ضبابية تقييم الأداء والتحصيل لدى الطلبة... حلول مقترحة


للحصول على صورة واضحة عن أداء الطلبة ومستوى تحصيلهم خلال عملية التقييم، يجب عدم منح العلامات للطلبة أو حرمانهم منها لأجل أمور ليست لها علاقة بالمحتوى الرئيسي للمهمة التي يتم تقييمها.

جون مكارثي (مترجم بتصرّف)

10/ 1/ 2017

إن القيادة في طريق سريع يغطيه الضباب الكثيف هو أمر مخيف حقاً، لأنك لن تتمكن من معرفة ما يخفيه المنعطف القادم. يمكننا قول نفس الشيء عن تقييم أداء الطلبة ومستوى تحصيلهم بالاعتماد على بيانات مشوّشة أو غير واضحة. لا شكّ في أن بعض الحوادث ستقع. تقول لورنا إيرل، مؤلفة كتاب التقييم كوسيلة تعلُّم Assessment as Learning إن التمييز (في تصميم المهام التعليمية) هو "التأكد من أن كل طالب يتلقى المهام التعليمية المناسبة له في الوقت الصحيح. فإذا استطعت معرفة ما الذي يعتبره الطالب أمراً’مُسَلَّماً به‘ أو ’معروفاً‘ وما الذي (ينقصه أو) يحتاج إليه ليتعلمه، عندها لن يكون التمييز خياراً، إنما سيكون الاستجابة الواضحة (أو الأمر المفروض القيام به دون تردد)".

هذا التعريف (للتمييز) يعكس مقدار أهمية عملية التقييم. نحن نستخدم التمييز بشكل أساسي عند استخدام بيانات دقيقة لتحضير وتكييف خطط تدريسية تناسب مجموعة كبيرة من الأشخاص أو عند تفصيلها لتناسب أفراداً ومجموعات صغيرة. ولأن مثل هذا التخطيط يستغرق وقتاً، يصبح من الضروري أن يكون التقييم المستخدم في التخطيط بعيداً عن العوامل اللوجيستية التي تُشَكِّل ضباباً (أو تشويشاً) حول ما يعرفه المتعلمون حقاً أو لا يعرفونه.

عند التركيز على البيانات الخاطئة أثناء التقييم، سيتكوّن شعور من الإحباط والعجز حول الأثر الذي نتركه كمعلمين في النموّ الأكاديمي لدى المتعلمين، حيث أن هذه البيانات لن تعطي صورة صحيحة عنهم. فيما يلي بعض الأمثلة الشائعة للضبابية التي قد تصيب عملية تقييم أداء وتحصيل الطلبة، والحلول المقترحة لها. إن وجهة نظري حول هذه القضايا متأثرة بكتاب كِن أوكونور عُدّة إصلاح التقييم بالعلامات A Repair Kit for Grading

حذف العلامات لأجل أخطاء التهجئة وعلامات الترقيم عند تقييم المحتوى:

في العادة يتم تخصيص وقت محدد لتعليم وتقييم تقنيات الكتابة. إن تقييم هذه التقنيات يجب إبقاؤه منفصلاً عن البيانات المتعلقة بفهم المحتوى. قد يفهم أحد الطلبة قوانين الحركة الفيزيائية ويكون لديه القدرة على توظيفها، لكنه قد يكون كاتباً ضعيفاً في نفس الوقت. إنّ محاسبة الطالب على تقنيات الكتابة عند وضع العلامة النهائية للواجب المتعلق بمحتوى قوانين الحركة قد يؤدي إلى الاستنتاج أن فهم هذا الطالب لهذه المفاهيم العلمية أضعف مما هو عليه في الحقيقة.

الحل: قم بوضع تقييم لتقنيات الكتابة كجزء من التغذية الراجعة التقويمية، وليس كجزء من العلامة النهائية. استخدم نتائج التقييم للقيام بتدريب موجه (Coaching) إضافي. أو قم بوضع نتائج تقييم تقنيات الكتابة في تصنيف أو تدريج كفاءات منفصل عن العلامة. مثلاً، يمكن أن يكون شكل التقييم كما يلي: فهم الطالب لقوانين الحركة هو بمستوى "بارع Proficient" ومستوى الطالب فيما يتعلق بتقنيات الكتابة " يحتاج إلى تطوير Needs Development".

علامات إضافية مقابل القيام بمهمات غير أكاديمية:

يجب أن لا يحصل الطالب على علامات إضافية في مادة الرياضيات أو اللغة الإنجليزية مثلا، عند حضوره لنشاط ما، مثل مشاركته في فرقة الغناء المدرسي أو عند حضوره نشاط يوم الوالدين. فهذا يُؤدي إلى تزييف نجاحه أكاديمياً. إن تبطين العلامة بهذه الطريقة يمكن أن يخفي فجوات خطيرة في فهم المفاهيم الرياضية أو الاستيعاب للنصوص الأدبية. فالعلامات الإضافية تُعتبر هنا مشكلة لأنه تم الحصول عليها مقابل القيام بنشاطات ليس لها علاقة بحاجة الطالب الأكاديمية في هذه المواد.

