تقبُّل الفشل

بناء طريقة تفكير داعية للتطور والنمو من خلال الفنون


علِّم تلاميذك وصفة النجاح: المخاطرة، ارتكاب الأخطاء، والاستفادة من التغذية الراجعة الناقدة.

4/10/2016 – للصفوف من التاسع وحتى الثاني عشر – مدرسة نيو ميكسيكو للفنون.


ملخص:

يتم تعليم الفشل في مدرسة نيو ميكسيكو للفنون – والتي تطبق منهجاً ثنائياً يجمع بين الفن والمواد الأكاديمية- على اعتبار أنه يُشكِّل جزءاً هاماً من الرحلة نحو النجاح. وبِفَهمِ أن الأخطاء هي مؤشرات للمجالات التي يمكن أن يحدث فيها التطور والنمو، فإن الطلبة يقومون بتعلّم كيفية تقديم وتلقِّي التغذية الراجعة. وفي المرحلة الثانوية، يتقبّل الطلبة التغذية الراجعة الناقدة والقاسية بصدر رحب، بل ويطالبون بها.

عندما وصلت ناتيسا كطالبة مبتدئة في مدرسة نيو ميكسيكو للفنون، واجهت وقتاً عصيباً في التقدم في المجالات التي كان من الصعب عليها إتقانها: كمجال تصميم الرقصات وتقمص الشخصيات المسرحية. " الآن أشعر أنه باستطاعتي أن أوجِّه ذاتي الداخلية وقوتي الداخلية، وحتى جمالي الداخلي". وتكمل ناتيسا تأملها: "أصبحت أكثر استعداداً للقيام بالمجازفات، والتي أعتقد أنها جزء كبير ممن ترغب أن تصبح، ومَن تختار أن تكون".

يقوم الطلبة بتجارب أداء ليستطيعوا الالتحاق بأحد برامج مدرسة نيو ميكسيكو للفنون المتعلقة بالتخصص الذي يرغبون به (الرقص، المسرح، الموسيقى، أو الفنون البصرية). تبدأ حصص المواد الأكاديمية كل يوم الساعة 9:00 صباحاً وتستمر حتى 2:00 بعد الظهر. يلي ذلك فترة الغداء، يتبعها حصص الفنون حتى الساعة 4:45 عصراً.

تقول كريستينا غونزاليز، المديرة السابقة لقسم الفنون البصرية في مدرسة نيو ميكسيكو للفنون: "يجب على الطلبة أن يجازفوا. فهذا أمر يميز تعلّم الفنون. الفنّ العظيم يأتي بالمخاطرة، ومن الاستعداد لتقبّل الفشل. ربما سأكتشف أمراً جديداً عن نفسي، وعن قدراتي لم أكن مدركاً له من قبل، وهذا ما يعتبر غاية في الإثارة بالنسبة للطالب".

إذا كنت ترغب في مساعدة تلاميذك على تنمية طريقة تفكير تدعو للتطور والنمو – أي الإيمان باستطاعتهم على تحسين قدراتهم من خلال بذل الجهد – فإن مدرسة نيو ميكسيكو للفنون تقدم استراتيجيتان يمكنك تكييفهما في ممارساتك الصفية: مساعدتهم على أن يصبحوا أكثر تقبلاً لفكرة المجازفة، واستخدام (إعطاء وتلقّي) التغذية الراجعة الناقدة من خلال تدوين النقد في دفاتر اليوميات.


كيف يمكن ذلك؟


قم بتعليم تلاميذك أنه لا بأس في ارتكاب الأخطاء

إن ارتكاب الأخطاء و عدم معرفة الإجابات هي جزء من عملية الإنتاج الفني. تقول غونزاليز: "ستقوم برسم لوحات سيئة، وستقوم بتصوير صوراً سيئة. وستقوم بتلمُّس طريقك بارتباك من بينها. في الحقيقة، هذه هي الطريقة التي ستمكّنك من التعلم. أنت بحاجة إلى ارتكاب هذه الأخطاء".

إن فكرة التعلم من الأخطاء هي جزء لا يتجزأ من كامل منهاج الفنون في المدرسة. والنقد الذي يقدمه كل من المعلم والخبير والزملاء هو أمر متأصّل في عملية إنتاج الفن. تقديم التغذية الراجعة الفورية هي جزء من العُرف الشائع في المدرسة. يمكنك إيقاف تلميذك في منتصف تجربة الأداء للمقطوعة الموسيقية قائلاً له: "عندما تصل إلى هنا، تأكد من أنك تدوس على دواسة البيانو المناسبة لتعطي الصوت المطلوب، لكن أداءك كان جيداً. هذا هو النَّفَس الذي تحتاجه". في حصص الرقص، يمكنك أن تخبر تلاميذك كيف يجب أن يديروا أرجلهم بطريقة مختلفة فور أدائهم لحركة الباليه.

