قوله:(فالمجاز في الإسناد) أي: المسمّى بهذا الاسم.
قوله:(خبرياً كان) نحو: بنى الأمير، وقوله: أو إنشائياً نحو: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِيْ﴾.
قوله:(هو) أي: المسمّى المذكور. وقوله: إسناد الفعل الخ تخصيصه بالفعل وما في معناه طريقة الخطيب، وطريقة القوم أعمُّ من ذلك فيشمل إثبات الأظفار للمنية كما يأتي أنْ شاء الله تعالى وهو التحقيق وإنّما مشى المؤلف على طريقة الخطيب لسهولتها على المبتدئ.
واعترض قوله: فالمجاز في الإسناد الخ بأنّ المجاز العقلي كما يكون في النسبة الإسنادية يكون في النسبة الإيقاعية والإضافية نحو: نومتُ الليلَ ، وأجريتُ النهرَ، قال الله تعال: ﴿وَلَا تُطِيْعُوا أَمْرَ المُسْرِفِيْنَ﴾، ونحو أعجبني إنبات الربيع البقل، وجري الأنهار، وأجيب: بأنّ القصد تعريف نوع مخصص من المجاز.
قوله:(أي: معنى الفعل الأصلي) فيه إشارة إلى أنّ المراد بالفعل الاصطلاحي لا اللغوي وإلا كان قوله: أو ما في معناه ضائعاً وهو يقتضي أنّ المراد بماله الفاعل الاصطلاحي لا اللغوي وهو الذات، وكذا المراد بالمفعول ،ودفع بقوله: الأصلي أنّ الفعل يدلُّ على الحدث والزمان مع أنَّ الذي في معنى الفعل إنّما يدلُّ على الحدث فقط فأجاب بأنّ المراد معناه الأصلي وهو الحدث.
قوله:(جوهر اللفظ) أي: مادته وحروفه، وأمَّا الزمان فيدلُّ عليه بهيئته وشكله.
قوله:(كالمصدر) دخل بالكاف اسم فاعل واسم المصدر وليست استقصائية كما قيل.
قوله:(والظرف) هو بالنظر للظرف المستقر فإنه هو الذي تضمن معنى الفعل.
قوله:(أي الفعل أو ما في معناه) وإنّما إفراد الضمير؛ لأنّ العطف بأو.
قوله:(أي إلى غير ما حقه أنْ يسند) أخذ من هذا أنّه لابد من معرفة حقيقته سواء أسند إليها بالفعل أو لا كما في رحمن فإنّ إسناده إلى المولى مجاز عقلي مع أنّه لم يستعمل في غيره، ومعرفتها أمّا ظاهرة كما في قوله تعالى: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ أي: فما ربحوا في تجارتهم، وأمَّا خفية لا تظهر إلا بعد التأمل كما في قوله:
يزيدك في وجهك حُسْناً
*
إذا ما زاته نظراً
أي: يزيدك الله حسناً في وجهه.
قوله:(لأجل ملابسته) وهي السببيّة والوقوع عليه والوقوع فيه مثلاً كما يأتي في قوله: وله ملابسات شتى، إنْ شاء الله تعالى.
قوله:(في مطلق التعلق) أي: لا التعلق نفسه الذي بين الفعل أو ما في معناه وما هو له كما هو ظاهر كلام الخطيب.
قوله:(يعني أنَّ الفعل) عبَّر بالعناية؛ لأنَّ المصنف لا يفيد ذلك صراحة.
قوله:(المبني للفاعل) راجع الفعل ولما في معناه، مثال الفعل المبني للفاعل (ضرب)، ومثال ما فيه معنى الفعل المبني للفاعل (ضارب).
قوله:(وأنصف هو به) عطف تفسير على ما قبله فالمراد مطلق النسبة وليس المراد به القيام الحقيقي حتى يكون قاصراً على الموجود بل المراد ما يعم الاعتباريات.
