قوله: (والعقل سر روحاني إلخ) ذكر السعد في التلويح أن العقل يطلق على القوة التي بها الإدراك، وعلى الجوهر المجرد الغير المتعلق بالجسم تعلق التدبير والتصرف وهو المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام «أول ما خلق الله العقل» وأن حال نفوسنا بالقياس إليه كحال أبصارنا بالقياس إلى الشمس فكما أن بإفاضة نور الشمس يدرك المبصرات كذلك بإفاضة نوره يدرك المعقولات، فالأظهر أنه يجعل التعريف المذكور تعريفا للعقل بهذا المعنى لأنه قال تدرك به النفس إلخ
والنفس فيها أقوال كثيرة حققها في المقاصد وغيرها وقد اختار الغزالي والرازي والراغب وكثير من المسلمين ما عليه كافة الحكماء وأعاظم الصوفية أنها جوهر مجرد قائم بنفسه غير متحيز ولا قابل للإشارة الحسية
والتحقيق أن العقل والنفس والروح والقلب متحدة بالذات متغايرة بالاعتبار كما أشار إليه حجة الإسلام في الإحياء ومن غفل عن هذا قال ما قال
نعم القائل باتحاد العقل مع ما ذكر لا ينكر إطلاقه على القوة التي هي صفة للنفس مغايرة لها ذاتا واعتبارا كما هو مقتضى العرف واللغة وأن العقل بمعنى القوة هو من صفات المكلف وسبب لحصول علمه لأنه يمكن وجود النفس مع عدم القوة المذكورة التي بها الإدراك كما في الجنون وهذا مما لا ينكره أحد فتدبرْ تعرفْ ما هنا
﴿فائدة﴾
قال المناوي شارح الجامع الصغير في الحديث في شرحه لقصيدة ابن سينا في النفس
(تنبيه): اعلم أن تنزيه الأرواح عن الجهات لا يُلْحِقُ بالله شيئا من الوصمات بل يفيد عظمة الباري تقدس فإن المخلوق كل ما كان أعظم كان خالقه أجل وأكرم فإذا قلنا إن الروح مع استغنائه عن الحيز والمكان محتاج إلى الله تعالى بما لها من وصمة الإمكان كان شرف الرب أكبر مما إذا قلنا إنما يحتاج إلى الرب ما يحتاج إلى المكان، ومن هذا انكشف لك أن قول بعض الجارين على الظواهر كيف تصف نفسك يا إنسان بما هو صفة الإله على الخصوص فكأنك أضفت الألوهية لنفسك وبذلك كفرت أو كذبت من قبيل الهذيان.