المتن
وأقسامه أربعة: رفع، ونصب، وخفض، وجزم،
فللأسماء من ذلك الرفع، والنصب، والخفض، ولا جزم فيها،
وللأفعال من ذلك الرفع، والنصب، والجزم، ولا خفض فيها.
((وأقسامه)) أي: أقسام الإعراب بالنسبة إلى الاسم والفعل ((أربعة: رفع ونصب)) في الاسم والفعل، نحو: يقوم زيد، وأن زيداً لن يقوم، ((وخفض)) في الاسم نحو: مررت بزيد، ((وجزم)) في الفعل، نحو: لم يقم، هذا على سبيل الإجمال.YouTube■
وأما على سبيل التفصيل ((فللأسماء من ذلك)) المذكور من الأقسام الأربعة ((الرفعُ)) نحو: جاء زيدٌ ((والنصبُ)) نحو: رأيت زيداً ((والخفضُ)) نحو: مررت بزيدٍ ((ولا جَزْمَ فيها)) أي: لا جَزْمَ في الأسماء،YouTube■ ((وللأفعال)) المعرَبةِ ((من ذلك)) المذكورِ ((الرفعُ)) نحو: يقوم زيد ((والنصبُ)) نحو: لن يقومَ ((والجزمُ)) نحو: لم يقم ((ولا خفض فيها)) أي: لا خفض في الأفعال.YouTube■
والحاصل أن هذه الأقسام الأربعة ترجع إلى قسمين: قسم مشترك، وقسم مختص.
فالمشترك شيئان: الرفع والنصب.
والمختص شيئان: الخفض والجزم.YouTube■
وبيان ذلك: أن الرفع والنصب يشترك فيهما الاسم والفعل، وأن الخفض يختص بالاسم، وأن الجزم يختص بالفعل،YouTube■ وذلك مستفاد من كلامه؛ لأنه كرر الرفع والنصب مع الأسماء والأفعال، فعلمنا أنه مشترك بينهما، وخصَّ الأسماء بالخفض وَنَفَى عنها الجزم، وخص الأفعال بالجزم وَنَفَى عنها الخفض.
ثم لكل من الرفع والنصب والخفض والجزم علامات لابد من معرفتها، فلذلك أعقبها بقوله:YouTube■
أقسام الإعراب
قوله: (وأقسامه إلخ) جواب عن سؤال مقدر، كأن سائلا قال له: أنت قد ذكرت حقيقة الإعراب، فهل لهذه الحقيقة أفراد أو لا؟ فأجاب بقوله: «وأقسامه إلخ» أي: جزئياته لا أجزاؤه، فالأقسام هنا مستعملة في حقيقتها، وهي الجزئيات بخلاف ما تقدم في الكلام، فإنها بمعنى الأجزاء على سبيل المجاز كما تقدم.
وإنما كان ذلك؛ لأن الكلام مركب، فكل من الاسم والفعل والحرف جزء له، وأما الإعراب فليس مركبا؛ لأنه التغيير المخصوص، فكل من هذه الأربعة يقال له إعراب لوجود التغيير فيه، فهي جزئيات له وتقسيمه إليها من تقسيم الكلي إلى جزئياته لوجود ضابطها.
قوله: (أي: أقسام الإعراب) أي: سواء كان في الاسم أو في الفعل وسواء كان بالضمة أو بغيرها، فالمقسم الإعراب المطلق لا بخصوص كونه ضمة مثلا لئلا يلزم تقسيم الشيء إلى نفسه وغيره، وهذه الأقسام أقسام له على كونه لفظيا أو معنويا؛ إذ لو جعلت له على أحدهما لتوهم أن له على الآخر أقساما أخر غيرها وليس كذلك، فالرفع نفسه إعراب على القولين وكذا البقية، وأما الضمة مثلا فهي نفس الإعراب على أنه لفظي وعلامة له على أنه معنوي.
قوله: (بالنسبة إلى الاسم والفعل) أي: بالنظر إلى مجموعهما، وهذا جواب عما يقال: إن أراد أن هذه الأقسام أقسام إعراب الاسم كانت ثلاثة: الرفع والنصب والخفض، أو أقسام إعراب الفعل كانت ثلاثة: أيضا الرفع والنصب والجزم.
وحاصل الجواب إنه أراد أقسام إعرابهما من غير ملاحظة واحد منهما بخصوصه.