عندما يقوم طلبة الصف التاسع في مسار المسرح بتجربة أداء مشاهد صامتة، فإنهم يقومون بذلك أمام أقرانهم وأعضاء التدريس، ويتلقون التغذية الراجعة من أساتذتهم، ثم يعيدون أداء المشهد ليستخدموا التغذية الراجعة التي قُدِّمت لهم بشكل فوري، ويستفيدوا منها.

تقول كارا، وهي طالبة في الصف التاسع في مسار المسرح: "إن إعادة أداء المشهد عدة مرات يساعدنا حقاً، لأننا نستطيع تطبيق التغذية الراجعة فوراً، وهذا يكمل عملية التعلم. إذا فشلت، يمكنك المحاولة ثانية، والتقدم بخطوات وثبات أكثر والتعلم من خلال ذلك".


قم بتعليم تلاميذك المخاطرة

يمكنك الربط بين المخاطرة واهتمامات الطلبة خارج المدرسة، لتقريب مفهومها ومساعدتهم على بناء تقبل واعتياد لهذه الفكرة. لدى غونزاليز بعض الطلبة الذين يحبون استخدام ألواح التزلج على عجلات. وهي تقوم بربط مفهوم المخاطرة بتجاربهم عندما يرغبون بالقيام بحركة تزلج جديدة. تقول: "إن المتزلجين يعرفون كيف يكون الشعور عند تجربة حركة جديدة، وكم هي مخيفة احتمالية الوقوع. يمكنهم إيذاء أنفسهم أثناء مشاهدة الأصدقاء لهم. نحن نطلب منهم عمل ذلك كل يوم في مرسم الفن".

في أي من مسارات الفن، قد يقع الطلبة في مصيدة تكرار العمل الذي يرتاحون له أو يتقنون عمله، وتفضيلهم الابتعاد عن المجازفة وتجربة أشياء جديدة لأنهم لا يرغبون في الوقوع في الخطأ. تُبيِّن غونزاليز هنا: "إنه من واجبنا كمعلمين أن نقول لهم: ’هيا قم بتلك الحركة الجديدة، واذهب إلى حافة الجُرف‘". بتشجيعك لتلاميذك، فإنك تقوم بمساعدتهم على استكشاف مهنتهم بشكل أكبر وتوسعة مدى قدراتهم – سواء باستخدامهم لتقنية جديدة في بداية العمل أو عن طريق التغذية الراجعة والتمرين. في كلتا الحالتين، سيظهر للطلبة في النهاية أن الأمر يستحق المجازفة.

"الفشل ليس نهاية الطريق"، تُبيِّن سيندي مونتويا، مديرة مدرسة نيو ميكسيكو للفنون. "أنت تتعلم من الفشل. الفشل يعطيك معلومات حول كيفية القيام بأمر ما بطريقة أفضل. إنه تغذية للنجاح. إنها دائرة تتضمن أن تتعلم عن نفسك، وتتعلم المحتوى، والفن الذي اخترته".


قم بتعليم تلاميذك بأن يُقدِّروا التغذية الراجعة

بمجرد أن يبدأ الطلبة بعملية استعمال التغذية الراجعة لتحسين عملهم – وبمجرد أن يستطيعوا إيجاد شيء جميل كنتيجة لهذا الاستعمال – سيكون باستطاعتهم رؤية قيمتها. سيتعلمون احترام وتقدير التغذية الراجعة المقدمة لهم وأيضاً تقديمها للآخرين. تقول سيرينا من الصف العاشر: "إن القدرة على تقبُّل النقد وعدم الشعور بالأذى بسببها هي مهارة هامة يجب أن نتعلمها. نحن نأخذ هذا النقد ونتعلم كيف نوظفه ونستفيد منه".

إن إبداع شيء ما، وتلقي التغذية الراجعة عنه، ومن ثم القيام بالتعديل المطلوب هي جزء أساسي من عملية الانتاج الفنّي، والتي يمكن للطلبة الاستفادة منها في حصص المواد الأكاديمية أيضاً. يقول أستاذ مادة اللغة الإنجليزية والتاريخ، جيرون سبراي: "إن المهارات ونقاط القوة التي يأتي بها هؤلاء الفنانون الصغار هي انعكاس لجهد كبير والرغبة في الاستمرار بالمحاولة. إنهم مثابرون، ويتقبلون النقد البنّاء بشكل جيد ويقومون بالبناء عليه".

وليس من الغريب أن نسمع بعض الطلبة يقولون: "لست جيداً في الرياضيات"، أو "لا أستطيع كتابة المقالات". إن تعليم الفنون يساعد الطلبة على رؤية أنه باستطاعتهم رفع مستوى أدائهم في جميع المجالات عن طريق بذل المزيد من الجهد. يمكنهم أن يصبحوا أفضل في التعامل مع الرياضيات. ويمكنهم كتابة مقالات أفضل. يقول إريك كرايتس، مساعد المدير في مدرسة نيو ميكسيكو للفنون: "يبدأ الطلبة برؤية الرابط بين الكفاح لأداء تمرين ما، وتلقي التغذية الراجعة، وطلب المساعدة، والنتاج النهائي".

