المتن
باب
معرفة علامات الإعراب
للرفـع أربـع علامات: الضمة، والواو والألف والنون.
فأما الضمة فتكون علامة للرفع فـي أربعة مواضع: فـي الاسم المفـرد، وجمع التكسيـر، وجـمع المؤنث السالم، والفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شيء.
وأما الواو فتكون علامة للرفع في موضعين: في جمع المذكر السالم، وفي الأسماء الخمسة، وهي: أبوك وأخوك وحموك وفوك وذو مال.
وأما الألف فتكون علامة للرفع في تثنية الأسماء خاصة.
وأما النون فتكون علامة للرفع في الفعل المضارع إذا اتصل به ضمير تثنية أو ضمير جمع أو ضمير المؤنثة المخاطبة.
باب
معرفة علامات الإعراب
((باب معرفة علامات))
أقسام ((الإعراب))التي هي الرفع والنصب والخفض والجزم.YouTube■
((للرفع)) من حيث هو ((أربع علامات: الضمة)) على الأصل ((والواو والألف والنون)) نيابة عن الضمة.YouTube■
قدم الضمة لأصالتها، وثَنَّى بالواو لكونها تنشأ عن الضمة إذا أشبعت فهي بنتها، وثلَّث بالألف لأنها أخت الواو في المد واللين، وختم بالنون لضعف شبهها بحروف العلة في الغنة عند سكونها.YouTube■
ولكل واحدة من هذه العلامات الأربع مواضع تختص بها، ((فأما الضمة فتكون علامة للرفع في أربعة مواضع)):YouTube■
الأول ((في الاسم المفرد)) سواء كان لمذكر نحو: جاء زيد والفتى والقاضي، أو لمؤنث نحو: جاءت هندُ وحُبْلَى.YouTube■
((و)) الثاني ((في جمع التكسير)) سواء كان لمذكر نحو: جاء الرجال والأُسَارَى، أو لمؤنث نحو: جاءت الهنود والعَذَارَى.
والمراد بجمع التكسير ما تغير فيه بناء مفردهYouTube■
وهو ستة أقسام:
الأول: التغيير بالزيادة على المفرد من غير تغيير شَكْلٍ، نحو: صِنْو وصِنْوان.YouTube■
والثاني: التغيير بالنقص عن المفرد من غير تغيير شكل، نحو: تُخَمَة و تُخَمٌ.YouTube■
والثالث: التغيير بتبديل الشكل من غير زيادة ولا نقص، نحو: أَسَدٌ و أُسْدٌ.YouTube■
والرابع: التغيير بالزيادة على المفرد مع تغيير الشكل كرَجُل و رِجَال.YouTube■
والخامس: التغيير بالنقص عن المفرد مع تغيير الشكل كرَسُول ورُسُل.YouTube■
والسادس: التغيير بالزيادة والنقص وتغيير الشكل، نحو: غلام وغِلْمَان، فهذه كلها ترفع بالضمة.YouTube■
((و)) الموضع الثالث ((في جـمعِ المؤنـثِ السالـمِ)) وهو ما جمع بألف وتاء مَزِيدتيـن نحو: جاءت الهندات،YouTube■ وتقييد الجمـع بالتأنيث والسلامة جريٌ على الغالب، وإلا فقد يكـون جمعاً لمذكـر، نحو: إِصْطَبْلات جمع إِصْطَبْل، وقد يكون مُكَسَّرا، نحو: حُبْليات جمع حُبْلَى.YouTube■
((و)) الرابع ((في الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء)) مما يوجب بناؤه كنون النسوة، نحو: يتربصن، أو نون التوكيد، نحو: لَيُسْجَنَنَّ ولَيَكُونـنْ،YouTube■ أو ينقل إعرابه كألف الاثنين نحو: يضربان، أو واو الجمع نحو: يضربون، أو ياء المخاطبة، نحو: تضربين.YouTube■
ومثال الفعل المضارع الذي لم يتصل بآخره شىء من ذلك، نحو: يضرب ويخشى.YouTube■
((وأما الواو فتكون علامة للرفع في موضعين)):
الأول ((في جمع المذكر السالم)) نحو: جاء الزيدون، وسمي سالماً؛ لسلامة بناء المفرد فيه مع قطع النظر عن زيادة الواو والنون رفعاً أو الياء والنون نصباً وجراً.YouTube■
