قوله:(ابتدأ بهما) أي: البسملة والحمدلة.
قوله:(اقتداء بالكتاب) أي: لأجل الاقتداء بالقرآن فإنّه إبتدأ بهما، ولا يلزم من ابتدائه بهما أنّ البسملة جزء من الفاتحة بل كونها جزءاً أو غير جزء ثابت بدليل آخر.
واعلم: أنّ القرآن في اللغة مأخوذ من القرء وهو الجمع، واصطلاحاً: هو اللفظ المنزّل على قلب المصطفى صلى الله عليه وسلم للإعجاز بأقصر سورة منه، المتعبد بتلاوته، فجميعه يسمى قرآناً وأبعاضه كذلك بطريق الاشتراك، وسمي بذلك لجمعه جميع الكتب السماوية، والمجيد العظيم أو الشريف.
قوله:(وعملاً بحديثي البسملة والحمدلة) أي واحتياطاً في العمل بحديثيهما المعلومين بحمل الابتداء في حديث البسملة على الحقيقي ، وفي حديث الحمدلة على الإضافي دفعاً للتعارض، وإنما حمل حديث البسملة على الحقيقي؛ لكونه أقوى سنداً؛ ولأنّ تقدمها هو الوارد في القرآن، وعبَّر في جانب القرآن بالاقتداء وفي جانب الحديث بالعمل؛ لأن الحديث دال على الطلب فيناسبه العمل، والكتاب ليس دالاً على الطلب بل هو إمام مقتدى به.
قوله:(ومن ثم) أي: ومن أجل الاقتداء والعمل ترك العاطف، فإنَّ القرآن أبتدأ بهما من غير عطف وكذلك الحديث يقتضي طلب الابتداء بكل منهما لذاته والعطف يقتضي التبعيّة.
قوله:(تنبيهاً الخ) علّة للترك المذكور.
قوله:(المعنى واطلب الخ) أشار بذلك إلى أنَّ جملة الصلاة خبرية لفظاً إنشائية معنىً فهو مجاز مرسل علاقته الضدية كما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى، وأتى بالعاطف هنا إشارة إلى الفرق بين ما يتعلق بالخالق والمخلوق.
وكون جملة الصلاة والسلام خبرية لفظاً إنشائية معنىً هو الحق خلافاً ليس حيث جوّز أن تكون خبرية لفظاً ومعنىً وقال: لأنَّ المقصود من الصلاة الاعتناء بشأن المصلى عليه، وهو يحصل بالإخبار، قال شيخنا الأمير: وفيه نظر؛ لأنَّ المقصد اعتناء خاص بالدعاء ويدلُّ لذلك الحديث الوارد في كيفية تعليم الصلاة، فتحصل أن المخبر بالصلاة ليس بمصلي على التحقيق وإنَّ المخبر بالحمد حامد كما تقدم.
قوله:(لغة) أي في اللغة: فهو منصوب بنزع الخافض ويحتمل أنه منصوب على الحال أو التمييز.
قوله:(الدعاء) وإنّما عديتْ بـ(على) لتضمنها معنى العطف أو مجازاً بالاستعارة كما تقدم تقريرها.
قوله:(بخير) لابد من هذا القيد؛ لأنّ الدعاء يستعمل في غير طلب الخير فهو وصف مخصّص.
قوله:(فإذا أضيفتْ إلى الله تعالى) أي: بخلاف ما إذا أضيفت إلى غيره من الخلق فإنّ المراد بها الدعاء كذا قال المؤلف رضي الله عنه: وهو الصواب، خلافاً لمن قال: أنّها من الملائكة الاستغفار، إذْ قدْ ورد: (أنَّ الملائكة لتصلي على أحدكم ما دام في مصلاه تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه)، وفي كلام المؤلف ميلٌ لما قاله ابن هشام: من أنّ الصلاة من المشترك المعنوي، وهو ما أتحد في الوضع وتعدد في المعنى خلافا لما اشتهر من أن الصلاة من المشترك اللفظي وهو ما تعدد في الوضع والمعنى لأنه خلاف الاصل .
قوله:(ولهذا خُصّتْ بها) أي: ولأجل أنّها إذا أُسندت إلى الله كان معناها إتمام النعمة الخ خُصّتْ، والباء داخلة على المقصور، وهو معنى قول غيره: هي الرحمة المقرونة بالتعظيم.
