قوله: ((اسم جنس)) المرادُ به هنا ما يشمل عَلَمَ الجنسِ.
قوله: ((كأسد)) ولو قلنا إنه للفَرْدِ المنتَشِرِ، فإنَّ الانتشارَ وعمومَ الوضعِ يكفي في الإدراج، إنما يُنافيه المُشَخَّصُ بالوضعِ الخاصِّ، وكذا القولُ في اسمِ الإشارةِ ونحوِهِ بناءً على وَضْعِهَا للجزئياتِ.
فاندفعَ التَوَقُّفُ بأن الاستعارةَ والإدراجَ إنَّما تَظْهَرُ على أن الموضوعَ له كُلِّيٌّ، فتدبر.
ثُمَّ يُشِيرُ الشارحُ بالتمثيلِ إلى أن مُرَادَ المصنفِ باسم الجنس الكليُّ لا مجردُ ما ليس بمُشْتَقٍّ حتى يشمل العلمَ الذي لم يشتهر بوصفٍ، ثُمَّ الكليُّ إمَّا حقيقةً أو تأويلا.
قوله: ((لأن الاستعارةَ إنما تمتنع في العَلَمِ...إلخ)) علةٌ للقِسْمِ الثاني، ومفهومُ «الاستعارةَ» جوازُ المرسَلِ كإطلاق زيد على جزئِهِ لعدم احتياجه للإدراج المُنافي للعَلَمِيَّةِ.
ولا عِبْرَةَ بمَنْ مَنَعَهُ قياسًا على الاستعارة للفارق، وجَعَلَ «ضَرَبْتُ زيدًا» مجازًا عقليًّا حيث ضَرَبَ بعضَهُ.
وأما الأعلام في معانيها الأصلية فقد مَرَّ الكلامُ في أنها حقيقةٌ أَوْ لا في البسملةِ والتعريفِ.
قوله: ((من أفراد المشبه به)) رَدَّهُ السيدُ بأن المبالغةَ في التأويلِ تكون بدَعْوَى الاتحادِ.
وأجاب عبد الحكيم بأنها لو كَفَتْ لقيل بها في الجنس، على أنها إن كانت لا عن قَصْدٍ فغَلَطٌ وإلا فبِوَضْعٍ جديدٍ أو دعوى كاذبةٌ، فلابد من التأويل في الإدراج وهو توسيع دائرة وإلا فالسياق في القصد.
ثُمَّ مِنْ أينَ الكذبُ مع أن ما شابَهَ الشيءَ له حُكْمُهُ فكأنَّه هو، وقد قال السكاكي بنظير ذلك في المكنية حيث قال بادعاء أنه عينُهُ، وأمَّا الاكتفاءُ بها في الجنس فلا يُنَاسِبُ لأن المُلْتَفَتَ له فيه الأفرادُ فيدرج فيها، فمناقشةُ السيدِ جيدة بالتأمل الصادق.
قوله: ((بعد التشبيه)) يَدُلُّ السياقُ على أن التأويلَ للاستعارةِ بعد التشبيهِ بالشَّخْصِ نفسِهِ.
فاندفع التَّوَقُّفُ بأنه بعد التأويل يَشْمَلُ المشبهَ فلا يَتَأَتَّى تشبيهٌ ونَقْلٌ، ولا حاجة لتمحل الجواب بأنه يُؤَوَّلُ بجَوَادٍ بَلَغَ غايةً لم يَصِلْهَا المشبهُ.
واندفع أيضًا القولُ بأن المبالغةَ مُلْتَفَتٌ فيها لذلك الشخصِ المعهودِ لا مطلقِ كريمٍ.
فحاصلُهُ أن التأويلَ تقديريٌّ لتصحيح قاعدةِ الاستعارةِ، والغَرَضُ الأصليُّ الإلحاقُ بالشَّخْصِ المعهودِ، فتأمل.
والواوُ في قول الشارح «وأن يكون» زائدةٌ أو عاطفةٌ على محذوفٍ أي: «لابد من ذلك وأن يكون..إلخ».
إن قُلْتَ لِـمَ لَـمْ يُعْتَبَرِالتأويلُ بمُسَمَّىً بكذا.