((و)) الموضع الثاني ((في الأسماء الخمسة وهي أبوكَ وأخوكَ وحموكِ وفوكَ وذو مالٍ)) نحو: هذا أبوكَ وأخوكَ وحموكِ وفوكَ وذو مال، فترفع بالواو نيابة عن الضمة.YouTube■
واستغنى عن اشتراط كونها مفردةً مُكَبَّرَةً مضافةً لغير ياء المتكلم لكونه ذكرها كذلك.YouTube■
وأسقط المصنف «الهَنَ»، تبعا للفراء والزجاجي؛ لأن إعرابه بالحروف لغةٌ قليلةٌ.YouTube■
((وأما الألف فـتكون علامة للرفع في تثنية الأسماء خاصة)) نحو: جاء الزيدان، فالزيدان فاعل بـ«جاء» وهو مرفوع وعلامة رفعه الألف نيابة عن الضمة.YouTube■
((وأما النون فتكون علامة للرفع في الفعل المضارع إذا اتصل به ضمير تثنية)) وهو الألف نحو: يضربان وتضربان، بالتحتانية والفوقانية ((أو ضمير جمع)) لمذكر، وهو الواو، نحو: يضربون وتضربون بالتحتانية والفوقانية ((أو ضمير المؤنثة المخاطبة)) وهو الياء التحتانية، نحو: تضربين بالفوقانية،YouTube■ وتسمى الأفعالَ الخمسةَ وهي مرفوعة وعلامة رفعها ثبوت النون نيابة عن الضمة.YouTube■
من إضافة الدال للمدلول بناء على مختار المحققين وسيدهم وهو الجرجاني في مسمى الكتب والأبواب والفصول أنه الألفاظ المخصوصة الدالة على المعاني المخصوصة أي: هذا دال معرفة إلخ.
والمراد بـ«المعرفة» الإدراك، وإضافة «الباب» إليها من إضافة السبب للمسبب أي: باب هو سبب حصول معرفة إلخ، فلا ينافي ما تقدم من أنه من إضافة الدال للمدلول؛ لأن ذلك بالنظر لمدلوله أي: الباب، وهو علامة الإعراب، وأن لفظ «المعرفة» مستدرك وهذا بالنظر للمعرفة، وأنها غير مستدركة.
ثم إن المصنف عبر بـ«المعرفة» مع أنها لا تقال إلا لإدراك الجزئيات كزيد وعمرو والبسائط وهي: ما لا يقبل الانقسام كفاية النقطة، وما هنا ليس كذلك؛ لأن العلامات أمور كلية فكان الأولى أن يعبر بالعلم؛ لأنه يقال للكلي كالحيوان والإنسان أو المركب كالنسبة في نحو: زيد قائم
وأجيب بأنه جار في ذلك على ما ذهب إليه الأكثر من أنهما بمعنى واحد، أو أنه نزّل العلامات لقلتها المفهومة من التعبير بجمع المؤنث السالم الذي هو من جموع القلة منزلة الجزئي الذي لا تكثر فيه.
ثم إن كلام المصنف معترض بشيء آخر، وهو أنه ترجم لشيء وهو المعرفة ولم يذكره، وذكر شيأ وهو علامات الإعراب التي عقد لها الباب، ولم يترجم له، والجواب: أن المعرفة لما كانت تنشأ من هذا الباب أضافه إليها إضافة السبب للمسبب كما تقدم؛ لأن من طالعه وفهم معاني مسائله حصلت له معرفة علامات الإعراب.
وقدر الشارح لفظ «أقسام»؛ لأن العلامات التي ذكرت ليست علامات الإعراب المطلق، وإلا لما دلت الضمة على خصوص الرفع، وإنما كانت تدل على إعراب مطلق أي: كانت تدل على الحقيقة والماهية لا خصوص الأفراد، وإنما هي علامات لأقسام الإعراب، كما يدل على ذلك قول المتن: «فأما الضمة إلخ».
وأيضا الإعراب نفسه ليس مشتركا مع غيره حتى يحتاج إلى علامات تميزه، والعلامات إنما يؤتى بها لتمييز الأشياء المشتركة بعضها عن بعض.
وإضافة «علامات» إلى ما قدره الشرح وهو لفظ «أقسام» على معنى اللام على ما مشى عليه المصنف من أن الإعراب معنوي، وأما على أنه لفظي فالإضافة بيانية أي: علامات هي أقسام الإعراب.