قوله:(عند المتكلم) متعلق بقوله: الفاعل أي: الفاعل عند المتكلم سواء طابق الواقع أم لا، وقوله في الظاهر متعلق بالفاعل أيضاً أي: الفاعل عند المتكلم فيما يفهم من ظاهر حاله بأنْ لا ينصب قرينة على أنّه غير ما هو له في إعتقاده سواء طابق إعتقاده أم لا فالأقسام أربعة: الأول: ما يطابق الواقع والاعتقاد، كقول المؤمن: أنبت الله البقل، الثاني: ما يطابق الاعتقاد فقط، نحو قول الجاهل: أنبت الربيع البقل، الثالث: ما يطابق الواقع فقط، كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها منه: خلق الله الأفعال كلها، وأمّا إذا قاله لمن يعرف حاله، وجعل علمه قرينة كان مجازاً وإلا فهو هذيان، الرابع: ما لا يطابق واحداً، نحو قولك: جاء زيدٌ وأنت تعلم أنّه لمْ يجيء دون المخاطب، وأمّا لو علم المخاطب بعلم المتكلم فإنّه لا يتعين أنْ يكون حقيقة لجواز أن يكون جعل علم المخاطب قرينة.
قوله:(إلى غير الفاعل الخ) أعمُّ من أن يكون غير في الواقع أو عند المتكلم في الظاهر.
قوله:(من مفعول الخ) نحو: ﴿ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾، ومثال المصدر: جدَّ جده، ومثال الظرف: نهاري صائم، وجري النهر.
قوله:(وكذلك الفعل المبني للمفعول) أي: أو ما في معناه كاسم المفعول إنْ أسند كل منهما إلى المفعول أو إلى الظرف أو إلى المصدر فهو حقيقة، وأمّا إنْ أسند للفاعل فهو مجاز وأمّا السبب فلا يتأتى هنا بخلاف صيغة المبني للفاعل فيسند للسبب كما هو ظاهر.
قوله:(أو ما جرى الخ) أي: من مصدر أو ظرف مما ينوب عن الفاعل.
قوله:(نحو ضَرَبَ زيد عمراً) صرح بالمفعول إشارة إلى أنَّ ضرب يُقرأ بالبناء للفاعل.
قوله:(كقول المؤمن) أي: الموحد احترازاً من الجاهل الآتي وهو الكافر.
قوله:(مالا ملابسة بينه الخ) نحو: الضفدعة شالتْ مركباً، وأبو الحصين عامل نوتي، فإنّه هذيان فقوله لأنه كالهذيان علة لعدم الصحة.
قوله:(الكذب) أي: الذي أعتقد المتكلم كذبه وقصد ترويج ظاهره ولمْ يعلمْ المخاطب بكذبه كما تقدم، وبهذا اندفع ما يقال: إنّ قول الجاهل كذب أيضاً؛ لأنّ الجاهل لا يعتقد كذب قوله.
قوله:(الاعتقاد أنّ الربيع الخ) أي: لأنّ أسند إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر ولم تقمْ قرينة على أنَّه لمْ يردْ ظاهره وإنْ كان خلاف الواقع.
إنْ قلت: حينئذٍ هو من الإسناد الحقيقي فهو خارج بقوله: إلى غير ما هو له.
فالجواب: لا نسلم أنّهما يخرجان من تعريف المجاز بالقيد الأول؛ لأن الغيرية فيه صادقهُ بالواقع فقط وهذا قول الجاهل بعينه، وبالواقع والاعتقاد دون الظاهر وهذا الكذب بعينه، فما زالا داخلين في المجاز فلا يخرجهما إلا قيد القرينة.
قوله:(كما أنّه شمل قوله الخ) المراد بالشمول الإدخال فلا يقال: إنّ الذي شمل، إنَّما هو التعريف.
