قوله: (وهو علم) الضمير راجع إلى الفن وهو مسائل فيحمل العلم في التعريف عليها ويصح بقطع النظر عن مرجع الضمير المذكور أو ارتكاب الاستخدام أن يراد بالعلم التصديق مطلقا مطابقا أو لا ليشمل تصديقات المخطئ في العقائد أو المعنى الأعم، وعلى كلا هذين فالإطلاق مجازي لما صرح به السيد في تزييف تفسير العلم بالمعنى الأعم من أن إطلاق العلم على الجهل المركب يخالف استعمال اللغة والعرف والشرع اهـ لكنه مشهور لا يضر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (يقتدر) أي: يحصل بالاعتمال بذلك العلم حصولا دائما قدرة تامة.
فخرج علم الله وملائكته ورسله المتعلق بالعقائد إذ لا اعتمال فيه.
وخرج المنطق والجدل والمركب من الكلام وغيره؛ إذ لا يحصل مع أي واحد منها قدرة تامة حصولا دائما لأن الاقتدار التام على الإثبات إنما يحصل بعد حصول العقائد عن أدلتها ودفع الشبه عنها بالفعل والتمكن من استحضارها متى شاء، وعلم المنطق والجدل إنما يفيدان التمكن من الإثبات في الجملة بمعنى أنه إذا حصل المبادئ ورتبها أمكنه ذلك الإثبات وبهذا تعلم خروج المركب.
بقي أن الظاهر من الاقتدار معناه العرفي وهو أن تجعل المسائل كبريات لصغريات وحينئذ لا يشمل مثل الله واحد إلا أن لا يلزم ذلك في جميع مسائل هذا الفن أو يؤول بواجب الوجود واحد وهو تكلُّف.
وقال يقتدر دون يثبت لأن الإثبات بالفعل غير لازم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (به)، لو قال (معه) لينبه على انتفاء السببية الحقيقية كما صنع في المواقف لكان أولى وإن شاع استعمال (به).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (على إثبات العقائد) أي: على الغير كما في السيد على المواقف ولم يقل على تحصيل إشعارا بأن الإثبات هو الثمرة لا التحصيل لئلا يلزم كون العلم بالعقائد خارجا عن علم الكلام ثمرة له وهو باطل كذا قال السيد وهو مبني على تفسير العلم بأحد المعنيين الآخرين فيما سبق أو بملكة الاستحضار لأنها تحصل بعد العلم وتكرار المشاهدة ولو فسر بالأول وهو المسائل المدللة كان التحصيل ثمرة لها بمعنى أن من طالع تلك المسائل ووقف على أدلتها حصل له العلم بالعقائد مع أنه يُمْنَعُ بطلانُ ما ذكر بناء على تفسير العلم بالتصديق بأن يراد به التصديق بقطع النظر عن خصوصية المحل وبالثمرة التصديق الجزئي القائم بالمحل على ما يشعر به لفظ العقائد.
فإن قلت هل يصح تفسير العلم بملكة الاستحصال بمعنى التهيء كما فسره به صاحب المقاصد في شرحها.
قلت هو غير صحيح لأنه وإن صح إطلاق الملكة على ذلك التهيء لكونه كيفية راسخة لكن أسماء العلوم إنما تطلق على ملكة الاستحضار كما صرح به في المطول والسيد الشريف في شرح المفتاح وكثير من الفضلاء
وقال (إثبات) إشعارا أيضا بأن العقائد يجب أن تؤخذ من الشرع ليعتد بها وإن كانت مما يستقل به العقل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (الدينية) أي: المنسوبة إلى دين محمّد صلى الله عليه وسلم سواء كانت النسبة صوابا أو خطأ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (المكتسبة إلخ) أشار بهذا إلى أنه لابد أن تكون مدللة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وموضوعه ذات الإله) أي: لأنه يبحث فيه عن صفاته الثبوتية والسلبية وأفعاله إما في الدنيا كحدوث العالم وإما في الآخرة كالحشر وأحكامه فيهما كبعث الرسل ونصب الإمام والثواب والعقاب من حيث إنها تجب عليه أم لا.