قوله: (التي هي الرفع إلخ) نعت لـ«الأقسام» ولا يضر الفصل بالمضاف إليه وهو الإعراب لأن المتضايفين كالشيء الواحد.
قوله: (من حيث هو) أي: لا بقيد كونه في الاسم؛ لأن علاماته ثلاثة فقط: الضمة والواو والألف، ولا بقيد كونه في الفعل؛ لأن علاماته اثنتان: الضمة والنون، ولا بقيد كونه فيهما؛ لأن علاماته خمسة، ولا بقيد كونه بالضمة أو بالواو أو بالألف أو بالنون؛ لئلا يلزم تقسيم الشيء إلى نفسه وغيره، وكذا يقال في النصب والخفض والجزم، فالحيثية حيثية إطلاق.
قوله: (أربع علامات) ذكّر العدد؛ لأن المعدود وهو علامات مؤنث.
قوله: (على الأصل) متعلق بمحذوف، إما نعت للضمة أي: الكائنة على الأصل، أو حال منها أي: كائنةً على الأصل، والصفة لبيان الواقع والحال لازمة، فلا يعترض بأنه يقتضي أن لنا ضمة أصلية وضمة غير أصلية وهو فاسد.
قوله: (نيابة) بالنصب حال من الأحرف الثلاثة بتأويله باسم الفاعل أي: حال كونها نائبة، لكن وقوع المصدر المنكّر حالا سماعي وإن كان كثيرا، فالأولى نصبه على أنه مفعول مطلق أي: تنوب نيابة.
قوله: (لأصالتها) أي: أرجحيتها في الدلالة على الرفع دون غيرها.
قوله: (وثنّى بالواو) أي: أتى بالواو ثانيا.
قوله: (تنشأ) أي: تحدث، وقوله: «فهي بنتها» أي: لتولدها عنها، وهذا التعليل تبع فيه الشارح قول ابن جنّي في الخصائص، وهو أن حروف العلة ناشئة عن الحركات ومركبة منها، فالواو مركبة من ضمتين والألف من فتحتين والياء من كسرتين، وهو قول ضعيف، والصحيح أنها بسائط لا تركيب فيها، وعليه فيقال: أنه ثنى بالواو لكونها فرعا في النيابة عن الضمة.
قوله: (وثلث بالألف) أي: ذكرها ثالثة.
قوله: (لأنها أخت الواو) حقيقة الأخت ومذكرها وهو الأخ: المشارك لغيره في الولادة أو الرضاع، ويستعار لكل مشارك لغيره في شيء كما هنا، فإن الألف أخت الواو أي: مشاركتها في المد إلخ، ففيه استعارة مصرحة أصلية، ولا يخفى تقريرها.
قوله: (واللين) عطف عام على خاص، لأن الواو والألف والياء حروف علة مطلقا، وحروف لين أيضا إن سكنت الواو والياء مطلقا، وحروف مد أيضا إن جانس الواو والياء ما قبلهما بأن انضم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء، فكل حرف مد حرف لين، ولا عكس، وكل حرف لين حرف علة، ولا عكس.
قوله: (لضعف شبهها) من إضافة الصفة للموصوف.
قوله: (في الغنة) بيان لوجه الشبه، وقوله: «عند سكونها» أي: النون ظرف للغنة، فهو يفيد أن حروف العلة فيها غنة وأن النون إذا سكنت كذلك، فأشبهت النون حروف العلة، وهذا شبه ضعيف، فأخرت النون لذلك.
قوله: (ولكل واحدة إلخ) اعترض بأنه يقتضي أن لكل واحدة ثلاثة مواضع كما هو مقتضى الجمع مع أن الواو ليس لها إلا موضعان، والألف والنون ليس لكل منهما إلا موضع واحد كما سيأتي، وأجيب بأن الجمع في مواضع باعتبار الأفراد الشخصية، وهي ممكنة التحقق في أفراد ما سيأتي أو بأن المراد بكل هنا الكل المجموع، ومن بيانية لا تبعيضية أي: وللمجموع الذي هو هذه العلامات مواضع، وهذا لا يستلزم أن يكون لكل واحدة منها عدة مواضع.
قوله: (الأول في الاسم المفرد) قد ينظر فيه؛ لأنه يوجب إما أن يكون الشيء ظرفا لنفسه إن كان الأول هو الاسم المفرد، أو يكون الأول غير الاسم المفرد، وكل منهما باطل، فكان الأحسن أن يقول الشارح بعد قول المصنف: «في الاسم المفرد»: وهو الأول مثلا.