قُلْتُ التسميةُ لا تَصْلُحُ غرضًا للبليغ في التشبيهِ، على أنها تُخْرِجُ اللفظَ عن موضوعِ العَلَمِ، فمِنْ ثَمَّ يُضَافُ نحوُ «عَلَى زَيْدُنَا يومَ النَّقَا رأسَ زَيْدِكُمْ» و«ليلاي منكن» بخلاف الوصفيةِ فقاصرةٌ على المسمَّى الأصليِّ أصالةً، فتدبر.
قوله: ((كمَادِر)) بالمهملةِ من مَدَرَ الشيءَ خَلَطَهُ بالمَدَرِ وهو قِطَعُ الطينِ الصغيرةِ اليابِسَةُ فَعَلَ ذلك بحوضٍ بَعْدَ شُرْبِ إِبِلِهِ بُخْلاً على الناسِ بَعْدُ.
قوله: ((كسَحْبَانَ)) أصلُهُ الصائدُ يَصِيدُ كلَّ ما مَرَّعليه،والمعاني صَيْدُ الفصيحِ.
قوله: ((الرجل المعهود)) حاتمٌ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الحَشْرَجِ الطائي جاهليٌّ وابنُهُ عَدِيٌّ صحابيٌّ وكذلك بنتُ حاتمٍ التي أكرمَها صلى الله عليه وسلم، وأصلُهُ اسمُ فاعلِ حَتَمَ أَوْجَبَ.
قوله: ((أو غيره)) لكنْ ما عدا المشبهَ، لأن تناولَهُ بالإدراجِ بَعْدُ، وبالجملةِ هنا عَمَلانِ ادعاءُ أَنَّ له أفرادًا وكليةً في نفسه كـ«أسد»، ثُمَّ ادعاءُ الإدراجِ الحاصلِ في «أسد» وغيرِهِ، والشارحُ أَدْرَجَهُما في قالبٍ واحدٍ، وأصلُهُ من كلام السعد.
قوله: ((أي: اسما غير مشتق)) يَتَنَاوَلُ نحوَ «صَهْ»من أسماءِ الأفعالِ، وفي الفارسية أنها تَبَعِيَّةٌ لمصادرَ مُحَقَّقَةٍ أو مُقَدَّرَةٍ فاستعارةُ «هَيْهَاتَ» لـ«تَعَسَّرَ» تابعةٌ لاستعارةِ البُعْدِ الحسيِّ للتَّعَسُّرِ بجامع عدمِ النَيْلِ مثلا.
واعلم أن هذا ظاهرٌ إِنْ عُلِّلَتِ التبعيةُ بعدم استقلالِ المعنى، وقيل مدلولُ اسمِ الفعلِ هو معنى الفعلِ أو لفظُهُ ولُوحِظَ دلالتُهُ على معناه فيَؤُولُ للأَوَّلِ بالواسطةِ، أمَّا إِنْ عَلَّلْنَا التبعيةَ بقَصْدِ المصدرِ أصالةً وتَفَرُّعِ غيرِهِ كما للسعد فهي قاصرةٌ على نحو نَزَالِ ودَرَاكِ من المشتقاتِ التي لها مصادر بالفعل وفي غيرها أصليةٌ.
ويَتَنَاوَلُ أيضًا أسماءَ الإشارةِ، وفي الفارسية تَبَعِيَّتُها لتَضَمُّنِها معنى الحرفِ وَوَضْعِها للجزئياتِ فيُعْتَبَرُ أَوَّلاً تشبيهُ مطلقِ معقولٍ بمطلقِ محسوسٍ مثلا.
وقديقال لا يلزمُ من تَضَمُّنِ الشيءِ معنى الشيءِ أَنْ يُعْطَى حكمَهُ.
ويَتَنَاوَلُ أيضًا الضمائرَ، وذكر البهاء السبكي في عروس الأفراح احتمالَ تبعيتها لمَرْجِعِهَا فهي في نحو رأيتُ أسدًا فَصِدتُّهُ حقيقةٌ، وفي نحو رأيت أسدًا في الحمام فأكرمتُهُ مجازٌ، ثم قال وهو الحقُّ.
