قوله (من مقدمات مشهورة أو مسلمة) قال في شرح المطالع المشهورات قضايا يحكم العقل بها بواسطة اعتراف عموم الناس بها إما لمصلحة عامة كقولنا العـدل حسن والظلم قبيح أو بسبب رقة كقولنا مواساة الفقراء محمودة أوحمية كقولنا كشف العورة مذموم أو بسبب عادات وشرائع وآداب كقولنا شكر المنعم واجب وربما تشتبه بالأوليات والفرق بينهما أن الإنسان لو قـدر أنه خلق دفعة واحدة من غير مشاهدة أحد وممارسة عمل ثم عرض عليه هذه القضايا توقف فيها بخلاف الأوليات فإنه لم يتوقف فيها والمشهورات قد تكون حقة وقد تكون باطلة والأوليات لا تكون إلا حقة والمسلمات قضايا تؤخذ من الخصم مسلّمة فيما بين الخصوم فيبني عليها كل واحد منهم الكلام في دفع الآخر حقة كانت أو باطلة كحجية القياس والدوران اهـ ومراده هنا القياس الفقهي المسمى بالتمثيل عنـد المناطقة و بالدوران ترتيب الشيء على ما له صلوح العلية وهو أحـد مسالك العلة كما بين ذلك في الأصول وفي بعض حواشي قول أحمد أن المشهورات إما مشهورة على الإطلاق أو بحسب صناعة كقولنا التسلسل باطل أوعنـد أرباب ملة كقولنا الإله واحد والربا حرام * فإن قلت حينئذ لا تكون من المشهورات لأنها هي التي يعترف بها عموم الناس على ما قالوا * قلت إن الناس إما جميع أفراد الناس وهي المشهورات على الإطلاق أو جميع أفراد طائفة وهي المشهورات عند طائفة من الناس. اهـ
قوله (كقولنا العدل حسن إلخ) الأمثلة المذكورة من المقـدمات المشهورة ولم يذكر مثالا للمسلمة لعدم تعينها إذ المدار فيها على تسليم الخصم لهـا وإن لم تكن حقة عنـده.
قوله (والغرض منه إلخ) قال في شرح المطالع القياس الجدلي هو المؤلف من المشهورات أومنها ومن المسلمات و يسمى صاحبه مجادلا والغرض منه إقناع القاصرين عن درجة البرهان وإلزام الخصم وإفحامه واعتياد النفس تركيب المقـدمات على أي وجـه شاء وأراد.
اهـ
قوله (والخطابة) بفتح الخاء، وصاحبها يسمى خطيبا.
قوله (قياس مؤلف) كذا في عباراتهم وفي الشمسية أيضا فاعترضه السنوسي فيشرحه بأن ظاهر العبارة يقتضي أن الخطابة لا تكون إلا قياسا و الحق أنها قد تكون قياسا و قد تكون استقراء وقد تكون على صورة قياس غير مفيد الانتاج.
قوله(من شخص معتقد فيه) أي بسبب من الأسباب إما لأمر سماوي من المعجزات والكرامات كالأنبياء والأولياء وإما لاختصاص بمزيد عقل ودين كأهل العلم والزهد اهـ حاشية، وفيه أن خـبر الأنبياء يفيد اليقين لا الظن مع أنه قد تكرر أن غاية الخطابة الاقناع اهـ و المحشي في ذلك تابع لغيره و بشاعة هـذا الكلام لا تخفى.
قوله (الخطباء والوعاظ) لم يذكر الفقهاء مع أن أدلتهم ظنية اتباعا لما قيل إن الفقه علم أدلته يقينية وبيانه مذكور في كتب الأصول وفيه أن المسئلة الاجتهادية ظنية لما اشتهر من أن المجتهد قد يخطئ وقد يصيبو الحق أن المراد التمثيل فلا ينافي غيرهما إلا أنهما خص بالذكر لكونهما مشهورتين في هذا الباب على أن القياس الخطابي لا يختص بأحد دون أحد قاله بعض حواشي قول أحمد.