قوله:(والسّلام التحية) تقدم ما فيه.
قوله:(هذه الخ) لمْ يأتِ بـ(أما بعد) إشارة إلى أنَّ تأليفه هذا حقير تواضعاً منه رضي الله عنه، وأتى باسم الإشارة القريب إشارة لسهولة مأخذه.
قوله:(المؤلفة الحاضرة الخ) فيه إشارة إلى أنَّ اسم الإشارة عائد على المعاني المتخيلة ذهناً.
ومعنى قول الشارح مؤلفة مجموعة في الذهن، وهذا أحد إحتمالات سبعة أبداها السيد الجرجاني وهي: أمّا للنقوش، أو للمعاني، أو للألفاظ، أو للألفاظ والمعاني، أو للمعاني والنقوش، أو للألفاظ والنقوش، أو للثلاثة، والأحسن أنَّه عائد على المعاني الحاضرة في الذهن كما أشارَ له المؤلف بقوله: أي: المؤلفة، فالمراد بالتأليف: مطلق الجمع كما تقدم التنبيه عليه خلافاً للسيّد فإنَّ اختار الألفاظ الخارجية الدالة على المعاني المخصوصة فبحث فيه بأنها أعراض تنقضي بمجرد النطق بها واسم الإشارة مبتدأ ورسالة خبر، فإنْ قلت: إنَّ ما في الذهن مجمل والرسالة اسم للمفصّل فلا يصح الإخبار، فالجواب: إنَّ في الكلام حذف مضاف أي: مفصل هذه الرسالة.
فإنْ قلت: ما في ذهن المؤلف جزئيٌّ والرسالة اسم لما في ذهن المؤلف وغيره فيلزم عليه الإخبار بالكلّي عن الجزئيّ.
أجيب: أن في العبارة حذف مضاف ثانٍ أي: مفصل نوع هذه رسالة، والإشكال الأول لا يرد إلا على تسليم أنَّ الذهن لا يقوم به المفصل، وعلى تسليم أنَّ الرسالة لا تكون اسماً للجمل، وعلى تسليم عدم صحة الإخبار بالمفصل من المجمل، وإلا فلا يحتاج لتقدير المضاف الأول، والإشكال الثاني مبني على ما أشتهر من أنَّ أسماء الكتب من قبيل علم الجنس وأسماء العلوم من قبيل علم الشخص والحق إنَّ كلاً منهما من قبيل علم الشخص بناءً على أنَّ الشيء لا يتعدد بتعدد محله والفرق تحكم، وإنْ قلنا: أنَّ الشيء يتعدد بعدد محله كان كلٌ من قبيل علم الجنس وهي أوهام فلسفية لا يعتد بها إذا علمتَ ذلك فلا حاجة لتقدير المضاف الثاني أيضاً.
قوله:(نزلها منزلة الخ) دفع به ما يقال أنَّ اسم الإشارة ما وضع لمشار إليه محسوس خارجاً وما في الذهن غير محسوس وحاصل الدفع أنّه شبه ما في الذهن بالمحسوس خارجاً بجامع كمال الاستحضار في كل واستعير اسم المشبه به للمشبه استعارة تصريحيّة أصلية هذا هو المشهور ،وذهب المولوي في تعريب الرسالة الفارسية إلى أنّها تبعيّة؛ لأنَّ اسم الإشارة متضمن معنى الحرف والاستعارة في معنى الحرف تبعيّة.
وردَّ بأنه لا يلزم من كون الشيء بمعنى الشيء أن يعطى حكمه، وبهذا يرد قول العصام: أنّها تبعية؛ لأنّ اسم الإشارة مؤول بالمشتق؛ لأنّه في تأويل مشار إليه تأمل.
قوله:(أي:صغيره) أخذه من الوصف بلطيفة.
قوله:(في بيان المجاز الخ) من ظرفية الدال في المدلول إنْ أُريد من الرسالة الألفاظ، أو من ظرفية الكل في الجزء إن أريد منها المعاني، وفي الكلام استعارة تبعيّة على كل حال حيث شبه مطلق ارتباط دال بمدلول أو كل بجزء بمطلق إلتباس ظرف بمظروف فسرى التشبيه من الكليات للجزئيات فاستعيرت (في) الموضوعة لألتباس الظرف بالمظروف الخاصّين لارتباط الدال بالمدلول أو الكل بالجزء الخاصّين على طريق التبعيّة.