وتضيف غونزاليز: "إنه لشيء عظيم أن تشاهد كيف يخوض الطلبة تجربة الصراع، وأن ترى إيمان المعلمين بهم وبقدراتهم، وفي النهاية كيف يصلون إلى نتيجة يمكنهم الافتخار بها".


قم بتعليم تلاميذك كيفية تقديم التغذية الراجعة الناقدة

استخدام التغذية الراجعة الناقدة من خلال التدوين في دفاتر اليوميات

أعط تلاميذك دفاتر يوميات ليقوموا بتدوين التغذية الراجعة التي يتلقونها منك. إنها وسيلة لحفظ التغذية الراجعة بشكل فوري ويومي للعودة إليها لاحقاً والعمل عليها، كما يمكّنك ذلك من تمثيل كيفية إعطاء النقد البنّاء. وعند تقديم التغذية الراجعة لتلاميذك، بيّن لهم أيضاً المجالات التي حققوا فيها تقدماً ونجاحاً، وكنّ دقيقاً في تقديم التغذية الراجعة.

يقول آدم ماكّيني، رئيس قسم فنون الرقص في مدرسة نيو ميكسيكو للفنون: "إن تلقي التغذية الراجعة هو أمر أساسي لينمو المرء كفنّان. أنا أحاول تمثيل كيفية تقديم التغذية الراجعة لتلامذتي في قسم فنون الرقص". إحدى الوسائل المستخدمة في هذا القسم لتطبيق استخدام التغذية الراجعة الناقدة هي من خلال دفاتر يوميات فنون الرقص.

ويقوم الطلبة بتدوين التغذية الراجعة التي يتلقونها طوال الحصة في يومياتهم. مثلاً، يقول ماكّيني: "قد يكتب أحد الطلبة ’عندما أقوم بحركة باليه معينة في الوضعية الأولى، يجب عليّ أن أستدير من أعلى ساقيّ بحيث تمرّ ركبتي من فوق أصابع قدميّ الأولى والثانية‘. بالنسبة لي، فإن مرحلة الإدراك الثانية – أي فهم التغذية الراجعة وإدراك أهميتها، ومن ثم توظيفها وتطبيقها في حركات أجسادهم – هو أمر أساسي للفنّانين الصغار".

أعط لتلاميذك الفرصة لتقديم التغذية الراجعة الناقدة

سيتعلم تلاميذك تقدير التغذية الراجعة التي يتلقونها من خلال تقديم النقد البنّاء لأقرانهم، كما ستتحسّن مهارتهم في تقييم أعمالهم وأدائهم. يقول ماكّيني: "إن إلزام الفنّانين الفِتيَة بتقديم التغذية الراجعة النقدية لبعضهم البعض يوفّر لهم فهماً أعمق ومستوىً أعلى لمعنى أن يصبحوا فنّانين أفضل. هذه التغذية الراجعة أساسية لتحسين الأداء الفني على المستوى الشخصي".

إن مدرسة نيو ميكسيكو للفنون تقوم بتطوير قدرات الطلبة لتقييم أعمالهم وأعمال الآخرين من خلال عرض نماذج إحترافية، وتزويدهم بالمفردات التقنية المتعلقة بتخصصاتهم، وتوفير الفرص لممارسة نقد الأقران من خلال مناقشات حوض السمكة (شكل من أشكال الحوار يستخدم للنقاش في مجموعات كبيرة ويتيح للجميع فرصة المشاركة)، ومن خلال استراتيجيات التفكير البصري، ومن خلال الملاحظات النقدية المكتوبة (يتم كتابة النقد على قصاصات ورقية وتقديمه للشخص المعني).

يقول كرايتس: "لقد تعلم طلبتنا أنهم سيتلقون تغذية راجعة، حتى عندما تكون سلبية. عندئذ عليهم القيام بالتصحيحات المطلوبة، وتقديم شيء أكثر روعة".

ويضيف ماكّيني: "نحن نقوم بتطوير فكرة التأمل الذاتي منذ بداية الالتحاق بالقسم. لم أنت فنّان رقص؟ لم تعتبر هذا الأمر هاماً بالنسبة للعالم؟ أعرف أن قوة الفن قد تنقذ حياة الناس. لديّ العديد من الطلبة في القسم – وآخرون قد تخرجوا- الذين عرفو كيف أنقذ الفن حياتهم، وبالتأكيد قد أنقذ حياتي أيضاً".


https://www.edutopia.org/practice/embracing-failure-building-growth-mindset-through-arts