عنها يا مولانا، اغفر ما مضى واحفظنا في ما بقي حتى لا تسود هذه الوجوه (( يوم تبيض وجوه وتسود وجوه))

بالوجوه الناظرة يا رب، بالوجوه الناظرة يا رب، بالوجوه الناظرة يا رب، التي هي إليك ناظرة يا رب يا رب يا رب لا تخلفنا عنهم، لا تخرجنا عنهم، لا تحل بيننا وبينهم إذا مررتهم على الصراط فلا خلفت منا أحداً، أسعدنا مع السعداء، أقدامٌٌ وقفت في عرفة فلا تعرضها لزلزت الصراط، ولا للهوي في نار الجحيم،  ولا للكلاليب التي مثل شوك السعدان، لو ظهر كِلاّب على أهل الدنيا لما ناموا، أنت لنا في تلك الساعة يارب ثبتنا على الصراط عند سكب العبرات، ارفعنا إلى الجنات، أوصلنا بخير البريات، أدخلنا دار السلام ولقنا من حضرتك السلام (( تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجراً كريماً))

هذه الأسماع أسمعها سلامك، هذه الأسماع أسمعها أمانك، هذه الآذان أسمعها تحيتك يوم توافي جنتك في زمرة من أحببتهم، يا رب أرزقنا العمل بأعمالهم، والإتصال بأحبالهم، ارفع أحوال البعداء من بيوتنا، ارفع أحوال البعداء من أسرنا، ارفع أحوال البعداء من أولادنا، ارفع أحوال البعداء من ذرارينا، ارفع أحوال البعداء من أصدقائنا، لا تجعل لهؤلاء صديقا يسيئه في القيامة، لا تدع لهؤلاء صديقا يسيئه في القيامة (( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو)) اجعلنا من المتقين  المتحابين فيك، لا نتعاون على المعاصي ولا على التقصيرات ولا على الزلات، نتعاون على ما يرضيك و يرضي رسولك المصطفى وأمينك المجتبى، اجعلنا في خدام شرعه، اجعلنا في خدام دعوته، اجعلنا في خدام سنته، اجعلنا في خدام ذريته، اجعلنا في خدام صحابته، اجعلنا في خدام ورثته، اجعلنا في خدام أمته، اجعلنا في خدام منهجه، اجعلنا في خدام نوره، اجعلنا في خدام شريعته، اجعلنا في خدام وحيه، وإذا عرضت عليه هذا المجلس فأحسن عرضه وأصلح منه يا مولانا لكل حاضر نيته ومقصده وذكره.. حتى لا تمتد الأعين منا إلى حرام، ولا تحوم الزلات حول هذه  القلوب والنوايا، تـُب علينا توبة نصوحا، ألا فاتح باب التوبة يدعوكم للتوبة، ألا تبنا إلى الله ، تبنا إلى الله ، تبنا إلى الله ، نستغفر الله، نستغفر الله، نستغفر الله من جميع الذنوب والآثام والمعاصي والسيئات بيننا وبين الله ، وبيننا وبين عباد الله، ومن جميع ما يعلمه الله، اللهم بحق عرفة  وأهلها اجعلها توبة لا يـُنقض عهدها، توبة لا يخلف وعدها، توبة لا ينحل عقدها، نزداد بها أوبة في كل نفس، إلهنا وسيدنا إلهنا وسيدنا إن كنا من أرباب المعاصي والسيئات فمن ذا يحول بيـننا وبين كرمك؟ أو من ذا يمنعنا من رحمتك؟ أو من ذا الذي يحول بيـننا وبين فضلك؟ ألست أنت الذي وفقـتنا؟ ألست أنت الذي أحضرتنا؟ ألست أنت الذي أسمعتنا؟ ألست أنت الذي أنطقـتنا؟ ألست أنت الذي أخذت بنا؟ ألست أنت الذي رفعت أيدينا إلى كرمك؟..

إلهنا فلا ترد الأيادي صفراً، وأصلح شؤوننا سراً وجهراً ديناً وأخرى ، أنظر إلى أهل هذه الخيام نظر التقريب والإفضال والفضل  والإنعام وجميع أهل عرفة... أعد علينا عوائد الجميع، وانفعنا بالجميع، وأمدنا بمدد الجميع، وشفع فينا حبيبك الشفيع، واجمعنا بالمقام الرفيع، لا يعجزك يا الهي كما جمعت بيني وبينهم في هذا المكان أن تجمعني بهم في مراتب القرب، لا يعجزك ذلك يا الهي...

