قوله: ((لمجرد التأكيد)) أَرَادَ تجريدَهُ عن التفصيل كما وَضَّحَهُ بَعْدُ، فلا يُنافِي مُصاحبةَ الشرطِ بل مَنْشَأُ التأكيدِ هو الشرطُ من حيث التعليقُ على مُحَقَّقٍ، واشتهر تقديرُ «مَهْما»، وفيه أن الفاءَ يَكْفِيها مطلقُ شرطٍ، إلا أن يقال «إِنْ» للشَّكِّ وغيرُها خاصٌّ بِقَبِيلٍ كالزمان في «متى» والعاقلِ في «مَنْ» وليس المرادُ خصوصًا ولا المقامُ للشَّكِّ، وتقديرُ «أَيْ» مضافةً لعامٍّ تَكَلُّفُ شَيْئَيْنِ.
نعم هذا يتوقَّفُ على عمومِ «مَهْما» لأنَّها لغير العاقل كـ«ما»، فتَدَبَّرْ.
قوله: ((تَكَلُّفًا)) بتقدير المُجْمَلِ وبعضِ التفصيلِ، قيل التقديرُ هنا «العلومُ شَتَّى أمَّا النحوُ فلا أَبْغِيهِ..إلخ، وأمَّا الاستعاراتُ فأُرِيدُها وأقولُ إِنَّ معانيَ...إلخ» وأنت خبيرٌ بأن التفصيلَ من جنسِ الوالي لـ«أَمَّا» كالرجال في أَمَّا زيدٌ فأكرمتُهُ، والوالي هنا الظرفُ، فالأنسبُ أن التقديرَ أَمَّا المقامُ السابقُ فالبسملةُ والحمدلةُ...إلخ وأَمَّابَعْدُ...إلخ، فتَأَمَّلْ.
واكتَفَى الزمخشريُّ بملاحظةِ الإجمالِ وبعضِ التفصيلِ في الذِّهْنِ ثُمَّ يَقْتَصِرُ المتكلمُ في نُطْقِهِ على ما يظهرُ له ولا حاجةَ لتقديرٍ.
قوله: ((فإن معانيَ...إلخ)) أي: فأقولُ إِنَّ معانيَ...إلخ لأن الجوابَ مُتأَخِّرٌ والذِكْرُ سابقٌ، وأَوْرَدَ شيخُنا وشيخُ مشايخنا السيدُ البُلَيْدِي على هذا المشهورِ تصريحَ النُّحَاةِ بلزومِ حَذْفِ الفاءِ مع القولِ نحو﴿فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُم﴾أي: فيقالُ لهم أكفرتم.
قوله: ((أي: الاستعارة التصريحية...إلخ)) رَدٌّ لقولِ العصام لا يخفى أن المعانيَ لِلَفْظِ «استعارة» بالإفرادِ، فحاصلُهُ أنه من مقابلةِ الجمعِ بالجمعِ على أنهُ إِنَّما يَرِدُ إِنْ كان من إضافة المدلول لا البَيَانِيَّةَ، وأَرَادَ الشارحُ هذه الاستعاراتِ على أنها أسماءُ أجناسٍ لا أَعْلامٌ تُصُرِّفَ فيها لشُهْرَتِها كما قيل، لأن ذاك حيث اقْتُصِرَ على الجزء المُعَيِّنِ للمراد كـ«السَّعْدِ« و«عِصَامٍ»، فتَأَمَّلْ.
قوله: ((الغير التخييلية)) جَمَعَ بين «أَلْ» والإضافةِ لأنَّ «غير» في معنى مُغَايِرٍ وهو وَصْفٌ، قال في الخُلاصَةِ:
(وَوَصْلُ أَلْ بِذَا المُضَافِ مُغْتَفَرْ* إِنْ وُصِلَتْ بالثَّانِي..........)
والظاهرُ أَنَّ هذا القيدَ للاحتراز ولو على مذهب الجمهور، فإنهم حيث سَمَّوْهَا استعارةً تَسَمُّحًا مع أنها مجازٌ عقليٌّ فَلْتَكُنْ تصريحيةً تَسَمُّحًا أيضًا.
قوله: ((سهلة الضبط)) يعني أن ضبـطها الحاصلَ بالفعل سهلٌ وهذا رجوعٌ لِـمَا آلَ إليه كلامُهُ في الكبير مع عصامٍ قال العصام الأَوْلَى في المقابلة «غير مضبوطة» أَوَّلاً أو يقولُ ثانيًا «سهلة الضبط»، قال الشارح الأَوَّلُ خلافُ الواقعِ لأنهم ضبطوها بِعُسْرٍ، والثاني يُوهِمُ أنه سَهَّلَ ضبطَها ولم يَضْبِطْها بالفعل، قال إِلَّا أَنْ يُرَادَ أن الضبطَ الحاصلَ سَهْلٌ.
قوله: ((على وَجْهٍ)) يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بـ«مجملة مضبوطة» من حيث أصلُ المعاني لا صفة الإجمال والضبط.
قوله: ((المشبه به)) يُشِيرُ بِذِكْرِ المشبه به لمناقشة الحفيد حيث قال شُبِّهَتِ المسائلُ بالدُّرَرِ على طريق المكنية، وإثباتُ «نظمت» تخييلٌ، فإن المكنيةَ لا يُصَرَّحُ فيها بالمشبه به، وقد تَعَرَّضَ لذلك في الكبير.