ويمكن توجيه كلامه بأن يكون التقدير الأول يجيئ في الاسم المفرد من مجيئ العام في الخاص بمعنى تحققه فيه؛ لأن ماهية الأول الذهنية أعم من الاسم المفرد وإن كانت إياه بحسب الخارج، فتأمله وقس عليه نظائره.
والمفرد المراد به هنا أي: في باب الإعراب ما ليس مثنى حقيقة أو حكما ولا مجموعا حقيقة أو حكما ولا من الأسماء الخمسة ولو كان مركبا كعبد الله و بعلبك.
قوله: (نحو: جاء زيد إلخ) مثل للمذكر بمثالين، وللمؤنث بمثالين أيضا للإشارة إلى أنه لا فرق بين الإعراب اللفظي والتقديري في كل منهما، وكذا يقال في جمع التكسير.
قوله: (والأساري) بفتح الهمزة وضمها جمع أسرى بفتح الهمزة جمع أسير بفتح الهمزة، فالأساري جمع الجمع.
قوله: (والعذاري) جمع عذراء وهي البكر.
قوله: (ما تغير فيه بناء مفرده) أي: جمع وهو ما دل على أكثر من اثنين تغير فيه صيغة واحده، فالمراد بالمفرد فيه ما قابل المركب أي: ما تغير فيه مفرده عن حالته قبل الجمع أي: تغيرا لغير إعلال ولا إلحاق علامة جمع، ولا يعرب معه بالحروف.
فسقط بالأول ما تغير فيه بناء واحده للإعلال وهو جمع تصحيح، نح:و قاضون ومصطفون،
وبالثاني ما تغير فيه بناء واحده لإلحاق علامة الجمع، وهو جمع مذكر سالم كـ(زيدون) أو جمع مؤنث سالم كـ(هندات)،
وبالثالث ما تغير فيه بناء واحده، وهو معرب بالحروف كـ(سنون) وأرضون بإيقاع ما على جمع كما تقدم.
لا يرد المثنى لكونه تغير فيه بناء الواحد.
ثم لا فرق في التغير بين أن يكون مشاهدا وهو ما ذكره الشارح أو تقديرا كـ(فلك) فإنه يستعمل في المفرد والجمع بلفظ واحد، لكن إن جعلته جمعا فضمة أوله كضمة أسد، وإن جعلته مفردا فضمته كضمة قفل.
والتغير أمر اعتباري؛ لأنه يقدر زوال الضمة الكائنة في الواحد وتبدلها بضمة مشعرة بالجمع عند سيبويه، ويعرف الجمع من المفرد بالضمير أو بالنعت أو بغير ذلك، فتقول: فلك سائرة للمفرد، وفلك سائرات للجمع، واشتريته إن كان مفردا، واشتريتهن إن كان جمعا.
قوله: (وهو) أي: تغير مفرده، أو ما تغير فيه بناء مفرده، وعلى الثاني يحتاج لتقدير مضاف بعد قوله: «الأول والثاني إلخ» أي: الأول صاحب التغيير بالزيادة إلخ.
ثم إن هذا التقسيم إلى الستة بحسب الوجود لا بحسب القسمة العقلية، وإلا فهي ثمانية لأنها إما بزيادة فقط، أو بنقص فقط، أو بهما معا، أو بعدمهما، وكل منها إما مع تغيير شكل أو لا، لكنه أسقط منها قسمان لعدم وجودهما في كلامهم، وهما وجود الزيادة والنقص وعدمهما مع عدم التغيير فيهما.
قوله: (نحو: صنو وصنوان) الصنو فرع الشجرة والصنوان يستعمل مثنى وجمعا، ويفرق بتنوين النون في الجمع والإعراب بالحركات الظاهرة عليها، وبعدم التنوين في النون مع كسرها والإعراب بالحروف في المثنى.
قوله: (نحو: تخمة) مفرد وتخم جمع.
قوله: (نحو: أسد) بفتحتين اسم للحيوان المفترس، والجمع أسد بضمتين، ويخفف بإسكان السين المهملة.
قوله: (نحو: غلام وغلمان) أما الزيادة في غلمان فبالألف والنون، وأما النقص فنقص الألف التي كانت بعد اللام، وقبل الميم في المفرد، وأما تغير الشكل فظاهر فعرفت أن ألف غلمان غير ألف غلام لاختلاف محلهما.