قوله (مرة) بكسر الميم وتشديد الراء شيء أصفر يكون داخل المرارة والمرارة من الإنسان مسكن الصفراء كما أن الطحال مسكن السوداء وأما الدم والبلغم فساريان في العروق مع مخالطة شيء من الصفراء والسوداء وقد بينا ذلك في علم الطب والتشريح وقد وهم العلامة بحرق الحضرمي في شرح منظومته الطبية فجعل مسكن البلغم الرئة وبينا وجه وهمه في حواشينا على الشرح المذكور.
وقوله (مهوعة) أي مقيئة
قوله (ويزيد في ذلك أن يكون على وزن إلخ) مقتضاه أن الشعر قد لا يكون موزونا وهو كذلك فإن المراد به هنا قياس مؤلف من مقدمات متخيلة وهو لا يكون موزونا فإن شعر اليونانيين محض مقدمات متخيلة فقط وقد ذكر منه صاحب طبقات الحكماء جملة في خلال تراجمهم فإن قلت إذا نحی به نحو الشعر العربي ووزن خرج عن أن يكون قياسا إذ لا تطابق صورة القياس موازين الشعر قلت هو حينئذ يكون قياسا بالقوة بمعنى أنه لو حللت تلك المقدمات الموزونة وركبت على صورة القياس كانت قياسا ويقرب ذلك ما ذكره أهل البديع في عقد المنثور حل المنظوم.
قوله (أو من مقدمات وهمية) هي قضايا كاذبة يحكم بها الوهم الإنساني في أمور غير محسوسة كقولنا كل موجود مشار إليه ولولا دفع العقل والشرع لها لعدت من الأوليات قاله شارح المطالع وفي البسنوي إنما قيد الأمور بالغير المحسوسة لأن أحكام الوهم في المحسوسات غير كاذبة.
قوله (ويسمى هـذا النوع بالمغالطة الخارجية) لكونها بأمر أجنبي خارج عن البحث المتكلم فيه.
قوله (والغلط إما من جهة الصورة ) وذلك لاختلاف شرط من الشروط المعتبرة في إنتاج الأشكال قال في شرح المطالع الفساد من جهة الصورة هو أن لا يكون القياس منتجا للمطلوب ويظن كونه منتجا إما بأن لا يكون على شكل من الأشكال لعدم تكرر الوسط كما يقال الإنسان له شعر وكل شعر ينبت في محل فالإنسان ينبت في محل أو لا يكون على ضرب منتج وإن كان على شكل من الأشكال كما يقال الإنسان حيوان والحيوان جنس فالإنسان جنس فإن الكبرى ليست بكلية ومنه وضع ما ليس بعلة علة فإن القياس علة النتيجة فإذا لم يكن منتجا بالنسبة إليها لم يكن علة كقولنا الإنسان وحده ضحاك وكل ضحاك حيوان فالإنسان وحده حيوان ومنه المصادرة على المطلوب وهو جعل المطلوب مقدمة في القياس كقولنا الإنسان بشر وكل بشر ناطق فالإنسان ناطق اهـ فقول الشارح هذا فرس إلخ فإن أريد الفرس في الصغرى صورته فالفساد في القياس من جهة صورته لعدم تكرر الوسط وإن أريد الفرس الحقيقي فالفساد فيه من جهة المادة لأن الصغرى كاذبة ثم إن الشارح رحمه الله خالف القوم في تعبيراتهم وخلط الأمثلة بعضها مع بعض فإن القوم يقولون إن فساد القياس إما من جهة صورته أو من جهة مادته والشارح جعـل المقابل لفساد الصورة فساد المعنى وهوغير مستقيم وجعل المصادرة من قبيل فساد المعنى مع أنك قد علمت أنها من قبيل فساد الصورة فإن أريد بالمعنى في كلامه ما يشمل الصورة فسدت المقابلة ومما يفسد به القياس أيضا أخذ الأمور الذهنية مكان العينية كأن يقال لو كان شريك الباري ممتنعا في الخارج لكان امتناعه حاصلا في الخارج فيكون الموصوف بالامتناع متحققا في الخارج لأن تحقق الصفة في الخارج يقتضي تحقق الموصوف فيه وبالعكس كقولنا الجوهر موجود في الذهن وكل موجود في الذهن فهو عرض قائم به فالجوهر عرض