قوله: ((عائدة إلىَّ)) يشير إلى نُكْتَةِ التعبيرِ بـ«عوائد»، وَرَدٌّ لقولِ عصامٍ «لو قال فرائد فوائد لكان أحسنَ» فإن غايةَ ما فيه تَحَقُّقُ الجناسِ اللاحِقِ وفيما عَبَّرَ المصنفُ نكتةٌ معنويةٌ وهي بيانُ العَوْدِ.
قيل الفائدةُ أيضًا ما اكْتَسَبْتَهُ من عِلْمٍ أو غيرِهِ فهي عائدة، قال الحفيد «هذا إِنْ جُعِلَتْ مِنْ للابتداءِ لا للبيان»، وَرُدَّ بأن نفس الاكتساب يفيدُ عَدَمَ الاختراعِ، وأنت خبيرٌ بأن الاكتساب بمعنى التحصيل فلا يُنَافِي الابتكارَ بل ولو جُعِلَتْ «مِنْ» للابتداءِ لجوازِأن يَخْتَرِعَ من عِلْمِ نَفْسِهِ، فتَدَبَّرْ.
قوله: ((وإلى تمثيلية...إلخ)) التقسيمُ اعتباريٌّ تجتمعُ فيه الأقسامُ على ما يأتي عن السعد والسيد في كون التمثيلية تبعيةً من الكلام ولغيرهما أيضًا مما سيتضح إن شاء الله تعالى.
قوله: ((وإلى مرشحة)) يشير لرد قول العصام «كان على المصنف أن يذكر الترشيح وكأنَّهُ لم يَعْتَنِ به أو أَدْرَجَهُ في القرائن» يعني قرينة المكنية لأن كلا منهما من ملائمات المشبه به قال «والقول بأنه أدرجه في تحقيق المعاني مردودٌ بإفراد القرائن مع تَوَقُّفِ تحقق معنى الاستعارة عليها»، وكذا القول في التجريد لكن يُدْرَجُ في قرينة المصرحة، ولا يتأتى في الإطلاق إدراجٌ.
قوله: ((والتصريحية التخييلية تنقسم إلى أصلية...إلخ)) هذا على مذهب السكاكي إذ يلزمه أنها في «نَطَقَتِ الحالُ» تبعيةٌ بحسب القواعد وإن كان هو ينفي التبعيةَ كما سيأتي.
أَمَّا على مذهب القوم من بقاء اللفظ على حقيقته فلا ولم يذكر من أقسام التخييليةِ التمثيليةَ، قيل ولا مانعَ منه نحو «أرى الحالَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وتؤخر أخرى» على مذهب السكاكي أيضا.
قوله: ((والمكنية تنقسم...إلخ)) رَدٌّ لقول عصام «لا أقسام للمكنية» وكأنه نَزَّلَ المذاهبَ منزلةَ الأقسام، على أنه أجيب عنه أيضا بأن إضافة الأقسام لضميرها لا تقتضي أن لكل واحد منها أقساما.
ولم يَذْكُرْ من أقسام المكنية التبعيةَ، ويأتي نحو «سَفَكَ الضاربُ دَمَ زيدٍ»، والتمثيليةَ نحو ﴿أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ﴾ على ما سيتضح إن شاء الله تعالى.
قوله: ((وقرائنها)) من المعلوم أن التخييلية قرينة المكنية فقد بينها من جهتيـن جهةِ أنها من الأقسام باعتبار ذاتها وجهةِ كونها قرينةً.
قوله: ((لكل استعارة قرينة)) يَرُدُّ قولَ العصامِ «لم يُحَقِّقْ إلا قرينةَ المكنيةِ» جاءه من أنه لم يفصل خلافا إلا فيها، وفيه أَنَّ التحقيقَ الذِّكْرُ على الوجه الحقِّ ولو إجمالا في التعريف، ولكل مقامٍ مقالٌ.
قوله: ((في ثلاثة عقود)) إن أردتَّ بها وبـ«الفرائدِ» المعانيَ أو الألفاظَ فهو من ظرفية المُفَصَّلِ في المُجْمَلِ، وإن أردتَّ بـ«الفرائد» المعانيَ وبـ«العقودِ» الألفاظَ فمن ظرفيةِ المدلولِ في الدالِّ، وبالعكسِ العكسُ.
قوله: ((مجاز الأَوَّلِ)) الظاهر أن العِقْدَ مجموعُ الخَرَزِ والخيطِ فالعلاقةُ الكليةُ أو الخَرَزُ المنتظمُ فالعلاقةُ الحالِيَّةُ أو المجاوَرَةُ، ولا يظهر ما قالوه إلا لو كان نفسُ الخيطِ يَؤُولُ لكونه عِقْدًا، فتدبر.
قوله: ((لم يُرِدْ...إلخ)) رَدٌّ لاعتراض العصام على المصنف بأنه يفيد أن كل واحد في عقد وأنها على الترتيب المذكور وليس كذلك.
قوله: ((فضلا)) أى: انتفى إرادةُ الأول زيادةً على انتفاء الثاني فانتفاءُ الثاني حاصلٌ ولا كلامَ.
قوله: ((أبحاث)) هي المناقشاتُ السابقةُ مع العصام وحفيدِهِ.