قوله: (وهو ما جمع إلخ) إن أوقعنا ما على مفرد صح قوله: «جمع إلخ» ولم يصح قوله الآتي: أنه ينصب بالكسرة، وإن أوقعناها على جمع نافى قوله: «جمع إلخ»؛ لأن الجمع لا يجمع ثانيا، وأجيب باختيار الثاني، وأن المراد ما تحققت جمعيته وحصلت بألف وتاء أي: كان لهما دخل في الجمعية، فالباء للسببية، وحينئذ فلا حاجة لقوله: «مزيدتين»؛ لأن ما خرج به يخرج بجعل الباء للسببية؛ إذ لا تكون الألف والتاء سببا في الجمعية إلا إن كانتا مزيدتين.
وإن جعلت الباء للمصاحبة احتيج إلى «مزيدتين» ليخرج قضاة وأبيات، فإن كلا منهما يصدق عليه أنه جمع مع الألف والتاء، لكن ألف قضاة منقلبة عن أصل لا زائدة وتاء أبيات أصل، ونصب هذين بالفتحة كغيرهما من جموع التكسير.
قوله: (وتقييد الجمع بالتأنيث والسلامة إلخ) وكذا بالجمع، لأنه قد يكون اسم جمع كأولات، أو مفردا كعرفات، لكن هذا الجواب من الشارح لا يحتاج إليه بعد تفسيره له بـ«ما جمع بألف وتاء إلخ» لأن عمومه حينئذ شامل لما أورده، وليس خارجا عنه حتى يحتاج لجعل التعريف بالنظر للغالب. نعم، هو محتاج إليه بالنظر للتقييد بالجمع بعد ذلك التفسير أيضا.
قوله: (إصطبل) بقطع الهمزة وهو موقف الدابة.
قوله: (حبليات) وتغييره بقلب ألف المفرد وهو حبلى في الجمع ياء.
قوله: (يوجب بناءه) أي: على السكون كنون النسوة نحو: يتربصن، أو على الفتح كنون التوكيد، ثقيلة كانت نحو: ليسجنن، أو خفيفة نحو: ليكونن.
والكاف في كلام الشارح استقصائية؛ لانحصار موجب بناء المضارع فيهما.
واعترض قوله: «يوجب بنائه» بأنه لا حاجة إليه لأن الكلام في المعربات فكان المناسب حمل الشيء في كلام المتن على ما ينقل إعرابه فقط، وأجيب بأنه ذكره لتنبيه المبتدئ على ما عساه يغفل عنه.
واعلم أن نون النسوة لا تكون إلا مباشرة، وأما نون التوكيد فتكون مباشرة لفظا و تقديرا، وهي الموجبة للبناء كما تقدم، وتكون مباشرة لفظا منفصلة تقديرا نحو: ﴿وَلَا يَصُدُّنَّكَ﴾ أو منفصلة لفظا وتقديرا نحو: ﴿لَتُبۡلَوُنَّ﴾ ﴿وَلَا تَتَّبِعَآنِّ﴾ ﴿فَإِمَّا تَرَيِنَّ﴾ والفعل معها معرب.
قوله: (وأما الواو) أي: المضموم ما قبلها لفظا كالزيدون، أو تقديرا كالمصطفون، وقوله: «فتكون علامة للرفع» أي: على الرفع فاللام بمعنى على أي: أمارة عليه سبيل النيابة.
قوله: (الأول في جمع المذكر السالم) تقدم الكلام على هذه الظرفية، ولا يخفى أن جمع في الأصل مصدر، ومعناه ضم اسم إلى مثليه فأكثر بزيادة في آخره صالح للتجريد وعطف مثله عليه.
والمراد به هنا اسم المفعول أي: المذكر المجموع جمع سلامة، وما حمل عليه، وهو ما كان آخره واوا أو نونا في حالة الرفع كـ«الزيدون» و«عشرون»، أو ياء ونونا في حالتي النصب والجار كـ«الزيدين» و«عشرين».
وهو قسمان: علم وصفة، فخرج ما ليس علما ولا صفة كـ«رجل»، فلا يقال فيه: رجلون إلا إذا صغر، لأنه حينئذ يلتحق بالصفات، فالأول نحو: الزيدون، والثاني: كـ«المسلون».
وله شروط عامة وشروط خاصة:
فالعامة في العلم والصفة:
أن يكون (كل لمذكر عاقل خال عن التاء الموضوعة للتأنيث التي ليست عوضا عن غيرها).