قوله:(أنبتَ) أي: قول الجاهل لمن يعرف حاله، كما قال: لأنّه نصب الخ ولذلك إذا كان لا يعرف حال القائل ولمْ تقمْ قرينة لا يحكم بأنّه مجاز كما في قول الشاعر:
أشابَ الصغير وأفنى الكبير
*
كرُّ الغـداة ومـرُّ العشيّ.
قوله:(لأنّه نصب حال قرينة) أي: فهو غير ما هو له عند المتكلم في الظاهر وإنْ كان خلاف الواقع، وحاصل ما في المقام أنّ الفعل المبني للفاعل وما فيه معناه من كل اسم يعمل عمله إنْ أُسند للفاعل في الواقع والاعتقاد، أو في الواقع فقط، أو في الاعتقاد فقط، أو في الظاهر فقط فهو حقيقة عقلية، وإنْ أُسند لمفعول، أو مصدر أو ظرف، أو سبب بملابسة وقرينة فهو مجاز عقلي ،وأنْ احتمل الإسناد الحقيقة والمجاز كما في قول الجاهل والكاذب فإنْ قامت قرينة فهو مجاز وإلا فهو حقيقة.
وأمّا الفعل المبني للمفعول واسم المفعول فإنْ أُسند لمفعول، أو مصدر أو ظرف فهو حقيقة ،وإنْ أُسند للفاعل فهو مجاز إنْ صاحبه ملابسة وقرينة وإلا كان تركيباً فاسداً فليحفظ.
قوله:(أيضاً) أي: كما سمّي مجازاً في الإسناد المأخوذ مما تقدم.
قوله:(والسّلب تابع له) دفع به ما يقال: أنَّ هذه التسمية قاصرة على المُثَبتْ ولا تشمل المنفي فأجاب بما ذُكِر، وحاصل الدفع أنّه اقتصر على الأشرف، وأجيب أيضاً بأنّ المراد بالإثبات الحكم مطلقاً الشامل للإثبات والنفي.
قوله:(لتصرّف العقل فيه) أي: بالاستقلال؛ لأنَّ الإسناد معنى من المعاني وهو من تصرفات العقل، بخلاف اللغوي أي: فلا يستقل به العقل.
قوله:(بمعنى المصدر الخ) أي: فقد نسب المعنى الاصطلاحي للمعنى اللغوي فلا يقال: أنّ فيه نسبة الشيء إلى نفسه؛ لأنَّ المجاز هو الإسناد فكأنه قال: إسناداً إسنادياً.
قوله:(لأنّ المتكلم الخ) علّة لتسميته إسناداً مجازياً.
قوله:(بمعنى النسبة) وهي ثبوت المسند للمسند إليه، أي: فلا يقال: أنّ فيه نسبة الشيء إلى نفسه إلا إذا أُريد بالحُكم الإيقاع والانتزاع.
قوله:(لوقوعه الخ) علّة للملابسة والضمير عائد على المجاز.
قوله:(فالمراد المفعول به) تفريع على قوله: لوقوعه عليه؛ لأنّه هو الذي الفعل واقع عليه، ولو أُسند إليه الفعل واحترز عن المفعول معه؛ لأنّه لا يسند إليه الفعل كالحال ونحوها.
فإن قيل: إنْ أريد لا يسند إليه الفعل مع بقائه مفعولاً معه فالمفعول به كذلك، وإن أُريد مع عدم البقاء فلا نسلّم أنّه لا يسند إليه حينئذٍ، إذ لا مانع من أنْ يقال: سار النيل.
فالجواب: أنّه يختار الأول وهو إذا أسند إليه الفعل زال عنه معنى المفعول معه، بخلاف المفعول به فإنَّ معناه وهو مَنْ وقع عليه الفعل باقٍ وتغيير الإعراب غير مضرٍ وكذا يقال فيما الحق بالمفعول معه من حالٍ وتمييز.
