الخريدة البهية
المقدمة
يَقُـوْلُ رَاجِـي رَحْمَــةِ القَـدِيـرِ أَيْ أَحْمَـدُ المَشْــهُورُ بِالدَّرْدِيـرِ
الحَـمْدُ لله العَـلِـيِّ الـوَاحِــدِ * العَـالِـمِ الفَـرْدِ الغَـنِيِّ المـَاجِدِ
وَأَفْضَـلُ الصَّـلَاةِ وَالتَّـسْلِـيمِ * عَلَى النَّـبِيِّ المُصْـطَفَى الكَرِيمِ
وَآلِـهِ وَصَـحْـبِــهِ الأَطْـهَـــارِ * لَا سِـيَّمَا رَفِـيقِـهِ فِي الغـَــارِ
وَهَـــذِهِ عَـقِــــيـدَةٌ سَـنِــــيَّـهْ * سَمَّـيْتُــهـَا الخَـرِيـدَةَ البَـهِيَّـهْ
لَطِـيـفَـةٌ صَغِـيرَةٌ فِي الحَـجْمِ * لَكِـنَّـهَـا كَبِـيرَةٌ فِي الـعِــلْـمِ
تَكْفِيكَ عِلْمًا إِنْ تُرِدْ أَنْ تَكْتَفِي * لِأَنَّـهـَا بِزُبْـدَةِ الفَــنِّ تَفِــي
وَاللهَ أَرْجُـو فِي قَبُـولِ العَـمَـلِ * وَالنَّـفْـعَ مِنْـهَـا ثُمَّ غَفْرَ الزَّلَلِ
أقسام الحكم العقلي
أَقْسَامُ حُكْمِ العـَـقْلِ لَا مَحَـالَهْ
هِيَ الوُجُوبُ ثُمَّ الاسْتِحَـالَهْ
ثُمَّ الجَـوَازُ ثَالِـثُ الأَقْـسَـــامِ
*
فَافْهَـمْ مُنِــحْتَ لَذَّةَ الأَفْهَــامِ
وَوَاجِـبٌ شَرْعًا عَلَى المُكَـلَّـفِ
*
مَعْــرِفَـةُ الله العَـلِـيِّ فَـاعْــرِفِ
أَيْ يَعْرِفُ الوَاجِبَ وَالمُحَـالَا
*
مَــعْ جَـائِــزٍ فِي حَقِّــهِ تَـعَــالَى
وَمِثْــلُ ذَا فِي حَـقِّ رُسْـلِ اللهِ
*
عَـلَــيْـهِـمِ تَـحِـــيَّــةُ الإِلَــــهِ
فَالوَاجِـبُ العَـقْـلِيُّ مَا لَمْ يَقْـبَلِ
*
الانْـتِــفَـا فِي ذَاتِــهِ فَابْـتَـهِـلِ
وَالمـُسْتَحِيـلُ كُلُّ مَـا لَمْ يَقْـبَلِ
*
فِي ذَاتِـهِ الـثُّـبُـوتَ ضِـدُّ الأَوَّلِ
وَكُـلُّ أَمْـرٍ قَـابِــلٍ لِلانْـتِــفَـــا
*
وَلِلـثُّـبُـوتِ جَائِــزٌ بِلَا خَفَــا
القسم الأول الإلهيات
ثُمَّ اعْلَـمَـنْ بِـأَنَّ هَذَا العَـالَمــَا
*
أَيْ مَا سِوَى الله العَـلِيِّ العَالِمـَا
مِنْ غَيـْرِ شَــكٍّ حَادِثٌ مُفْتَقِـرُ
*
لـِأَنـَّــهُ قَـــامَ بـِـهِ الـتَّـــغَـيُّـــرُ
حُـدُوْثُــهُ وُجُــودُهُ بَعْـدَ العَـدَمْ
*
وَضِـدُّهُ هُـوَ المـُسَمَّـى بِالقِـــدَمْ
فَاعْلَـمْ بِأَنَّ الوَصْــفَ بِالوُجُــودِ
*
مِنْ وَاجِبَـاتِ الوَاحِـدِ المـَعْبُـودِ
إِذْ ظَـــاهــِرٌ بِــأَنَّ كُــلَّ أَثَــــرِ
*
يَـهْدِي إِلَى مُـؤَثــِّرٍ فَـاعْـتَــبـِرِ
وَذِي تُسَـمـَّى صِـفَــةً نَـفْــسِـيـَّـهْ
*
ثُمَّ تَلِـيهَــا خَمْــسَـةٌ سَلْــبِـيَّــهْ
وَهْيَ القِدَمْ بِالذَّاتِ فَاعْلَمْ وَالبَقَا
*
قِـيَـامُـهُ بِنَـفْـسِـهِ نِـلْـتَ التُّـقَـى
تَـخَــالُـفٌ لِلْــغَيـْرِ وَحْـدَانـِيـَّـهْ
*