قائم به وهـذه المغالطات ينبغي أن تعرف لتتقي أو يقابل بها خصم مغالط لا تستعمل في مقام المناظرة لإظهار الحق والمعاملة بالنصفة فإنها حينئذ مذمومة غاية الذم شرعا وعقلا وقد ذكر فضلاء العجم في خلال تأليفهم أشياء من هذه المغالطات وربما أفردوها بعضها بالتأليف كالمغالطة المشهورة بالجذر الأصم ولفخر الدين الحسيني رسالة في آداب البحث ذيلها بثمانية عشر من المغالطات وأنا أذكر لك شيئا منها قال رحمه الله زيد حجر مثلا لأن شيـئاً يستلزم وجوده وعدمه حجرية زيد إما موجود أو معدوم وعلى التقديرين يلزم حجريته إذ المفروض أن عدمه كوجوده مستلزم لها اهـ أقول هذه المغالطة شهيرة في كتب آداب البحث قالوا و يستدل بها على كل شيء حتى النقيض ولذلك سميت بالمغالطة العامة الورود والجواب أنها تعارض بالقلب بأن يقال الشيء الذي يستلزم وجوده وعدمه لا حجرية زيد إما موجود أو معدوم وعلى التقديرين يلزم لاحجريته ثم قال زيد الموجود معدوم لأنه معدوم الغلام مثلا فيكون معدوما وإلا لزم صدق المقيد بدون المطلق وأجيب بمنع اللزوم بسند المعدوم ما ارتفع عنه الوجود في نفسه ومعدوم الغلام ما ليس له غلام وليس مقيدا بالنسبة إلى المعدوم حتى يلزم صدقه بدون المطلق هذا إذا كان معنى العـدم السلب مطلقا حتى يكون معدوم الغلام بمعنى مسلوب الغلام أما إذا كان معناه سلب الوجود في نفسه عن زيد إذ يصدق زيد موجود في نفسه وثبوت الغلام له مسلوب عنه قال المستحيلات موجودة في الخارج لأنها تتعقل فتكون موجودة في الذهن والذهن موجود في الخارج وكل موجود في الموجود في الخارج موجود في الخارج كما أن الدرة في الحقة والحقة في البيت فالدرة في البيت وجوابه أن المستحيل موجود في الذهن بوجود غير أصيل والذهن موجود بوجود أصيل أي منشأ للآثار الخارجية كالإضافة والإحراق فالمقدمة الكلية على إطلاقها ممنوعة قال كل عدد زوج و فرد معا لصدق قولنا كلما كان الاثنان فردا كان عددا وكلما كان عددا كان زوجا فكلما كان فردا كان زوجا وأجراء مثل هذا في الثلاثة والأربعة وغيرهما ظاهر وجوابه منع الكبرى كما لا يخفى على المتأمل في الصغرى و يمكن الجواب بمنع الصغرى مستندا بجواز استلزام محال محالا، قال إنهم قد قرروا أن القضية قول صادق أو كاذب مع أن قولنا كل كلامي في هذه الساعة كاذب إذا لم يتكلم بغيره ولم يقصـد بكلامى غير هذا الكلام فإنه لو كان صادقا لكان كاذبا أو بالعكس فصدقه مستلزم لكذبه وكذبه مستلزم لصدقه فيكون صادقا وكاذبا معا وإنه محال والموضوع والنسبة الإيقاعية كما في سائر الأخبار وهذا ما عدوه من أصعب الإشكالات واعترفوا بعدم انحلاله وسموه بالجذر الأصم وليس بتلك الصعوبة لما تقرر عندهم من أن القضية قول إذا قطع النظر عن خصوصيته احتمل الصدق والكذب حتى لا ينتقض بالقول البديهى ولاشك أن الاستحالة فيما نحن فيه إنما نشأت من خصوصية المحمول حتى لو أبدل الكاذب بالصادق لم يلزم محذور فالقول المذكور مشتمل على نسبة إيقاعية كما ذكرنا والإنشاء ليس كذلك ولعل من زاد لفظ الاحتمال في تعريف القضية ولم يكتف بالقول الصادق أو الكاذب أو ما إلى أن صدق القول وكذبه لمجرد الاحتمال لا بالنظر إلى الواقع وإلا فلا حاجة إليه فتنبه اهـ أقول مراده ببعض المدققين الجلال الدواني فإنه ذكر في حاشية التهذيب