ويختص العلم:
بأن (لا يكون مركبا تركيبا إسناديا، ولا مزجيا)
و(لا معربا بحرفين)
وتختص الصفة:
بأن (لا تكون من باب أفعل فعلاء، ولا فعلان فعلى)
و(لا مما يستوي فيه المذكر والمؤنث)
لكن العلم إذا جمع زالت علميته، ووجب أن يعوض عنها تعريف آخر إذا أريد التعريف، وذلك؛ لأن العلم إنما يكون معرفة على تقدير أفراده لموضوعه، فهو لم يوضع علما إلا مفردا، فهو دال على الواحد.
وإذا جمع زال معنى العلمية منه؛ لأنه حينئذ يصير دالا على معنى متعدد، والتعدد والوحدة متنافيان، فلم يصح جمعه باقيا على علميته لتنافي مدلول الجمع والعلمية، وكذا يقال في العلم إذا ثني، فوجود العلمية شرط للإقدام على الجمع والتثنية وعدمها شرط لثبوتهما.
فخرج بـ(المذكر) من العلم نحو: زينب، ومن الصفة نحو: حائض، وبـ(العاقل) من العلم نحو: لاحق، اسم فرس، ومن الصفة نحو: سابق، صفة لفرس بخلافه صفة عاقل، ومنه: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ﴾
وبـ(الخلو من التاء) وإن استعلمت في غير التأنيث كالمبالغة من العلم نحو: حمزة وطلحة، ومن الصفة نحو: علامة.
وقولنا: (التي ليست عوضا عن غيرها) قيد في القيد، وشأنه الإدخال، فإن كانت عوضا مثل: عدة وثبة علمين جاز فيه عدون وثبون.
وخرج: (ما ركب تركيبا إسناديا) من الأعلام كبرق ونحره أو مزجيا كسيبويه، و(ما أعرب بحرفين) كـ«زيدان» و«زيدون» علما، فلا يجمع هذا الجمع.
وخرج: (ما كان من الصفات من باب أفعل فعلاء) بفتح الفاء والمد كأحمر وأسود وشذ قول الشاعر:
فما وجدت نساء بني تميم * حلائل أسودين وأحمرين
بخلاف ما كان مؤنثه غير فعلاء بالمد والفتح، فيجمع هذا الجمع كالأفضل، فيقال: الأفضلون؛ لأن مؤنثه فعلى.
وخرج (ما كان من باب فعلان فعلى) كندمان من الندم، فإن مؤنثه ندمى، أما ندمان من المنادمة فيجمع هذا الجمع؛ لأن مؤنثه ندمانة.
وخرج (ما استوى فيه المذكر والمؤنث) كصبور وجريح، فلا يجمع هذا الجمع ككل ما كان على وزن فعيل إذا كان بمعنى المفعول كقتيل، يقال رجل قتيل وامرأة قتيل، وأما لو كان بمعنى الفاعل فلا يستوي فيه مذكره ومؤنثه، بل يفرق بينهما بالتاء كعليم للمذكر وعليمة للمؤنث.
وبقولنا: (فيما تقدم) والمراد به هنا اسم المفعول أي: المذكر إلخ يندفع الاعتراض على المتن بأن فيه قصورا؛ لأنه لم يذكر الملحق بجمع المذكر السالم في هذا الإعراب، وحاصل الجواب أن في كلامه حذف المعطوف.
قوله: (لسلامة بناء) أي: لوجود صيغة المفرد فيه سالمة من التغيير.
قوله: (مع قطع النظر إلخ) دفع لما يقال: أن هذا الجمع ليس سالما؛ لأنه زاد على المفرد، ووجه قطع النظر عن هذه الزيادة أن الواو أتي بها نيابة عن الحركة، ودلالة على جماعة الذكور، والنون أتي بها جبرا لما فاته من الإعراب بالحركات، وفوات التنوين، فلم يؤت بهما لمحض الجمعية، والذي يجعل المفرد به متغيرا هو الذي يؤتى به لمحض الجمعية كصنوان جمع صنو.
قوله: (وحموك) بكسر الكاف؛ لأنه قريب الزوج الذكر على المشهور، فلا يضاف إلا إلى المرأة أي: على المشهور، وأما الكاف في البقية فإن أضفتها إلى مذكر فتحت وإلا كسرت.