إلهنا في حظيرت القدس نجتمع فيها في مقعد الصدق الذي قد أشرقت أنواره بالعلم، يا لك من سنا، والمتقون رجاله وحضوره يا رب ألحقنا بهم يا ربنا، يا رب فألحقنا بهم يا ربنا..

أنوار امتدت من حضرة الحبيب الأكرم والنبي الأعظم، تسلسلت وتواصلت في أولياء وفي أتقياء وفي عارفين، وفي صالحين وفي خيرة من الأمة حتى وصلت إلى مشايخنا الموجودين، فأمتعنا بهم و ألحقنا بالسير .. مُنّ علينا بهذه الصلة، أكرمنا بالإتصال، أذقنا لذائذ الوصال، لا تقطع هذا النور عنا، اجعله فينا وفي ذرياتنا، يا من تكفلت لنبيك بنصرة الدين يا من تعهدت لنبيك بإعلاء كلمته في العالمين، اجعل هذه الأنوار محفوظة فينا وفي ذوينا ومن يوالينا، ألحقنا بأولئك الرجال، وأمتعنا على البقاء على أكمل الأحوال، عافهم يا رب ، اشفهم يا رب، حبـِّب إليهم البقاء فينا، حبـِّب إليهم البقاء فينا والجلوس بين ظهرانينا وإن كانو يستوحشون من سوء اسائتنا اللهم وارزقنا الأدب معهم، اللهم وارزقنا المدد منهم، وارزقنا الظن بهم خاصة وبخلقك عامة، حتى لاننصرف من عرفة إلا محسنين الظن بك وبخلقك، وكنت لنا عند حسن الظنون، يا من قلت لنا على لسان نبيك: (أنا عند حسن ظن عبدي بي، وأنا عند معه إذا ذكرني فليظن بي ما شاء) وظننا بك أن تقبلنا لحضرتك، وتهب علينا من تسأم أنسك، وأن تجمعنا في الفراديس العلى، وان تغفر لنا ما مضى، و أن تحفظنا فيما بقى، وأن تطهر هذه الجوارح طهرا كاملا من سوء ما جرحتنا، وتطهر هذه القلوب.. ياحي ياقيوم من يقلع يا مولانا منا منابت الحسد والحقد، من يقلع منا منابت الكبر، من يقلع عنا جمبع انواع الغرور، من يصفي القلوب عن الزور، نحن العاجزون وانت القادر.. فبحقك عليك، و بحق نبيك محمد و بحق الأنبياء والمرسلين ومشائخنا في الدين، و أسلافنا الصالحين و عبادك الصالحين إلا ما اخرجت من قلوبنا كل قدر للدنيا و كل محل للخلق، يمييل بنا إلى معصيتك أو يشغلنا عن طاعتك، أو يحول بيننل وبين التحقق بمعرفتك الخاصة و محبتك الخالصة.. إلهي إلهي لا تغرب هذه الشمس إلا و قد غربت ذنوبنا، إلا غربت عيوبنا، إلا غربت زلاتنا غربت تبعلتنا، غرب الجفاء غرب البعد غربت الغفلة غربت الجفوة غربت الغفلة..