الحل: قم بمنح الطالب علامات إضافية إذا استطاع ربط النشاط بقضايا اكاديمية يحتاج إلى تعلمها، كأن يقوم بالربط بين الموسيقى والرياضيات أو عن طريق كتابته تقريراً حول نشاط يوم الوالدين يقدمه في حصة اللغة الإنجليزية. عندها سيكون حصوله على علامات إضافية مقابل مشاركته بمثل هذه الأنشطة مُبَرّراً لاستطاعته ربطها بالمنهاج. استبدل نظام العلامات الإضافية مقابل القيام بأنشطة لا منهجية من خلال إعطاء مهمّات أو واجبات إضافية تساعد الطلبة على ملء الفجوات في فهمهم للمادة التعليمية. أدرس إمكانية استخدام هذه المهمّات والواجبات الإضافية للتعويض عن العلامات المفقودة في المهمّات والواجبات الرئيسية المفروضة سابقاً، أو استخدمها كمتطلّب لإعادة اختبار ما أو مشروع تم استخدامه سابقاً في عملية التقييم وكانت نتيجته ضعيفة، حيث أن هذا مبدء يشيع استخدامه في "التلعيب (تطبيق عناصر وآليات اللعبة في غير سياق اللعب) Gamification".

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%84%D8%B9%D9%8A%D8%A8


حذف العلامات من أجل التأخر في التسليم أو بسبب نقص المعلومات:

يقوم المعلمون أحياناً بحذف العلامات عندما ينسى الطلبة وضع أسمائهم أو التاريخ على الواجبات المطلوب تسليمها، وذلك كوسيلة لتعليم المسؤولية. فكيف للطالب أن يُطالب بحقه في التقدير إذا لم يكن اسمه على الورقة؟ ففي واقع الحياة، قد يؤدي التاريخ المفقود أو عدم وجود معلومات لوجستية أخرى هامة إلى تأخير في الحصول على خدمة ما إلى حين توفير هذه المعلومات الناقصة. إن تحمل المسؤولية أمر هام، إلا أن حذف العلامات بسبب نقص بيانات ليس لها علاقة بالمحتوى الأكاديمي الذي يتم تقييمه يعطي انطباعاً خاطئاً عن كفاءة الطالب فيما يتعلق بهذه المهارة الأكاديمية.

التأخر في تسليم المراحل المختلفة لمشروع ما هو همٌّ آخر مشترك بين المعلمين، حيث يقع المعلمون في الحيرة عند المفاضلة بين أهمية معرفة ما قد تعلَّمَهُ الطالب في كل مرحلة، وبين ضرورة إكمال عملية تقييم المشروع بشكل نهائي. فما الذي يمكن للمعلم أن يفعله إذا قرر الطالب تأجيل جميع مراحل المشروع المطلوب تقييمه إلى حين موعد التسليم النهائي؟

إذا قرر المعلم حذف العلامات بسبب تأخر الطالب في تسليم المراحل السابقة، ستكون النتيجة مرة أخرى تشويش العقاب على عملية تسجيل مستوى الفهم الحقيقي للمهارة الأكاديمية التي تعلمها الطالب. وعند عدم قبول الواجبات المتأخرة، فإنه لن يتوافر لدينا بيانات كافية حول تقدُّم المتعلِّم. وبدون البيانات، يصبح عمل المعلم أصعب. وعدم قبول العمل المتأخر يعني أن الطلبة الذين لديهم ضعف بالفعل في مهارتهم، لن يتم اكتشافهم إلى أن تحين فرصة تسليم واجب جديد. وقد يكون هذا الوقت الضائع مصيريا لكل من المعلم والطالب لتفادي تفاقم المشاكل لدى الطالب والتمكن من معالجتها.

الحل: أطلب من الطالب أن يقوم بإكمال المعلومات الناقصة أو تعديل مكان التفاصيل الخاطئة قبل أن يتم تسجيل العلامات بشكل نهائي. فالمسؤولية يتم تعلُّمُها عند تكرار ممارسة المهارة الضعيفة، ومن خلال الاستعانة بالتدريب المُوَجَّه. فحتى يحدث التعلُّم، يجب توفير التمارين المناسبة أو المراجعة اللازمة للمفاهيم فور اكتشاف الفجوة التعلمية لدى الطالب.

إن حذف العلامات من أجل التأخر في تسليم الواجبات لا يُحسِّن الالتزام بالمسؤولية. إنما هو إجراء عقابي ممكن الاستعاضة عنه بالتدريب الموجَّه. أطلب من الوالدين أن يقوما بالتدخل من خلال تسليمهما نموذجاً يُبَيِّن التأخير الذي تمّ في تسليم مراحل المشروع من جانب ابنهما، واطلب توقيعهما عليه قبل تسليم المشروع بشكل نهائي. يمكن معالجة هذا الأمر بطريقة أخرى من خلال أن يقوم الطالب بكتابة رسالة إلى والديه يخبرهما فيها أنه قد تأخر في تسليم الواجب، ويعيدها موقعّة من قبل والديه إلى المعلم.

فائدة التقليل من الضبابية في تقييم أداء وتحصيل الطلبة:

من خلال العمل على تقليل الضبابية في التقييم، سيقِلُّ مقدار الإحباط الذي يشعر به المعلمون في عملية التعليم التي يقومون بها، لأن ذلك سيُظهر ما يعرفه الطلبة أو ما ينقصهم من معرفة بشكل أوضح، وبالتالي سيتم تقديم الدعم المناسب لهم حسب حاجاتهم الحقيقية.

سيربح الجميع.

https://www.edutopia.org/article/eliminate-assessment-fog-john-mccarthy