قوله: (واستغنى عن اشتراط إلخ) أي: عن التصريح باشتراط إلخ.
قوله: (مفردة) فلو ثنيت أو جمعت أعربت إعراب المثنى أو المجموع، فإن جمعت جمع تصحيح أعربت بالحروف، أو جمع تكسير أعربت بالحركات الظاهرة، كذا في الحاشية، والذي في الحفني على الأشموني عن ابن قاسم: أنها إن جمعت بالألف والتاء أيضا بأن أريد بها من لا يعقل أعربت إعراب الجمع بالألف والتاء، وأنها لا يجمع منها جمع سلامة لمذكر إلا الأب والأخ والحم، وإن نازع في جمع الأخير البهوتي.
قوله: (مكبرة) فلو صغرت أعربت بالحركات الظاهرة.
قوله: (مضافة) فلو أفردت أعربت بالحركات الظاهرة كجاء أب، ورأيت أبا، ومررت بأب.
قوله: (لغير ياء المتكلم) فلو أضيفت إليها أعربت بالحركات المقدرة، والذي ذكره الشارح أربعة شروط، ويزاد عليها:
أن تكون غير منسوبة، فلو كانت منسوبة أعربت بالحركات الظاهرة كجاء أبويك،
وأن يكون الفم خاليا من الميم، وإلا أعرب بالحركات الظاهرة،
وأن تكون ذو بمعنى صاحب، فإن كانت موصولة فهي مبنية على المشهور،
وأن تضاف ذو إلى اسم جنس ظاهر غير صفة، وشذ إضافتها إلى غير نحو: أنا الله ذو بكة سواء كان اسم الجنس معرفة نحو: والله ذو الفضل العظيم، أو نكرة نحو: ذو مال.
وقولنا: (اسم جنس ظاهر) احترز عن الضمير العائد لاسم الجنس نحو:
*إنما يعرف الفضل من الناس ذووه*
فإنه لا يعامل معاملته وإلا فاسم الجنس لا يكون إلا ظاهرا.
وقولنا: (غير صفة) قيد لا بد منه في إخراج الصفات كقائم وضارب، فإنها أسماء أجناس، فقول بعضهم: أنه لبيان الواقع؛ لأن اسم الجنس لا يكون صفة غير سديد.
والمراد بـ(الصفة) ما أخذ من المصدر للدلالة على معنى وذات، وإنما لم تضف إليها؛ لأن الغرض من وضعها كما علمت التوصل إلى الوصف بأسماء الأجناس، وإذا كان المضاف إليه وصفا لم يحتج إليها.
إذا علمت ذلك علمت أن الشروط ثمانية، ولم يصرح بها المتن؛ لأنه ذكرها كذلك كما قاله الشارح، لكن يوهم اشتراط إضافتها للكاف، وإضافة ذو إلى لفظ مال يوهم اشتراط التصريح بالإضافة، وليس كذلك، بل مثل الإضافة الصريحة الإضافة المقدرة كما في قوله:
*خالط من سلمى خياشيم وفا*
أي: خياشيمها وفاها.
قوله: (وأسقط المصنف إلخ) المراد بالإسقاط عدم الذكر أي: تركه ولم يأت به.
قوله: (الهن) هو على الصحيح اسم يكني به عن أسماء الأجناس مطلقا سواء كان يستقبح التصريح بذكرها أولا.
قوله: (في تثنية الأسماء خاصة) اعترض بأن الألف علامة في المثنى لا في التثنية التي هي فعل الفاعل، وأجيب بأن كلامه من إطلاق المصدر وإرادة اسم المفعول كالخلق بمعنى المخلوق، فالإضافة إلى الأسماء من إضافة البعض إلى الكل، فهي على معنى من أي: في المثنى من الأسماء.
أو من إضافة الصفة للموصوف أي: في الأسماء المثناة.
وقوله: «الأسماء» لا محترز له؛ لأن غيرها لا يثنى كما أن قوله: «خاصة» كذلك، سواء رجع إلى «تثنية» أو إلى «الأسماء»، وهو بمعنى خصوصا، فهو من المصادر التي جاءت على فاعلة كالعاقبة والعافية، منصوب على أنه مفعول مطلق بمحذوف تقديره: أخص تثنية الأسماء بكون الألف علامة لرفعها خصوصا بناء على المشهور من جواز حذف عامل المؤكد بكسر الكاف خلافا لابن مالك.