في خلال الكلام على تعريف القضية بأنها قول يحتمل الصدق والكذب ما محصله أن حقيقة الخبر الحكاية عن النسبة الواقعة إما على الوجه المطابق فيكون صادقا أوعلى الوجه الغير المطابق فيكون كاذبا فلا يمكن أن يكون حكاية عن النسبة التي هي مضمونه ولا يخفى أن الذي في حواشي الدواني نفي الخبرية عنه لا التصريح بأنه إنشاء اللهم إلا أن يقال حيث انتفى عنه كونه خبرا لزم أن يكون إنشاء وإلا لبطل الحصر في القسمين وقد قال الدواني أيضا في حواشيه الجديدة على شرح التجريد إنه خبر وليس بصادق ولا كاذب اهـ وقد أفردت هذه المغالطة نفسها برسائل عديدة قال مجموع المفهومات بحيث لا يستند شئ منها له نسبة إلى واحد منها بالضرورة والنسبة خارجة عن المنتسبين بلا شبهة فتكون خارجة عن الكل وغير خارجة أيضا لكونها من المفهومات وقد فرض عدم خروج شيء منها عن المجموع، والجواب أنه إن أريد بالمجموع كل واحـد واحد بحيث لا يشذ عنه شيء منه حتى يكون المعنى أن كل واحد واحد من المفهومات له نسبة إلى واحد معين يمتنع كونها غير خارجة وما ذكر في البيان غير مفيد والخروج عن كل واحد معين لا يستلزم الخروج عن الكل من حيث هو كل حتى يلزم المحذور وإن أريد به المجموع من حيث هو مجموع كما هو الظاهر نقول إن المجموع بهذا المعنى غير متحقق إلا بعد ملاحظة العقل واعتباره و بعد الملاحظة بهذا الوجه المذكور لا نسلم لزوم المحذور بل النسبة تحدث بعد ملاحظة العقل المجموع على الوجه المذكور ونسبة الكل واحد وهذه النسبة الحادثة خارجة عن الكل بلا شبهة، وهذا لا ينافي المعرض المذكور أو لا اهـ وقوله وما ذكر في البيان غير مفيد أي لأن البيان لا يفيد إلا دخول النسبة في المجموع من حيث هو مجموع قال الأعم واقع سواء الأخص واقعا أو لا مع أنهم قرروا أن وقوع الأعم لا يتصور إلا بوقوع الأخص بيان ذلك أن الأخص إن كان واقعا كان الأعم واقعا بلا شبهة وإن لم يكن واقعا ولم يكن الأعم يكون الأخص مساويا للأعم إذ كلما ثبت الأخص ثبت الأعم وكلما لم يثبت الأخص لم يثبت الأعم فلا يكون الأعم أعم ولا الأخص أخص والجواب منع الكلية الثانية إن أريد بالأخص الأخص المخصوصة وتسليم ما إن أريد به أخص ما وحينئذ إن أريد بالأخص في قوله لكان الأخص مساويا إلخ الأخص بخصوصه فلزوم المساواة ممنوع وما ذكره في البيان غير مفيد لما عرفت وإن أريد أخص ما فلا كلام في صحته ولا محذور إذ بين الأعم والأخص ما مساواة وسلب أخص ما مستلزم لسلب الأعم ضرورة قال الطلاق موقوف على النكاح والنكاح موقوف على رضا الطرفين فيلزم توقف الطلاق على رضا الطرفين مع انعقاد الإجماع على خلافه وأجيب بأن النكاح موقوف على رضا الطرفين فاللازم توقف الطلاق على رضا الطرفين في النكاح ولا كلام في صحته ونحن نقول النتيجة اللازمة هو أن الطلاق موقوف على الموقوف على رضا الطرفين إذ بعد حذف المكرر بين المقدمتين وهو النكاح يبقى ما ذكرنا وهو المعنى بالإنتاج ولا خدش فيه ولو ضم إلى قياس المساواة المذكور قولا آخر وهو أن الموقوف على الموقوف على الشيء موقوف على ذلك الشيء فيلزم توقف الطلاق على رضا الطرفين نقول هو صادق ولكن بالواسطة والمحذور توقف الطلاق على رضا الطرفين بلا واسطة وهو غير لازم اهـ فهذه نبذة يسيرة قد يحتاج إليها في بعض الأحوال.