والحق أن الضميرَ حقيقةٌ فيهما فإنَّ وَضْعَهُ على أن يَعُودَ لمتقدمٍ عُبِّرَ عنه بلفظٍ حقيقيٍّ أو مجازيٍّ.
نعم إذا استُعْمِلَ في المُخاطَبِ، وقلنا إنه مجازٌ على ما حَقَّقْناهُ في مبحثِ الالتفاتِ من البسملةِ جَرَى في الأصالةِ والتبعيةِ على ما تَقَدَّمَ في اسمِ الإشارةِ.
ويَتَنَاوَلُ أيضًا المُثَنَّى والجمعَ، وقَرَّرَ نورُ الدين الشيخُ علي الشَّبْرَامَلِّسِي على العصام استظهارَ أنها تبعيةٌ للمفرد، ولم يَطْرَأْ عليها في حال التثنية والجمع تَجَوُّزٌ مُسْتَقِلٌّ عما في المفرد، فليتأمل.
قوله: ((ودخل نحو حاتم)) أي: فَقَيْدُ «في الوضع الأصلي» للإدخال وخروجُ الصفةِ بما قبله خلافًا لما يُوهِمُهُ كلامُهُ بَعْدُ، فتدبر.
قوله: ((عارضة)) أي فلا يُنْظَرُ لها حتى تكونَ استعارةً تبعيةً كالمشتق إذ لا يلزم من تأويل الشيءِ بالشيءِ أن يُعْطَى حُكْمَهُ خلافًا لِـمَا في الأطول، ويلزمُ تبعيةُ اسمِ الإشارةِ والضمائرِ لتأويلها بمشارٍ إليهِ ومتكلمٍ..إلخ، بل الموصول لقولهم إنه مع صِلَتِهِ في قوةِ المشتق.
قوله: ((وخرج بالاسم)) قيل في مثلِهِ الأَوْلَى«وخرج عن الاسم» إذ الجنسُ للإدخال لا للإخراج.
قلنا كلٌّ من «عَنْ وباءِ السببية» صحيحٌ حيث كان من خروجه بنفسه، إنما الإشكالُ لو قيل «أَخْرَجَ» من الإخراج، وَرُدَّ.
قوله: ((في الجملة)) أي: على الإجمالِ الصادقِ بالكلِّ والبعضِ، فتَعْلِيلُهُ بـ«البعضِ» بَعْدُ مِنْ تعليلِ العامِّ بالخاصِّ لا تعليلِ الشيءِ بنفسِهِ كما يُتَوَهَّمُ من تفسيرهم «الجملةَ» بـ«البعضِ» وإنما ذاك اقتصارٌ على المُحَقَّقِ نظيرَ المُهْمَلَةِ والجزئيةِ، فتَأَمَّلْ.
قوله: ((وبهذا يشعر...إلخ)) من باب وبِضِدِّها تتميزُ الأشياءُ فحيث عُلِّلَتِ التبعيةُ بتبعيتها لغيرها فالأصليةُ بتبعيةِ غيرِها لها، وقد يُشْعِرُ بالأولِ أيضًا وهوعدمُ تبعيتِها في ذاتِها، فتدبر.
قوله: ((أو لأنها الكثير)) إن قُلْتَ كيف هذا مع أن الأصليةَ في بعض الأسماء والتبعية في بعض الأسماء أيضًا وكلِّ الأفعالِ والحروفِ.
قُلْتُ المُلْتَفَتُ له الأفرادُ المُحَصَّلَةُ لا الأنواعُ، وظاهرٌ أَنَّ مع كلِّ تبعيةٍ أصليةٌ قَبْلَهَا ثم تَنْفَرِدُ الأصليةُ بنحو «الأسد».
قوله: ((للمبالغة)) التفاتٌ للمُرادِ بالأصل لا لمفهومِهِ الأعمِّ ،وَوَجْهُ المبالغةِ أنه قيل إنَّ هذا الأمرَ بَلَغَ النهايةَ حيث لا يُنْسَبُ لغيرِهِ إذ كل ما عداه حقيرٌ بالنسبة له فلا يُمْكِنُ إلا نسبتُهُ لنفسه أوأنه لكماله يُقَدَّرُ التجريدُ منه والنسبةُ بين الأصليِّ والمجرَّدِ.