قوله: (رفع إلخ) بدل من أربعة بدل مفصل من مجمل. ثم اعلم أن لكل واحد من هذه الأربعة معنى في اللغة ومعنى في الاصطلاح على كلا القولين في الإعراب.
فالرفع لغة: العلو والارتفاع، واصطلاحا على أن الإعراب لفظي: نفس الضمة وما ناب عنها، وعلى أنه معنوي: تغيير مخصوص وعلامته الضمة وما ناب عنها.
والنصب لغة: الاستقامة والاستواء، واصطلاحا على أن الإعراب لفظي: نفس الفتحة وما ناب عنها، وعلى أنه معنوي: تغيير مخصوص وعلامته الفتحة وما ناب عنها.
والخفض لغة: نقيض الرفع، واصطلاحا على أن الإعراب لفظي: نفس الكسرة وما ناب عنها، وعلى أنه معنوي تغيير مخصوص وعلامته الكسرة وما ناب عنها.
والجزم لغة: القطع، واصطلاحا على أن الإعراب لفظي: نفس السكون وما ناب عنه، وعلى أنه معنوي: تغيير مخصوص علامته السكون وما ناب عنه.
والمراد (على وجه مخصوص) في سائر هذه التعاريف الاصطلاحية بأن يكون في الأواخر لاختلاف العوامل فيخرج البناء.
قوله: (وخفض في اسم وجزم في فعل) إنما اختص الخفض بالاسم لثقله وخفة الاسم بواسطة مدلوله وهو الذات، واختص الجزم بالفعل لخفته وثقل الفعل بتركب مدلوله وهو الحدث والزمان، فأعطي الثقيل للخفيف والخفيف للثقيل للتعادل.
قوله: (على سبيل الإجمال) أي: طريق هي الإجمال، والمراد به عدم تعيين متعلقها من اسم وفعل، وقوله: «وأما على سبيل التفصيل» أي: طريق هي التفصيل، والمراد به تعيين متعلقها.
فالمصنف قسمها أولا في قوله: «وأقسامه أربعة» باعتبار ذاتها، وقسمها ثانيا في قوله: «فللأسماء إلخ» باعتبار متعلقها أي: محلها من الاسم والفعل.
قوله: (فللأسماء) أي: معربة كانت أو مبنية بدليل إطلاقه فيها وتقييده في الأفعال بالمعربة، وإذا كان المراد الأفعال المعربة ورد أن يقال: إن الأفعال المعربة هي المضارع فقط فلا معنى للجمع، ويجاب بأن الجمع بالنظر للأفراد.
وبعضهم جعل كلام المصنف في خصوص المعرب من الأسماء والأفعال، وقصره عليه بدليل أن فرض الكلام في أقسام الإعراب، فيكون في كلامه حذف الصفة في الموضعين خلاف ما صنعه الشارح.
قوله: (المذكور) أشار به إلى أن اسم الإشارة راجع للأربعة باعتبار تأويلها بـ«المذكور»، وإلا فـ«ذلك» اسم إشارة للمفرد، والمشار إليه وهو الأربعة جمع.
قوله: (الرفع) أي: ظاهرا أو مقدرا أو محلا، وكذا فيما بعده.
قوله: (والحاصل) أي: المتحصل من ذلك أن إلخ.
قوله: (مشترك) أي: مشترك فيه فهو من باب الحذف والإيصال؛ لأن فعله إنما يتعدى إلى المفعول به بـ(في) وكذا اسم مفعوله تقول: اشتركت في كذا فهو مشترك فيه.
قوله: (فالمشترك) مبتدأ خبره شيآن، وصح الإخبار به مع أنه مثنى عن المشترك مع أنه مفرد؛ لأن لامه للجنس ومدخولها صادق بالواحد والمتعدد، وكذا يقال في قوله: «المختص شيآن».
قوله: (لأنه كرر الرفع والنصب) أي: ذكرهما مرة مع الأسماء وأخرى مع الأفعال.
قوله: (فعلمنا أنه) أي: القسم أي: قسم الرفع والنصب وإلا فحق العبارة أنهما.
قوله: (علامات) المراد بالجمع ما فوق الواحد بالنظر للجزم لأنه ليس له إلا علامتان، أو يقال: الجمع فيه باعتبار الأفراد الشخصية، وهي ممكنة التحقق في أفراد الفعل المعرب.
قوله: (أعقبها بقوله) أي: أتى عقبها بقوله: «باب إلخ».