قوله (الاستقراء الناقص) ويقال له استقراء غير تام والتقييد بالناقص لإخراج الاستقراء التام فإنه يفيـد اليقين وهو أن يكون حاصرا لجميع الجزئيات وهو القياس المقسم كقولنا كل جسم إما جمـاد أو حيوان أو نبات وكل واحد منها متحيز فكل جسم متحيز.
قوله (وهو حكم على كلي إلخ) قال السعد في شرح الشمسية وفي تفسيرهم تسامح ظاهر لأن الاستقراء حجة موصلة إلى التصديق الذي هو الحكم الكلي فإثبات الحكم الكلي هو المطلوب من الاستقراء لا نفسه فكأنهم أرادوا أن إثبات المطلوب بالاستقراء هو إثبات حكم كلي لوجوده في أكثر الجزئيات والصحيح في تفسيره ما ذكره الإمام حجة الإسلام الغزالي وهو أنه عبارة عن تصفح أمور جزئيـة ليحكم بحكمها على أمر اشتمل على تلك الجزئيات وهو الموافق لـكلام أبي نصر الفارابي من أنه عبارة عن تصفح شيء من الجزئيات الداخلة تحت أمر كلي لتصحيح حكم ما حكم به على ذلك الأمر بإيجاب أو سلب فتصفحنا جزئيات ذلك الداخل تحت أمر كلي لنطلب الحكم في واحد واحد هو الاستقراء وإيجاب الحكم لـذلك الأمر الكلي أو سلبه عنه هو نتيجة الاستقراء سمي بذلك لأن المستقرىء يتتبع الجزئيات جزئيا فجزئيا ليتحصل المطلوب تقول استقرأت استقريت البلاد إذا تتبعتها قرية فقرية تخرج من أرض إلى أرض اهـ والمحشي نقل كلام السعد بلا عزو ويتفق له ذلك كثيرا.
قوله (يسمونه قياسا) ويسمون الصورة التي هي محـل الوفاق أصـلا والصورة التي هي محل الخلاف فرعا والمعنى المشترك بينهما عـلة جامعة ولا يتم الاستدلال على ثبوت الحكم في الفرع إلا إذا ثبت أن الحكم في الأصل معلل بمعنى مشترك بينهما وهما يشتركان في شرائط الحكم واتفاق الموانع لكن تحصيل العلم بهذه المقدمات صعب جدا قاله الرازي في شرح المطالع وعبارة الشمسية مع شرحها للعلامة السنوسي التمثيل إثبات الحكم في جزئي وجد في جزئي آخر لمعنى مشترك بينهما كقولهم العالم مؤلف فهو حادث كالبيت وأثبتوا علّية المعنى المشترك بالدوران وهو اقتران الشيء بغيره وجودا وعدما كما يقال الحدوث دائر مع التأليف وجودا وعدما أما وجودا فكما في البيت وأما عدما فكما في الواجب تعالى وتقدس وهو أن يكون المدار علة للدائر فيكون التأليف علة للحدوث وبالتقسيم المردد بين النفي والإثبات وهو إيراد أوصاف الأصـل وإبطال بعضها ليتعين الباقي للعلية كقولهم علة الحدوث أما التأليف أو كذا أو كذا والأخيران باطلان بالتخلف فتعين الأول وتوضيحه أن يقال علة كون البيت حادثا أما التأليف وأما الوجود وأما كونه قائما بنفسه والأخيران باطلان ضرورة الانتقاض بالواجب فتعين الأول وهو ضعيف أما الدوران فلأن الجزء الأخير من العلة وسائر الشرائط المساوية مدار للمعلول مع أنها ليست بعلة وأما التقسيم فالحصر ممنوع لجواز علية غير المذكور وبتقدير تسليم علية المشترك في المعنيين يجوز أن يكون خصوصية المقيس عليه شرطا للعلية أو خصوصية المقيس مانعة منها فتنتفى العلية في الثاني لانتفاء الشرط والوصف المانع اهـ.