قوله:(لأنّه الذي ينصرف إليه الخ) الأوْلى جعله علّة ثانية ويأتي بالواو وإلا فلا حاجة إليه بعد التفريع المذكور، وقد يقال: هو علّة للتفريع فلا اعتراض.
قوله:(ولو بواسطة الحرف) تفسير للمفعول به هنا وبهذا اندفع ما أورد من أنّه لا يشمل ما بني للفاعل وأُسند إلى المفعول بواسطة الحرف.
فإنْ قلتََ: اسم الزمان والمكان مفعول بواسطة الحرف فلا فائدة لذكرهما حينئذٍ.
أُجيب: بأنَّ المراد ما هو مفعول اصطلاحاً والمكان والزمان لا يقال لهما ذلك فتأمل.
قوله:(عادياً الخ) كبنى الأميرُ المدينة، أو عقلياً كدلالة الأثر على المؤثر،أو شرعياً كدخول الوقت للصلاة.
قوله:(يلابس المصدر الخ) المراد به المفعول المطلق نحو: جدَّ جدّهُ، وضُرِبَ الضَرْبُ.
قوله:(حقيقة) معمول لقوله: يسند الخ.
قوله:(نحو: نهاره صائم الخ) لمْ يمثلْ لما إذا أُسند إلى الزمان أو المكان المبني للمفعول نحو: صِيمَ النهارُ وجرى النهرُ؛ لأنّه حقيقة.
قوله:(فحذف المبتدأ) أي: زيدٌ، أي: والجار وهو (في).
قوله:(وأقيم الزمان الخ) أي: المعبر عنه بنهاره.
قوله:(إذْ النهر مكان جري الخ) وهو الحفرة التي فيها الماء.
قوله:(والأصل الخ) أي: ففعلَ فيه مثل ما فعل فيما قبله فحذف المبتدأ والجار وأقيم المكان مقامه وأُسند إليه المكان أي: عينه.
قوله:(فحذف المبتدأ) أي: هو.
قوله:(وأقيم المفعول) أي: عيشة.
قوله:(وحذف المضاف إليه) أي: وهو الضمير.
قوله:(وأمّا في الآية الخ) أشار به إلى أنّ توجيه المثال المتقدم ليس في الآية خلافاً لبعض حواشي التلخيص، وحاصل توجيه الآية أنّ الجار والمجرور خبر هو، ثم وصف المجرور بـ﴿راضية﴾ ،وقوله: ثم أسند إليها راضية في الإسناد تسمح؛ لأنّه لم يسندْ لعيشة وإنّما وصفتْ العيشة به.
قوله:(الأباطح) جمع أبطح وهو: المحل المتسع الذي فيه دقاق الحصى، والأولى جعله من أمثلة المكان كما صنع السعد.
قوله:(بواسطة في) أي: بسبب حذف الخ أي وهو المعبّر عنه بالمنصوب على نزع الخافض، وأمّا في حالة ذكر الجار فليس مفعولاً.
قوله:(ففعل به الخ): أي: فحذف الجار توسعاً ثم حذف الفاعل وأسند إلى المفعول.
قوله:(أنبتَ الربيع الخ) إعلم أنَّ المراد بالربيع هنا المطر وهو في الأصل حقيقة في الحشيش الذي يرعى فيكون هنا مجازاً لغوياً مرسلاً؛ لأنّه أطلق الربيع وأُريد سببهُ وهو: المطر ثم أسندَ أنبت له مجاز عقلي فهو مجاز عقلي على مجاز لغوي.
قوله:(الآمر الخ) أشار به إلى نكتة تعداد المثال.
قوله:(أو دهريُّ) أي: الذي يَنْسبُ الأمور إلى الدهر، والمراد منْ ينسِب الأفعال لغير الله.
قوله:(كصدور الأول) أي: المثال الأول من المثالين الكائنين للقرينة اللفظية.
قوله:(محبتك جاءت الخ) أي: فهو من إسـناد الفعل للسبب، وحقّ الإسناد أن يكونَ لصاحبها.