قوله: ((فعلا)) يَشْمَلُ ما لا مصدرَ له كيَذَر ويَدَع ونِعْمَ وبِئْسَ.
ويمكنُ أن يُقَدَّرَ لها مصادرُ نظيرَ ما سبق في أسماء الأفعالِ أو يُكْتَفَى بالتشبيهِ في المعاني من الأحداثِ وإن لم يُوضَعْ لها مصدرٌ من المادةِ.
ويشملُ أيضًا ما اقتَرَنَ بالحرفِ المصدريِّ نحو يُعْجِبُنِي أن تَقْتُلَ زيدًا بمعنى تَضْرِبُهُ، ولا يقال أصليةٌ باعتبارِ تأويلِهِ بمصدرٍ فإنَّ المعتَبَرَ اللفظُ المذكورُ، وهذا نظيرُ ما سبق في تأويل نحو «حاتم».
قوله: ((واشتقاق الفعل أو الوصف منه)) أي: من المصـدرِ المستـعارِ فلا حاجةَ لتشبيهٍ ولا استعارةٍ في المشتقِّ بَعْدُ بل هما ساريان من المصدرِ، ثُمَّ هذا باعتبارِ المادةِ، وقد تكونُ باعتبارِ الهيئةِ كـ﴿أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ﴾ بمعنى يأتي، فظاهرُ كلامِهم اعتبارُ الاستعارةِ في المصدرين أيضًا.
قيل ويَرُدُّهُ اتحادُ المادةِ، واختلافُ الزَّمَنِ خارجٌ عن المصادر.
فالحقُّ ما قاله الشيخ عصام الدين من الاكتفاءِ فيهما بالتشبيهِ، وأَفَادَ أيضًا أنَّ معنى (تبعيةٍ) في هذا أن الكلمةَ المركبةَ من المادةِ والهيئةِ مستعارةٌ بالتَّبَعِ لاستعارةِ جُزْئِهَا، وهو الهيئةُ وهو يُفِيدُ الدخولَ في التعريفِ من غيرِ أن يرادَ بالكلمةِ ما يَشْمَلُ الهيئةَ إلا من حيث المتبوعُ مع إمكانِ تبعيةِ المجموعِ للمادةِ بالقياس على ما قال، فتدبر.
نعم فيه التفاتٌ إلى أن المجموعَ موضوعٌ فإنه إذا وُضِعَتِ المادةُ لِلْحَدَثِ والهيئةُ للزمانِ كان المجموعُ موضوعًا للمجموع فيُوصَفُ بالحقيقةِ والمجازِ وإِنِ اسْتُشْكِلَ بأن وَضْعَ المادةِ شخصيٌّ والهيئةِ نوعيٌّ، فوَضْعُ المجموعِ فيه تَحَكُّمٌ إِنْ حُمِلَ على أحدِهما وتَنَاقُضٌ إِنْ جُمِعَ بينهما، وقد وُضِّحَ ذلك في علم الوضع.
بَقِيَ أنه هل يُسْتَعَارُ الفعلُ باعتبارِ جزءِ مدلولِهِ الثالثِ وهو النسبةُ على ما فيه خِلافٌ في شرح العصامِ، والأظهرُ الاستغناءُ عن ذلك بالمجازِ العقليِّ.
وعلى إِرْخَاءِ العِنَانِ فالقِسْمَةُ سُبَاعِيَّةٌ لأنَّ الأجزاءَ ثلاثةٌ «حَدَثٌ وزمانٌ ونسبةٌ» فيُتَجَوَّزُ في كل واحدٍ أو في اثنين أو في الثلاثةِ، ومثالُ اجتماعِ الثلاثةِ لِيَسْتَنْبِطَ منه الحاذقُ بقيةَ الأقسامِ أن تقول «قَتَلَ الأميرُ زيدًا»بمعنى يَضْرِبُهُ خَدَمَتُهُ، فتُشَبِّهُ الضَّرْبَ والاستقبالَ والنسبةَ للسببِ الآمِرِ بالقتلِ والماضي والنسبةِ للفاعل الحقيقيِّ بجامع شِدَّةِ الإيذاءِ والتَّحَقُّقِ ومطلقِ الارتباطِ، وتَسْتَعِيرُ الفعلَ الموضوعَ للمُشَبَّهِ به للمُشَبَّهِ، فتدبر.