قوله (والعمدة هو البرهان) قال في المحاكمات قد كان دأب الحكماء فيما سبق إذا حاولوا تمهيد قاعدة التعليم الابتدائي في الاستدلال بالشعر لإيراث التخيل ثم الخطابة حتى يجد الظن بالمطلوب ثم الجدل للإقناع والإلزام وعند تمام استعداد المتعلم لتحقيق الحق انتهجوا إليه مناهج الحق أعني البراهين القاطعة اهـ فظهر أن المعتمد عليه عند الحكماء أربعة وظهر الترتيب بينها اهـ قاله بعض حواشي قول أحمد وحينئذ فالحصر للمبالغة بتنزيل ما سوى البرهان كالعدم أو أنه هو المعتمد عليه في اليقينيات فيكون الحصر حقيقيا وما نقله المحشي عن قول أحمـد إن في قوله تعالى: ﴿ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ الآية إشارة للخطابة والجدل فمن المجازفات التي لا يليق التجرؤ بها على الكتاب العزيز وهو نظير ما قاله بعض من حشى شرح القاضي زاده على إشكال التأسيس إن قوله:﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ﴾ إشارة للمناقضة والنقض الإجمالي ثم لا يخفى حسن ختم المصنف كتابه بهذه الجملة فإن فيها إيماء إلى أن كتابه معتمد عليه في تحصيل الفن وقد قوى الشارح هذه الإشارة وزادها حسنا بقوله ولكونه كافيا وقد وقع نظير ذلك في ختم رسالة الاستعارات المسماة بالسمرقندية بقوله وما سواه ترشيح فإن فيه تلميحا إلى كفاية المتن في العلم وأنه أصل عظيم فطلب غيره لمجرد التقوية كما أن الترشيح زائد على الاستعارة يقصد منه تقوية التشبيه والاستعارة بدونه تتم.
وما قصدت جمعه بحمد الله وحسن توفيقه ختم.
وقد كنت شرعت في هذه الحاشية عند قراءتي للشرح بالجامع الأزهر عام قدومي من السفر لبلاد الروم والشام وقد استكملت في هـذه السياحة عشرة أعوام وكان قدومي بمصر عام ثمانية وعشرين ومائتين فكتبت فيها حتى انتهيت لباب التناقض ثم عاقت عوائق عن إكمالها فبقيت هكذا في زوايا النسيان حتى يسر الله لإقراء الشرح مرة ثانية حاولت فراغا من الزمن لروم إتمامها وكثرة الشواغل تدافعنى وتكدير الوقت يمانعني وكلما لاحت لي فرصة من الفراغ أشغلتها بالكتابة فيها حتى تيسر إتمامها بعد صلاة العشاء ليلة مولده ﷺ وهي ليلة الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين ومائتين وألف
وأسأل الله سبحانه أن ينفع بها كل من اشتغل بها وأن يتجاوز عني بفضله وكرمه
والحمد لله أولا وآخرا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تم ربط الحاشية بالشرح إلكترونيا
على يد الفقيرة سامية أحمد زكي
غفر الله لها ولوالدَيْها
آمين