          يا اكرم الأكرمين، يا ارحم الراحمين، ما شقي بدعائك داع، ولا خاب من رجائك راج من يوم خلقت السموات والأرضين، وانت تتكرم على الراجين، وتقبل الوافدين، وتعفو عن التائبين، وتقبل المقبلين، أئذا وصلنا نحن نرد من هذا الباب الذي ما يرد منه أحد؟ حاشاك يا مولانا، حاشاك يامنعم علينا، من اين لنا نعمة محمد إلا من عندك، يارب محمد من اين لنا نعمة القرآن إلا من عندك ، يا منزل القرآن من اين لنا نعمة عرفة إلا من عندك، يارب عرفة من اين لنا نعمة الإجتماع على ذكرك من اين لنا نعمة التحابب فيك، من اين لنا نعمة الدعاء.. أعطيت لنا هذه النعم كلها فأتم النعمه، أتم علينا النعمة، أتم علينا النعمة وادفع عنا كل نقمة، و انشر علينا رايات رضوانك الأكبر حتى لا ننصرف من عرفة إلا مرضيا عنا رضوانا لا سخط بعده ابدا.إلهنا و سيدنا.. و مرضى القلوب و الأجسام من الأمة كثر، و عدد جم تغربوا في المشارق و المغارب، من يداويهم؟ من يعافيهم؟ من ذا يشفيهم، من ذا يهديهم؟ من ذا يجود عليهم، و المتكام من أمراض خلقك قلبا و من أوسخهم قلبا، إن لم تنله رحمتك فويل له، إن لم تنله فضلك فويل له، وا خيبتاه إن لم ترحمنا، وا فضيحتاه إن لم تسترنا .. إلهنا و سيدنا هذا موقف المضطر، هذه مواقف الإضطرار، هذه لحظة الإنكسار، يا من هو أدرى بنا نسألك أن تجود علينا، نسألك أن ترحمنا، انظر إلينا بعين الرحمة نظره وكفتنا، نظرة و أغاثتنا نظرة وأسعدنا، نظرة وأفلحتا.. إلهي و سيدي عرف هذه الوجوه بعضها البعض على الحوض المورود، عرف بعضها على بعض يوم الورود. سيدي و مولاي.. عظم الاجتماع و أنت الأعظم، و كبر الرجاء و أنت أكبر، قل لنا أجبناكم، قل لنا أجبناكم، قل لنا أجبناكم.. ألحق الشقي بالمسعود، ما أسعدنا بك، وأنت الله، ما أسعدنابك و أنت الرحمن، ما أسعدنا بك و أنت الله، ما أسعدنا بك و أنت الكريم، يا فوزنا بالله، يا فوزنا بلا إله إلا الله ، يا فوزنا بيا الله، سعد من قال: ياالله، أفلح من قال: ياالله، أنجح من قال : ياالله،  قُبل من قال: يالله، غفر لمن قال: يالله. لك الحمد يا الله نحن العاجزون عن شكرك، نحن العاجزون عن حمدك، نحن العاجزون عن ذكرك، نحن العاجزون عن شكرك، نحن العاجزون عن حمدك أحمد نفسك عنا، فيا رب نشكرك بمحمد، يا رب نحمدك بمحمد، بحق محمد إلا ما حمدتنا و حمدت من معنا، وشكرتنا و شكرت سعينا، و حققت رجانا، ما أقربك منا مع بعدنا عنك، ما أرحمك بنا ما أعطفك بنا، ما أشفقك بنا، ( لله أرحم بعبده المؤمن من هذه بولدها، أترون هذه ملقية و لدها في النار؟ قالوا لا يا رسول الله، قال حبيبه: و الله لله أرحم بعبده المؤمن من هذه بولدها) نعم أنت أرحم بنا، نعم أنت ارفق بنا، و عزتك لولا رجاك ما حيينا، لو لا رجاك ما عشنا، لولا الطمع فيما عندك لما قدرت هذه اللسان ... اللهم فجد، اللهم ما أسعدنا، اللهم بوجاهة محمد و بسر الفاتحة إلى روح سيدنا محمد وآل سيدنا محمد و صحب سيدنا محمد والصادقين و الأولين مع سيدنا محمد و أنصار سيدنا محمد و المهاجرين مع سيدنا محمد، وأهل بدر وأهل أحد وأهل بيعة الرضوان أهل الأيادي المباركة { إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم}، أربط توبتنا بتلك الأيدي، أربط أوبتنا مع ذلك العهد، معهم يا رب معهم يارب يالله يالله، والى روح تابعيهم بإحسان لا سيما مشائخنا في الدين و سلاسل أخذنا الى سيد المرسلين سادتنا آل أبي علوي الأكرمين، وأهل بيت النبي الطاهرين، وعلماء الدين و حفاظ الدين و المحبوبين عند الله أجمعين و الى أرواح والدينا و والدي الحاضرين و والدي أهل هذه الخيام و موتاهم خاصة و موتى المسلمين وأحياهم إلى يوم  الدين (و الى حضرة النبي الفاتحة).