قوله: ((استعارة لفظ«في»))وقال الكوفيون حروفُ الجرِّ مشتَرَكَةٌ بين ما وَرَدَتْ له، فـ«في» حقيقةٌ هنا.
قوله: ((لمعنى «على»)) قيل كَانَ يَشُقُّ الجِذْعَ ويَضَعُ الرَّجُلَ في داخلِ جُزْأَيْهِ، فالظرفيةُ مُتَحَقِّقَةٌ.
قوله: ((استعارة لفظ الظرفية)) الحقُّ أنه لا دَاعِيَ لهذا، إنَّما الذي يَسْرِي التشبيهُ كما قال بَعْدُ، وإنَّمااسْتَعَرْنَا المصدرَ لِدَاعِيَةِ الاشتقاقِ منهُ.
قوله: ((تَرَتُّبِ)) أي: في الخارجِ وإن كان باعثًا في القَصْدِ من بابِ (أَوَّلِ الفِكْرِ آخِرُ العَمَلِ)، وقيل لامُ الصَّيْرُورَةِ حقيقةٌ على حَدِّ ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
قوله: ((نحو العداوة والحزن)) أي: ممّا ليس شأْنُهُ التَّرَتُّبَ على ذلك الشيءِ.
قوله: ((كالمحبة)) هذا باعتبارِ الشَّأْنِ وإِنْ لم يَقْصِدُوهُ حالَ الالتقاطِ فإنهم التَقَطُوهُ أَوَّلاً لِيُذْبَحَ ثُمَّ أُبْقِيَ بَعْدُ لذلك، فتأمل.
قوله: ((قدر استعارة الترتب)) فيه ما سبق.
قوله: ((بمعنى الاستعمال)) ويَبْعُدُ أن يراد اللفظُ من جريانِ الكلي في الجزئي بمعنى تحققِه فيه، فتدبر.
قوله: ((متعلَّق)) بفتح اللام وإن كان التعلُّقُ نسبةً بينهما إلا أن الأَوْلَى اعتبارُ الكليِّ أصلاً والجزئيُّ تَعَلَّقَ به.
قوله: ((ابتداء الغاية)) الإضافةُ لأَدْنَى ملابسةٍ أو المرادُ ابتداءُ ذِي الغايةِ.
قوله: ((وإلا لما كانت حروفا)) اختيارٌ لكلامِ العَضُدِ ومَنْ وافقهُ على أن الوَضْعَ للجزئياتِ بآلةٍ كليةٍ، وإنّما تَصِحُّ الآلَةُ على أن الواضعَ غيرُ اللهِ وإلا فهو يَعْلَمُ الأشياءَ تفصيلاً غَنِيٌّ عن الآلاتِ،وجَعَلَ السعدُ الوَضْعَ للكليِّ بشرط الاستعمال في الجزئيات، فلَمْ يكتفوا بهذا الشرطِ فارقًا في الحَرْفِيَّةِ والاسميةِ وأَلْزَمُوهُ مجازاتٍ لا حقائقَ لها، وسَبَقَ لك صحتُهُ مع صحةِ أن الكلي في الجزئيِّ حقيقةٌ.
قوله: ((بنوع استلزام)) زاد «نوع»لأنه من أحدِ الطرفين دون الآخر فإن الخاص يستلزمُ العامَّ دون العكس.
قوله: ((غير مستقلة بالمفهومية فلم يصح)) إن قلت قد يُحْكَمُ عليه في نحو «معنى الحرفِ مغايرٌ لمعنى الاسم».
قُلْتُ هذا إن لُوحِظَ من حيث ذاتُهُ، وعدمُ استقلالِهِ إذا لُوحِظَ آلةً للجَمْعِ بين شيئين مُعَرِّفًا لحالهما فلا يكون ملحوظًا بذاتِهِ أَلْبَتَّةَ ولا يُعَبَّرُ عنه حينئذٍ إلا بالحرفِ.