فِي الـذَّاتِ أَوْ صِفَــاتِـهِ العَـلِيَّـهْ
وَالْفـِـعْلِ فَالتـَّـأْثِيــرُ لَيْـسَ إِلَّا
*
لِلْــوَاحِدِ الـقَـهـَّارِ جَـلَّ وَعَـلَا
وَمَنْ يَقُلْ بِالطَّبْعِ أَوْ بِالعِلـَّهْ
*
فَـذَاكَ كُـفْـرٌ عـِنْـدَ أَهْـلِ المـِلـَّهْ
وَمَـنْ يَـقـُـلْ بـِالقـُـوَّةِ المـُودَعَــةِ
*
فَـذَاكَ بِدْعـِيٌّ فَـلَا تَلْــتَـفِـتِ
لَوْ لَمْ يَـكُــنْ مُتَّــصِفـًـا بِهَــا لَزِمْ
*
حُـدُوثُـهُ وَهْـوَ مُحَالٌ فَاسْـتَـقِمْ
لِأَنَّـهُ يُفْـضـِي إِلَى الـتـَّـسَـلْـسُــلِ
*
وَالدَّوْرِ وَهْوَ المـُسْـتَحِيلُ المـُنْجَلِي
فَهْـوَ الجَـلِيـلُ وَالجَـمِيـلُ وَالوَلِي
*
وَالطَّاهِرُ القُـدُّوسُ وَالرَّبُّ العَـلِي
مُـنَــزَّهٌ عَـنِ الحُـلُـولِ وَالجـِهَهْ
*
وَالاتِّصَـالِ الانْفِـصَـالِ وَالسَّفَـهْ
ثُـمَّ المـَـعَــانـِي سَـبْـعَـةٌ لِلــرَّائـِي
*
أَيْ عِلْمُـهُ المـُحِـيْـطُ بِالأَشْـيَــاءِ
حَــيَـــــاتُــهُ وَقُـــــدْرَةٌ إِرَادَهْ
*
وَكُـــلُّ شَـــيْءٍ كَـــائِــنٍ أَرَادَهْ
وَإِنْ يَـكُـنْ بِـضِـدِّهِ قَـدْ أَمـَـرَا
*
فَالقَـصْدُ غَيْرُ الأَمْرِ فَاطْرَحِ المـِرَا
فَقَـدْ عَلِـمْتَ أَرْبَـعًــا أَقْـسَــامَــا
*
فِي الكَائِنَـاتِ فَاحْفَظِ المـَقَامَا
كَلَامُـــهُ وَالسَّــمْـعُ وَالإِبْـصَــارُ
*
فَـهْــوَ الإِلَـهُ الفَــاعِـلُ المـُخْـتَــارُ
وَوَاجِـبٌ تَعْـلِيقُ ذِي الصِّفَاتِ
*
حَـتْمًا دَوَامًـا مَـا عَـدَا الحـَـيَـاةِ
فَالعِلْمُ جَزْمًـا وَالكَـلَامُ السَّامِي
*
تَـعَـلـَّـقَــا بِـسَــائـِـرِ الـأَقْـسَـــامِ
وَقُـــــــدْرَةٌ إِرَادَةٌ تَـعـَـــلـَّـقَــــا
*
بِالمـُمْكِـنَاتِ كُلـِّهَـا أَخَا التُّــقَى
وَاجْـزِمْ بِأَنَّ سَمْـعَـهُ وَالبـَـصَــرَا
*
تَعَـلَّــقَــا بِـكُلِّ مَـوْجُـودٍ يـُـرَى
وَكُـلـُّــهَـا قَــدِيـمَــةٌ بِالــذَّاتِ
*
لـِأَنـَّـهَـا لَـيْـسَـتْ بِـغَــيـْرِ الــذَّاتِ
ثُمَّ الـكَـلَامُ لَيـْـسَ بِالحـُــرُوفِ
*
وَلَيْــسَ بِالتـَّـرْتِيـبِ كَالمـَـأْلـُوفِ
وَيَسـْـتَحـِـيـلُ ضِدُّ مَـا تـَـقـَـدَّمـَـا
*
مِنَ الصِّفَاتِ الشَّـامِخَـاتِ فَاعْلَمَا
لِأَنـَّـهُ لَوْ لَمْ يَـكـُنْ مَـوْصـُـوفَــا
*
بِهَـا لَكـَانَ بِالسـِّـوَى مَعْـرُوفـَــا
وَكـُـلُّ مَنْ قَــامَ بِـهِ سِــوَاهـَــا
*
فَهْوَ الـَّـذِي فِي الفَقْرِ قَدْ تَنَـاهَى
وَالوَاحِـدُ المـَعْـبُـودُ لَا يَفْـتَـقِــرُ
*
لِغَــيْـرِهِ جَـلَّ الغـَـنِـيّ المـُـقْـتـَـدِرُ
وَجَـائـِـزٌ فِي حَـقـِّـهِ الـإِيـجـَـادُ
*
وَالتـَّـرْكُ وَالإِشْقـَـاءُ وَالإِسْعـَـادُ