وفيه نظر من وجهين:
الأول أنه يبحث فيه عن غير ما ذكر كالجواهر والأعراض لا من حيث استنادها له تعالى حتى تدخل فيما ذكر بل من حيثية أخرى، وذلك كقولهم الجوهران لا يتداخلان، العرض لا ينتقل، وليست هذه الأمور مبينة بنفسها حتى يكون البحث عنها من المبادئ، وإن بينت في علم آخر لزم أن يكون هناك علم أعلى وأشرف من علم الكلام وهو باطل اتفاقا فهي مبينة فيه فهي من مسائله.
الثاني أن موضوع العلم لا يبين فيه وجوده فيلزم أن يكون إثبات وجود الصانع بينا في نفسه أو يبين في علم آخر وكلاهما باطل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل الممكنات) أي: من حيث دلالتها على موجدها واتصافه بصفات الكمال والتنزيه عن صفات النقص وبطلانه يعرف بأدنى تأمل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وقيل غير ذلك) من جملة ما قيل أنه الموجود من حيث هو هو أي: غير مقيد بشيء ويمتاز عن العلم الإلهي المشارك له فيه بالحيثية والاعتبار فإن البحث عنه في الكلام على قانون الإسلام والبحث عنه في الإلهي على قانون العقل وافق الإسلام أم لا.
وقال المحققون موضوعه المعلوم من حيث يثبت له ما هو من العقائد الدينية أو ما هو وسيلة إليه أي: ما اتصف بمفهوم المعلومية من حيث هو كذلك بلا ملاحظة خصوصة فرد وذات له المعلومية.
فإن قلت يلزم على هذا أن تكون أكثر المحمولات أخص منه فلا يكون عرضا ذاتيا له ولِـمَ لَـمْ تُرِدْ به المـاصَدَقَ، قلت قد حققوا أن العرض الذاتي يجوز أن يكون أخص ولو أريد الماصدق لكان أكثر المحمولات أعم وهو ليس عرضا ذاتيا بلا شبهة.
فإن قلت تقيد المحمولات بما يجعلها مساوية كما جعل بعض حواشي شرح المطالع موضوع الإلهي أنواع الموجودات وقيد المحمولات العامة بما يجعلها مساوية.
قلت لو أريد الماصدق لكانت ذات الإله من الموضوع فيرد الوجه الثاني من النظر المتقدم فتأمل
وشمل المعلوم الموجود والمعدوم فشمل جميع موضوعات المسائل وذلك لأنها إما عقائد دينية مثل الواجب قديم العالم حادث الأجسام تعاد أو وسيلة إلى العقائد مثل الأجسام مركبة من جواهر فردة الخلاء جائز الحال منفية الأعدام غير متمايزة فإن الأولين يحتاج إليهما في صحة إعادة الأجسام فإن المحققين على أن الإعادة بجميع الأجزاء المتفرقة كما يدل عليه قصة إبراهيم عليه السلام في قوله تعالى: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ﴾ الآية وأن الإعادة على ما جاءت بها الشرائع إنما هي بإعدام هذا العالم وإيجاد عالم آخر كما جزم به السيد قدس سره في المقصد السادس في وجوب النظر في معرفة الله تعالى وإذا كانت الإعادة مستلزمة لفناء هذا العالم يحتاج في صحتها إلى جواز الخلاء فافهم، ومن لم يفهم وقع لتصحيح هذا التوقف في تكلُّفات باردة.
ويحتاج للآخرين في اعتقاد كون صفات الله تعالى متعددة موجودة لأنها متمايزة والمتمايز غير معدوم وإذ لا واسطة فهي موجودة.
وقولنا (من حيث يثبت له) يُخْرِجُ المحمولاتِ لأنها مُثْبَتةٌ لا مُثْبَتٌ لها.
وقولنا (العقائد أو ما هو وسيلة) أي: محمولات ما ذكر يخرج ما يثبت له محمولات غير ما ذكر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وغايته) تقدم الكلام الذي يتعلق بذلك فارجع إليه.
وهل له استمداد، قلت قال في المواقف وشرحها هو لا يستمد من غيره لأنه الأعلى الذي تنتهي إليه العلوم الشرعية كلها وفيه تثبت موضوعاتها وحيثياتها فمنه استمدادها وهو رئيس العلوم على الإطلاق اهـ فافهم وبقية المبادئ معلومة