توضيح واقع التعلم الشخصي


يعتبر موضوع التعلم الشخصي اليوم من مواضيع الساعة. فتقريباً كل من له علاقة في مجال التعليم يتحدث عن أهمية أن تتم عملية التدريس مع الأخذ بعين الاعتبار التعلم الشخصي. لكن هل يكون التعلم الشخصي للمتعلمين في المرحلة الدراسية المبكرة من الروضة وحتى الثانوية مماثلاً للتعلم الشخصي لطلبة الكليات والجامعات؟ هل يعني التعلم الشخصي تقديم نفس المادة بطرق مختلفة لكل طالب بناء على احتياجاته ونمط دراسته؟ أم أنه تقديم مواضيع مختلفة للطلبة في الغرفة الصفية الواحدة بناء على اهتماماتهم؟ ما هو الحد الأدنى من المعرفة التي يحتاجها كل المتعلمين بغض النظر عن اهتماماتهم وتوجهاتهم؟ وهل يجب تقديم هذه المعرفة الأساسية بطريقة التعلم الشخصي؟

لقد قرأت العديد من المجلات والمنتديات التي تغطي موضوع التعلم الشخصي، إلا أن معظمها يفرض أن المتعلمين يعرفون تماماً ما الذي يريدون تعلمه وما المهارات التي يحتاجونها في عالم العمل اليوم وفي المستقبل. فمثلاً، هناك اقتراح مقدم من نظيمة علي، ورحيم راجان، وجريج راتليف في إحدى المدونات بعنوان: "كيف يعمل التعلم الشخصي على إطلاق نجاح الطالب" حيث يقترح النقاط التالية لبناء أنشطة التعلم الشخصي:

تكييف مدى ونطاق التدريس بناء على تقييم المعرفة الحالية للطلبة ومهاراتهم والفجوات الموجودة في معرفتهم.

استخدام أفكار مساعدة وتلميحات مفصلة بشكل شخصي خلال عملية تنفيذ النشاطات التعلمية أو تقييمها.

تشجيع الطلبة على توليد تفسيرات حول الكيفية التي تعاملوا فيها مع النشاط.

استخدام أنظمة العد (الخوارزميات) التي تكيّف عرض المحتوى بناء على ارتباطه بأهداف المتعلم.

تكييف تعقيد المحتوى أو طريقة عرضه بناء على تعلم الطالب.

ما الذي يحدث في حال انضم الطالب إلى بيئة تعلمية لا تدعم التعلم الشخصي ولم تكن المعرفة الحالية مطابقة لما يرغب به؟ هل علينا البناء على هذه المعرفة أيضاً؟ كيف يمكن لتقييم عملية التعلم الشخصي أن تناسب أسلوب التعلم القائم على المشاريع عندما يعمل الطلبة ضمن فريق؟ هل يمكن للتعلم القائم على المشاريع أن يتضمن أيضاً التعلم الشخصي؟ وماذا يمكن للمعلم أن يفعل إذا لم يكن الطالب ناضجاً بمقدار يكفي لأن يضع لنفسه أهدافاً تعلمية واضحة؟ هل يجب تكييف مقدار تعقيد المحتوى بطريقة منظمة أم يجب على المتعلم أن يحدد مدى تعقيد التعلم العميق من خلال الاكتشاف، والذي قد يساعد في التعرف على مجالات جديدة لم تكن واضحة من قبل للمعلم أو المتعلم؟ هذا يقودنا أيضاً إلى السؤال: من يصمم التكيّف الذي يجب أن يتم في عملية التعلم الشخصي؟ وكيف تتم إدارة التخطيط للتدريس خلال هذه العملية؟ وكيف يتم تطوير وتحسين العملية مع الوقت؟

النتيجة أن التعلم الشخصي لا يجب اعتباره على أنه وصفة لعملية تدريس وتعلم أفضل، بل على أنه أحد مكونات وصفة أعدها تربويون متميزون. يحتاج الطلبة إلى التوجيه المناسب عن البيئة التي يعيشون فيها في المرحلة المبكرة من أعمارهم وذلك من أجل أن يتمكنوا من اختيار الأهداف الصحيحة في مسار التعلم الذي يتبعونه. لا أدري لماذا لا نعلم الطلبة منذ سن مبكرة عن التمويل والاقتصاد والسياسة والتكنولوجيا والتعلم وتاريخ المجالات المختلفة (كتاريخ الرياضيات والفيزياء). بهذه الطريقة سيفهم المتعلمون عقولهم ويصلون إلى اختراعات ذات معنى تفيد المجتمع. كما سيكون التاريخ مصدر إلهام لهم، وسيفهمون متطلبات النجاح بشكل أفضل. علينا أن نقوم أولا بتدريس السياق ومن ثم التدريس في السياق.