وقد مَثَّلَ السيدُ ذلك بالمرآةِ تارةً تُعْتَبَرُ آلةً للغير فلا يُحْكَمُ عليها وتارةً يُنْظَرُ لذاتِ جوهرِها فتكونُ مقصودةً، وظاهرٌ أنَّ الكليَّ لا يُجْعَلُ آلةً فلذلك كان من معاني الأسماءِ دون الحروفِ، فتَدَبَّرْ يَنْدَفِعْ عنك ما يُتَخَيَّلُ هنا من التَّحَيُّرَاتِ.
فليس مجردُ كونِ الشيءِ من الأمورِ النسبيةِ قاضيًا عليه بعمومِ عدمِ الاستقلالِ بالمفهوميةِ.
إن قلت مقتضى عدمِ الاستقلالِ عدمُ التشبيهِ والاستعارةِ أصلاً لا تبعيةٍ ولا أصليةٍ فإنَّ في ذلك حُكمًا من حيث كان.
قلنا من القضايا المسلّمةِ (يُغْتَفَرُ في التابعِ ما لا يُغْتَفَرُ في المتبوعِ).
نعم يقال هَلَّا اعتُبِرَتِ التبعيةُ للجزئيِّ من حيث ذاتُهُ التي سبق استقلالُهُ باعتبارِها، فإنَّ ذلك أقربُ من الانتقال للكلي، وكأنَّهم رَأَوْا ملاحظةَ الكلي أَنْسَبَ لاندراجِ المقصودِ تحته فيَسْهُلُ الانتقالُ بخلافِ المتغايرين بالاعتبارِ، فتدبر.
قوله: ((استقلالا تاما)) وأما أصل الاستقلال في نفس الحَدَثِ فثابتٌ غيرَ أنه لابد أَنْ يُنْسَبَ لصاحبه فصفتُهُ غيرُ مستقلةٍ.
ولم يُعَوِّلْ في التعليل على كونه غيرَ قارِّ الذاتِ لأنه لا يَشْمَلُ أسماءَ المكانِ والآلةِ فإنها قارَّةٌ تجتمعُ أجزاؤُها في الوجودِ مع أن الحكمَ يكون على غير القارِّ نحو حركةٌ سريعةٌ وزمانٌ طيبٌ، فلذا انتقد التفتازانيُّ التعليلَ به وعَوَّلَ على ما أسلفنا عنه من أنَّ المصدرَ هو المقصودُ الأصليُّ.
قوله: ((أبحاث)) سبق كثيرٌ منها، ومن جملتها ما ذكرنا في الأقسام من أن المكنية تكون تبعية نحو أراق الضاربُ دَمَ زيدٍ.
ومنها أن المصنف قال في حواشي هذه الرسالة لم يقع منهم تصريح بتقسيم المرسَل لأصليٍّ وتبعيٍّ، ثُمَّ استَنَدَ لوقوعِهِ بما قالوه في ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ﴾ معناه أردتَّ القراءةَ، فإن الإرادةَ سببٌ للقراءةِ.
وناقشَهُ العصامُ بإمكانِ أن كلامَهم بيانٌ للجزءِ المعتَبَرِ بالمجازِ لا للتبعيةِ، وأيَّدَهُ الدَّلْجِيُّ عليه بأن المرسَلَ لا يَعْتَمِدُ الحكمَ بالمشابهةِ فلا يقتضي الاستقلالَ، وفيه أنه يعتمد الحكمَ بعلاقةٍ.
فالحقُّ أنه يكون تبعيًا، ويمكن اعتباره في الهيئة السابقة إما باعتبار الإطلاق والتقييد في الزمن أو أن المستقبل يَؤُولُ لكونه ماضيًا، فإن الاستقبالَ سابقٌ ثُمَّ الحالُ حيث اتَّحَدَ الموصوفُ، واقتصر عليه ابن هشام في المغني.
نعم في أزمنةٍ مختلفةٍ يَسْبِقُ الماضي ثُمَّ الحالُ ثُمَّ الاستقبالُ وهو الذي يَفْهَمُهُ عوام الطلبة كما قال، وهو صحيحٌ أيضًا كما في الدماميني.
قوله: ((تقليلا للأقسام)) ولم يَعْكِسْ لأن التبعيةَ لا تَنُوبُ عن المكنيةِ في نحو «أظفارِالمنيةِ».