والمراد بالمثنى: كل اسم ناب عن اثنين اتفقا في الوزن والحروف بزيادة أغنت عن العاطف والمعطوف.
فخرج بالقيد الأول نحو: العمرين في عمرو وعمرويه،
وبالثاني نحو: العمرين في أبي بكر وعمر،
وبالثالث: كلا وكلتا، واثنان واثنتان؛ إذ لم يسمع كل ولا كلة، ولا اثن ولا اثنة، وهذه المخرجات ملحقات بالمثنى في إعرابه لا منه.
ثم أعلم أنه يشترط في كل ما يثنى عند الأكثرين شروط ثمانية نظمها بعضهم بقوله:
شرط المثنى أن يكون معربا *ومفردا منكرا ماركبا
مواقفا في اللفظ والمعنى له * مماثل لم يغن عنه غيره
كذا في الحاشية، فلا يثنى ما كان مبنيا.
وأما نحو: ذان وتان، واللذان واللتان فصيغ موضوعة للمثنى، وليست مثناة حقيقة على الأصح عند جمهور البصريين،
ولا يثنى المثنى ولا المجموع على حده، ولا الجمع الذي لا نظير له في الآحاد،
ولا يثنى العلم باقيا على علميته، بل ينكر ثم يثنى، وقد مرت الإشارة إلى ذلك في جمع المذكر،
ولا يثنى ما ركب تركيب إسناد اتفاقا، ولا مزج على الأصح، وأما المركب الإضافي من الأعلام فيستغنى بتثنية المضاف عن تثنية المضاف إليه،
ولا يثنى ما لم يتفق في اللفظ، وأما نحو: الأبوان فمن باب التغليب،
ولا ما لم يتفق في المعنى، فلا يثنى المشترك، ولا الحقيقة، والمجاز، وأما قولهم: القلم أحد اللسانين فشاذ،
ولا يثنى ما لا ثاني له في الوجود، فلا يثنى الشمس والقمر، وأما قولهم: القمران للشمس والقمر فمن باب المجاز،
ولا ما استغنى بتثنية غيره عن تثنيته، فلا يثنى سواء؛ لأنهم استغنوا بتثنية سى عن تثنيته فقالوا: سيان ولم يقولوا: سوآن،
ولا ما استغنى بملحق المثنى عن تثنيته، فلا يثنى أجمع وجمعاء استغناء بكلا وكلتا، أفاده في التصريح.
قوله: (تضربان بالفوقانية) وهو يصلح للمخاطبين المذكرين نحو: أنتما تضربان يا زيدان، والمؤنثين نحو: أنتما تضربان يا هندان، والتاء فيه للخطاب، ولا تكون الألف فيه إلا اسما، ويصلح للغائبتين المؤنثتين سواء كانت الألف اسما نحو: الهندان تقومان، أو حرفا على لغة أكلوني البراغيث نحو: تقومان الهندان، والتاء فيه للتأنيث لا للخطاب، ففيه أربع صور.
قوله: (ويضربان بالتحتانية) للغائبين المذكرين اسما كانت الألف نحو: الزيدان يضربان، أو حرفا نحو: يضربان الزيدان على تلك اللغة، ففيه صورتان.
قوله: (تضربون بالفوقانية) خاص بجمع الذكور الحاضرين نحو: أنتم تضربون، ولا تكون الواو فيه إلا اسما، ففيه صورة واحدة.
قوله: (ويضربون بالتحتانية) لجمع الذكور الغائبين سواء كانت الواو فيه اسما نحو: الزيدون يضربون، أو حرفا نحو: يضربون الزيدون على تلك اللغة، ففيه صورتان.
قوله: (المخاطبة) هذا القيد لبيان الواقع؛ إذ ليس لنا فعل يرفع بثبوت النون يتصل به ضمير مؤنثة غير مخاطبة حتى يحترز عنه.
قوله: (نحو: تضربين) ولا يكون إلا مبدوأ بالتاء الفوقية، ولا تكون الياء فيه إلا اسما، ففيه صورة واحدة.
فجملة الأفعال باعتبار ما تقدم عشرة، وإن نظر إلى أنه قد يغلب مذكر على مؤنث، أو مخاطب على غائب، أو بالعكس، وإلى انقسام المؤنث إلى حقيقي التأنيث ومجازيه وغير ذلك زادت الصور.
قوله: (ثبوت النون) أي: النون الثابتة، فهو من إضافة الصفة للموصوف.