وَمَنْ يَقـُلْ فِعـْلُ الصَّلَاحِ وَجَبَا
*
عَلَى الـإِلَـهِ قَـدْ أَسـَـاءَ الـأَدَبـَـا
وَاجْـزِمْ أَخِـي بِـرُؤْيـَـةِ الـإِلـَـهِ
*
فِي جَـنـَّـةِ الخـُلْـدِ بِلَا تَنـَـاهـِي
إِذ الـوُقـُـوعُ جَـائـِـزٌ بِـالعـَـقْـلِ
*
وَقـَدْ أَتـَى فِـيهِ دَلـِيـلُ النـَّـقْـلِ
القسم الثاني: النبوات
وَصِفْ جَمِيْعَ الرُّسْلِ بِالأَمَانَهْ
*
وَالصِّدْقِ وَالتَّبْلِيْغِ وَالفَطَانَهْ
وَيَسْـتَحـِيلُ ضـِدُّهـَـا عَلـَيْهـِمُ
*
وَجـَـائِزٌ كَالأَكـْلِ فِي حَقـِّـهِمُ
إِرْسـَـالُهـُمْ تَفـَضـُّـلٌ وَرَحـْمَهْ
*
لِلـْعـَـالَمـِينَ جَلَّ مُولِي النـِّعْمَهْ
القسم الثالث: السمعيات
وَيَلـْـزَمُ الـإِيـمـَـانُ بِالحِـسـَـابِ
*
وَالحـَـشْـرِ وَالعِقـَـابِ وَالثـَّـوَابِ
وَالنـَّـشْرِ وَالصِّـرَاطِ وَالمـِيـزَانِ
*
وَالحـَـوْضِ وَالنـِّـيـرَانِ وَالجــِنـَانِ
وَالجـِـنِّ وَالأَمْلَاكِ ثُمَّ الأَنْبـِيـَا
*
وَالحـُـورِ وَالوِلْـدَانِ ثُمَّ الـأَوْلـِيـَـا
وَكـُلُّ مَا جـَاءَ مِنَ البـَـشِيـرِ
*
مِنْ كُلِّ حُكْمٍ صَارَ كَالضَّرُورِي
وَيَنْـطَوِي فِي كِلـْمَـةِ الإِسْلَامِ
*
مَا قَدْ مَضـَى مِنْ سَائِرِ الأَحْكَامِ
خاتمة: في التصوّف
فَأَكْثـِـرَنْ مِنْ ذِكـْرِهـَا بِالـأَدَبِ
*
تَرْقَى بِهـَذَا الذِّكْرِ أَعْلَى الرُّتَبِ
وَغـَلـِّـبِ الخـَوْفَ عَلَى الرَّجَاءِ
*
وَسـِـرْ لِـمـَـوْلـَاكَ بـِلـَا تَنـَـاءِ
وَجـَـدِّدِ الـتـَّـوْبـَـةَ لـِلـْـأَوْزَارِ
*
لَا تَيْـأَسـَنْ مِنْ رَحْمـَـةِ الغـَفـَّارِ
وَكـُنْ عـَلَى آلـَائـِهِ شَـكـُـورًا
*
وَكـُنْ عـَـلَى بَلـَائـِهِ صَبـُـورًا
وَكُلُّ شَيْءٍ بِالقـَضـَاءِ وَالقـَدَرْ
*
وَكـُلُّ مَقـْدُورٍ فَمـَا عَنـهُ مَفـَـرْ
فَكـُنْ لَهُ مُسَـلِّمـًا كَيْ تَسْلَمـَا
*
وَاتْبَعْ سَبِيلَ النَّاسِكِينَ العُلـَمَا
وَخَلـِّصِ القـَلْبَ مِنَ الأَغْيـَارِ
*
بِالجـِـدِّ وَالـقـِيـَـامِ بِالـأَسْحـَـارِ
وَالفـِكـْرِ وَالذِّكـْرِ عَلَى الدَّوَامِ
*
مُـجْـتَـنـِبـًـا لِسـَـائـِرِ الآثـَـامِ
مُـرَاقـِبـًـا لله فـِي الـأَحـْـوَالِ
*
لِـتـَـرْتـَقـِي مَعـَـالـِمَ الكـَـمـَالِ
وَقـُلْ بـِذُلٍّ رَبِّ لَا تَقـْطَعـْنـِي
*
عَنـْـكَ بِقـَـاطِـعٍ وَلَا تَحـْرِمنـِي
مِنْ سِرِّكَ الأَبْهَى المـُزِيلِ لِلْعَمَى
*
وَاخْتـِمْ بِخَيْرٍ يَا رَحِيْمَ الرُّحَمـَا
وَالـحـَـمْـدُ لله عَلَى الإِتْـمَـــامِ
*
وَأَفْضـَـلُ الصـَّـلَاةِ وَالسـَّـلَامِ
عَلَى النَّـبـِيِّ الهـَاشِمـِيِّ الخـَـاتـِـمِ
*
وآلـِـهِ وَصـَحـْـبـِـهِ الـأَكـَـارِمِ