قوله:(مطلقاً) عقلياً أو لغوياً، مرسلاً أو استعارة، مفرداً أو مركباً.
قوله:(وفي بيان التشبيه) عطف على المجاز والمراد التشبيه مطلقاً أي: الذي تبنى عليه الاستعارة وغيره.
قوله:(على سبيل الاختصار) وصف ثانٍ للرسالة، والإضافة بيانية، وفي (على) استعارة تبعيّة حيث شبه إلتباس الرسالة بالاختصار بارتباط مستعلى بمستعلى عليه فسرى التشبيه من الكليات للجزئيات فاستعيرت (على) الموضوعة للاستعلاء الخاص لـ(لباء) الموضوعة للالتباس الخاص على طريق الاستعارة التبعيّة.
قوله:(مع كثرة المعنى) بيان لاختصاره هو وإلا فالحق أنّ معنى الاختصار تقليل اللفظ كثر المعنى أم لا.
قوله:(على بعض الأقسام) أي: أقسام الاستعارة التي سيذكرها وهي: التصريحية الغير التخييليّة والتخييليّة والمكنية، فالأولى ترجع إلى ستة أقسام: أصلية وتبعية وتمثيلية ومرشحة ومجردة ومطلقة، وقد ذكر المصنف جميع تلك الأقسام فيما سيأتي.
والتخييليّة تنقسم إلى: أصلية وتبعية وإلى مرشحة ومجردة ومطلقة، وهذا التقسيم في التخييليّة على مذهب السكّاكي، والمصنف لم يتعرض له بل مشى على مذهب القوم من جعلها من قبيل المجاز العقلي.
والمكنية تنقسم إلى: مرشحة ومجردة ومطلقة، وقد ذكر المصنف تلك الأقسام على مذهب القوم وسكت عن مذهب السّكّاكي والخطيب؛ لكون المعول عليه مذهب القوم لما في مذهب السكاكي من التعسف ولبعد مذهب الخطيب عن الاستعارة كما هو مبين في شرّاح السمرقندية.
قوله:(مذهب القوم) أي: لأنّه لم يذكر مذهب السّكّاكي ولا مذهب الخطيب في المكنيّة.
قوله:(تقريباً) علّة الاختصار.
قوله:(تحفة) شبّه الرسالة بالهدية المتحفة، واستعار اللفظ الدال على المشبه به وهو (تحفة) للمشبّه على طريق الاستعارة المصرحة الأصلية والجامع الرغبة في كل.
قوله:(مستظرفة) أي: مستحسنة وهو بمعنى تحفة.
قوله:(ويجمع أخ أيضاً) أي: صاحب أو مَنْ نسب.
قوله:(إلا أنّه شاع) إشارة إلى نكتة التعبير بإخوان دون إخوة مع إنّ كلاً منهما جمع لأخ.
قوله:(لي ولهم) قدّم نفسه؛ لأنه المطلوب في مقام الدعاء.
قوله:(عطف عام على خاص) أي: لأنّ الإحسان أعمُّ من الأجر؛ لأنّ الأجر ما كان في نظير العمل والإحسان لا يتقيد.
قوله:(وفيه) أي: في قوله: عطف عام الخ؛ لأن الأجر من جملة الإحسان كما علمتَ، فلا يكون واجباً على الله.
قوله:(إشارة) وجه الإشارة أنه جعل الأجر من جملة الإحسان فلا يكون واجبا على الله.
قوله:(على أنه لا عمل له) هذا استدراك على ما يتوهم من قوله: في نظير عمله فدفع ذلك بقوله: على أنَّه الخ.
قوله:(والله خلقكم الخ) دليلٌ لقوله: على أنّه لا عمل له ومحط الدليل
قوله:وما تعملون أي: وخلق عملكم.
قوله:(ولو سلم الخ) أي: ولو سلمنا كلام المعتزلة جدلاً ومجاراة له.
قوله:(فكيف) استفهام إنكاري بمعنى النفي قال تعالى: ﴿إِن تَكۡفُرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمۡ﴾ و﴿فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّه﴾، وفي الحديث القدسي: (يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضَرِّي فَتَضُرّوني ولَنْ تبلُغوا نَفْعي فتَنْفعوني)، والأدلة في ذلك أشهر من أن تذكر.